لماذا ترفض المعارضة الباكستانية التعديلات الدستورية الجديدة؟
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
إسلام آباد- بعد أسابيع من الجدل والخلاف بين الأحزاب السياسية الباكستانية، نجح الائتلاف الحكومي الأسبوع الماضي في تمرير التعديلات الدستورية الـ26، بعد الموافقة عليها من مجلس الوزراء الفدرالي والتصويت عليها في مجلس الشيوخ والبرلمان.
وفي تطور جديد وبناء على هذه التعديلات، تم تعيين رئيس جديد للقضاة، حيث أدى القاضي يحيى أفريدي اليمين الدستورية رئيسا للقضاة، السبت، في قصر الرئاسة بإسلام آباد.
ونجح المشروع في المرور من مجلس الشيوخ بنسبة الثلثين، حيث صوت 65 سيناتورا في مجلس الشيوخ لصالحه مقابل 4 أعضاء ضده. وحصد المشروع نسبة الثلثين في البرلمان أيضا، حيث صوت 225 نائبا لصالح المشروع، في المقابل صوت 12 عضوا من حزب إنصاف ومجلس الاتحاد السني ضده.
يتضمن مشروع قانون التعديل الدستوري المثير للخلاف بين الحكومة والمعارضة 22 تعديلا لبنود مختلفة، تركز أغلبها على الجانب القضائي، وتشمل ما يلي:
تحديد مدة ولاية رئيس المحكمة العليا في باكستان بـ3 سنوات، ما لم يستقل أو يبلغ سن التقاعد 65 سنة، أو يُعزل من منصبه وفقًا للدستور. سيتم تعيين رئيس قضاة باكستان من بين أقدم 3 قضاة، من خلال لجنة قضائية برلمانية. تشكيل هيئة دستورية مكونة من 5 أو 9 أعضاء في المحكمة العليا، لتحل محل الاقتراح السابق بإنشاء محكمة دستورية، ولن يتم إنشاء مثل هذه الهيئة على مستوى المقاطعات. اللجنة القضائية في البرلمان ستكون مسؤولة عن تشكيل الهيئة الدستورية، بما في ذلك اختيار رئيسها، مما يترك رئيس القضاة بدون سلطة تغييرها. تعديلات على عملية تعيين رئيس لجنة الانتخابات الباكستانية. المشورة المقدمة للرئيس من قبل مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء لا يمكن الطعن فيها في أي محكمة أو هيئة قضائية. القضاء التام على نظام الربا (الفائدة) بحلول الأول من يناير/كانون الثاني 2028. طعن وانقساماتمنذ الأيام الأولى لطرح التعديلات الدستورية، عارضها حزب "إنصاف" وأحزاب أخرى في المعارضة، حيث قالت إنها تقيد القضاء ونزاهته، وبدوره رفض رئيس حزب إنصاف جوهر علي خان، المشاركة في اجتماعات اللجنة البرلمانية لتعيين رئيس قضاة باكستان الجديد.
وفي تطور جديد، قدم محامٍ من حزب إنصاف التماسا إلى محكمة السند العليا يوم السبت، طعنًا في التعديل الدستوري، بعد أن سبق وأعلن القيادي في الحزب إنصاف شعيب شاهين، قبلها بيومين، أن الحزب سيطعن في التعديلات أمام القضاء.
ومن جهة أخرى، أعلن أمير الجماعة الإسلامية في باكستان حافظ نعيم الرحمن، أن الجماعة قررت الطعن في التعديلات الدستورية.
وردا على إعلان حزب إنصاف الطعن في التعديل الدستوري، أكد وزير القانون أعظم نذير تارار، أن التعديل الذي أجراه البرلمان بأغلبية الثلثين لا يمكن الطعن فيه في أي محكمة.
وكانت قناة "آي آر واي نيوز" الباكستانية قد ذكرت، يوم الخميس، أن رئيس لجنة حقوق الإنسان السابق في باكستان وعضو مجلس الشيوخ السابق أفراسياب ختك، طعن أيضا في التعديل الدستوري أمام المحكمة العليا، وطالب بتشكيل هيئة كاملة للنظر فيه.
كما ذكرت القناة، يوم الجمعة، أن 6 قضاة في المحكمة العليا بمن فيهم القاضي منصور علي شاه والقاضي منيب أختر، اللذين يعتبران في سلم الأقدمية في المحكمة العليا قبل القاضي أفريدي الذي تم تعيينه رئيسا للقضاة، قد تغيبوا عن جلسة المحكمة الكاملة التي عقدت لتكريم رئيس قضاة باكستان المنتهية ولايته قاضي فائز عيسى.
ووفقا للقناة، فقد قال القاضي منصور علي شاه، إنه تغيب عن جلسة التكريم "لأن رئيس القضاة السابق ظل راضيا وغير مبالٍ بالتأثيرات والضغوط الخارجية على القضاء".
من ناحيته، قال الرئيس السابق لنقابة محامي محكمة إسلام آباد العليا والخبير في الشؤون القانونية عارف تشودري، إن التعديل الدستوري الجديد يعتبر تشويها لوجه الدستور، ولم يضف أي احترام أو شيء يمكن أن يخفف عن عامة الناس.
وقال تشودري للجزيرة نت، فيما يتعلق بتأسيس هيئة دستورية إنه "في حين أن المحكمة العليا كانت تتعامل مع القضايا الدستورية بموجب المادة 184 من الدستور، فإنه مع التعديل الجديد أصبح يجب التعامل مع تلك القضايا من قبل الهيئة الدستورية الجديدة، وبذلك يتم تعيين رئيس القضاة من خلال الحكومة"، وأضاف أن الهيئة الدستورية الجديدة تعتبر محكمة موازية للمحكمة العليا.
كما أشار تشودري إلى أن تعيين رئيس القضاة سابقا كان أساسه الأقدمية، أما الآن فلم تعد القضية مرتبطة بذلك، فرئيس القضاة أفريدي الذي تم تعيينه كان في المرتبة الثالثة من حيث الأقدمية.
وأضاف تشودري أن "أقدم القضاة لم يرتكبا أي مخالفات، ولا يوجد أي شيء ضدهما، والسبب الوحيد هو أنهما جزء من هيئة المحكمة العليا التي حكمت في قضية المقاعد المحجوزة، ولذلك فقد أُخذ عنهم انطباع أنهم يؤيدون حزب إنصاف".
من جهته، قال الصحفي المختص بتغطية أخبار المحكمة العليا عبد الله مومند للجزيرة نت، إن الحكومة وفقا للتعديلات "شكلت لجنة خاصة فقط لمنع القضاة الذين لديهم ميول سياسية أو أي قاض مناهض للمؤسسة العسكرية، من أن يكون رئيسا للقضاة في باكستان".
أثر سياسيويقول عارف تشودري، إن تأثير التعديلات الدستورية على القضاء أنه أصبح الآن تابعا للحكومة، لأن لجنة القضاء المكونة من 12 عضوا في البرلمان ستقرر مصير رئيس المحكمة العليا، وسيراقبون أداء القضاة.
كما أشار تشودري إلى أنه "في السابق كان الناس في الأقاليم إذا أرادوا الاحتجاج ضد أي قرار للإدارة المحلية أو الشرطة يمكنهم اللجوء إلى المحكمة العليا بموجب المادة 199، لكن الآن، بدلا من المحكمة العليا، سيتعين عليهم اللجوء إلى اللجنة التي تدعمها الحكومة".
في حين قال عبد الله مومند إن "الحكومة طرحت هذه التعديلات من أجل تثبيت استقرار الحكومات في باكستان"، موضحا أن المحكمة العليا كانت قد استبعدت في الماضي رئيسين للوزراء، هما نواز شريف ويوسف رضا جيلاني، بسبب "قضايا تافهة للغاية" حسب وصفه، "كما تدخلت في عملية التشريع وفي تعيينات الموظفين الحكوميين".
وأضاف مومند أنه منذ عامي 2007 و2008، زعزع قضاة المحكمة العليا استقرار الحكومة، وخلقوا الكثير من الفوضى للحكومات المتعاقبة في باكستان، كما أن الحكومة كان لديها مخاوف من أن القاضي منصور لديه بعض الميول السياسية نحو حزب إنصاف.
ويقول مومند "ستكون هناك ضغوط على استقلال القضاء"، و"لكن على الأقل سيمنعون القضاة من المناورات السياسية، والتدخل السياسي في الأعمال البرلمانية"، مضيفا بأن ذلك له تأثير طفيف على القضاء واستقلاله، ولكن ليس في السياق السياسي الأوسع.
حزب إنصافيقول عارف تشودري إنه من الواضح ظاهريا أنه بعد هذه التعديلات سيكون من الممكن تأييد محاكمة عمران خان عسكريا وأن أي عقوبة يتم منحها، سيتم تأكيدها، ويضيف "كما أنهم يسعون لحظر حزب إنصاف، وعندها ستذهب الإحالة إلى المحكمة العليا والتي ستكون مع التعديل الجديد".
من جهته، يقول عبد الله مومند، إن حزب إنصاف كان ينتظر أن يتم تعيين القاضي منصور شاه، لأن لديه بعض الميول تجاه حزب إنصاف، ولذلك كان يعتقد الحزب أن شاه لن يبدأ فقط عمليات التدقيق في الانتخابات بل سيطلق سراح مؤسس الحزب عمران خان.
وأضاف مومند أن الحزب كان يعتقد أنه سيحظى ببعض الامتيازات القضائية في المحكمة العليا وفي المحاكم العادية بعد تعيين القاضي منصور شاه، ولكن هذا قد تلاشى الآن.
وختم عارف تشودري حديثه حول تعيين قائد الجيش والتمديد له في منصبه، قائلا إن هناك تعديلا خاصا جدا لم يتم مناقشته بشكل عام وهو تعيين أو تمديد فترة قائد الجيش، حيث قال تشودري إنه في السابق كان تعيين قائد الجيش أو التمديد له لـ3 سنوات فقط، أما الآن فلا يوجد فترة محددة لولايته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التعدیلات الدستوریة فی المحکمة العلیا التعدیل الدستوری القاضی منصور رئیس القضاة مجلس الشیوخ تعیین رئیس فی باکستان فی التعدیل حزب إنصاف الطعن فی
إقرأ أيضاً:
رئيس إفريقيا الوسطى يعلن ترشحه لولاية ثالثة وسط جدل دستوري وسياسي محتدم
أعلن رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، رسمياً عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في ديسمبر 2025، ساعياً لولاية ثالثة أثارت جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والشعبي. يأتي هذا الإعلان بعد تعديل دستوري مثير للجدل سمح له بالبقاء في الحكم لفترة جديدة، ما أثار انتقادات حادة من المعارضة وبعض الفاعلين السياسيين داخل البلاد وخارجها.
خلال اجتماع عقده مساء السبت مع أعضاء حزبه "القلوب المتحدة" في العاصمة بانغي، أكد تواديرا قبوله التحدي السياسي الجديد، قائلاً: "أقول نعم بوضوح لرغبة الحركة في ترشيحي للانتخابات الرئاسية". يعكس هذا الإعلان ثقة الرئيس الحالي في استمرارية مشروعه السياسي رغم الأصوات المعارضة التي اتهمته بالسعي للبقاء في السلطة عبر إجراءات دستورية مثيرة للجدل.
الوضع الاقتصادي
تعاني جمهورية إفريقيا الوسطى من تحديات اقتصادية كبيرة، إذ يُعد الاقتصاد معتمداً بشكل رئيسي على الزراعة (بما في ذلك البن والقطن) وتصدير الموارد الطبيعية كالخشب والذهب والماس. ورغم ثراء البلاد بالموارد الطبيعية، إلا أن الاستثمارات الأجنبية محدودة بسبب الأوضاع الأمنية المتقلبة والبنية التحتية الضعيفة. كما يواجه الاقتصاد مشكلات في التنمية البشرية، حيث يشكل الفقر نسبة مرتفعة من السكان.
في السنوات الأخيرة، سعت الحكومة إلى جذب الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال عبر بعض الإصلاحات التشريعية، بالإضافة إلى التعاون مع شركاء دوليين ومنظمات مالية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو المستدام. ورغم ذلك، تظل البلاد تعاني من عجز في الميزانية وأزمات في التمويل، مما يفاقم الضغوط على إدارة الاقتصاد الوطني.
العلاقات الخارجية
تتمتع إفريقيا الوسطى بعلاقات دبلوماسية مع دول إفريقية عدة، إضافة إلى علاقات متينة مع بعض القوى الكبرى مثل فرنسا، الصين، وروسيا، التي تقدم دعماً عسكرياً واقتصادياً للحكومة. وتعتبر فرنسا الشريك التاريخي الأبرز، رغم بعض التوترات التي شهدتها العلاقات في السنوات الأخيرة بسبب تدخلات عسكرية سابقة واتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية.
تسعى بانغي أيضاً إلى تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، خصوصاً في مجال حفظ السلام ومكافحة الجماعات المسلحة التي تزعزع الأمن في البلاد. كما تحاول الحكومة توسيع شبكة شركائها الاقتصاديين في المنطقة وفي القارة بشكل عام، عبر اتفاقيات للتجارة والاستثمار.
أبرز القوى السياسية المعارضة
يواجه تواديرا معارضة داخلية قوية تمثلت في عدة أحزاب وحركات سياسية، أبرزها:
ـ ائتلاف المعارضة الديمقراطية: مجموعة من الأحزاب المعارضة التي تطالب بإجراء انتخابات نزيهة ومحاربة الفساد وضمان احترام الحقوق المدنية.
ـ الحركة الوطنية للإصلاح: تدعو إلى إنهاء تمديد فترة الرئاسة وتدعم مبادرات لإعادة هيكلة الدولة وتحقيق مصالحة وطنية شاملة.
ـ الجماعات المسلحة المعارضة: لا يمكن إغفال دور الجماعات المسلحة التي تسيطر على أجزاء من البلاد، والتي تشكل تهديداً مباشراً للاستقرار، رغم أنها ليست جهات سياسية تقليدية، لكنها تؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي.
تتهم المعارضة الرئيس تواديرا بالسعي لاحتكار السلطة وتهميش الأصوات المعارضة، مما يزيد من حدة الانقسامات السياسية ويهدد وحدة البلاد.
بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، من المقرر أن تشهد البلاد تنظيم انتخابات تشريعية وبلدية متزامنة، والتي كانت قد أجلت في العام الماضي بسبب نقص التمويل وتأخر تحديث السجل الانتخابي. هذه الانتخابات تمثل اختباراً حاسماً لمستقبل المشهد السياسي في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتعد خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار السياسي والأمني في بلد يعاني منذ سنوات من أزمات متلاحقة.
تحتل إفريقيا الوسطى موقعاً حساساً في قلب القارة، وتواجه تحديات أمنية وسياسية معقدة تتمثل في نشاط جماعات مسلحة، ضعف البنية التحتية، وأزمات تنموية، مما يجعل الانتخابات القادمة محطة مفصلية في تحديد مسار البلاد ومستقبل حكمها. وفي ظل هذه المعطيات، يترقب الداخل الإفريقي والمجتمع الدولي بقلق نتائج الانتخابات وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي.
يظل إعلان تواديرا ترشحه لولاية ثالثة خطوة تحمل في طياتها فرصاً وتحديات كبرى للبلاد، ويدعو إلى مراقبة دقيقة لما ستؤول إليه المرحلة القادمة، خاصة في ظل دعوات المعارضة لإجراء انتخابات نزيهة تعكس إرادة الشعب وتضمن استمرارية الديمقراطية والتنمية في إفريقيا الوسطى.