من عيادات لندن إلى قصر الرئاسة: كيف وصل بشار الأسد إلى الحكم؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في قلب الصراعات السياسية والإقليمية التي مر بها الشرق الأوسط، تبرز قصة بشار الأسد، الرئيس السوري الذي حكم بلاده لأكثر من عقدين، كإحدى أكثر القصص إثارة للجدل. فمن طبيب عيون درس في لندن إلى رئيس قاد سوريا خلال واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخها، كانت مسيرة الأسد مليئة بالتقلبات، حيث مزج فيها الطموحات الشخصية مع السياسة والدمار.
فبينما بدأ رئيساً شاباً يتحدث عن التغيير والإصلاح، يشهد هذه الأيام سقوطه النهائي بعد أكثر من 20 عامًا من الصراع. فما هي المحطات الحاسمة في حياته؟.
الطفولة والنشأة السياسيةوُلد بشار الأسد عام 1965 في دمشق، لوالده حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت. حافظ الأسد، الذي وصل إلى السلطة في 1970 عبر انقلاب عسكري، شكل جزءًا من نواة حكمٍ طائفي في سوريا، مما جعل الأسرة الحاكمة من العلويين جزءًا من النخبة العسكرية الحاكمة. خلال فترة حكمه، شهدت سوريا العديد من الصراعات الإقليمية والعسكرية، أبرزها حرب أكتوبر 1973 وحرب لبنان، فضلاً عن قمع الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982.
الدراسة في لندن والتحول إلى السياسةبعيدًا عن السياسة، سلك بشار الأسد مسارًا أكاديميًا حيث درس الطب في جامعة دمشق ثم في بريطانيا، وتخصص في طب العيون. ورغم حياته الهادئة في لندن، لم يكن القدر يخبئ له مستقبلاً عاديًا. ففي عام 1994، توفي شقيقه الأكبر باسل الأسد في حادث سيارة، ليُقرر حافظ الأسد إعداد بشار ليخلفه في الحكم.
تولي السلطةفي يونيو 2000، توفي حافظ الأسد بعد 30 عامًا من حكم سوريا، ووقع تعديل دستوري يسمح لبشار بالترشح للرئاسة رغم أنه كان في الـ34 من عمره. بدأت مرحلة بشار الأسد السياسية بشكل واعد حيث تحدث عن إصلاحات ديمقراطية وتنمية اقتصادية، مما أعاد الأمل إلى السوريين في إمكانية حدوث تغيير حقيقي. سعى أيضًا لتطوير العلاقات الخارجية لسوريا، خاصة مع الغرب. ومع مرور الوقت، تلاشت هذه الآمال، حيث عادت الأجهزة الأمنية لفرض سيطرتها، مما قمع الحريات السياسية.
الثورة السورية والحرب الأهليةفي عام 2011، اندلعت الاحتجاجات في سوريا في إطار موجة "الربيع العربي"، مطالبًا بالديمقراطية وإصلاحات سياسية. بدأت الاحتجاجات السلمية في مدينة درعا، ثم انتشرت في مختلف أنحاء البلاد. ولكن شهدت البلاد موجه عارمه من الفوضي التي حولت الثورة السلمية الى بحر من الدم من الطرفين، فالمليشيات المسلحة، المدعومة من دول عربية وغربية، واجهت قوات الأسد المدعومة من إيران وروسيا.
التدخل الروسي وصمود الأسدفي عام 2015، تدخلت روسيا بشكل مباشر في النزاع السوري، مما قلب موازين القوى لصالح الأسد. بمساعدة روسيا وإيران، استعاد بشار الأسد السيطرة على العديد من المناطق الاستراتيجية التي كانت قد سقطت في يد المليشيات السورية. ومع بداية عام 2020، كانت الحكومة السورية قد استعادت السيطرة على معظم الأراضي السورية، مما مهد لمرحلة جديدة من الحكم القمعي.
عودة إلى الساحة العربيةبعد سنوات من العزلة الدولية، بدأ بشار الأسد في العودة إلى الساحة العربية. ففي عام 2023، استعادت سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية بعد سنوات من تعليق عضويتها. هذه العودة جاءت في وقت كانت فيه الحكومة السورية تستعيد الاستقرار النسبي بعد سنوات من الحرب المدمرة.
سقوط الأسدعلى الرغم من تلك الاستعادة الجزئية للاستقرار، إلا أن الأسد لم يتمكن من الحفاظ على حكمه طويلاً. في أكتوبر 2023، شنت حركة حماس هجومًا مفاجئًا على إسرائيل، ما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة. وفي ديسمبر 2024، في تطور مفاجئ، تمكنت المعارضة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام" من السيطرة على مدينة حلب، ثم التقدم بسرعة نحو دمشق. في 8 ديسمبر 2024، سقطت دمشق، ليُعلن عن إسقاط نظام بشار الأسد بعد حكم استمر 54 عامًا في سوريا.
