مع عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الساحة السياسية، تتزايد التكهنات حول تأثير هذا التطور على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ومستقبل القضية الفلسطينية. في هذا السياق، قدّم محللون فلسطينيون ودوليون رؤاهم حول السياسة المحتملة لواشنطن تجاه الشرق الأوسط في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

 

تصريحات ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط 

في حملته الانتخابية لعام 2024، قدّم دونالد ترامب مواقف متعددة حول الشرق الأوسط، مكرسًا نقاطًا رئيسية تركّز على إيران وإسرائيل والعلاقات الإقليمية.

ترامب جدّد التزامه بعدم السماح لإيران بتطوير أسلحة نووية، وذكر أنه في حال انتخابه سيعمل على اتخاذ خطوات لمنع إيران من الوصول إلى هذا الهدف. لكنه لم يقدم تفاصيل دقيقة حول كيفية تنفيذ هذه السياسة، مفضلًا التلميح إلى أن القوة قد تكون خيارًا مطروحًا​​​​.

فيما يتعلق بإسرائيل، عبّر ترامب عن دعمه لتوسيع "اتفاقيات إبراهيم"، وهي الاتفاقيات التي جرى توقيعها خلال فترته الرئاسية والتي هدفت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية. وذكر ترامب أنه يرغب في توسيع هذه الاتفاقيات لتشمل دولًا إضافية، بما في ذلك إمكانية إدراج إيران نفسها في ترتيبات السلام، رغم أن هذه الخطوة تبدو طموحة وصعبة التنفيذ في ظل التوترات القائمة بين إيران وإسرائيل.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، واصل ترامب تجاهل فكرة "حل الدولتين"، وبدلًا من ذلك، أشاد بخطواته السابقة مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإيقاف التمويل الأمريكي للسلطة الفلسطينية، وهي سياسات أثارت جدلًا واسعًا في المنطقة واعتبرت داعمة لموقف إسرائيل على حساب الفلسطينيين​​.

تركّز تصريحات ترامب حول الشرق الأوسط في مجملها على الحفاظ على النفوذ الأمريكي في المنطقة مع تعزيز العلاقات مع إسرائيل وإعادة صياغة الاتفاقيات الإقليمية لتشمل مزيدًا من التعاون بين دول المنطقة، وذلك من دون الالتزام بتقديم تنازلات للطرف الفلسطيني.

 

 

إحياء التحالف الأمريكي الإسرائيلي؟

يرى الدكتور ماهر صافي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن رسائل التهنئة الأخيرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى ترامب توحي بتوجه نحو إعادة إحياء التحالف الأمريكي الإسرائيلي الوثيق الذي شهدته فترة ترامب الرئاسية.

وأضاف صافي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن هذه التهنئة تحمل إشارات حول تعزيز التعاون الأمني والسياسي بين الجانبين، بالإضافة إلى سياسة حازمة تجاه إيران، وهو ما يعكس رغبة إسرائيلية في استعادة الدعم الأمريكي لسياساتها.

الدكتور ماهر صافي 

لفت المحلل السياسي الفلسطيني، إلى أن احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد يعيد فتح باب النقاش حول الخيارات الأمريكية تجاه المنطقة، مع ترقب الفلسطينيين لتوجهاته الجديدة، وما قد تحمله من تأثيرات على مستقبل القضية الفلسطينية.

سياسة بلا تفاصيل واضحة

من جانبه، أوضح عمرو حسين، الباحث في العلاقات الدولية، أن نتائج التصويت الأخيرة لصالح ترامب عكست رغبة شعبية أمريكية في تعديل مسار السياسات الراهنة، خاصة تلك المتعلقة بالدعم المقدم لإسرائيل وأوكرانيا على حساب رفاهية المواطنين الأمريكيين.

أضاف حسين في تصريحات خاصة لـ "الفجر"،  أن توجه الناخبين نحو ترامب والجمهوريين بأغلبية في الكونغرس يعبر عن رسالة واضحة لإعادة النظر في السياسات السابقة.

الدكتور عمرو حسين 

اختتم الباحث في العلاقات الدولية، أن الحديث عن إطار حل شامل للنزاع العربي الإسرائيلي بقي في معظم الأحيان مصطلحًا إعلاميًا دون تفاصيل واضحة، متوقعًا أن يسعى ترامب، إذا عاد للرئاسة، لطرح رؤية مغايرة للتعامل مع ملفات الشرق الأوسط، قد تركز على معالجة القضايا الأساسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ترامب منطقة الشرق الأوسط فلسطين اسرائيل

إقرأ أيضاً:

خبراء: صراع ترامب مع كاليفورنيا يهدد أسس النظام الفدرالي

أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن التصعيد الحالي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولاية كاليفورنيا يمثل أزمة دستورية غير مسبوقة في التاريخ الأميركي.

