فشل البرلمان الكوري الجنوبي في التصويت على مشروع قرار لعزل الرئيس يون سوك يول من منصبه، إثر أزمة فرض الأحكام العرفية التى حاول تطبيقها في البلاد، إلى جانب اتهامات أخرى بالفساد.جاء ذلك بعد مقاطعة أعضاء الحزب الحاكم للتصويت، ما أدى إلى إغلاق البرلمان باب التصويت لعدم اكتمال النصاب القانوني.

ولم تتجاوز الأصوات 195 صوتًا، وهو أقل من النصاب المطلوب، الذي يتطلب ثلثي أعضاء البرلمان أي 200 صوت وقبل ساعات من التصويت، ظهر الرئيس يون سوك يول على شاشات التلفزيون ليعتذر للشعب عن قراره بفرض الأحكام العرفية، مؤكدًا أنه لن تصدر أي أوامر جديدة بذلك الشأن.

أكدت تقارير أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعته إلى فرض الأحكام العرفية في البلاد هو رغبته في تزويد أوكرانيا بذخائر مدفعية، وهو ما يتعارض مع الدستور الكوري الجنوبي الذي يمنع تزويد أي دولة بأسلحة قتالية في حالة حرب مع دولة أخرى.

كان الرئيس الكوري الجنوبي قد أصدر أمرًا بفرض الأحكام العرفية في البلاد بهدف تعزيز سلطته، واتخذ إجراءات أخرى مثل حظر النشاط السياسي وفرض الرقابة على وسائل الإعلام، وذلك بعد تصاعد الصدام بينه وبين المعارضة، غير أن الشعب وأحزاب المعارضة، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الليبرالي، رفضوا القرار، وتوجه المشرعون إلى مبنى البرلمان للتصويت على رفض قرار الرئيس.

في محاولة لعرقلة التصويت، استدعى الرئيس قوات من الجيش لمنع أعضاء البرلمان من التصويت ضد القرار، إلا أن موظفي البرلمان تصدوا للقوات باستخدام طفايات الحريق، دون أن يستخدم الجنود العنف ضدهم أو ضد المواطنين الذين تجمعوا حول مبنى البرلمان. هذا التصرف من الجيش يشير إلى وجود حالة من الاستياء داخل صفوفه من قرارات الرئيس، الذي يعاني من تراجع شعبيته.

ووجه الكوريون انتقادات له بسبب تقربه من الولايات المتحدة على حساب الصين وكوريا الشمالية، رغم أن العلاقات الجيدة مع الجارتين تعتبر أمرًا ضروريًا للحفاظ على الأمن القومي للبلاد.في المقابل، اتهم يون المعارضة بالعمالة لكوريا الشمالية، واصفًا إياهم بـ"القوى الشيوعية الشمولية والمعادية للدولة".

انقسم حزب "قوة الشعب" الحاكم، الذي ينتمي إليه الرئيس يون سوك يول، بشأن الأزمة السياسية التي يواجهها، إلا أنه أكد موقفه المعارض لإقالته، فيما يعيش الحزب حالة من الاضطراب والقلق في ظل تراجع شعبية الرئيس، الذي تبقى له عامان فقط من فترة رئاسته التي تمتد لخمس سنوات، وفقًا للدستور الكوري الجنوبي.

بعد أشهر قليلة من انتخابه رئيسًا للبلاد في مايو 2022 بفارق ضئيل لا يتجاوز 1% عن زعيم المعارضة الحالي "لي جاى ميونج"، أصبح "يون" يظهر ضعفه كرئيس، خاصة بعد فوز المعارضة بأغلبية ساحقة في الانتخابات العامة.

ومنذ ذلك الحين، لم تتمكن حكومته من تمرير مشاريع القوانين التي كانت تهدف إلى تنفيذها، حيث تم تقليص العديد منها، كما تورط الرئيس في عدة قضايا فساد، كان أبرزها فضيحة تتعلق بالسيدة الأولى، التي قبلت حقيبة ماركة "ديور" كرشوة، فضلاً عن فضيحة أخرى تتعلق بالتلاعب بالأسهم.

في أعقاب هذه الفضائح، اضطر الرئيس يون إلى تقديم اعتذار علني عبر شاشة التلفزيون الوطني، معترفًا بأنه أنشأ مكتبًا للإشراف على أعمال السيدة الأولى، لكنه رفض إجراء تحقيق شامل في تلك القضايا، وهو ما طالب به أعضاء المعارضة.

