ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: (هل هناك في الإسلام صيغة معينة لتعزية أهل الميت، أو أن الأمر على إطلاقه وعمومه وبما يتيسر؟

وقالت دار الإفتاء في فتوى لها إن من مظاهر الأخلاق الحسنة التي دعا إليها الشرع الشريف تقديم التعزية لأهل الميت.

وذكرت أن التعزية مصدر، والاسم عزاء؛ والتعزية تعني التصبر، والعزاء يعني الصبر؛ وتعزى هو تصبر، وشعاره أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون] اهـ.

وقد تقرَّر في الشرع الشريف استحباب تعزية أهل الميت، ووَعْد المُعزِّي بالثواب العظيم؛ فقد روى الترمذي وابن ماجه في "سننيهما" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ».

أمَّا ما يتحقّق به هذا الفعل المندوب من الصيغ والألفاظ فالأمر فيه على السعة؛ فتتحقق التعزية بكل تعبير حسن يُذَكِّر بالصبر على المصيبة ويدعو إليه، ويشتمل على الدعاء للمتوفى وأهله، وهذا هو المنصوص عليه في كتب المذاهب الأربعة المتبعة.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 405، ط. مكتبة القاهرة): [ولا نعلم في التعزية شيئًا محدودًا] اهـ.

إلا أنَّه يُفضل استعمال ما ورد في السنَّة المطهرة من الألفاظ والصيغ؛ كما ورد في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه إن ابنًا لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ».

وروى البيهقي في "السنن الكبرى" عن أبي خالد الوالبي مرسلًا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَزَّى رجلًا، فقال: «يَرْحَمُكَ اللهُ وَيَأْجُرُكَ».

قال العلامة الحدادي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 110، ط. الخيرية): [ولفظ التعزية: عظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وألهمك صبرًا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرًا. وأحسن من ذلك: تعزية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإحدى بناته كان قد مات لها ولد، فقال: «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى». ومعنى قوله: «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ»؛ أي: العالم كله ملك الله، فلم يأخذ ما هو لكم، بل أخذ ملكه فهو عندكم عارية. ومعنى قوله: «وَلَهُ مَا أَعْطَى»؛ أي: ما وهبه لكم ليس خارجًا عن ملكه، بل هو له. وقوله: «وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى»؛ أي: من قد قبضه فقد انقضى أجله المسمى، فلا تجزعوا واصبروا واحتسبوا] اهـ.

وقال الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 229): [أحسن التعزية: ما جاء به الحديث: «آجَرَكُمْ اللهُ فِي مُصِيبَتِكُمْ وَأَعْقَبَكُمْ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا؛ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ»] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء التعزية المزيد المزيد صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي

 

 

موضوع التنوع الثقافي مرتبط بشكل مباشر بمستوى التربية التي يتلقها النشء والشباب داخل الأسرة بالدرجة الأولى، ومن خلال الاحتكاك والاختلاط بالمحيط الذي يتعامل معه، ومنه المحيط الرياضي، ويعزز ذلك من التعليم الإيماني الديني الذي ينشأ عليه الشباب، والتعليم بكل مراحله الأساسي والثانوي والجامعي، وفي مجتمعنا اليمني حتما سوف نستبعد أي فكرة للتنوع الثقافي الديني، لأن شعب الإيمان لا يدين ولا يعترف ولا يؤمن إلا بدين خاتم المرسلين الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لذلك فإننا سوف نتحدث عن ثقافة متداولة بين الشباب من باب التنوع في السلوكيات المكتسبة من الأسرة والمجتمع، والعمل والتعليم، وهذا التنوع بالتأكيد له تأثير إيجابي وسلبي، لكن ايجابياته أكثر بكثير نتيجة لارتباطه بدين التسامح والسلام والمحبة الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
لماذا الحديث في هذا الموضوع؟ لأن العالم في تاريخ 29/ يوليو 2025م، وخلافاً للعام الماضي يحتفلون باليوم العالمي للتنوع الثقافي ومحاربة التمييز العنصري، وأنا أرى أننا نحن أحق بأن نذكر بالتنوع الثقافي وأثره الإيجابي، وأن نتطرق إلى التمييز العنصري الذي نبذه الإسلام مع صعود المؤذن بلال بن رباح على المنبر لدعوة الناس للصلاة، فهو أول مؤذن في الإسلام رغم أنه كان عبدا لبني جمح، وبعد إسلامه أصبح من سادة القوم، وهذا لأن الإسلام ينبذ التمييز العنصري، من يحتفلون باليوم العالمي للتنوع الثقافي، يضيفون حواراً بين الثقافات المختلفة، وهذا شيء لا مفر منه في عالمنا المنفتح والذي أصبح قرية واحدة نتيجة للتطور التكنولوجي والتنوع في وسائل التواصل المختلفة، لكن مع الأخذ بالحيطة والحذر الشديد من تضييع ثقافتنا الدينية وهويتنا الإيمانية في خضم الثقافات والسلوكيات الغربية غير الحميدة، لذا وجب على الأسرة والمدرسة والجامعة والأندية، الحرص على تنظيم المحاضرات الثقافية التي تحصن الشباب الرياضي من ثقافة الانحدار والضياع والتشتت الفكري البعيد عن تقوى الله واكتساب مرضاته، وخلق مجتمع متسامح متماسك يسود بداخله العدل والمساواة، وتختفي من صفوفه العنصرية والعصبية والولاءات القبلية التي تمزق النسيج الاجتماعي، وتخلق طبقات مجتمعية فقيرة وطبقات متوسطة وطبقات فائقة الثراء والعبث والتفاخر بالممتلكات العقارية والأرصدة المالية، بحيث لم يعد قادراً على توفير أبسط مقومات العيش الكريم «الخبز» نتيجة لحصار وعدوان وصراع مصدره السلطة.
مما لا شك فيه أن التنوع الثقافي المرتبط بهويتنا الإيمانية، ومحاربة التمييز والتعصب هما مصدر من مصادر التطور والتقدم والازدهار الذي يطمح إلى تحقيقه المجتمع، لأن تنوع الثقافة وفهم ثقافة الآخرين من خلال تعلم لغاتهم ومعرفة أسلوبهم في الحياة دون تقليدهم والانجرار إلى سلوكياتهم غير السوية، وإنما من باب المعرفة واتقاء شرهم ومعرفة الطرق والوسائل التي تمكننا من التعامل معهم وصدهم عن التدخل في شؤوننا، وتسيير أمورنا، لأن تنوع الثقافات يكسب الشباب مهارات جديدة، ويخلق لهم فضاء من التبادل العلمي والفكري والمعرفي، ويمنحهم مجالاً أوسع للابتكار والاختراع والإبداع، يسمح بنشر ثقافة دين التسامح والإيمان المطلق بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويسلط الضوء على سلوكيات أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لذلك فنحن أحق بإنشاء يوم عالمي للتنوع الثقافي مبني على هويتنا الإيمانية، وذلك ما نتمنى أن يتم عبر بحث علمي يتناول التنوع الثقافي وأهميته في نشر سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تتم المشاركة به في المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شهر سبتمبر من العام الجاري.

مقالات مشابهة

  • ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: «أليست نفسا» مبدأ إسلامي شامل في التعامل مع الإنسان
  • سنة الفجر قبل أم بعد؟ .. اعرف فضلها ووقتها
  • فضل الصلاة في جوف الليل .. الأفضل بعد الفريضة
  • التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • مناقشة التحضيرات لإحياء المولد النبوي في الضالع
  • لماذا أمر الرسول بقراءة آية الكرسي بعد الصلاة؟.. 3 فضائل اعرفها
  • تعلن محكمة التعزية الابتدائية بأن على المدعى عليه/ زكريا المخلافي الحضور الى المحكمة
  • هل يجوز أن أصلي على النبي إذا سمعت اسمه فى صلاتي؟ الإفتاء تجيب
  • شاهد.. الفيديو الأكثر تداولاً على مواقع التواصل السودانية والعربية.. طفل سوداني يبكي ويذرف الدموع أمام الروضة الشريفة شوقاً لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم (أنا اشتقت ليهو)