خطاب حميدتي الأخير وسر التهجم على مصر
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
خطاب حميدتي الأخير وسر التهجم على مصر …
أكتوبر 2024م الحرب في طورها الجديد !
سواء كان الفيديو حقيقيا أو بالتضليل العميق Deep Fake فإن هذه ليست قضية على الإطلاق ، إذ أنه من الواضح أن هذه الحرب أكبر من الواجهات وأدوات التنفيذ في المسرح السياسي والجغرافي السوداني.
هناك محورين جديدين ظهرا في هذا الخطاب.
المحور الأول : التنصل من الإتفاق الإطاري.
المحور الثاني : الهجوم الصريح ضد مصر واعتبارها السبب من خلال مشاركة سلاح الطيران في النكسات العسكرية واستهداف البنيات التحتية السودانية ثم إصدار قرار حظر صادر المنتجات السودانية لمناطق سيطرة الجيش.
أولا التنصل من الإتفاق الإطاري :
إن هذا التنصل يشابه تنصل حميدتي من فض الشراكة بين العسكريين والمدنيين في 21 أكتوبر 2021م حين تراجع ووصف ماحدث بالإنقلاب وأعتذر عنه وكان ذلك الإعتذار تمهيدا للتحالف مع قحت وقبول إعتماده من القوى الخارجية كزراع عسكري لقحت وقتها وتقدم لاحقا ولينال الاعتراف كجيش مواز في حرب أبريل 2023م.
حسنا ، طالما في هذه المرة أكتوبر 2024م تنصل من الإطاري فإن المنطق يقتضي أن سيمفونيات الحكم المدني والديموقراطية وغيرها قد بطل سحرها ولابد من إعتماد سيناريو جديد يبرر إستمرار الحرب في طورها الجديد ، ما هو ؟
إنه سيناريو الحرب ضد مصر والمتحالفين معها وهم الشماليين وهو سيناريو تم التأسيس له منذ سنوات من خلال دمغ الشماليين بأنهم أحفاد المصريين والترك والأرناؤوط ومواليد بيوت الطرابيش وعبيد المستعمر وأصحاب الإمتيازات التاريخية !
قرار حظر تصدير المنتجات :
وفي هذا السياق يأتي قرار حظر صادرات منتجات المناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم المتمرد إلى مناطق سيطرة جيش السودان ثم صاروا أكثر تحديدا من خلال خطاب أبو شوتال حين قرر أن المقصود مصر ويأتي هذا متسقا مع أوهام تم تسويقها عبر سنوات ومفادها أن مصر ستموت جوعا وستنهار إذا منعت منها المنتجات السودانية.
المكاسب المرجوة :
من خلال هذه الإتهامات ضد مصر وحظر المنتجات فإن الدعم السريع يسعى إلى الحصول على مكاسب منها على سبيل المثال لا الحصر :
+ بلورة وجوده ككيان مستقل جغرافيا وإقتصاديا ومحاولة دفع الدولة المصرية وربما دول أخرى لفتح قنوات التفاهم معه بعيدا عن الحكومة السودانية.
+ من خلال الأسف والتباكي على البنيات التحتية التي يزعم تدميرها بواسطة الطيران المصري فهو يضرب عصفورين بحجر واحد إذ يعرض نفسه ككيان مواز لدولة 56 ويتنصل من مسئولياته تجاه ماحدث من تخريب.
+ إصدار مستندات تصدير جديدة خاصة بجغرافيا سيطرة الدعم إذ من البداهة ألا يستمر التصدير عبر المعابر الغربية والجنوبية بنفس مستندات صادر حكومة السودان وبنك السودان المركزي.
+ تسلسل العمليات سيؤدي حتما إلى تأسيس كيان نقدي مواز لبنك السودان لإدارة عمليات التجارة الخارجية وسيؤدي ذلك حتما إلى تأسيس بنوك تجارية جديدة تتعامل مع الكيان المركزي الجديد.
+ وقد يطلب الكيان النقدي الموازي الجديد الإعتراف به في المنظومة النقدية العالمية من خلال النظام الدولي لإدارة الإعتمادات وعدم تطبيق القيود المفروضة على الدولة السودانية دولة 56 باعتباره لم يكن مشاركا في صناعة مبرراتها.
هي إذن حرب التقسيم في طورها الجديد الواضح تتخلص من أعباء تقدم وديموقراطية وحكم مدني وهلمجرا من إدعاءات مزيفة استنفدت خلال المرحلة السابقة وتأتي هذه المرحلة مدججة بحججها ومبرراتها ومسنودة بالمزيد من تحريض وتحشيد القبائل ولكنه تقسيم لا يكتفي بدارفور وحدها بل يسعى ليبتلع معه حزام الصمغ في كردفان مرورا بنطاقات المشاريع الزراعية في الجزيرة انتهاءا بمساحات من العاصمة الخرطوم وولاية الخرطوم.
هذا هو السيناريو الجديد في أبسط تجلياته.
وكان الله في عون جيشنا ، والوقت كالسيف في معركة وجود أدواتها البندقية والحنكة السياسية والقانونية ، والله المستعان.
#كمال_حامد ????
