سلط إعلان الأكاديمية الملكية السويدية، الاثنين، عن منح جائزة "نوبل للاقتصاد" لـ 3 باحثين أميركيين، الضوء بالتحديد على اسمي، دارون عجم أوغلو (تركي - أميركي)، وجيمس روبنسون (بريطاني - أميركي)، اللذان قاما بتحليل الأوضاع في مصر في كتابهما الشهير "لماذا تفشل الأمم؟" الصادر عام 2012.

وجاء فوز أوغلو (57 عاما)، وروبنسون (64 عاما)، وسايمون جونسون (61 عاما)، نظرا لأبحاثهم التي ركزوا خلالها على دور المؤسسات المجتمعية وتطبيق القانون، في تفسير أسباب ازدهار بعض البلدان دون سواها، وفقا لما أعلنته لجنة جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية.

وقبل 12 عاما تطرق أوغلو وروبنسون في مستهل كتابهما للحالة المصرية عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك.

ورأى الباحثان أن الفقر كان السبب الرئيسي في غضب المصريين، مدللين بذلك على أن متوسط دخل المواطن المصري وقتها كان 12% فقط من الدخل الأميركي، كما أن متوسط أعمار المصريين أقل من الأميركيين بنحو 10 أعوام، وأن 20% من المصريين كانوا يعيشون وقتها في فقر مدقع.

الكتاب أشار أيضا إلى إدراك كثير من المصريين والتونسيين بأن متاعبهم الاقتصادية ناجمة بشكل رئيسي عن افتقادهم لحقوقهم السياسية، وإلى أن الكثير من المصريين استوعبوا أن أول ما يتطلب التغيير، هو كيفية ممارسة السياسة، خصوصا أنها محتكرة في يد نخبة ضيقة.

وقال المؤلفان إن رؤية الكثير من المتظاهرين لأسباب متاعب مصر الاقتصادية مختلفة تماما عن رؤى اقتصادية متخصصة ربطت هذه المتاعب بأسباب جغرافية أو حتى بأخرى ثقافية، وأشارا إلى أن المتاعب الاقتصادية المصرية ترجع في المقام الأول إلى النخبة السياسية الضيقة التي تمنح الأولوية لمصالحها على حساب مصلحة المجتمع، وإلى أن أسباب الفقر في مصر لا تختلف عن كثير من الدول الفقيرة.

وسلط الكتاب الضوء على الحكم العثماني ولاحقا البريطاني لمصر، وهي فترات لم تساعد أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان على اللحاق بركب الثورة الصناعية، كما أنها خلقت طبقة نخبوية ضيقة تتحكم في مقاليد الحكم والأمور في مصر، كما في عصر مبارك على حد تعبير المؤلفين.

أوغلو وروبنسون يعتقدان أيضا أن دراسة الماضي مفيدة لمعرفة قدرة الثورة المصرية على تغيير الأوضاع فعلا على الأرض، خصوصا أن الثورات السابقة للمصريين لم تنجح في ذلك.

ورغم اعتراف الكتاب بصعوبة تمتع الشعب بسلطة سياسية حقيقية، إلا أنه يرى أن هناك إمكانية للتغيير الحقيقي، خصوصا مع نجاح التجربة في دول عدة مثل الولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا وحتى بوتسوانا في القارة الأفريقية.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

الجنيه المصري ينتعش أمام الدولار.. هل انتهت الأزمة الاقتصادية؟

القاهرة– عكس الجنيه المصري مساره الهبوطي وصعد أمام الدولار، بعد أن بلغ أدنى مستوياته في مطلع أبريل/نيسان الماضي عند 51.6 جنيها للدولار، وهو أدنى سعر يسجله منذ آخر تحرير لسعر الصرف في مارس/آذار الماضي، حين اقترب من 50 جنيها.

وبدأ الجنيه المصري في التعافي منذ منتصف أبريل/نيسان، إلا أنه تعرض لضغوط جديدة مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل والضربات الأميركية، مما أدى إلى تراجعه وفقدانه مكاسبه. ومع ذلك، أعاد إعلان وقف التصعيد للجنيه بعض تماسكه أمام الدولار.

وبدأت سلسلة صعود الجنيه منذ الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران الماضي، ليواصل تعافيه حتى اليوم، مسجلا أعلى مستوياته أمام الدولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024، قرب 48.6 جنيها للدولار.

وبينما يُنظر إلى هذا التحسن كعلامة إيجابية، يتساءل مراقبون: هل يعكس هذا الصعود واقعا اقتصاديا مستداما مدعوما بأسس قوية؟ أم أنه مجرد تعاف مؤقت تدفعه أدوات مالية قصيرة الأجل وسياسات غير قابلة للاستمرار، مما يترك مستقبل استقرار العملة المصرية رهن التطورات الجيوسياسية؟

هل انعكس تحسن الجنيه على الأسعار؟

هل ينعكس هذا التحسن فعليا على حياة المواطنين من خلال خفض أسعار السلع والخدمات؟ هذا التساؤل بدا حاضرا أيضا في حديث رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي أشار إلى أن الأزمة الاقتصادية التي واجهتها الدولة المصرية في الفترة الماضية "تم تجاوزها"، مؤكدا أن مؤشرات أداء الاقتصاد كلها جيدة، إلا أن أسعار السلع لا تتناسب مع هذا التحسن.

أسعار السلع في مصر لا تتناسب مع التحسن الإيجابي في المؤشرات الاقتصادية (الجزيرة)

وأضاف مدبولي، خلال اجتماع لمتابعة جهود خفض الأسعار المختلفة مع التجار والمصنّعين: "يتعين أن نوفر الأسباب التي تدفع نحو مسار نزولي للأسعار، فكما زادت الأسعار في فترات سابقة نظرا لتحديات واجهناها، يجب أن تنخفض الآن".

إعلان

وشدد رئيس الوزراء المصري على أن المواطن لن يشعر بأي تحسن حقيقي في مؤشرات الاقتصاد إلا من خلال عنصر واحد فقط، وهو انخفاض الأسعار بشكل ملموس ومستدام، دون أن تعود للارتفاع مجددا.

وأوضح أن تسعير الدولار وقت الأزمة الاقتصادية كان يتم على أساس سعر السوق السوداء، كما أن المصانع لم تكن قادرة على العمل بكامل طاقتها بسبب نقص المعروض وندرة المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وهي تحديات تمكنت الدولة من التغلب عليها.

وأشار مدبولي إلى أن هناك اجتماعا آخر مرتقبا مع اتحاد الغرف التجارية لإعادة النظر في الأسعار وتخفيضها في مختلف القطاعات.

ارتفاع أم تحسن

وعلق الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة أحد البنوك الخاصة، محمد عبد العال، على تحسن أداء الجنيه المصري أمام الدولار بالقول إن "هناك عوامل عدة وراء هذا التحسن" ولكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا يعني عودة الزمن إلى الخلف، أو أنه  يدل على استمرار الارتفاع أمام الدولار، مشيرا إلى أن هذا التحسن سيظل مرهونا بعوامل داخلية وخارجية.

واستعرض في حديثه للجزيرة نت أسباب تحسن الجنيه المصري أمام الدولار كالتالي:

ضعف الدولار عالميا ودخوله مرحلة عدم اليقين منذ تولي ترامب الرئاسة بسبب حروب الرسوم الجمركية. تحسن مصادر النقد الأجنبي، مثل ارتفاع عوائد السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وزيادة الاحتياطي النقدي. التحسن في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من دول مثل قطر والسعودية وتحرك ملف برنامج الطروحات. ارتفاع شهية المستثمرين تجاه أدوات الدين الحكومي (سندات، أذون خزانة) وتحقيق عوائد مرتفعة تصل إلى أكثر من 27.5%.

بحسب الخبير المصرفي، تُبعد هذه العوامل شبح فجوات النقد الأجنبي على المدى القصير، وتبقى النقطة الأساسية أن التضخم، رغم تراجعه إلى نحو 15%، فإن البنك المركزي  لا يزال يثبت الفائدة المرتفعة عند 25% لضمان جاذبية أدوات الدين.

الدولار تعرض لضغوط بسبب سيارات ترامب التجارية (الجزيرة)مستقبل الجنيه وتحسن الأسعار

وبخصوص مستقبل الجنيه، يرى عبد العال أن متوسط سعر الصرف يدور حول 49.75 جنيها للدولار، وقد يتحرك جنيها صعودا أو هبوطا بنطاق محدود، لكن من غير المتوقع حدوث تقلبات حادة سواء بالانخفاض أو الارتفاع.

وبشأن انعكاس هذا التحسن على المواطنين وخفض الأسعار، خاصة أن مصر مستورد صافٍ للعديد من السلع الأساسية والأولية، أوضح عبد العال أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، بالإضافة إلى التنسيق والضغط مع الحكومة.

ولفت إلى أن العقود التجارية -ومعظمها آجلة- يجب أن تأخذ دورتها الكاملة من التعاقد حتى الاستيراد، لكن النتائج الإيجابية ستبدأ في الظهور تدريجيا مع استقرار سعر الصرف وتوافر الدولار.

الجنيه لم يخرج من دائرة الضغوط

ويتفق وائل جمال، رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة مستقلة)، مع الخبير المصرفي عبد العال بشأن الأسباب التي ساهمت في صعود الجنيه المصري أمام الدولار.

وأشار إلى:

تراجع قيمة العملة الأميركية عالميا. زيادة تحويلات المصريين بالخارج. ارتفاع عائدات السياحة. إلى جانب تدفق الاستثمارات على أدوات الدين الحكومية، مما وفر سيولة دولارية ساعدت على تحسن الجنيه. إعلان

بيد أن جمال حذر، في تصريحات للجزيرة نت، من أن هذا التحسن في سعر الصرف "غير قابل للاستمرار على المدى الطويل"، موضحا أن الحكومة تواجه التزامات مالية ضخمة في المرحلة المقبلة، سواء على صعيد سداد أقساط وفوائد الديون أو تمويل برامج الدعم والإنفاق العام، وهو ما قد يعيد الضغط على احتياطي النقد الأجنبي ويهدد استقرار الجنيه مستقبلا.

الخبراء يستبعدون انخفاض الأسعار مع تحسن الجنيه المصري (الجزيرة)

ويرى جمال أنه طالما يستمر الدين العام في التصاعد، وترتفع معه تكلفة خدمته، بينما لا تنمو مصادر النقد الأجنبي بالمعدل ذاته، فإن الجنيه سيظل عُرضة للتقلب بين فترات من التحسن والضغط.

وأكد أن الوضع يتطلب خفض مستويات الدين العام إلى نطاق آمن، خاصة في ظل المخاطر الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، والتي تُعد من العوامل الخارجية المؤثرة على استقرار العملة.

أما بشأن تصريحات رئيس الوزراء حول انتهاء الأزمة الاقتصادية، فقد أعرب جمال عن تحفظه، متسائلا: "لا أعرف أي أزمة يقصد بأنها انتهت. ربما يتحدث عن أزمة نقص الدولار، لكنها أزمة تظهر وتختفي دون حلول جذرية، فقد شهدنا تكرارا لها أكثر من مرة في السنوات الأخيرة".

واستبعد جمال حدوث انخفاض ملحوظ في الأسعار، رغم تحسن الجنيه، موضحا أن الأسعار تميل دائما إلى الارتفاع سريعا مع صعود الدولار، لكنها لا تتراجع بالحدة نفسها عند انخفاضه.

وعزا ذلك إلى غياب المنافسة ووجود درجة من الاحتكار، إذ إن شريحة من كبار المستوردين والتجار والمصنّعين يهيمنون على السوق.

مقالات مشابهة

  • الجنيه المصري ينتعش أمام الدولار.. هل انتهت الأزمة الاقتصادية؟
  • تصاعد العنصرية ضد المغاربة في إسبانيا.. وتحذيرات من استغلال اليمين لحادثة قتل مسن
  • دميرطاش: تحقيق السلام أهم من الإفراج عني
  • بالصور.. لماذا سميت كنيسة الجثمانية بالقدس بكنيسة كل الأمم؟
  • حسام موافي: تحليل المخدرات قد يحرمك من فرصة العمر في وظيفة مرموقة
  • مستشار تربوي: توفر الإسعافات الأولية أمر مهم في المدارس
  • تحليل: ثلاثة أهداف لزيارة "ويتكوف" لغزة أهمها تلميع صورة "إسرائيل" المشوهة عالميًا
  • حزب المصريين: دعوات التظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب هدفها زرع الفتنة
  • بعد كشف جريمة عين شمس.. تعرف على أبرز استخدمات تحليل الـDNA
  • لتعزيز الرقابة.. معمل تحليل متبقيات المبيدات يدرب 50 مفتشًا بهيئة سلامة الغذاء