أزمة المخدرات في نيجيريا: تأثير بوكو حرام على الصحة النفسية والأمن الاجتماعي
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تشكل أزمة المخدرات في نيجيريا تحديًا كبيرًا، حيث تعاني العديد من المجتمعات، خاصة في مناطق الشمال الشرقي، من آثارها السلبية على الصحة النفسية والأمن. في ظل تصاعد جرائم العصابات، مثل عصابة المارليين، تزايدت حالات الإدمان بشكل مقلق، مما جعل الحكومة والمجتمع المدني يتخذان خطوات عاجلة لمواجهة هذه الظاهرة.
و تعتبر بوكو حرام عاملًا رئيسيًا في تفشي أزمة المخدرات في نيجيريا، حيث ساهمت الهجمات والتمرد المستمر للجماعة في تفكيك البنى الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المتضررة.
و بعد سنوات من العنف، فقد العديد من الشباب الأمن والاستقرار، مما أدى إلى تفشي مشاعر الإحباط والقلق.
و هذا الاضطراب النفسي دفع الكثيرين إلى اللجوء إلى المخدرات كوسيلة للهروب من واقعهم المأساوي.
كما ساهمت الظروف الصعبة في مخيمات المهجرين، نتيجة الهجمات، في زيادة معدلات الإدمان.
إذ يلجأ الأفراد، إلى تعاطي المخدرات كوسيلة للتعامل مع الصدمات النفسية الناتجة عن العنف وفقدان الأهل والأحبة.
علاوة على ذلك، فإن بوكو حرام تستغل الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة، مما يجعل الشباب أكثر عرضة للإغواء من قبل عصابات المخدرات، مثل عصابة المارليين، التي تتزايد قوتها في أجواء الفوضى والافتقار للأمن.
لذا، فإن أزمة المخدرات في نيجيريا ليست مجرد مشكلة صحية، بل هي نتيجة مباشرة للاضطراب الناجم عن نشاطات بوكو حرام وتأثيراتها الواسعة على المجتمع.
تأثير الإدمان في شمال شرقي نيجيريا
أشار معظم مدمني الترامادول في مخيم بشرق نيجيريا، إلى أنهم تعرفوا عليه هناك، وذكر العديد منهم أنهم لجأوا إليه بسبب الاضطراب النفسي الناتج عن هجمات بوكو حرام وصعوبات الحياة في المخيمات، بحسب تقرير لفرانس برس.
و في عام 2016، كانت مشكلة المخدرات تقتصر في الغالب على مخيمات المهجرين، لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" كشفت أن إغلاق تلك المخيمات دون سابق إنذار في أواخر 2022 زاد من معاناة 200،000 شخص.
و بدأت هذه المشكلة تؤثر على جميع المجتمعات في الأجزاء الوسطى والشمالية من مايدوغوري ومنطقة الحكم المحلي في نيجيريا.
وأظهرت المجلة الفصلية لحل النزاعات في أواخر 2023 إحصائيات من الهيئة الوطنية لإنفاذ قانون المخدرات، حيث أفادت أن معدل انتشار المخدرات في نيجيريا بلغ 15%، أي ثلاثة أضعاف المعدل العالمي البالغ 5.5%.
وهذا المعدل يعكس نسبة السكان الذين تعاطوا المخدرات في فترة معينة، حيث يتراوح بين 20% و40% بين الشباب.
و تعتبر الأمفيتامينات، الكحول، الكوكايين، الديازيبام، الهيروين، والتبغ من أكثر المخدرات شيوعًا بين الشباب النيجيريين، فيما تزداد شعبية الحشيش، الذي يُعبأ الآن في أشكال جديدة مثل البسكويت والكعك والحلويات.
معظم المرضى النفسيين بسبب تعاطي المخدرات
و أفادت صحيفة "بانش" النيجيرية أن أكثر من 70% من حالات الصحة النفسية في المستشفى الاتحادي للأمراض العصبية والنفسية مرتبطة بتعاطي المخدرات.
و في يوليو 2023، أصدر السيد باباغانا زولوم، حاكم ولاية بورنو، أوامره لقوات الأمن بشن حملة ضد عصابة من المارليين المتهمة بارتكاب جرائم في مايدوغوري ومنطقة الحكم المحلي في جيري.
وكشف تقرير لصحيفة "ديلي ترست"، أن هذه العصابة لم تكتفِ بسرقة الهواتف والسطو المسلح، بل تطورت لتصبح مسؤولة عن إزهاق أرواح المواطنين الأبرياء، بما في ذلك رجال الأمن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ادمان مخدرات بوكو حرام نيجيريا مخيمات أزمة نفسية بوکو حرام
إقرأ أيضاً:
كيف يؤثر نظام المناوبات الليلية على الصحة النفسية؟
في الوقت الذي يستعد فيه كثيرون إلى الخلود للنوم، تبدأ مناوبة عمل جديدة لآخرين، من أطباء وممرضين وصحفيين وعاملين في المطارات وعُمال مصانع ورجال أمن وغيرهم ممن يعملون وفق نظام المناوبات أو (الشفتات).
وقد يجد البعض منا أنه مضطر للعمل ضمن نظام المناوبات وفقاً لطبيعة عمله، ونظراً لذلك، فقد يكون عرضة أكثر من غيره لعدة مشاكل صحية ونفسية وعقلية، وكذلك مشاكل على مستوى حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية نتيجة اختلاف مواعيد العمل.
منذ الثورة الصناعية، استخدمت قطاعات التصنيع والخدمات العمل وفق نظام المناوبات بهدف زيادة الإنتاجية والربحية. وقبل تسعينيات القرن الماضي، لم يكن معروفاً سوى القليل عن تأثير العمل بنظام المناوبات على صحة العاملين.
وقد وجدت دراسة في منتصف التسعينيات من خلال استخدام البيانات السريرية أن الممرضات العاملات ليلاً أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وازداد هذا الخطر مع عدد السنوات التي قضينها في أداء العمل بنظام المناوبات.
لذلك، هل فكرت يوماً إن كان عملك وفق نظام المناوبات أحد عوامل إصابتك بأمراض نفسية أو جسدية؟
ما المخاطر الجسدية والنفسية التي قد تهدد العاملين بنظام المناوبات؟
بدايةً، لا بد من معرفة المقصود بنظام المناوبات (Shift Work) والذي يعني توزيع ساعات العمل على مدار اليوم والأسبوع، إذ يتناوب الموظفون على العمل وفق مناوبات متتابعة لضمان استمرارية العمل وتلبية احتياجاته وعدم توقف عجلة الإنتاج، وتتراوح المناوبات عادة بين مناوبتين أو ثلاث في اليوم، وقد تشمل ساعات العمل الليلية أو الصباحية المبكرة، بحيث تستمر كل مناوبة لمدة 8 إلى 9 ساعات، بشرط ألا تتجاوز عدد ساعات العمل الفعلية، وفق نظام منظمة العمل المحلية والدولية.
وقد أظهرت دراسات علمية حديثة أن العمل بنظام المناوبات له آثار سلبية على الصحة النفسية والعقلية، ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني والخرف والوفاة المبكرة بشكل عام.
ففي دراسة علمية جديدة أُجريت قبل عدة أعوام ونُشرت في مجلة علم نفس الصحة المهنية (Journal of Occupational Health Psychology) التي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس، أشارت إلى أن الأشخاص الذين يعملون بنظام المناوبات معرضون بنسبة أعلى للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم مقارنة بالعاملين وفق نظام دوام ثابت.
“الساعة البيولوجية” و”الاكتئاب” من أكبر التحديات الصحية
وهو ما يشرحه الأخصائي النفسي علي المُلقي خلال حديثه لبي بي سي قائلاً: “إن الساعة البيولوجية تتحكم في إفراز الهرمونات وتنظم عملية النوم والمزاج وعندما يُفرض على الجسم العمل في وقت الراحة الطبيعي، يتأثر نظامه بالكامل. الأمر لا يقتصر فقط على النوم، بل يشمل الذاكرة والانتباه والعلاقات الاجتماعية كذلك”.
وأضاف: “إن العمل وفق نظام المناوبات له تأثيرات على الجانبين العقلي والنفسي، إذ قد ينتج عنه ضعف في القدرة على أداء المهارات اليومية بالشكل الاعتيادي ووظائف الدماغ الدنيا والعليا، مثل التركيز والتفكير والتواصل والإبداع”.
وتؤكد الأخصائية النفسية نورة صلاح أن اضطراب الساعة البيولوجية للعاملين بنظام المناوبات يعد المشكلة الصحية الأكبر بقولها: “إن العمل بهذا النظام يؤدي إلى خلل في نظام النوم، إذ تتأثر الساعة البيولوجية وهي الساعة الداخلية للجسم المسؤولة عن تنظيم العمليات الجسدية والعقلية والسلوكية على مدار الساعة، بالضوء والظلام. وإن العمل بنظام المناوبات خلال الليل تحديداً يعطّل عملها، ويخل بتوازن أنظمة الجسم التي تتحكم بها”. موضحة: “قد تزيد فرصة حدوث مشاكل تتمثل في قلة النوم والأرق لدى الأشخاص العاملين بنظام المناوبات وهذا كفيل بأن يُؤثر على مشاعر الشخص وتصرفاته فتجلعه عصبياً ومتوتراً، وفي حال لم يتم الانتباه لهذه المشاكل والتعامل معها أولاً بأول، فقد يزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب لدى الأشخاص”.
وخلال حوارها مع بي بي سي قالت: “هناك دراسة حديثة نُشرت في أبريل/ نيسان الماضي أظهرت أن الأشخاص العاملين بنظام المناوبات تكون جودة نومهم أقل، وقد تزداد لديهم المشاكل النفسية”. مضيفة: “هناك دراسة أخرى أظهرت أن العاملين وفق هذا النظام معرضون بنسبة 30 في المئة للاكتئاب، وأن الإناث أكثر عرضة للاكتئاب بنسبة 70 في المئة، وهو ما يشير إلى العزلة نتيجة عدم قدرة من يعملون بنظام المناوبات على قضاء وقتهم مع عائلاتهم أو أصدقائهم مما ينعكس سلباً على حالتهم المزاجية والنفسية”.
“من أجل الوفاء لمعطفي الأبيض ولقبي في ملائكة الرحمة”
ولمعرفة حقيقة ما يمكن وصفه بـ “معاناة” العاملين وفق نظام المناوبات ومحاولتهم إيجاد توازن بين طبيعة عملهم وحياتهم الخاصة، كنتُ قد أجريتُ عدداً من المقابلات مع أشخاص في قطاعات عملية مختلفة.
قالت الممرضة تُقى عقرباوي التي تحدثّت لبي بي سي: “أنا ممرضة أعمل ضمن نظام المناوبات وأحاول دوماً التوفيق بين عملي وحياتي الخاصة، إلا أنني غالباً ما أجد نفسي أضحّي من أجل الوفاء لمعطفي الأبيض ولقبي في ملائكة الرحمة، إذ إنني لا أشارك عائلتي في أبسط الأمور ومنها تناول الطعام معهم وعدم مشاركتهم في معظم المناسبات العائلية والاجتماعية حتى أنني لا أرى وجه من أعتبرهم أغلى البشر لدي بسبب تلك المناوبات الليلية المرهقة والتعب الذي يرافقني ليجعلني أنام ساعات طويلة بمجرد انتهاء المناوبة”.
وأضافت: “تعد فكرة أنك المسؤول الأول عن حياة الأشخاص والتركيز للحفاظ على حياة المرضى من عدم حدوث أي خطأ طبي من العوامل التي تؤثر على حالتنا النفسية والعقلية لدرجة أنها تستنزف أرواحنا، إلى جانب عملنا وفق نظام المناوبات، إلا أنني أحاول تجاوز ذلك من خلال عدة أمور كالقيام بنشاط بدني ممتع ومفيد للتخلص من الطاقة السلبية، وأحياناً أحصل على إجازة من العمل لأجدد طاقتي، كما أن وجود زملاء عمل جيدين يسهم في مساعدتي على تجاوز التعب”.
وليس ببعيد عن الممرضة عقرباوي، قال الممرض عطا عقل الذي يعمل في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات خلال حواره مع بي بي سي: “أعمل وفق نظام المناوبات الليلية وحتى خلال العطل الرسمية، باعتباري أمثل خط الاستجابة الأول للحالات الحرجة والمفاجئة. كما أنني أعمل كمحاضر جامعي، ما يضيف بعداً أكاديمياً إلى جدولي المزدحم. وعليه أشعر أحياناً باستنزاف في طاقتي الذهنية والنفسية جرّاء الضغط المستمر والتعامل اليومي مع حالات طبية طارئة، خاصة حين يتزامن ذلك مع مسؤولياتي التدريسية”.
وفي سؤالي حول إمكانيته لتحقيق التوازن بين عمله بالمناوبات وحياته، أجاب: “أعترف أن الأمر ليس سهلاً، إذ أحاول أن أضع حدوداً واضحة بين العمل الطبي والأكاديمي، وأحرص على تخصيص وقت للعائلة حتى لو تطلب ذلك التخطيط المسبق بدقة. كما أنني أمارس المشي والتأمل، وأخصص وقتاً للصمت والابتعاد عن الشاشات. كما أنني أجد في التعليم الجامعي نوعاً من التوازن، فهو يمدني بطاقة مختلفة تُكمل الجانب العلاجي من عملي”.