في المقابل، تحركت المعارضة بشكل متوازٍ لعزل عدد من أعضاء مجلس الوزراء وكبار المدعين العامين، بمن فيهم رئيس وكالة التدقيق الحكومية، بسبب فشلهم في التحقيق مع السيدة الأولى. وفي محاولته للحفاظ على مستقبله السياسي، وافق الرئيس يون على استقالة وزير الدفاع "كيم يونج هيون"، وعين سفيره لدى المملكة العربية السعودية تشوى بيونج هيوك ليحل محله.

ترى المعارضة الأوكرانية أن خطوة تزويد كوريا الجنوبية لأوكرانيا بالذخائر المدفعية قد تؤدي إلى زج سيول في صراع هي في غنى عنه، خصوصًا بعد توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وكوريا الشمالية، بموجب هذه الاتفاقية، تقوم بيونغ يانغ بتزويد موسكو بالأسلحة والجنود لدعم القوات الروسية في أوكرانيا. وفي هذا السياق، أرسلت كوريا الشمالية نحو عشرة آلاف جندي للقتال إلى جانب القوات الروسية في الصراع الدائر.

في اجتماع حلف الناتو الذي عقد في يوليو الماضي، تمت دعوة الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول لحضور الاجتماع بهدف تعزيز التعاون بين التحالف العسكري عبر الأطلسي ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يشارك فيها يون سوك يول في اجتماع للناتو. إلا أن هدفه الأساسي كان الموافقة على بيع ذخائر مدفعية للولايات المتحدة وحلف الناتو لتزويد الجيش الأوكراني بها، وذلك لمساعدته في القتال ضد القوات الروسية.

جاء هذا القرار في وقت كان فيه المخزون الأمريكي من الذخائر قد بدأ في التقلص، بعد أن أمدت الولايات المتحدة أوكرانيا بحوالي مليوني قذيفة دبابة خلال الأشهر الـ18 الأولى من الحرب. وكان الجيش الأوكراني يطلق نحو 10 آلاف قذيفة يوميًا، ولكن بعد رفض الجمهوريين في الكونغرس تزويد أوكرانيا بمزيد من المساعدات العسكرية، تراجعت القدرة العسكرية لأوكرانيا حيث بدأ الجيش في إطلاق 2000 قذيفة فقط يوميًا، مما أثر على العمليات العسكرية ضد الروس.

وفي تعليق على حضور رئيسها اجتماع حلف الناتو في واشنطن، أكدت كوريا الجنوبية أنها ستنظر في توريد الأسلحة إلى أوكرانيا بعد أن وقعت روسيا معاهدة دفاع مشترك مع كوريا الشمالية، مما يعني دعم بيونغ يانغ لموسكو في حربها ضد أوكرانيا، وفي تلك الفترة، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن إرسال كوريا الجنوبية أسلحة إلى أوكرانيا سيكون خطأً كبيراً. في المقابل، أصر الرئيس الكوري الجنوبي "يون سوك يول" على أن قرار بلاده يعتمد على نهج موسكو في تعاونها العسكري مع بيونغ يانغ.

توصلت كوريا الجنوبية، التي تمتلك نحو ثلاثة ملايين قذيفة، إلى اتفاق مع الولايات المتحدة يقضي بإقراض 500 ألف طلقة من قذائف المدفعية عيار 155 ملم، على أن يتم نقلها إلى أوكرانيا. ولتفادي أي خرق محتمل للدستور الكوري الجنوبي، الذي يمنع تزويد دول في حالة حرب بأسلحة قتالية، قررت الحكومة الكورية الجنوبية "إقراض" الذخيرة بدلاً من بيعها، لتقليل احتمال استخدام القذائف الكورية الجنوبية في الصراع الأوكراني.

يرى مراقبون أن احتواء الأزمة الداخلية في كوريا الجنوبية يمكن أن يزيل المخاوف من صراع طويل بين الرئيس وحزبه من جهة، وبين الشعب والمعارضة من جهة أخرى. أي اضطراب مستدام قد يضع القوات الأمريكية الموجودة في كوريا الجنوبية، التي يبلغ قوامها 25 ألف جندي، في موقف حرج، خصوصًا إذا تدخلت الصين وكوريا الشمالية في الصراع تحت مبرر الحفاظ على أمنهما القومي.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: كوريا الجنوبية أوكرانيا الأحكام العرفية صفقة سلاح البرلمان الكوري الجنوبي عزل الرئيس يون سوك يول الأحکام العرفیة کوریا الجنوبیة الکوری الجنوبی کوریا الشمالیة یون سوک یول الرئیس یون

إقرأ أيضاً:

المرأة التي واجهت إرث تشافيز ومادورو.. من هي ماريا كورينا ماتشادو الفائزة بجائزة نوبل للسلام؟

حصلت السياسية الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو على جائزة نوبل للسلام لعام 2025، في اعتراف دولي بنضالها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في فنزويلا، ما رسّخ مكانتها كإحدى أبرز الشخصيات المؤثرة في أمريكا اللاتينية. ماذا نعرف مسيرتها قبل هذا التكريم؟ اعلان

وُلدت ماريا كورينا ماتشادو باريسكا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1967 في العاصمة كاراكاس، لعائلة ميسورة الحال وتعد من أبرز العائلات العاملة في قطاع الصلب. نشأت في بيئة مرفهة أتاحت لها التعليم في مؤسسات خاصة مرموقة، وتخرّجت مهندسة صناعية من جامعة أندريس بيلو الكاثوليكية عام 1989، قبل أن تتخصّص في المالية بمعهد الدراسات العليا.

قبل دخولها المعترك السياسي، بنت ماريا كورينا ماتشادو مسيرة مهنية في مجال الأعمال، إذ أسهمت خلفيتها التقنية وخبرتها في القطاع الخاص في بلورة رؤيتها الليبرالية للاقتصاد ودفاعها عن مبادئ السوق الحرة، التي شكّلت لاحقًا جوهر خطابها السياسي.

الحياة الشخصية والعائلة

تزوّجت ماريا كورينا ماتشادو من رجل الأعمال ريكاردو سوسا برانجر بين عامي 1990 و2001، وأنجبا ثلاثة أبناء: آنا كورينا، ريكاردو، وهينريكه. ومنذ نحو عقد، تربطها علاقة مستقرة بالمحامي جيراردو فرنانديز، إلا أنّها حرصت على إبقاء حياتها الخاصة بعيدة عن الأضواء، مفضّلة التركيز على نشاطها السياسي.

يعيش أبناؤها الثلاثة حاليًا خارج فنزويلا لأسباب أمنية، في انعكاس للتوترات السياسية والمخاطر التي تتعرض لها العائلة نتيجة نشاطها المعارض. ورغم المسافة، تؤكد ماتشادو في تصريحاتها العلنية على متانة الروابط التي تجمعها بأبنائها.

Related من غرفة صغيرة في عمّان إلى منصة نوبل.. عمر ياغي يُتوَّج بجائزة الكيمياء لعام 2025 لجنة نوبل النرويجية تمنح جائزة نوبل للسلام إلى زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماشادومن "اتفاقيات أبراهام" إلى خطة غزة.. هل تكفي مبادرات ترامب لانتزاع جائزة نوبل للسلام؟ البدايات والنشاط المدني

شكّل عام 2002 محطة مفصلية في مسيرة ماريا كورينا ماتشادو، في ظل الأزمة السياسية الحادة التي عاشتها فنزويلا تحت حكم هوغو تشافيز. في تلك الفترة أسست منظمة "سوماتِه" (Súmate)، وهي مبادرة مدنية سرعان ما تحولت إلى فاعل رئيسي في الدفاع عن حق التصويت وتعزيز المشاركة المدنية، خصوصًا في ما يتعلق بالاستفتاء على سحب الثقة.

نظّمت "سوماتِه" حملة لجمع التواقيع تمهيدًا للاستفتاء على سحب الثقة من تشافيز عام 2004، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا ودفعت ماتشادو إلى واجهة المشهد السياسي الوطني. وقد اتهمتها حكومة تشافيز آنذاك بتلقّي تمويل خارجي والتآمر ضد الدولة، وهي اتهامات نفتها باستمرار. تلك التجربة جعلت منها شخصية مثيرة للجدل وبارزة في صفوف المعارضة.

المسيرة البرلمانية

في أيلول/ سبتمبر 2010، انتُخبت ماريا كورينا ماتشادو نائبة في الجمعية الوطنية بعد أن حصدت أعلى عدد من الأصوات بهامش فوز غير مسبوق مقارنة بأي مرشح آخر في تلك الانتخابات. تميّز أداؤها البرلماني بخطابات حادة ومواجهات مباشرة مع ممثلي تشافيز، ما جعلها من بين أبرز رموز المعارضة.