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
التناقضات والمعايير المقلوبة في اعتذار مبارك الفاضل
*يستحيل لدولة مشهورة بشراء الولاءات، مثل الإمارات، ألا تعرض الشراء على مشهور بالبيع، مثل مبارك الفاضل، لكن مبارك هو الذي سبقها إلى عرض خدماته. وهو الأدرى ــ بسبب خبرته المتراكمة ــ بتأثير ذلك على المقابل الذي يمكن أن يحصل عليه. ولأن الاعتذار للإمارات، في هذه الحالة، هو قلب للأدوار، فلا بد أن ينبني على كثير من التناقضات وقلب الحقائق والمعايير*:
١. *أول معيار مقلوب هو أن يسعى مبارك الفاضل للاعتذار للإمارات، بدلاً من أن تسعى هي لشرح موقفها له وإقناعه بصحته، أو الاعتذار له إن كان هناك ما لم يقنعه ورأت أنه يوجب الاعتذار. وهو ما أغناها عنه مبارك تماماً!*
٢. *هرب من الواقع إلى التاريخ، فلم يتحدث عن الدور الإماراتي الحالي في الحرب، لا نفياً ولا إثباتاً، وقام بقلب المعيار، فبدلاً من أن تمنع “العلاقات التاريخية” العدوان ابتداءً، أو توقفه وتمنع التمادي فيه. تحدث بمنطق أن العلاقات التاريخية يجب أن تغفر العدوان، وكأنه لم يحدث، وكأنه ليس مستمراً، وكأن ضرره ليس أكبر من أي دعم سابق، وكأنه لا يزيد حكام الإمارات إلا احتراماً وتقديراً!*
٣. *قام بقلب الحقيقة حين قال إن هدفه من زيارة الإمارات هو ( هدم “الجدار الزائف” الذي عمد علي صناعته جناح الكيزان الذي يقوده علي كرتي لهدم العلاقة مع دولة الامارات الشقيقة). بينما الحقيقة هي أنه لا يوجد (جدار زائف). يوجد عدوان مستمر وتسبب في القتل والتشريد والدمار الهائل، والتعامي عن كل هذا لا يلغيه، ولا يعكس الحقيقة، بل يكشف حقيقة المتعامين!*
٤. *هذا العدوان كان مبارك نفسه، لشهور بعد الحرب، يعترف بوجوده، بل إنه لا زال يفرض نفسه عليه من حيث يريد أن يخفيه، فالملاحظ أن مجاملة الإمارات قد أثرت على اللغة التي استخدمها تجاه الميليشيا في التغريدات التي تحدثت عن الزيارة، فقد جعلتها لغة باردة وخالية من أي هجوم على الميليشيا. وهذا دليل على قناعته بدعم الإمارات للميليشيا، وبأن الهجوم على الأخيرة يغضبها، ويصعب مهمته في نيل الرضا والدعم الإماراتي!*
٥. *حاول تصوير تنازلاته الخاصة على أنها “مصالحة سودانية مع الإمارات”، بينما الحقيقة هي أنها مصالحة خاصة ذات دوافع خاصة، ولا أثر لها سوى إقناع الإمارات بإضافة مدافع جديد عن دورها في الحرب!*
٦. *”الجدار الزائف” الوحيد الذي “هدمته” زيارة مبارك الفاضل هو “جدار الوطنية” الذي أوهم الناس، لفترة، أنه موجود لديه، ويحول بينه وبين دعم العدوان، والتسامح أو التعايش معه، وتصويره كعدوان سوداني/ كيزاني على الإمارات!*
٧. *الرفض لهذا العدوان هو “رد فعل طبيعي”، ولم “يصنعه” أحد من الجانب السوداني كما زعم، بل صنعته الإمارات بعدوانها، وهذا الرفض هو رفض شعبي، ويشمل معظم القوى السياسية، ما عدا الموالية للإمارات والميليشيا، وليس خاصاً بجماعة واحدة كما أراد أن يصوره!*
٨. *حاول غسيل سمعة الإمارات وتقديمها كوسيط محايد بين السودانيين، لا كطرفٍ معتدٍ. وتبنى موقفها الهادف لشرعنة الميليشيا. وتجاهل عمداً أن الحرب قد امتدت فعلاً إلى غرب السودان منذ شهورها الأولى، ولذلك لا معنى لحديثه عن “رفض امتدادها” إليه، إلا إن كان المعنى هو “رفض اكتمال هزيمة الميليشيا”، ودعم الاستسلام لسيطرتها، والقبول بها ككرت تفاوضي بيدها وبيد راعيها!*
٩. *قبل مدة من الزيارة قال إن السودان لا يقوى على محاربة الإمارات، ولذلك على البرهان أن يذهب إلى الإمارات ويتفاوض معها لإيقاف الحرب، وهذا منطق مقلوب، يعتمد على دعوى ضعف السودان، وعلى ضرورة استسلام حكومته للواقع، والذهاب صاغرة إلى الإمارات للاستماع إلى شروطها لإيقاف الحرب، والتفاوض حول هذه الشروط، الأمر الذي يمثل شرعنة كاملة للدور الإماراتي السلبي في السودان، تضح الإمارات في الموقع الأعلى وحكومة السودان في الموقع الأدنى!*
١٠. *كما هو متوقع لم يطرح مبارك الفاضل إيقاف العدوان كحل مسنود بالقانون الدولي وبالمنطق، وطالب بالتفاوض، الأمر الذي يمثل درجة من درجات شرعنة العدوان، والقبول بفكرة وجوب أن تحصل الإمارات على مقابل لإيقاف عدوانها!*
١١. *تتقوى الإمارات على السودان وشعبه بمواقف مبارك الفاضل، ومن على شاكلته، وتصور الشعب السوداني كمؤيد وداعم لموقفها. وهذا لا يمثل مساهمة في إيقاف الحرب، بل يمثل مساعدة للمعتدي في الاستمرار في عدوانه، باعتبار أنه ليس عدواناً يدان!*
*بهذا الموقف يعود مبارك إلى “موقعه الطبيعي” الذي يشبه تاريخه، وطبيعة شخصيته. وهذا ليس مستغرباً من مبارك، بل المستغرب هو ألا يحدث!*
ابراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتساب