بوابة الوفد:
2025-06-03@14:28:00 GMT

مراسم زواج علي جثث الفقراء!!

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

استكمالاً للحديث السابق عن القضايا والمشاكل الاقتصادية التي تواجه المقبلين علي الزواج في الآونة الأخيرة تزامناً مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ، ذكرنا التحديات التي تقف أمام الأسر الريفية والمتوسطة التي كبلت نفسها للعادات والتقاليد المتبعة لديهم لبناء عش الزوجية،  هذه العادات تأصلت منذ زمن، وعلى نحو تدريجي إلي أن بلغ الأمر منتهاه .

وصار الزواج عبئا كبيرا على الأسر التي تحرص على تقديم الهدايا الثمينة والعديد من المظاهر التي تخالف الواقع المادي للأسرة بغرض التباهي والتفاخر والبذخ والتبذير، تحت سطوة تلك العادات والتقاليد العمياء  ، مما يحملها التزامات تثْقل ظهر الأزواج وبعض الآباء الذين لا يستطعيون توفير قيمة هذه الالتزامات وتفتح باب الديون على مصراعيه،  حتي لو كان ثمن تنفيذ هذه العادات هو الوقوف خلف القضبان . كل هذه الأفعال التي ترتكب قبل الزواج تساهم في خلق الخلافات الزوجية فيما بعد.

واليوم نتحدث عن الطبقة العليا وما تقوم به من عادات وتقاليد أخري مبالغ فيها بشكل غير طبيعي. هذه الطبقة لا تعاني تماما من قلة المال، بل علي العكس، هذه الطبقة عادة تكون بين عائلات معينة ويكون فيها الزواج أشبه بالصفقات، وجرت العادة لديهم في تأسيس قصر الزوجية بداية من المسكن والأثاث، وتكاليف مراسم حفل الزفاف بالمنتصف بين العروسين. ويكون في هذه الطبقة منافسة شديدة بين العائلات في اختيار المكان الذي يقطن به العروسان ونوعية الأثاث الذي يتم شراؤه في بعض الأحيان بالدولار، وكل ذلك في جانب ومراسم حفل الزفاف في جانب آخر والذي يظهر خلاله قمة البذخ والإسراف والتباهي، فما يصرف في هذه الليلة من ملايين الجنيهات في مكان إقامة الحفل والمأكولات وجميع أنواع المشروبات بما تشمله من خمور ، والمكسرات التي تستوردها الدولة بالدولار، وهدايا يتم توزيعها على الحضور وأشهر المطربين والراقصات، كل هذه التكاليف تكفي لإشباع جوع الكثير من الفقراء والمساكين لمدة عام مقبل . ولم ينته الأمر علي ذلك ، هناك تكاليف أخرى لقضاء شهر العسل خارج البلاد ، والذى  يتم خلاله دفع آلاف الدولارات لمجرد التباهي بأنه قضي شهر العسل في أحدى البلاد الأوربية، في حين أنه لو نظر للأمر بعمق أكثر من ذلك، لوجد أن السياح يتوجهون إلي مصر للسياحة والتنزه لأنهم يدركون جيداً قيمة الأماكن السياحية لدينا أكثر من بعض الأغنياء المصريين . فمن المؤسف أن تهدر كل هذه الدولارات في تفاهات ليس لها فائدة ولا قيمة . ومن المؤسف أيضاً أن نتجاهل الأماكن السياحية العظيمة التي لا يوجد مثلها بأي دولة أخري. فهذه الأفعال يقع توابعها علي المواطن الفقير بسبب أزمة الدولار التي أثرت على الحالة الاقتصادية المتردية للبلاد ، وينعكس ذلك في أن مراسم زواج الأغنياء أصبح  علي جثث الفقراء.

ليس معني حديثي أن يحرم الأغنياء أو حتي متوسطي ومحدودى الدخل،  من إقامة حفلات علي مستوى مناسب لوضعهم المادى أو الإجتماعي ، ولكن ليس بهذا البذخ والإسراف في الاحتفاء بالعرس بشكل مبالغ فيه ، لم بقتصر على الأثرياء والقادرين مادياً فقط بل تسرب إلى فئات محدودة الدخل بسبب الغيرة الاجتماعية والتقليد الأعمي . ومما تم رصده فإن الأمر يتطلب ضرورة إطلاق حملة وطنية توعوية تستخدم جميع الأدوات من منابر المساجد، والكنائس وكافة وسائل الإعلام ، ومواقع التواصل، وغيرها لنشر ثقافة الاقتصاد والتوفير في كل ما يتعلق بالزواج من فعاليات واحتفالات. وطرح بعض البدائل التي تعود علي المجتمع والبلاد بفوائد إيجابية .                   وللحديث بقية

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سامية فاروق إطلالة القضايا والمشاكل الاقتصادية الازمة الاقتصادية الأسر الريفية عش الزوجية

إقرأ أيضاً:

أضاحي العيد في اليمن :تراكمات مالية من الريف إلى المدينة وأسعار خيالية يعجز الفقراء عن توفيرها

الثورة /

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، لا يزال الحديث عن الأضاحي في اليمن يحمل في طياته شجوناً عميقة، ويُلقي بظلاله على واقع اقتصادي معقد، تتجلى فيه مفارقة صارخة بين الريف المنتج والمدن المستهلكة. هي قصة تتناثر فصولها بين حقول القرى الخضراء وأزقة المدن المزدحمة، حيث تتسع الهوة بين من يستطيع أن يضحي ومن باتت الأضحية حلماً بعيد المنال.

في قلب أحد أسواق المواشي الشعبية في صنعاء، حيث يضج المكان بأصوات الأغنام وضجيج الباعة، اخترقت أصواتٌ الاطلى والكباش الأضاحي الأجواء، حاملة في طياتها مرارة الواقع وسخرية القدر: «مش خايفين منكم، عارفين إنكم مفلسين!». خيال يختصر ببراعة المشهد، ويصف حال الكثير من اليمنيين الذين يواجهون تحدي الأضحية هذا العام.

من القرية

من مرعى القرية إلى سوق المدينة.. رحلة التكلفة المضاعفة

في القرى النائية، حيث تُربى المواشي وتتغذى على خيرات الأرض، لا يزال بإمكان المزارع المربي، أو حتى سكان القرى ذوي الدخل المحدود، ممارسة شعيرة الأضحية دون عناء كبير. «الطلي» أو «الكبش» الصغير، الذي تبلغ قيمته حوالي 30 إلى 40 ألف ريال يمني في بيئته الطبيعية، يمثل قيمة مقبولة نسبياً ليدٍ عاملة اعتادت على شظف العيش. إنه جزء من دورتهم الاقتصادية، ومن تقاليدهم المتوارثة.

نحو المدن

لكن هذه الصورة الوردية تتلاشى تماماً بمجرد أن تبدأ الأضحية رحلتها نحو المدن الكبرى. فكل كيلومتر تقطعه الشاة، وكل يدٍ تمر بها، يضيف عبئاً جديداً على سعرها الأصلي. تبدأ الحكاية بـ أجور النقل، التي تتضاعف مع ارتفاع أسعار الوقود وتدهور البنية التحتية. ثم تضاف الضرائب والرسوم التي تفرضها نقاط التفتيش المختلفة على طول الطرقات، والتي وإن بدت بسيطة في كل نقطة، إلا أنها تتراكم مع مصاريف التجار والمعاونين له في الشحن والتفريغ والعناية بالماشية فضلا عن قيمة الاعلاف المطلوبة لتغذية الماشية في المدنية، لتشكل مبلغاً لا يُستهان به.

التاجر

يلي ذلك دور تاجر الجملة، الذي يشتري بكميات كبيرة ويضيف هامش ربحه، ثم يأتي دور السماسرة، الذين يتواجدون بكثرة في الأسواق الحضرية، ويتقاضون عمولاتهم مقابل تسهيل عملية البيع والشراء. هذه الإضافات، التي تبدو «فوارق طبيعية» في أي سوق، تتحول في اليمن إلى كابوس اقتصادي، حيث تتراكم لتُضاعف سعر «الطلي» من 30 – 40 ألف ريال في القرية المنتجة إلى 80 – 100 ألف ريال في المدن المستهلكة.

الموظفون

موظفو الدولة: بين الأمل الضئيل والحلم المستحيل

تُعد فئة موظفي الدولة والقطاع العام من أكثر الشرائح تضرراً من هذه المفارقة. فبعد سنوات من انقطاع الرواتب، بدأ بعضهم يتقاضى نصف دخله المحدود، وهو ما لا يكفي لتغطية أساسيات الحياة، فكيف له أن يفكر في أضحية يتجاوز سعرها راتبه الشهري بأكمله؟ يتحول حلم الأضحية إلى شبه مستحيل، ويُجبر الكثيرون على الاكتفاء بمشاهدة الآخرين يمارسون هذه الشعيرة، أو البحث عن حلول بديلة كالمشاركة في الأضاحي الجماعية، إن وجدت.

صرخة الطلي «مش خايف منكم، عارف إنكم مفلسين» لم تكن مجرد تعبير عن تحدٍ تجاري، بل هي انعكاس لواقع مجتمعي يرزح تحت وطأة الفقر وتآكل القوة الشرائية. إنها صرخة تُشير إلى أن الأضحية، التي كانت رمزاً للتكافل والعطاء، باتت اليوم تكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية التي تُعصف بالبلاد نتيجة ما تركه العدوان والحصار على مدى عقد من الزمن، باتت تقل كاهل المواطنين وخاصة ذو الدخول المتدنية.

في هذا العيد، وبينما تُرفع تكبيرات العيد في كل مكان، ستبقى قصة الأضاحي في اليمن تروي فصولاً من الصمود، والمرارة، والأمل الكبير في أن تحمل السنوات القادمة انفراجاً يُعيد لليمنيين بهجة أعيادهم، ويُمكنهم من ممارسة شعائرهم دون أن تكون عبئاً يثقل كاهلهم.

 

مقالات مشابهة

  • أضاحي العيد في اليمن :تراكمات مالية من الريف إلى المدينة وأسعار خيالية يعجز الفقراء عن توفيرها
  • حسان يوعز بوقف مشاريع لدعم الفقراء والطلبة ضمن موازنات المحافظات
  • مقارنة واقعية‬ :- بين نظام ‫احمد الشرع‬ .. ونظام ‫المحاصصة الطائفي القومي‬ في العراق!
  • مع اقتراب موعد تصعيدهم إلى عرفات.. بدء مراسم استقبال حجاج الخمس نجوم
  • رسائل وصلتنا :هل نذهب للانتخابات ؟ فهذا جوابنا!
  • لا زواج بلا ورق| القانون يحسم الجدل حول إثبات العلاقة الزوجية عند الإنكار
  • مدبولي يشهد مراسم إطلاق مدينة «جٍريان» بمحور الشيخ زايد
  • تصوير ألسنة اللهب الشمسية من سماء أبوظبي
  • الحرب تدمر مركز أبحاث المايستوما بالسودان: كارثة صحية تتهدد حياة الفقراء
  • هل العمل الاجتماعي مهنة حديثة؟