عربي21:
2025-07-31@07:46:49 GMT

سيناريو سقوط الطغاة يتكرر في سوريا

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

سقط نظام بشار الأسد، وتكرر معه نفس السيناريو الذي خضع له معظم المستبدين. تظاهر في البداية بأنه الأقوى والأشرس لبث الرعب في قلوب السكان، وكسر إرادة المعارضين، وعندما اشتد الضغط عليه بدأت قواته تتراجع إلى الخلف، وارتبكت صفوف أنصاره. في هذا المنعرج، وفي مراوغة منه، وجه رسائل سياسية لإشعار الجميع بكونه مستعد للتنازل عن بعض الأشياء مثل القبول بصياغة دستور جديد، أو فتح الإعلام الرسمي المحتكر من قبل النظام لبعض أصوات المعارضة.

أضاع فرصا عديدة حتى وجد نفسه في لحظة الفرار ومغادرة البلد نهائيا، فترك الجمل بما حمل. لقد ارتكب زميله التونسي زين العابدين بن علي قبل سنوات نفس الأخطاء، مع اختلاف التحديات والرهانات.

طُويت صفحة الأسد وعائلته ونظامه بعد تمسكهم بالسلطة أكثر من نصف قرن. كانت الحصيلة ثقيلة على المستويين السياسي والاقتصادي والإنساني الذي يعتبر الأهم لقياس طبيعة العلاقة بين الحاكم وشعبه، وعندما دخلت كاميرا قناة الجزيرة أقبية سجن صيدنايا الشهير، ونقلت لجمهورها مشاهد من أوضاع السجينات، تذكرت ما ذكره المعارض السياسي ميشيل كيلو أثناء اعتقاله. طلب منه السجان أن يصطحبه إلى زنزانة لكي يحكي قصة لطفل معتقل مع أمه التي ولدته داخل المعتقل على إثر هروب زوجها الى الأردن بسبب انتمائه إلى جماعة "الإخوان المسلمين". عموم الشعب السوري، رغم كونه شعبا مسالما، قد اقتنع في النهاية بأن نظاما حديديا مثل نظام الأسد لا ينفع معه سوى القبضة الحديدية. فالفرح الذي عمّ سوريا والغضب الذي عبّر عنه الشارع دليل واضح على رفض الأغلبية للنظام ورموزه. لم يجد الأسد من يدافع عنه من السكان، حتى أنصاره اختفوا في اللحظات الحاسمةبدأ كيلو يحكي للطفل الذي لم يتجاوز سنه خمس سنوات قصة العصور والشجرة. فالتفت إليه باستغراب وقال "شو يعني عصفور؟". عندها قام الرجل وغادر الزنزانة مطرقا، وهو يردد "لا أعرف حكاية يمكن سردها لطفل لم ير وجه الشمس".

عندما ضاق السوريون من هذا الحالة المأساوية، أرادوا أن يُشعروا بشار بأن الوقت قد حان لتغيير السياسات والأولويات، وأن يرحل بهدوء. فعلوا ذلك في البداية بكل هدوء وعفوية، ورغم أنهم رفعوا شعار "سلمية سلمية" متأثرين بالثورة التونسية، غير أنهم ووجهوا بكل وحشية وشراسة. وهو ما فتح الباب أمام تسليح الثورة، وجعل الفصائل المسلحة والأكثر راديكالية تتصدر المشهد وتقود الصراع الدامي.

اللافت للنظر أن عموم الشعب السوري، رغم كونه شعبا مسالما، قد اقتنع في النهاية بأن نظاما حديديا مثل نظام الأسد لا ينفع معه سوى القبضة الحديدية. فالفرح الذي عمّ سوريا والغضب الذي عبّر عنه الشارع دليل واضح على رفض الأغلبية للنظام ورموزه. لم يجد الأسد من يدافع عنه من السكان، حتى أنصاره اختفوا في اللحظات الحاسمة، وهو ما أقنع بشار بعدم جدوى الاستمرار في معركة محكوم عليها بالهزيمة، فغادر البلاد موصيا أجهزته بالاستسلام والإسراع بنقل السلطة.