ختامًا، تمثل حياة بشار الأسد نموذجًا صارخًا لتاريخ سياسي مليء بالصراعات والمعاناة، إذ بدأ حياته كطبيب، ثم تحول إلى رئيس سوريا، ليحكم في ظروف صعبة جدًا في الداخل والخارج. ورغم محاولاته للإصلاح في بدايات حكمه، إلا أن سياساته القمعية والاعتماد على القوة العسكرية في مواجهة المعارضة، جلبت له العديد من الانتقادات الدولية والاتهامات بارتكاب جرائم حرب، لينهار حكمه في النهاية بعد صراع مرير دام لأكثر من عقدين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بشار الأسد الرئيس السوري طبيب عيون الأسد سوريا بشار الأسد حافظ الأسد الأسد ا
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يرفع كل العقوبات عن سوريا
أحمد مراد (دمشق، القاهرة)
أخبار ذات صلةقرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، حسبما أعلنت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل.
وقالت كالاس في تدوينة على موقع (إكس): «نريد مساعدة الشعب السوري في بناء سوريا جديدة سلمية تشمل جميع السوريين»، مضيفة أن «الاتحاد الأوروبي وقف دائماً بجانب السوريين على مدار السنوات الـ14 الماضية، وسوف يستمر في القيام بذلك».
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاضطلاع بدور رئيسي في تعافي سوريا وإعمارها في المستقبل.
وفي وقت سابق أمس، قالت مسؤولة السياسة الخارجية، إنها تأمل أن يتمكن وزراء التكتل المجتمعون في بروكسل من التوصل إلى اتفاق بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، مضيفة «من الجلي أننا نريد توفير الوظائف وسبل المعيشة لشعب سوريا، كي يصبح بلداً أكثر استقراراً». وذكر مسؤولون أن الوزراء قرروا رفع العقوبات الاقتصادية، والإبقاء في الوقت نفسه على العقوبات المرتبطة بالنظام السابق، وفرض إجراءات ضد انتهاكات حقوق الإنسان.
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن مؤخراً رفع العقوبات عن سوريا، مما أدى إلى حالة استنفار داخل أروقة الحكومة الأميركية لتنفيذ القرار.
من ناحيته، اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن قرار رفع العقوبات يعبر عن «إرادة إقليمية ودولية» لدعم سوريا، مؤكداً أن لدى الشعب السوري اليوم فرصة تاريخية ومهمة جداً لإعادة بناء بلده.
وقال الشيباني خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في دمشق: «الخطة اليوم أن نستفيد من رفع العقوبات، من يريد أن يستثمر في سوريا فالأبواب مفتوحة، من يريد أن يتعاون مع سوريا فليس هناك من عقوبات».
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط من دمشق، سهير زقوت، إن سوريا بحاجة لتعاون مستدام بين القوى الإقليمية والدولية والشركاء الإنسانيين لتقديم مجموعة واسعة من البرامج الصحية، ودعم المستشفيات ومراكز الرعاية الطارئة، وتعزيز خدمات إعادة التأهيل، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء وكبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.
وأضافت زقوت في تصريح لـ«الاتحاد» أن الوصول الموثوق للكهرباء والمياه النظيفة أصبح تحدياً كبيراً في معظم أنحاء سوريا، ما يتطلب دعماً والتزاماً واستثماراً طويل الأمد، موضحة أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قامت بإعادة تأهيل مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة في طرطوس واللاذقية، بالإضافة إلى مراكز الامتحانات في الحسكة.
وذكرت زقوت، أن النظام الصحي في سوريا لا يزال هشاً، وبحاجة لدعم فوري لضمان استمرارية خدمات الرعاية الصحية لملايين السوريين.
وأشارت زقوت إلى تقديم منح نقدية لدعم المشاريع الصغيرة في عدة محافظات بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري، ما مكن آلاف العائلات من إعادة تشغيل وتعزيز أنشطتها المدرة للدخل، واستفادت أكثر من 163 ألف أسرة تعتمد على الزراعة والثروة الحيوانية من هذه التدخلات، واستفاد 3400 مزارع صغير من مبادرات تعزيز سبل العيش الزراعية.
وحذرت متحدثة الصليب الأحمر من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة التي تودي بحياة المدنيين يومياً، وتُعيق الوصول للخدمات الأساسية وسبل العيش.
وأوضحت أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري على رفع الوعي بالمخاطر، وتعزيز السلوك الآمن في المجتمعات القريبة من المناطق الملوثة، وتنفيذ مسوحات غير تقنية في المناطق المتأثرة بالأسلحة، وشارك أكثر من 379 ألف شخص في 13 محافظة في جلسات توعية، وتم إرسال 4.5 مليون رسالة نصية لتحذير السكان المعرضين للخطر.