وخلال ولايتها النيابية، دأبت على التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان والفساد المستشري وتراجع المؤسسات الديمقراطية. وقد جعل أسلوبها التصادمي ورفضها لأي شكل من أشكال التفاوض مع الحكومة منها شخصية مختلفة عن قادة المعارضة الأكثر اعتدالًا.

ماريا كورينا ماتشادو تقود تظاهرة في كاراكاس ضد إعادة انتخاب نيكولاس مادورو، في 28 أغسطس 2024. Cristian Hernandez/ AP القيادة المعارضة وحزب "فنتي فنزويلا"

في عام 2013، أسست ماريا كورينا ماتشادو حزب "فينتي فنزويلا" (هيا فنزويلا)، وهو تنظيم سياسي ليبرالي أصبح منصتها الأساسية في العمل السياسي. ومنذ ذلك الحين، عززت حضورها كإحدى أبرز قيادات المعارضة الفنزويلية، خصوصًا في صفوف التيارات الأكثر تشددًا التي ترفض أي حوار مع نظام نيكولاس مادورو.

تستند قيادتها إلى خطاب واضح ومبادئ راسخة تقوم على الدفاع عن الحرية الاقتصادية والسياسية، ورفض مطلق للنموذج الاشتراكي، وهو نهج جعلها تحظى بإعجاب واسع وكذلك انتقادات حادة بسبب صلابتها.

الإقصاء والسباق إلى انتخابات 2024

في عام 2023، أقدم نظام نيكولاس مادورو على إقصاء ماريا كورينا ماتشادو سياسيًا، مانعًا إياها من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 2024. ورغم هذا الحظر، حققت فوزًا كاسحًا في الانتخابات التمهيدية للمعارضة، ما رسّخ مكانتها كشخصية محورية في الحركة المناهضة لتشافيز.

وأمام استحالة ترشحها رسميًا، أعلنت دعمها للمرشح إدموندو غونزاليس أوروتيا، محافظة على موقعها كزعيمة معنوية واستراتيجية لحملة المعارضة. وقد عكست قدرتها على حشد ملايين الفنزويليين، في الداخل وفي صفوف الجاليات بالخارج، حجم تأثيرها السياسي الذي يتجاوز حدود المناصب الرسمية.

ماريا كورينا ماتشادو تقود تظاهرة في كاراكاس ضد إعادة انتخاب نيكولاس مادورو، في 28 أغسطس 2024 Cristian Hernandez/ AP شخصية مثيرة للجدل وحائزة على نوبل للسلام

تُعدّ ماريا كورينا ماتشادو من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في فنزويلا. فبالنسبة لمؤيديها، تجسّد رمزًا للمقاومة في وجه الدكتاتورية وقائدة شجاعة مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل الديمقراطية، بينما يرى منتقدوها أنها تمثل صوت النخبة الاقتصادية البعيدة عن هموم الشعب، ويتهمونها بتبنّي مواقف سياسية متشددة.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار قدرتها على إبقاء شعلة المعارضة حيّة في أحلك المراحل، وصلابتها في مواجهة الاضطهاد الحكومي. وجاءت جائزة نوبل للسلام لعام 2025 اعترافًا بمسيرتها في النضال السلمي من أجل الديمقراطية وسط ظروف قاسية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • استنفار أمني في كوريا الجنوبية استعداداً لقمة أبيك
  • كوريا الجنوبية تعتزم نشر 20 ألف شرطي خلال قمة أبيك
  • انخفاض صادرات كوريا الجنوبية 15.2% مقارنة بالعام السابق
  • كيم جونغ أون يستعرض سلاح كوريا الشمالية الجديد.. ما هو؟
  • المغرب يهزم كوريا الجنوبية ويضرب موعدا مع أمريكا بربع نهائي مونديال الشباب
  • فوز ساحق للبرازيل على كوريا الجنوبية
  • منتخب البرازيل يهزم كوريا الجنوبية بخماسية نظيفة وديًا
  • تعرف إلى المعارضة الفنزويلية التي سرقت جائزة نوبل للسلام من ترامب
  • المرأة التي واجهت إرث تشافيز ومادورو.. من هي ماريا كورينا ماتشادو الفائزة بجائزة نوبل للسلام؟
  • المغرب يهزم كوريا الجنوبية ويتأهل إلى ربع مونديال الشباب