الآن وقد قُضي الأمر، وتغير المشهد العام جذريا، أصبح الواجب يقتضي التحرك وبسرعة. سوريا في أشد الحاجة إلى التعجيل بانتقال السلطة، لأن التردد والتلاعب بهذا الأمر من شأنه أن يفتح المجال للطامعين والغاضبين والمشككين. ويعتبر توجيه العناية نحو فض مشكلات الخدمات الأساسية نظرا لارتباطها بمعيشة المواطنين أمرا حيويا، ثم تعتبر صياغة دستور توافقي من أهم الأولويات المطروحة على القوى السياسية والاجتماعية والقانونية، باعتبار الدستور هو الوثيقة المرجعية التي ستحدد طبيعة المؤسسات ونمط الحكم وتضبط ملامح النمط المجتمعي الذي سيعيش في كنفه السوريون. وأخيرا تنظيم انتخابات شفافة وحرة ونزيهة من شأنها أن تفرز رئيسا يتمتع بالشرعية، وكذلك برلمانا حقيقيا ومسؤولا.

القضاء على نظام الأسد هدف مشروع للمعارضة، لكنه يبقى خطوة في مسار طويل ومتعرج. في المقابل هناك أطماع واسعة لدول لا تريد لسوريا أن تكون قوية وفاعلة، وستحرص هذه الدول على التدخل بأشكال متعددة في الشأن السوري من أجل تحقيق مصالحها
كما أن تنظيم الجيش والشرطة يعتبر من المسائل الحساسة والدقيقة، فالجيش السوري كانت تطغى عليه العوامل الطائفية في مجتمع متعدد الطوائف. وهو ما يفرض اعتماد أسلوب جديد في الانتداب والتعيينات.

كما أن السياسة الخارجية تعتبر من المسائل الحساسات التي تقتضي الابتعاد عن سياسة المحاور، والتمسك بالسيادة الوطنية. وفي هذا السياق ستكون القيادة السياسية الجديدة مطالبة بتحديد موقف واضح من دول الجوار، خاصة تجاه إسرائيل التي استغلت الأوضاع الجديدة لتقصف مائة موقع شديد الحساسية عسكريا وأمنيا يتعلق بالأمن القومي السوري، وذلك بحجة ضمان عدم الوصول إليها من قبل داعش. كما اقتنصت حكومة نتنياهو الفرصة لكي تقوم باحتلال الشريط العازل بين سوريا والجولان المحتل، والذي مساحته يقترب من مساحة غزة. والهدف من ذلك إضعاف البلد، وحرمان السلطة الجديدة من فرصة استثمار للذخيرة العسكرية والبنية التحتية التي أنجزها نظام الأسد.

إن الذين انتصروا عسكريا، يتحملون مسؤولية كبرى وهم يتهيئون لاستلام السلطة. القضاء على نظام الأسد هدف مشروع للمعارضة، لكنه يبقى خطوة في مسار طويل ومتعرج. في المقابل هناك أطماع واسعة لدول لا تريد لسوريا أن تكون قوية وفاعلة، وستحرص هذه الدول على التدخل بأشكال متعددة في الشأن السوري من أجل تحقيق مصالحها. خطاب القيادة الجديدة مطمئن إلى حد ما، لكن المخاطر كبيرة والأسئلة المفتوحة عديدة. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد الثورة سوريا سوريا الأسد الثورة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام الأسد

إقرأ أيضاً:

سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد

القاهرة (زمان التركية)ــ من المقرر أن تُجرى انتخابات برلمانية في سوريا في سبتمبر/أيلول. وستكون هذه الانتخابات الأولى التي تُجرى في البلاد منذ الإطاحة بنظام البعث الذي دام 61 عامًا، وسقوط الرئيس بشار الأسد.

وصرح رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه أحمد لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الانتخابات ستجرى في الفترة من 15 إلى 20 أيلول/سبتمبر المقبل.

وتم زيادة عدد المقاعد البرلمانية إلى 210، ومن بين 210 مقاعد في البرلمان، سيُعيّن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ثلثها. أما المقاعد المتبقية، فسيتم تحديدها بالاقتراع الشعبي.

وأعلن أن عدد مقاعد مجلس الشعب الذي سيضم ممثلين عن 14 محافظة، سيرتفع من 150 إلى 210 مقاعد.

صرّح محمد طه الأحمد، رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): “سيتم زيادة عدد مقاعد مجلس الشعب من 150 إلى 210 مقاعد. وبموجب اللائحة الجديدة، سيُعاد تحديد تمثيل المحافظات في المجلس وفقًا لتعداد عام 2011. علاوة على ذلك، سيُعيّن الرئيس 70 من هؤلاء الأعضاء”.

وفي تصريح لـ”الرأي” حول رزنامة الانتخابات، أوضح الأحمد أنه بعد توقيع مرسوم نظام الانتخابات المؤقت سيتم تحديد اللجان الفرعية خلال أسبوع، وستقوم هذه اللجان بانتخاب هيئة الانتخابات خلال 15 يوما.

موعد الانتخابات في سوريا

وأوضح الأحمد أن عملية الترشيح ستبدأ بعد تحديد اللجان، ومن المقرر إجراء الانتخابات في الفترة من 15 إلى 20 سبتمبر/أيلول المقبل، وأن هناك جهوداً تبذل لضمان أن لا تقل نسبة مشاركة المرأة في الهيئات الانتخابية عن 20%.

وأوضح الأحمد أن العملية الانتخابية ستتم تحت إشراف وتنسيق المفوضية العليا للانتخابات، مضيفاً “سيتم ضمان قوائم المرشحين وحق الاعتراض على النتائج في الانتخابات التي سيراقبها مراقبون دوليون”.

يتزامن إعلان جدول الانتخابات مع فترة من الانتقادات الحادة والخلافات الموجهة للإدارة الجديدة في دمشق. ويُعد هذا النقاش الانتخابي جديرًا بالملاحظة لأنه جاء بعد اندلاع التوترات الطائفية في محافظة السويداء جنوب سوريا مطلع يوليو/تموز. قُتل المئات في الاشتباكات التي اندلعت بعد هجوم قبائل عربية بدوية على السويداء، وهي منطقة ذات أغلبية دوزية، وواجهت البلاد موجة جديدة من عدم الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.

قصفت إسرائيل مرارًا قوات الجيش السوري المنتشرة في المنطقة. وبينما حاولت قوات الحكومة السورية التدخل، أشارت تقارير عن انحيازها للعشائر العربية وارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان في السويداء إلى أن الوضع ما زال بعيدًا عن السيطرة. ووفقًا للتقارير، أقدمت بعض القوات المسلحة الموالية للحكومة على قتل مدنيين دروز، وحرق منازلهم، ونهب ممتلكاتهم.

ردًا على ذلك، شنّت إسرائيل غارات جوية على قوات الحكومة السورية ووزارة الدفاع في دمشق. وادعت إسرائيل أن هذه الهجمات نُفّذت لحماية الطائفة الدرزية.

Tags: الانتخابات السوريةالانتخابات في سورياموعد الانتخابات في سوريا

مقالات مشابهة

  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القيادة الأذربيجانية تولي أهمية خاصة للعلاقات مع سوريا الجديدة، وقد لقي ذلك ترحيباً وتجاوباً من الجانب السوري، الأمر الذي أدى إلى إقامة علاقات الصداقة والتعاون المتبادل بما يتماشى مع مصالح البلدين والشعب
  • أول تنسيق أمني بعد سقوط الأسد.. الداخلية العراقية: ضبط شبكة دولية للمخدرات بسوريا
  • لأول مرة منذ سقوط الأسد.. الشيباني إلى موسكو
  • وزير الخارجية السوري يترأس وفداً إلى موسكو
  • 120 ألف لاجئ سوري عادوا من الأردن إلى بلادهم منذ سقوط الأسد
  • فرنسا تطالب بمذكرة توقيف جديدة بحق الأسد بعد سقوط الحصانة عنه
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • السلطات السورية تقبض على لواء طيار بارز في نظام الأسد
  • سوريا تستعد لأول انتخابات برلمانية منذ سقوط الأسد
  • سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد