سردية البرزخ- دراسة تحليلية لرواية الجديدة لعبد العزيز بركة ساكن
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
"سجين البرزخ"، الرواية التي تندرج ضمن مشروع سرديات المهجر لعبد العزيز بركة ساكن، تفتح نافذة على عوالم المنفى والهجرة. ، سأتبنى منهجًا نقديًا معاصرًا يستند إلى التفكيكية، مفككًا النصوص لرصد التوترات الداخلية بين معانيها الظاهرة والمبطنة، بالإضافة إلى استجلاء أثر نظرية الهوية السائلة لبومان لفهم البنية النفسية للشخصيات.
التحليل التفكيكي
العنوان كمدخل للتفكيك
"سجين البرزخ" يحمل دلالات معقدة؛ فكلمة "البرزخ" تشير إلى الفاصل بين عوالم متناقضة—الحياة والموت، الحاضر والماضي، الوطن والمنفى. هذا التناقض المتضمن يجعل النص يسير في حقل متوتر من الثنائيات. في الرواية، البرزخ ليس فقط مكانًا جغرافيًا بل أيضًا حالة ذهنية للشخصيات العالقة بين هويات متعددة.
مستوي اللغة كأداة للهدم وإعادة البناء , لغة بركة ساكن تنبض بتعدد المستويات—مستوى شعري ورمزي يبرز في وصف الشخصيات، ومستوى مباشر في الحوارات. لكن هذا التباين ليس مجرد صدفة بل هو تعبير عن التناقضات الداخلية للشخصيات. مثلًا، استخدامه لعبارات عن الحياة النووية في الصحراء يعكس تدمير الإنسان للبيئة في تناقض مع طموحه للبقاء.
تفكيك مفهوم الهوية والمنفى , الهوية في الرواية ليست ثابتة. الشخصيات تعيش حالة من "الهوية السائلة"، إذ تتغير بفعل الزمن والمكان. الشخصية الرئيسية، الرجل العجوز، تعكس صراعًا داخليًا بين هويته كجزء من وطنه الأصلي وهويته كمهاجر يعيش في أوروبا. هذا الصراع يجعل القارئ يشكك في مفهوم الانتماء نفسه، مما يفتح أسئلة حول معنى الوطن.
تحليل الهوية السائلة والمكان كبنية مرنة للهوية , الملجأ الذي بناه العجوز تحت الأرض يمثل تجسيدًا ماديًا للحالة النفسية للشخصيات. إنه مكان مغلق يعزلهم عن العالم ولكنه يمنحهم شعورًا زائفًا بالأمان.
المكان يتحول إلى رمز يعبر عن فقدان القدرة على الانتماء لأي مكان أو زمان.
المنفى كمحفز لتحولات الهوية
الرواية تُظهر المنفى كعامل يقوض الشعور بالذات. تجربة الشخصيات في المنافي تنعكس في رغبتها الدائمة في الانسلاخ عن الماضي والبحث عن معنى جديد للحياة، ولكن هذا المعنى يظل مراوغًا.
البعد الرمزي والفلسفي لكلمة البرزخ كحالة فلسفية
البرزخ في الرواية ليس مجرد مكان، بل حالة وجودية تجسد الفجوة بين الحياة كما هي وكما ينبغي أن تكون. بركة ساكن يستخدمه لاستكشاف قضايا الاغتراب، والتصالح مع الماضي، والخوف من المستقبل.
الثنائية بين الحياة والموت والرواية تربط مصير الشخصيات بالقرارات النووية في الصحراء الجزائرية، مما يثير تساؤلات عن المعنى الأخلاقي للعلم والتقدم في عالم يشهد دمارًا متزايدًا.
البعد السياسي والاجتماعي هنا تجد الطبقية والمقاومة , الرواية تعكس الطبقية الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع السوداني من خلال شخصيات تمثل النخب المثقفة وأخرى تعبر عن الطبقات المهمشة.
وهذا التباين يشكل نقدًا عميقًا للبنى الاجتماعية القمعية.
نقد القمع السياسي هنا بركة ساكن يعكس كيف تحول الأنظمة القمعية البشر إلى "سجناء" يعيشون بين الخوف والاغتراب. البرزخ يصبح استعارة شاملة لهذه الحالة من القمع المزدوج داخليًا وخارجيًا.
"سجين البرزخ" ليست مجرد رواية عن شخصيات في المنفى، بل هي نص متعدد الأبعاد يتناول قضايا فلسفية، اجتماعية، وسياسية، مستخدمًا السرد كأداة لكشف تناقضات الإنسان المعاصر.
أري تحليل الرواية من منظور تفكيكي ونظرية الهوية السائلة يتيح فهمًا أعمق لرحلة الشخصيات بين عالمين متناقضين—المنفى والوطن، الماضي والمستقبل.
بذلك، تتجاوز الرواية حدود السرد التقليدي لتصبح شهادة إنسانية على معاناة الإنسان في مواجهة عوالم متحولة وغير مستقرة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: برکة ساکن
إقرأ أيضاً:
رئيس الجامعة الأميركية في بيروت يُدرج بقائمة الشخصيات العالمية المؤثرة
مايو 20, 2025آخر تحديث: مايو 20, 2025
المستقلة/-انتخب الرئيس السادس عشر للجامعة الأميركية في بيروت وقبرص، فضلو خوري، زميلًا في “الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم”، عن فئة القيادة التعليمية والأكاديمية، ليندرج بذلك ضمن قائمة الشخصيات العالمية المؤثّرة.
وتُعد “الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم” التي تأسّست في العام 1780، محفلًا علميًّا وصرحًا بحثيًّا يتّسم بالعراقة والتميّز، بحيث يجمع روّاد العالم الاستثنائيّين المشهود بإمكانياتهم وخبراتهم في مختلف المهن والتخصّصات، والذين تمكّنوا من إحداث الفرق في حياة الشعوب والمجتمعات في المجالات العلمية والأدبية والثقافية والفكرية.
ونشأت الأكاديمية على يد جون آدامز، الذي شغل منصب الرئيس الثاني للولايات المتحدة الأميركية وأول نائبٍ للرئيس، إلى جانب السياسي والمفكر الأميركي البارز جيمس بُودوين، ورجل الدولة الأميركي جون هانكوك، وآخرين. أمّا الكوكبة الأولى من زملاء الأكاديمية، فشملت أحد الآباء المؤسّسين للولايات المتحدة الأميركية بنجامين فرانكلين، وأول رئيس للولايات المتحدة الأميركية جورج واشنطن.
وقالت الجامعة الأمريكية في بيروت في بيان، إن “انضمام رئيس الجامعة الأميركية في بيروت إلى (الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم)، يعد شهادة فخريّة تُضاف إلى مسيرته الأكاديمية والمهنية، لمساهمته في تطوير وتحديث أنظمة التعليم والسياسات وقيادته في زمن الأزمات”.
وفي سياق تعقيبه على الحدث، أشاد رئيس مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت عبدو قديفة، بالدكتور فضلو خوري “الذي برز كقائد متميّز منذ توليه منصبه في العام 2015. فتمكّن بفضل قيادته الحكيمة من تذليل العقبات والتحديات، إن لناحية تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان وانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب 2020، أو لجهة مضاعفات جائحة “كوفيد – 19”. وبالتزامن، حقّق الدكتور خوري إنجازات بارزة، بينها إعادة العمل بالحيازة الأكاديمية، إطلاق المنصّة الإلكترونيّة للجامعة (AUB Online)، وافتتاح “الجامعة الأميركية في بيروت – مديترانيو”، وهي أول حرم توأم للجامعة خارج لبنان. هذا، وساهمت قيادته في تعزيز السمعة العالمية للجامعة، فكان أن سجّلت ارتفاعًا لافتًا ضمن التصنيف العالمي”. ورأى قديفة أنّ “انتخاب الدكتور خوري يُعدّ شهادة على التزامه الثابت بالممتازيّة الأكاديمية والقيادة المبتكرة وتطوير المجتمع من خلال البحوث والتعليم”.
ومن جانبه أعرب الدكتور خوري عن “اعتزازه وتقديره للرئيس الفخري لمجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت فيليب خوري، الذي رشّحه لهذه العضوية، استنادًا إلى عملهما المشترك مع جميع المعنيّين في الجامعة خلال العقد الماضي. وتابع: “اختياري اليوم إلى جانب كوكبة من القادة والروّاد العالميّين، يشعرني بالفخر والامتنان. وممّا لا شك فيه أن فرحة والدتي عظيمة كوني انتُخبت ضمن عداد نخبةٍ سبق أن اختارت بين صفوفها غلوريا ستاينم، الأيقونة النسوية والناشطة الأميركية الجريئة”.
ورأت لوري باتون، رئيسة “الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم”، أنّ “إنجازات الزملاء الجُدُد تجسّد بتنوّعها القدرة البشرية على الاكتشاف والإبداع والقيادة والمثابرة. إنّهم شهادة صارخة تؤكّد قوة المعرفة وقدرتها على توسيع آفاقنا وتعميق فهمنا وإدراكنا. لذلك، ندعو كل زميل جديد للاحتفاء بإنجازاته ومؤازرة الأكاديمية في تعزيز المصلحة العامة”.
جدير بالذكر، أن الجامعة الأميركية في بيروت تأسست في العام 1866وترتكز فلسفتها التعليمية ومعاييرها وممارساتها على النموذج الأميركي الليبرالي للتعليم العالي. والجامعة الأميركية في بيروت هي جامعة بحثية أساسها التعليم. وهيئتها التعليمية تضم أكثر من سبعمائة وتسعين أستاذًا متفرّغًا، أما جسمها الطلابي فيتشكّل من أكثر من تسعة آلاف طالب. وتقدم الجامعة الأميركية في بيروت حاليًّا أكثر من مئة وأربعين برنامجًا للحصول على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وهي توفّر التعليم والتدريب الطبيّين للطلاب من كل أنحاء المنطقة في مركزها الطبي الذي يضم مستشفى كامل الخدمات يضم أكثر من ثلاثمائة وستين سريرًا.