استاذ بجامعة الإسكندرية: الإفراط في استخدام التكنولوجيا كارثة للعقل البشرى
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
قال الدكتور مصطفى بدوي استاذ بمعهد الخدمة الاجتماعية بجامعة الإسكندرية، أنه منذ بدأت التكنولوجيا بالسيطرة على حياتنا وأصبحنا لا ندرك خطورتها وبدأنا نعاني من سلبياتها فهي سلاح ذو حدين، مشددًا على ضرورة التعامل معها بحذر ووعي واستخدامها بطريقة آمنة ونافعة لتجنب العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية والسياسية.
وحذر خبراء واستشاريون في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى من الإفراط في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى كونه يمثل سلاحا ذا حدين، مؤكدين أن الاعتماد عليه بشكل كلى يلغى العقل البشرية ويدمر المنظومة التعليمية في مصر.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها مجمع إعلام الجمرك، بالتعاون مع جمعية رعاية حقوق اصحاب المعاشات المبكرة، بعنوان «تطبيقات الذكاء الاصطناعي»، بحضور الدكتور مصطفى بدوي، أستاذ بمعهد الخدمة الاجتماعية، والمهندسة حنان الأسيوطي رئيس مجلس ادارة الجمعية، والمهندسة نظيرة الشعار، مدير عام التعليم الفني السابق، والمهندس يوسف الدالي استشاري تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
أكدت الإعلامية أمانى سريح، مدير مجمع إعلام الجمرك، أن اللقاء يأتي في إطار مبادرة بداية ودعم الدولة للتطور التكنولوجي والسعي لمواكبته، مؤكدة على أهمية التوعية بدعم الآباء لأبنائهم بدراسة البرمجة والتدريب على ما يخص الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
قال المهندس يوسف الدالي عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إنها كانت متاحة في العديد من الدول وعملت على تطويرها حينما أيقنت أن التطور التكنولوجي هو الذي يرسم خارطة المستقبل وضرب أمثلة على هذه التطبيقات (Al/chat ge be te ).
وأكد أنه في إطار استراتيجية الدولة ٢٠٣٠ للاعتماد على الذكاء الاصطناعي، بدأنا نضع خطة له ولتطبيقاته، مشيرًا إلى أنه في دولة كندا عندما تلاحظ خطورة الذكاء الاصطناعى واصبح الطلاب يعتمدون عليه في كافة الاسئلة وكان بمثابة إلغاء العقل البشري وتدهور مستوى التعليم تم إلغاؤه.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي ايضًا سلاح ذو حدين فإنه كما يتم استخدامه في دعم الأدلة الجنائية للقضاء فهو قادر حتى على تزوير بصمة وامضاء البشر.
وأوضح أن تطبيق Ai هو قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري بذكاء يشبه الانسان لكن هي لا تلغي القوة البشرية لأنها هي المتحكمة
بها. واكد أن هذه التطبيقات تعمل على أهم قطاعين هما الطب حيث قام الروبوت بإجراء عمليات القلب المفتوح، وفي قطاع التعليم تم تنظيم العديد من المحاضرات.
قالت المهندسة نظيرة الشعار إن الله عز وجل منحنا العقل البشري لكنه له قدرات محدودة ويستغرق وقتا طويلا مثل العمليات الحسابية المطولة، اما الذكاء الاصطناعي فقادر على مساعدة الإنسان وتوفير الوقت، مستعرضة ايجابيات وسلبيات الذكاء الاصطناعي فيما يخص العملية التعليمية فهو يساعد على تحفيز الطلاب وتحسين جودة التعليم وتوفير الوقت والجهد للطالب والمعلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسكندرية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته مطول الذكاء الاصطناعي استخدام تطبيقات الذكاء الإصطناعى أصحاب المعاشات الدوله ضرورة حقوق الإفراط محاضرات التطبيقات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.