وحذروا من أنها تهدد أسس النظام الفدرالي، وتثير تساؤلات جدية حول حدود السلطة الرئاسية والحقوق الدستورية للولايات.

وشهدت مدينة لوس أنجلوس تصعيداً بدأ بعمليات مداهمة واعتقال نفذتها السلطات الفدرالية ضد مهاجرين، وتطورت إلى مواجهات عنيفة بين المحتجين والشرطة.

وبحسب مراسل الجزيرة ناصر الحسيني من لوس أنجلوس، فإن الأحداث شهدت مشاركة مجموعات بالآلاف من المهاجرين والمواطنين الذين يرفضون سياسة الترحيل والاعتقال والمداهمات التي بدأها الرئيس.

وقد تطورت الأوضاع بشكل خطير عندما انضم الكثير من الشباب المهاجر إلى الاحتجاجات معبرين عن غضبهم بالتهجم على السلطات.

وقد حوّل هذا التصعيد -وفق الحسيني- المظاهرات من احتجاجات سياسية سلمية إلى مظاهرات وأعمال شغب حقيقية شملت حرق سيارات الشرطة والاعتداء على المحال التجارية، مما دفع السلطات المحلية لفرض حظر التجمع وسط المدينة.

وانطلاقاً من هذه التطورات الميدانية، يرى الكاتب الصحفي المختص بالشأن الأميركي محمد المنشاوي أن ما يحدث ليس مفاجئاً على الإطلاق، بل يعكس إستراتيجية محسوبة من الرئيس ترامب.

إعلان

وأوضح أن الرئيس يؤمن بأنه ينفذ ما تم تكليفه من أغلب الناخبين في فترة الحكم الثانية، حيث وعد خلال فترة الانتخابات بأن يكون قاسياً جداً في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين (النظاميين).

تصحيح خطأ بايدن

كما لفت الكاتب إلى أن ترامب يحاول تصحيح ما يراه خطأ كبيرا من إدارة سلفه جو بايدن بفتح الحدود على مصراعيها أمام المهاجرين.

ولفت إلى بُعد أيديولوجي آخر "فترامب يرى نفسه ونائبه جيه دي فانس المسؤولين الوحيدين المنتخبين من الشعب كله" وهذا ما يمنحه شعوراً "فرعونياً" في حجم السلطات التي يريد أن يقوم بها.

وهذا التصور للسلطة الرئاسية يعكس رغبة ترامب في "تضخيم" الجهاز التنفيذي للدولة والسلطة التنفيذية التي يرأسها، بحسب الكاتب.

وبناءً على هذا الفهم للدوافع العامة، يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الله الشايجي أن العلاقة بين ترامب وكاليفورنيا تتجاوز الخلافات السياسية لتصل إلى مستوى الصراع الشخصي.

وأوضح أن ترامب لديه عقدة تجاه كاليفورنيا والولايات التي يحكمها من ينتمون إلى الحزب الديمقراطي.

وتمثل كاليفورنيا تحدياً خاصاً لترامب لعدة أسباب موضوعية، فهي -كما يشير الأكاديمي- أهم وأكبر ولاية في الدخل القومي، حيث تساهم بالضرائب الفدرالية للحكومة بـ50 مليار دولار.

وأكثر من ذلك، أن أكثر من ثلث عدد سكان كاليفورنيا لم يولدوا داخل الولاية، وأكثر نسبة من السكان يتحدثون في منازلهم اللغة الإسبانية، مما يجعلها رمزاً لأميركا متعددة الثقافات التي يعارضها ترامب أيديولوجياً.

انتهاك دستوري

وفي ظل هذا الصراع الشخصي والأيديولوجي، أوضح الدكتور الشايجي أن ترامب استند -في إرسال قوات فدرالية إلى لوس أنجلوس- إلى قانون عام 1807 الذي يسمح للرئيس بأن يرسل قوات فدرالية لمساعدة الولاية إذا احتاجت إلى ضبط الأمن ومواجهة من يهددون السلم والأمن.

إعلان

ولكن -كما يؤكد الشايجي- فإنه لا حاكم الولاية ولا عمدة المدينة ولا شريف مقاطعة لوس أنجلوس طلبوا ذلك من ترامب، مما يجعل إرسال القوات انتهاكاً دستورياً واضحاً.