وفي حديثه لبي بي سي قال الطبيب مهند وهو أخصائي عناية مركزة: “إن العمل وفق نظام المناوبات يؤثر سلباً على جميع مناحي الحياة، والمشكلة الأكبر تتمثل في النوم، نتيجة تغيير أوقات المناوبات إذ لا يمكنني النوم خلال أوقات العمل إلا لفترة قصيرة جداً وأقوم بتعويض ساعات النوم على حساب الوقت المخصص لعائلتي. وعلى الرغم من التعب والنعاس الشديدين بعد انتهاء فترة المناوبة فيكون من الصعب الدخول في النوم، وتكون جودة النوم سيئة جداً”.
وأضاف: “إن الطريقة الوحيدة الفعالة نوعاً ما لتحقيق التوازن بين عملي في المناوبات وحياتي هي التنسيق مع زملائي حيث أقوم بوضع أكبر عدد ممكن من المناوبات في أقصر فترة ممكنة لأتمكن من الحصول على فترات بدون مناوبات، ورغم ضغط العمل في فترات معينة إلا أنني أحصل على أوقات فراغ في المقابل”.
ويقف على مسافة قريبة أحمد خزاعلة الذي يعمل في مجال التحاليل الطبية، وكذلك المُعالِجة الطبيعية سارة حمد، اللذان تحدثا لبي بي سي عن شعورهما بالضغوط النفسية نتيجة العمل بنظام المناوبات: “من الصعب الفصل بين هذا النوع من نظام العمل والحياة الخاصة، ولكن لا بد من تحقيق التوازن ما أمكن عبر التواصل مع العائلة والجلوس معهم ومشاركتهم الأنشطة المختلفة في وقت الإجازة”.
“بتُّ أفكر جدياً بترك العمل”
تحدّثت الصحفية سارة سويلم التي تعمل في أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية عما وصفته بـ”المعاناة الحقيقية” جرّاء العمل في نظام المناوبات لبي بي سي قائلة: “أعمل في موقع إخباري في مجال إعداد وإنتاج المقابلات وتنسيق الضيوف للبرامج والأخبار والتقارير في الموقع، ورغم خبرتي الطويلة في هذا المجال، إلا أنني أعمل منذ نحو شهرين في موقع إخباري وفق نظام المناوبات التي أشعر وكأنها 20 عاماً، وليس مجرد هذه الفترة القصيرة”.
وتكمل بالقول: “تولّد شعوري هذا بسبب عدم الالتزام الإداري بالمناوبات، إذ غالباً ما يجري تغيير أوقات المناوبات بشكل مفاجئ، خاصةً إذا كان أحد الزملاء متعباً أو لديه ظروف خاصة أو أن هناك علاقة جيدة تربطه بالمسؤول عن الموقع تمنحه ميزة عدم العمل بنظام المناوبات، وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على نفسي ويُحدِث فجوة بين عملي وحياتي، خاصةً وأن لدي عائلة بحاجة للقيام بمسؤولياتي اتجاهها”.
وعن التأثير النفسي لنظام العمل بالمناوبات قالت سويلم: “المناوبات العشوائية أثرت على صحتي، إذ غالباً ما أشعر بالتعب والإرهاق لعدم حصولي على ساعات نوم كافية، وأفكر باستمرار لإنجاز العمل وإتقانه.. بتُّ أفكر جدياً بترك العمل، خاصةً أنني تعوّدت العمل وفق ساعات عمل محددة وثابتة. والآن أحاول تحقيق التوازن بين عملي وحياتي الخاصة من خلال النوم لعدة دقائق كي أستعيد بها طاقتي وأجددها، وأستمع أحياناً لبعض الموسيقى بهدف الاسترخاء”.
“أعمل بنظام الاستعداد المستمر”
خلال حوارها مع بي بي سي قالت المنسقة الإعلامية بإحدى القطاعات الصحية روضى الشريف: “عملي في المجال الإعلامي وخاصة في القطاع الطبي يقوم على التغطية المستمرة للأحداث والجولات والزيارات الرسمية، مما يتطلب التواجد في مواقع متعددة خلال أوقات غير تقليدية، قد تكون في ساعات مبكرة من الصباح أو متأخرة من الليل، فنحن نعمل بنظام الاستعداد المستمر، وغالباً ما نكون في قلب الحدث”.
وأضافت: ” بطبيعة الحال، العمل في بيئة دائمة الحركة تتطلب اليقظة والسرعة والدقة، ما قد يشكل ضغطاً نفسياً وعقلياً إذا لم نكن مدرَّبين على إدارة التوتر. وبالفعل هناك لحظات من الإرهاق، وهناك أوقات يشعر فيها الإنسان أنه بحاجة إلى التوقف. أحياناً يكمن التحدي في التفاصيل الصغيرة، في التوفيق بين أكثر من مسؤولية، وفي الغياب عن لحظات شخصية، لكنه تحدٍ نواجهه بحب واحترافية”.
وفي سؤالي عن الخطوات التي يمكن أن تتبعها لتحقيق التوازن بين طبيعة عملها وحياتها، أجابت الشريف: “تحقيق التوازن في ظل هذا النمط من العمل ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلاً. أؤمن أن التنظيم هو مفتاح كل شيء، إذ أحرص على تخصيص وقت نوعي لعائلتي وأطفالي. كما أحرص على تخصيص وقت لنفسي سواء من خلال التأمل، أو ممارسة الرياضة أو الكتابة لأنني كاتبة روائية أيضاً”.
ويتفق يزن القرعان الذي يعمل موظفاً في أحد المطارات مع روضى بقوله: “أحاول القيام بتمارين التنفس باستمرار والجلوس في مكان هادئ، كما أحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم لأتجنب الضغط والتوتر بسبب عملي بنظام المناوبات”.
أما يحيى الذي يعمل في إدارة المنتجات الرقميّة فقال: “لا أشعر بتأثير نفسي وصحي مباشر بسبب عملي في المناوبات، لأنني أحب طبيعة عملي الذي أعتبره مسلياً وفيه نوع من الابتكار والاكتشاف والتنويع والتطوير. ورغم ذلك أحاول ترتيب أولوياتي وأحرص على التواصل مع عائلتي كلما سنحت لي الفرصة”.
كيف يحافظ العاملون بنظام المناوبات على صحتهم؟
يتفق الأخصائيان النفسيّان علي المُلقي ونورة صلاح على عدد من النقاط التي ينصحان بها كل شخص يعمل وفق نظام المناوبات على اتباعها وهي كالتالي:
تنظيم النوم بشكل محدد، وذلك عبر المحاولة بالنوم في نفس التوقيت بعد كل مناوبة، وتوفير بيئة مظلمة وهادئة.
التعرض للضوء الطبيعي، وهو ما يساعد في إعادة ضبط الساعة البيولوجية، خاصة بعد مناوبة العمل الليلية.
توزيع المناوبات بطريقة صحية، إذ لا بد من تجنب التحول المفاجئ من مناوبة ليلية إلى نهارية والعكس.
الحفاظ على نظام غذائي متوازن، والتقليل من تناول الكافيين والسكريات خلال فترات الليل.
ممارسة النشاط البدني بانتظام، إذ يُفضل ممارسة أي نشاط رياضي لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام أسبوعياً، وذلك بهدف تحسين جودة النوم وتعزيز الصحة الذهنية.
ممارسة تمارين التنفس العميق وتمارين الاسترخاء العضلي والعقلي، وذلك لزيادة اليقظة والتركيز والنشاط.
طلب الدعم النفسي عند الحاجة وعدم التردد في مراجعة الطبيب أو الاخصائي النفسي عند ظهور مؤشرات كالإجهاد العقلي أو الاكتئاب.
ونصحت أخصائية التغذية أَوْلا دَعْنا خلال حديثها لبي بي سي أنه لضمان توازن غذائي أثناء المناوبات أن يقوم الأشخاص بالتحضير المسبق لوجباتهم في المنزل، موضحةً: “من المهم تناول وجبات منتظمة ومتوازنة تشمل الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والدهون الصحية كالأسماك والخضروات، إضافةً إلى شرب الماء بانتظام لتوفير الطاقة وتقليل الإحساس المستمر بالجوع. كما يُنصح بتقليل المنتجات التي تحتوي على الكافيين والأطعمة الغنية بالدهون، واختيار وجبات خفيفة تحتوي على أوميغا-3 والمغنيسيوم لما لها من تأثير مهدئ وملطف للأعصاب وأخرى تُحسّن من مستوى التركيز كالمكسرات والحليب والموز”.
بشكل عام، يرى العديد من الباحثين والمختصين، أنه رغم الآثار النفسية والعقلية التي قد تصاحب من يعملون وفق نظام المناوبات، إلا أنه عليهم التأقلم مع طبيعة عملهم وظروفه التي تتطلب ذلك من خلال إيجاد طرق وخطوات عملية فعالة وجدية تخفف من وطأة هذه الآثار على حياتهم.
ختام عامر – بي بي سي نيوز عربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب