سودانايل:
2025-06-12@04:24:47 GMT

الدولة العميقة الامريكية وحروب الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

تحدث بروفسور جيفري ساكس وهو مدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولمبيا واحد المتحدثين خارج منظومة الإعلام الرسمي عبر اليوتيوب وغيرها وضيف أسبوعي دائم مع القاضي نابوليتانو في اليوتيوب في منصة judging freedom.

عرض في اللقاء حديث لقائد عسكري أمريكي بالمعاش ويسلي كلارك (تم اللقاء في مارس ٢٠٢٣) وحكى عن خطة وضعها البنتاجون للتدخل في سبعة دول شرق اوسطية.

كانت هذه الأفكار منذ نهاية التسعينات وبدأ تشجيعها منذ مجيء نتنياهو للسلطة عام 1996وحديثه المكثف عن أهمية إسقاط سبع دول بالتدخل في العراق ليبيا الصومال لبنان السودان سوريا و ايران (تم إشعال حروب في ٦ دول منها)باعتبارها دول تؤيد الفلسطينين خاصة المقاومة المسلحة ولابد من تصفيتها.

عرض القاضي نابوليتانو في يوتيوب آخر في مناقشات حول سوريا مع دوجلاس ماكغريغور وهو كولونيل متقاعد من الجيش الامريكي كيف قام الأمريكان بواسطة المخابرات المركزية والبريطان عبر أم آي ٦ والموساد باحتضان دولة القاعدة والدواعش وتدريبهم لكي يقوموا بما قاموا به. واعاد ما قاله عدة مرات ان الإمبراطورية تريد دمى في مشاريعها وليس شركاء. اى أنهم يقومون بتنفيذ مشاريعهم بلا أي اعتبارات اخلاقية او قانونية (كان الجولاني مطلوبا امريكياً مقابل عشرة مليون دولار ).

لقد وضح من متابعات المراقبين والمحللين السياسيين الغربيين ان رؤساء الجمهورية في الغرب لديهم مجال محدود لتغيير السياسات خاصة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية المتعلقة بالسيطرة والهيمنة. وقد لوحظ هذا بشكل كبير في فترتي بايدن وترامب الفائتتين. فكل الأفكار التي طرحها ترامب لتغيير سياسات امريكا تم التوفيق فيها بين الدولة العميقة والرئاسة. ففكرة ترامب بسحب القوات من سوريا، لم تنفذ لأنها ارتبطت بحماية اسرائيل ولاحقاً في تنفيذ مخططات امريكا في خلق الدولة الكردية وابتزاز الدولة الجديدة في موارد البترول والأرض الصالحة للزراعة وغيرها.

لربط هذا بما يحدث في الوطن فكثير من السودانيون يعتبرون ما يحدث في السودان منفصلاً عن هذه السردية الإقليمية الدولية، ويرجعونه لأسباب متعلقة بالشخصية والسلوكيات المتداولة السودانية، والتاريخ والأحزاب ودولة الإنقاذ وهكذا. كلها يمكن ان تكون صحيحة بشكل جزئي وبني عليها التحرك الأخير لكن لابد من ان نقتنع ان مايقال من الأصوات الأجنبية الإنسانية التي خارج إطار السلطة الحاكمة والغير المستفيدة مثل البروف ساكس والذي في كل حياته هو متعاطف مع الشعوب والفقراء ومناصر للقضية الفلسطينية وضد سياسات الهيمنة الإمبريالية الغربية. وقال سكوت ريتر وهو عمل في البحرية الأمريكية وكان مشرف الأمم المتحدة في موضوع الأسلحة النووية العراقية "ان امريكا لاتهتم باي شعب او أي شخص لكنها تثير المشكلات في أي مكان لاتوجد عليه.

إذن فهذه الحرب التي في بلادنا هي ذات جذر اسرائيلي أمريكي ونتاج خطة الدولة العميقة في بنتاجون امريكا ودعم لوبيهات الصهيونية في امريكا والغرب. وعندما أسقطت الدولة السورية ( الديكتاتورية التي وقفنا ضدها طويلاً) فقد اتجهت اسرائيل مباشرة إلى تحطيم كل الإمكانيات العسكرية للجيش السوري، لأنها تعلم ان الجيش الوطني هو سياج سيادة الدولة وحاميها.

هذا هو الوضع في الوطن ان مجموعات من القوى المدنية ولظروف مختلفة من النزوع السلطوي، الخضوع للابتزاز، سطحية التحليل، التمويل الحزبي والفردي نصبت نفسها مدافعا سياسياً بمختلف المستويات عن الجنجويد وتدافع عن ممارساته بشكل واضح او تبريري. وتدعو للتدخلات الدولية وحكومة منفى الجنجويد ووو. وتشن الحملات والأكاذيب ضد من يدافع عن الدولة ويقف خلف جيش البلاد للانتصار على الغزاة. وسبيله لذلك هو الاتهامات، ورغم أنهم اغلبهم شخصيات لها تاريخ طويل من النضال ضد كافة أشكال القمع والحكومات المتسلطة، وعبر كتاب وكاتبات يستعملون لغة بذيئة ومنحطة بانهم كيزان ووو. القيادة التي يعبرون عنها تضم أيضا رجالا ونساء بذيئيون وبذيئات لا يتورعون عن استعمال أي طريقة للإساءة للآخرين.

تم استعمال أسلحة كثيرة في هذا الصراع الدامي: اولها هو سلاح العنف المفرط الذي استعمله الجنجويد بكفاءة على خطى القوى الإسلامية المتطرفة في منطقة الشام والعراق وليبيا وكانت صناعة أمريكية بالكامل وتم استعمالهم في حرب إسقاط نظام الأسد اخيرا. في السودان اظهر الجنجويد أقسى التصرفات ضد السكان المحليين وعبروا عن وحشية نادرة في صراعات السودان؛ السلاح الثاني هو حشد التعاطف الإنساني مع الجرائم التي ترتكب وتؤدي للمجاعات والأضرار الصحية والتشريد والسلب والنهب بدون تحديد المجرم الحقيقي؛ السلاح الثالث تحركات القوى الدولية من الأمم المتحدة إلى الوحدة الأفريقية والجامعة العربية والمنظمات المختلفة والجمعيات المدنية المهتمة ويتم استعمالها حسب الاحتياج وحسب دورها المرسوم؛ السلاح الرابع هو العقوبات الأمريكية والاتحاد الأوربي وتشريعات مجلس الشيوخ التي تظهر وتختفي حسب طلب الابتزاز والتهديد والإغراء؛ السلاح الخامس هو الإعلام والدراسات والأبحاث التي تعمل لصالح العملاء والمؤيدين وضد المعارضين وتقدم مبررات منطقية ومدعومة بالإحصاءات الحقيقية والمزورة، كما تسيطر على مراكز التواصل الاجتماعي وتمنع وتسمح بما يناسبها.

السلاح السادس والأخير والأكثر استعمالا والأكثر خطورة هو تمويل أنشطة المجتمعات المدنية في مناطق نفوذها وفي المناطق المعادية لها. هذا السلاح الأخير هو الذي يؤثر بشكل فعال في تغبيش الاراء وغسل الأدمغة وتغيير الاراء. واسأل هنا بصراحة ووضوح عن مصدر الأموال ومن أين يتم الحصول عليها وكيف ووفق أي شروط وأصحاب القرار في التصرف فيها. لقد كتب الكثير في السنوات الأخيرة عن مال منظمات المجتمع المدني وأثره الضار على المجتمعات وتحول مجموعات كبيرة من الشباب من الأنشطة الموجهة حول التغيرات الاجتماعية إلى دائرة السياسات العامة ووضع اجندة الدول والتجمعات الدولية في نشاط المنظمات المحلية، مما يثير قضايا الاستقلالية. وتعتبر المنظمة المدنية القائمة حاليا في مجال السياسات العامة (تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم) والممولة جيدا لتغرى ولتجذب المنظمات الاجتماعية السودانية لتلتف حولها، هي الأخطر لأنها تعمل على تنفيذ نفس مخطط ليبيا وسوريا من تدمير الدولة ومؤسساتها واهمها الموسسات الأمنية، وتغيير اتجاهاتها الاستراتيجية خاصة الاقتصادية لتكون الدولة مفتوحة على مصراعيها.

حدث تحول كبير وعميق في التمويل في ظرف العامين السابقين، من تمويل القضايا الاجتماعية (الفقر والعوز والصحة خاصة النساء والأطفال والمناخ ودعم الصناعات المحلية ووو) إلى تحول اغلب الممولين للمنظمات السودانية العاملة في مجال السياسات العامة في مناطق تواجد السودانيين. وهي منظمات أمريكية ذات طابع سياسي من الدولة العميقة الأمريكية وممولة من الدولة مثل فريدوم هاوس، المعهد الديمقراطي الأمريكي، والمعهد الجمهوري الأمريكي وهي منظمات أمريكية سياسية تتدخل بشكل مباشر في تحديد السياسات السودانية وقد كان لها ممارسات في مصر في الربيع العربي غير سليمة ويمكن الرجوع اليها. ان تغول هذه المنظمات ووجودها في مناطق لجوء السودانيين من مصر، أديس ، يوغندا وربما تشاد يثير تحفظات كثيرة. هذا ليس اتهاماً لأي من المنظمات السودانية التي تتلقى تمويلا ولكن جزء من أعمال الحذر والتدبر والشفافية.

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدولة العمیقة

إقرأ أيضاً:

حين يتصارع العملاقان: واشنطن وبكين على أعتاب تحول عالمي!

في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، يطفو على السطح مشهد دولي يتقاطع فيه التاريخ مع المستقبل: صراع محتدم بين الولايات المتحدة والصين، يشمل الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد والثقافة، ويتجاوز حدود آسيا ليبلغ الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. لم يعد الأمر مجرد تنافس بين نظامين سياسيين أو اقتصاديين، بل بات صراعًا على صياغة من سيكون مركز الثقل في النظام العالمي الجديد.

في آسيا، حيث قلب التوتر ينبض، تتسارع الأحداث حول تايوان وبحر الصين الجنوبي. الصين، بثقة القوّة الصاعدة، تعزز مناوراتها البحرية والجوية، وتبعث برسائل عسكرية متكررة للغرب عبر تحركاتها الإقليمية. في المقابل، تؤكد واشنطن التزامها العميق بـ"حرية الملاحة" و"الدفاع عن الحلفاء"، وتزيد من وجودها العسكري في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين. إنها لحظة اختبار للردع الأمريكي في وجه طموح القوة الصينية.

لكن ما قد يبدو للبعض شأناً آسيويًا صرفًا، يكشف عن وجهه الحقيقي حين نُدير البوصلة نحو الشرق الأوسط. هنا، تُترجم معادلة الصراع إلى لغة الجغرافيا السياسية المباشرة: من جهة، تمد الصين أذرعها الاقتصادية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، وتنسج تحالفات ناعمة مع دول الخليج وإيران، وتطرح نفسها كوسيط دبلوماسي قادر على إخماد حرائق المنطقة، كما فعلت في رعاية المصالحة بين الرياض وطهران. ومن جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة لإعادة تثبيت نفوذها التقليدي، عبر شراكات أمنية، وصفقات تسليح، وعودة التوازن لسياسة "الاحتواء المزدوج" بنسخة محدثة.

الصراع هنا ليس عسكريًا فحسب، بل يمتد إلى التكنولوجيا والعملة والمعلومات. الولايات المتحدة تقود حربًا صامتة ضد صعود الصين في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، من خلال قيود تصدير صارمة ودعم شركاتها الوطنية. بينما تعمل بكين على الاستقلال التكنولوجي، وتستثمر في تطوير شبكات الاتصالات، وأنظمة الدفع، وحتى تحالفات الفضاء السيبراني. هذا المشهد يضع الشرق الأوسط أمام خيارات مصيرية: هل ينخرط في ثنائية القطبية الجديدة، أم يبحث عن صيغة توازن تحافظ على استقلاليته وتنوع علاقاته؟

وفي هذا السياق، تلوح في الأفق مقاربة تاريخية مقلقة: هل تعيش الدول العربية اليوم ما يشبه حالة الانقسام التي شهدتها المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، عندما وجدت نفسها موزعة بين معسكر شرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، وغربي بقيادة الولايات المتحدة؟ آنذاك، انقسمت العواصم بين تبنّي الخط القومي الاشتراكي وبين الانحياز إلى الرأسمالية الليبرالية. واليوم، تتكرّر الملامح ولكن بأدوات وأقطاب جديدة: الصين تمثل الشرق برؤيتها الاقتصادية-الأمنية ذات الطابع الاستراتيجي، فيما تظل الولايات المتحدة الحارس القديم للمصالح الغربية، ولكن بقبضة أقل إحكامًا مما كانت عليه في القرن العشرين.

هذه الحرب الباردة الجديدة لا تُدار عبر الانقلابات أو صفقات السلاح فقط، بل عبر اتفاقيات البنية التحتية، وخطط الربط الرقمي، وتوظيف الثروات السيادية. الصين لا تعرض على الدول العربية أيديولوجيا بديلة، بل نموذجًا براغماتيًا يقوم على الربح المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتوسيع النفوذ بصمت. أما واشنطن، فتجد نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جيوسياسي جديد، حيث حلفاؤها التقليديون باتوا يتعاملون بندّية، ويبحثون عن شراكات متعددة.

في قلب هذه المعادلة، تبدو دول الخليج وإيران وتركيا وإسرائيل لاعبًا رئيسيًا في ترجمة هذا الصراع الدولي على أرض الواقع. فالإمارات والسعودية تحتفظان بشراكات استراتيجية مع واشنطن، لكنهما تفتحان أبوابًا واسعة للاستثمارات الصينية في الطاقة والموانئ والذكاء الاصطناعي. إيران، المحاصَرة من الغرب، تجد في بكين شريان حياة اقتصاديًا وسياسيًا. وتركيا توازن بين عضويتها في الناتو وشراكاتها الآسيوية. أما إسرائيل، فهي تدرك أن علاقتها مع الولايات المتحدة لا تمنعها من نسج مصالح تجارية مع الصين، في حدود الخطوط الحمراء الأمريكية.

وفي السياق ذاته، تلعب الحرب في غزة، والأزمات في اليمن وسوريا ولبنان، دورًا حاسمًا في تموضع القوى الكبرى. فبينما تركز واشنطن على أمن إسرائيل والحد من نفوذ إيران، تسعى الصين إلى التهدئة وكسب النفوذ من خلال الدبلوماسية الاقتصادية وعدم الانخراط المباشر. وهكذا يظهر الشرق الأوسط كساحة اختبار استراتيجية لطريقة تعامل كل قوة عظمى مع الأزمات المعقدة: هل عبر الحضور العسكري، أم عبر الاستثمارات والحلول السياسية؟

النتيجة أن الشرق الأوسط لم يعد مجرد هامش في حسابات القوى الكبرى، بل بات عنصرًا مركزيًا في تحديد من ستكون له اليد العليا في العقود القادمة. وإذا كان القرن العشرين قد شهد تفوقًا أمريكيًا شبه مطلق، فإن القرن الحادي والعشرين يخط مسارًا لتعدد الأقطاب، وصراعًا ناعمًا حادًا يتقاطع فيه الاقتصاد مع الأمن والسيادة الرقمية.

اليوم، يبدو العالم مقبلًا على لحظة مفصلية: إما تعاون عالمي يجنّب الكوكب صدامًا مدمرًا، أو انزلاق نحو تصعيد تقوده الحسابات الخاطئة والمصالح المتضاربة. وفي هذا المشهد، على دول الشرق الأوسط أن تتجاوز دور المتلقي، وتتحول إلى صانع للسياسات، يستثمر في تنوع علاقاته، ويبني قوته الذاتية، ويبحث عن توازن حقيقي بين واشنطن وبكين، دون الارتهان لأي محور.

فما بين شِراك التكنولوجيا، وخيوط الطاقة، وظلال الجيوش، يُعاد رسم خريطة العالم من جديد!

مقالات مشابهة

  • بكلمة "مقلقة".. ترامب يؤكد إجلاء موظفين من الشرق الأوسط
  • أسعار النفط تقفز 4% مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط
  • أسعار النفط تسجل أكبر ارتفاع يومي لها منذ أكتوبر نتيجة توترات الشرق الأوسط
  • قفزة مسائية في أسعار النفط على خلفية تطورات الشرق الأوسط
  • تقرير إسرائيلي: إنذارات أمنية بريطانية دفعت أميركا لإخلاء رعاياها من الشرق الأوسط
  • إيران تهدد أمريكا باستهداف قواعدها في الشرق الأوسط وتتوعد: خسائركم ستكون أكبر
  • واين وول .. ضابط استخبارات يقود سياسة أميركا في الشرق الأوسط
  • جمارك دبي أفضل دائرة جمركية في الشرق الأوسط
  • حين يتصارع العملاقان: واشنطن وبكين على أعتاب تحول عالمي!
  • زاخاروفا تسخر من زيلينسكي.. يتوسل العالم للحصول على السلاح