وأوضح أن هذا الانتهاك لا يعد مجرد خلاف إجرائي، بل يمس جوهر النظام الفدرالي، فالدستور يفصل في التعديل العاشر صلاحيات للولاية لا يحق للحكومة الفدرالية أن تتجاوزها دستورياً، لكن ترامب "يضرب عرض الحائط" بهذه القيود الدستورية.

وفي سياق متصل بهذا الانتهاك الدستوري، تكشف الأرقام الاقتصادية عن تناقضات صارخة في سياسات ترامب.

فوفقاً لمكتب إحصاءات العمل، فإن خطة ترامب لطرد المهاجرين ستكبد القطاع الخاص تريليون دولار خلال عقود في صورة أجور ضائعة وتباطؤ بالإنتاج وتراجع بالاستهلاك.

وفي كاليفورنيا وحدها، يساهم المهاجرون غير الموثقين بـ8.5 مليارات دولار ضرائب سنوية ويمثلون جزءاً من الناتج المحلي للولاية التي تمثل 14% من الناتج المحلي للولايات المتحدة، كما أن ترامب سيحتاج 80 مليار دولار لتنفيذ هذه الخطة.

وتطرح هذه الأرقام تساؤلات جدية حول منطق ترامب الاقتصادي -كما يشير الدكتور الشايجي- فإن هذا التصعيد يحدث في وقت هو في حرب مع الملياردير إيلون ماسك، وحرب مع الجامعات الأميركية الكبرى، ويخوض حروباً كثيرة مع دول العالم فيما يتعلق بالرسوم الجمركية.

ونتيجة لهذه التكاليف الاقتصادية الباهظة، يوضح الشايجي أن كثيراً من الأميركيين يشعرون بالندم، خاصة اللاتينيين من الأصول المكسيكية، على أنهم انتخبوا ترامب.

دوافع أيديولوجية

ولفهم الأسباب الجذرية وراء هذا السلوك رغم تكاليفه الاقتصادية والسياسية، يجب النظر إلى الأيديولوجية التي تحرك ترامب -حسب المنشاوي- الذي ذهب للقول إن ترامب لا تحكمه إلا النزوات الشخصية والمصالح الخاصة، وبما أنه ليس لديه انتخابات أخرى مستقبلية فهو لا يكترث بما يعانيه المواطن.

إعلان

وتتمثل رؤية ترامب الأيديولوجية في تنفيذ أجندة اليمين الذي يدعمه، و"أميركا العظيمة" التي يقصدها هي أميركا البيضاء التي تتحدث الإنجليزية ويكون فيها عدد قليل جداً من المهاجرين.

ولفت الكاتب إلى أن هذه الرؤية تدفع ترامب لاعتبار أن ما قام به الرئيس السابق من ترك الباب مفتوحا أمام الهجرة غير النظامية كان هدفه تغيير المكون السكاني الأميركي.

وبدوره حذر الشايجي من أن التداعيات طويلة المدى لهذا الصراع قد تكون كارثية على النظام السياسي الأميركي، مؤكدا أن ما يحدث يضرب النظام الدستوري الفدرالي الديمقراطي الذي كان يروج له بأنه النموذج لحكم شؤون العالم.

كما لفت إلى أن الخطر الأكبر هو إمكانية تطور الوضع نحو حركات انفصالية، خاصة أن القبضة الحديدية التي يمارسها ترامب فيها نوع من الشوفينية ومصادرة حق الولاية، وهذا التطور المخيف يذكر بالأزمات التي سبقت الحرب الأهلية الأميركية، وفق الشايجي.

مقالات مشابهة

  • من الأندلس إلى الشرق الأوسط.. المستعرب الإسباني إغناطيوس غوتيريث يقدم رؤية نقدية تجاه الاستشراق الجديد
  • الأردن من أفضل دول الشرق الأوسط بنمو عدد السياح الدوليين
  • تقرير دولي: الدبلوماسية المصرية تزداد توهجًا ونشاطًا مع تعقُّد أزمات الشرق الأوسط
  • خبراء: صراع ترامب مع كاليفورنيا يهدد أسس النظام الفدرالي
  • زاخاروفا تسخر من زيلينسكي.. يتوسل العالم للحصول على السلاح
  • «السوربون أبوظبي» تستضيف مؤتمر «جمعية محاضري القانون البيئي»
  • مسؤول بصندوق النقد: التوترات التجارية تخلق طبقات جديدة من التعقيد بالشرق الأوسط
  • التجارة المصرية الإيرانية تنظر السماح الأمريكي
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركي تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط
  • الإمارات مركز بارز للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط