لجريدة عمان:
2025-07-31@07:26:23 GMT

المؤتلف الإنساني.. صناعة عمانية خالصة

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

يحجز نوفمبر فـي الذاكرة الجمعية العمانية مساحة خاصة، تتقصى الذاكرة من خلالها مجموعة من المبادرات والأنشطة العملية، والممارسات الفعلية، والتي حملت فـي مضامينها الكثير مما يصعب حصره فـي مختلف شؤون الحياة العمانية اليومية، والحياة العالمية أيضا، وأهدت حمولتها الإنسانية للإنسانية جمعاء، مستلهمة ذلك من خلال مشروعها الحضاري الكبير الممتد عبر السنين، ومن ضمن الكثير مما أنجز هو مشروع عمان لـ «المؤتلف الإنساني» وهي مبادرة تبنى ووجه بنشر مفهومها، وتعميمها السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – وذلك: «لوضع نهج يعيد التوازن بين الصلاح والوصول إلى اقتراح منهج عمل يقدم للعالم المضطرب ليعينه على النهوض من جديد، واستشراف حياة متوازنة يعيش فـيها الناس على أساس الكرامة والحقوق الأساسية والأمان النفسي»- وفق ما تضمنه مصدر: https://www.

omaninfo.om/topics/85/show/287502. ولذلك هي صناعة عمانية خالصة، لا ينازعها عليها أحد، بقدر ما مطالب من هذا الـ «أحد» أن يسهم بما يمليه عليه الواجب الإنساني، والضمير، والقيم السامية الرفـيعة، فالإنسانية بقدر تجزئتها بين مكونات جغرافـية وعرقية، ودينية، ومذهبية، وانتماءات بشرية عديدة – كما هو معروف – إلا أنها عالمية المفهوم، وشمولية المعنى، فالإنسان الذي يعيش فـي أقصى مكان على امتداد الكرة الأرضية؛ انطلاقا من نقطة معينة؛ هو نفسه الذي يعيش فـي أقربها، لا فرق بينهما سوى الانتماء إلى شيء النتوءات التي تم ذكرها أعلاه، ولذلك نرى اليوم؛ كما كان فـي الأمس؛ هذا الالتحام البشري المهيب حول التفافه، وتعاضده وتقاربه من قضية إنسانية ما، بغض النظر عن الأشخاص الذين تعنيهم هذه المسألة أو تلك، وهذا ما يؤسس القناعات بشمولية الهم الإنساني عند جميع الناس، مهما تناءت الجغرافـيات عن بعضها، أو تباينت الشعوب فـي (أعراقها، وفـي أديانها، وفـي ألوانها، وفـي جندرياتها، وفـي مذاهبها وعقائدها) ففـي خاتمة المشهد هي ملتحمة مع بعضها البعض، ويهمها كثيرا أن تتعزز بإنسانيتها التي يهدرها الساسة بأنظمتهم المضطربة؛ لتحقيق مآرب خاصة.

ويقينا؛ أكثر؛ أن تقارب حدثي المناسبتين: (16/11) يوم التسامح العالمي، و(18/11) اليوم الوطني العماني المنبثق منه مشروع المؤتلف الإنساني؛ هو تزامن مقصود، حيث أراد له مؤسسه – رحمة الله عليه – أن يحدث نقلة نوعية فـي الوعي الجمعي العالمي فـي كل ما يخص هذه الثيمة «الإنسانية» وهذا يؤكد أن النهضة العمانية المباركة؛ انطلقت من الثيمة ذاتها، ولا تزال تواصل نهجها القويم وفق المفهوم ذاته، وإذا كان السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – وضع الأسس القويمة والماكنة فـي بعديها الإنساني والمادي متوازيان فـي الانطلاقة والتأثير لتعزيز الدور الذي تقوم به هذه النهضة، فإن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – يعمل جاهدا على تجديد مسيرة هذه النهضة بما يتطلبه الواقع العماني فـي زمنه الحاضر والمستقبل؛ لكي تواصل النهضة عطاءها الإنساني، سواء على امتداد الجغرافـية العمانية المباركة، أو بما يتأتى لهذه النهضة أن تسهم به فـي المشروع الحضاري العالمي، مساهمة عمانية خالصة، مؤطرة بذات خصوصيتها، ونهجها، وهويتها، بعدما تشعبت الهويات، وتناثرت الخصوصيات عند آخرين فقدوا بوصلة التوجيه، انعكاسا للاضطراب الذي تعيشه الكثير من الأنظمة السياسية دون غيرها، وتجبر شعوبها الحرة على الامتثال وتبني أفكارها الضاربة بالقيم الإنسانية عرض الحائط، فـي مشهد مؤلم حقا، أن تصل الإنسانية خذلان إنسانها إلى هذه الدرجة من التراجع والانزواء، فـي الوقت الذي يفترض أن تتسامى الأنظمة والحكومات على مظانها الخاصة، وتتوجه فـي مشروعاتها إلى كل ما من شأنها أن يرفع من قدر الإنسانية، ويعلي من صوت العدالة والحق والسلام، والتعاون والتكامل بين أمم الأرض.

تقف سلطنة عمان اليوم؛ كما كانت بالأمس، والأمس هنا هذا التاريخ الممتد عبر أزمنته التي أصلت الفعل العماني الداعي إلى الخير والأمان والسلام عبر تعاطيها مع الأمم فـي المشرق والمغرب، وعبر ما أصلته على امتداد جغرافـيتها الممتدة من محافظة مسندم إلى محافظة ظفار؛ وما بينهما من محافظات تستحم بعطاء غير منقطع، مستمدة بركة جهدها من القول المبارك من لدن رسول البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ «لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك» تقف بقيادتها الواعية المجددة لمبادئها وقيمها؛ وهي تنجز الـ (54) عاما من نهضتها المباركة؛ متجلية بإنسانيتها السامية، متخذة مواقفها الثابتة المعلنة وغير المعلنة من مختلف القضايا الإقليمية والدولية، مواقف الحياد، والانتصار للحق والعدالة، ونصرة المظلوم، ونشر سبل السلام، والعمل الدؤوب مع مختلف دول العالم على تعظيم العائد الإنساني فـي مختلف المجالات، معلنة موقفها من كل ما يدور فـي العالم من اضطراب غير مسبوق الذي تتبناه دول لا تزال تعزف على وتر الاستعمار البغيض؛ الذي لا يدع مساحة آمنة لكي تعيش فـيها الشعوب آمنة مستقرة، مؤصلة فـي ذات الوعي الذي يقاتل لنصرة الإنسانية؛ العقلية التقليدية التي كانت سائدة فـي القرون المتقدمة، والقائمة على مفهوم «قطاع الطرق» والحياة للأقوى، ومن لم يكن معي فهو ضدي – حيث شريعة الغاب المظلمة - مستحضرة ذلك الفهم الضعيف الذي ينازع الآخرين فـي أرزاقهم، وأمنهم واستقرارهم، مضربة بعرض الحائط بكل القيم والمبادئ والاتفاقات التي أجمع ووقع عليها المجتمع الدولي؛ إيمانا منه؛ بأهمية أن تعيش الإنسانية فـي أمن واستقرار، وراحة بال، متطلعة إلى بناء مجتمع دولي آمن، يسوده الاستقرار، والبناء والتعمير والتشييد لكل ما يصلح البشرية، ويعلي من قدرها الإنساني، ويحترم ذاتها، ويقدر طموحاتها وآمالها فـي بناء غد أكثر أمنًا واستقرارًا، عما كان عليه فـي زمن وجغرافـية سادها الجهل والظلم، والتي طواها النسيان بين غياهب الغيب.

إن عمان اليوم؛ أكثر رؤية استشرافـية لما سوف تؤول إليه نتائج الأحداث، ولما سوف تكون عليه الأحوال، ومآلات الأمور، لقناعاتها الراسخة؛ والتي كانت محل اختبار تواصل طوال مسيرتها المباركة؛ بأن شعوب العالم لن تكون فـي مأمن من تردي أوضاعها الإنسانية وفق المعطيات الحالية، للبشرية، وفـي مقدمته سلوكيات الكثير من الأنظمة السياسية المتعالية بغطرستها المادية الصرفة، فالمادة؛ على أهميتها؛ لا يمكن أن تؤسس واقعا إنسانيا رحبا فـي ظل تنافس غير متكافئ بين القوى الفاعلة على المسرح الدولي، إلا بالعودة إلى القيم الإنسانية الحاكمة، والضابطة لمختلف الممارسات والسلوكيات التي تجسر العلاقات بين مختلف الأطراف، وبدون هذه القيم ستظل الإنسانية ترزح تحت وطأة وقسوة كل التفاعلات التي لا تحتكم على قيم إنسانية خالصة؛ يؤمن بأهمية تطبيقها المجتمع الدولي بشعوبه المنحازة إلى إنسانيتها، والذي أقرها عبر منظماته ومؤسساته الداعمة، واستشرافات سلطنة عمان فـي هذا الاتجاه يتضح من خلال مواقفها الداعمة لمختلف القضايا الإنسانية، وفـي مقدمتها دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الممتحن فـي قضيته المنتهكة حقوقها على أرضه، بواسطة الآلة الصهيوأمريكية التي تقدم الدعم الكامل والشامل للكيان الغاصب، والذي بدوره يصب جام غضبه وجبروت أسلحته المدمرة، والمخالفة للقوانين والأعراف الدولية، على شعب أعزل؛ لا حول له ولا قوة، وهو إن دافع؛ فإنه يدافع عن حقه المشروع فـي وطنه بما تجود به قدراته العسكرية، وإمكانياته الفنية المحدودة، وعسى أن تكون مباركة بفضل الله عز وجل.

إن تأصيل الحوار بين الشعوب لا يقوم على ترجيح كفة القوة الطاغية فـي كل مشروعاتها الاستعمارية، والمنتهكة لحقوق الإنسان، وللعدالة الإنسانية، والتوافق معها فـي كل اتجاهاتها وانتهاكاتها، وإنما يقوم على مجاهدة الباطل – مهما علا جبروته – وإلزامه بالتوقف عند حد معين، وبالتالي فمهما تطاولت هذه القوى باستعار واستعراض قوتها العسكرية والمادية فلن تدوم، وهذا ما تخبرنا به أحداث التاريخ ومجرياته على الأرض، ولذا يبقى للشعوب الحرة كلمة الفصل فـي خواتيم المعارك، مهما كلفها ذلك من دفع فاتورة قاسية إزاء مواقفها الرافضة للظلم والطغيان والذي وإن طالت مدته، فسوف يأتي اليوم الذي يسلم عهدته ويستسلم لمبادئ الحق والعدالة الإنسانية، فالأجيال ليست مستعمرة بأفكار متسلسلة منذ عهد الاستعمار إلى عهد الاستعمار، ولا بد أن تكون لها كلمة حق تعلنها فـي زمن ولحظة فارقة؛ وإن طال انتظاره، فكما للظلم زمن مستقطع من حياة الشعوب، كذلك للعدل زمن ملتحم أبدا، وهذا ما تأمل تحقيقه كافة الشعوب على اختلاف تبايناتها ومواقفها، وإيمانها بقضاياها التي لن تموت، وإن توارت الأجساد، وفق مفهوم الحياة والموت الساري على كل إنسان.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حماس للوسطاء: لا مفاوضات قبل تحسين الوضع الإنساني في غزة

#سواليف

أبلغت حركة #حماس #الوسطاء أنها لن تدخل في #مفاوضات مع #إسرائيل حتى يتحسن #الوضع_الإنساني في #غزة، بحسب مصدرين تحدثا مع صحيفة جيروزاليم بوست .

فيما اصدرت إسرائيل ردا رسميا على ورقة موقف أرسلتها حماس قبل عدة أيام، أوضح فيها المسؤولون الإسرائيليون رفضهم لمطلب حماس بالإفراج عن إ اسرى فلسطينيين أحياء مقابل جثث الاسرى الإسرائيليين.

وأكد مصدر إسرائيلي لصحيفة جيروزالم بوست يوم الثلاثاء أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ناقش ضمًا جزئيًا لقطاع غزة كإجراء محتمل إذا فشلت محادثات صفقة الرهائن، خلال اجتماع صغير للحكومة يوم الاثنين .

مقالات ذات صلة الخميس .. أجواء صيفية اعتيادية 2025/07/31

من جهته صرّح وزير الحرب كاتس يوم الأربعاء قائلاً: “تبذل إسرائيل جهودًا استثنائية لتأمين إطلاق سراح الرهائن، بينما تمارس ضغوطًا شديدة على حماس في غزة. إذا لم تُعلن حماس قريبًا عن إطلاق سراح الرهائن، فستدفع ثمنًا باهظًا للغاية”.

في هذه الأثناء، من المتوقع أن يصل المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستيف ويتكوف إلى إسرائيل يوم الخميس في إطار الجهود الرامية إلى دفع المفاوضات بشأن صفقة الأسرى وتقييم الوضع الإنساني في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
  • حماس للوسطاء: لا مفاوضات قبل تحسين الوضع الإنساني في غزة
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • لوكو كافيه مشروبات من وحي الكرتون بنكهة عمانية
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • جيمي لي كورتيس تتحدث عن الضرر الذي لحق بالنساء بسبب صناعة التجميل
  • أحمد عبد الجواد: نخوض انتخابات مجلس الشيوخ بروح وطنية خالصة
  • من الساعات إلي أحد أقطاب صناعة السيارات.. قصة نجاح فورد؟
  • الجزائر تعزز قطاع صناعة الهواتف الذكية
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)