ترقب حذر وتفاؤل غير مسبوق في غزة.. هل تصدق الوعود لانهاء الحرب؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
في صباحٍ شتوي بارد، تتسلل أشعة الشمس الخجولة إلى خيام النازحين على أطراف قطاع غزة، حيث تروي تفاصيل المعاناة اليومية قصصًا عن الألم والصبر والأمل. في إحدى هذه الخيام بمنطقة المواصي في خان يونس، تجلس حلا هاشم مع أطفالها الثلاثة حول موقد صغير تحاول به تخفيف وطأة البرد القارس.
تقول حلا لـ«عُمان»: «نريد أن تنتهي هذه الحرب.
في خيمة مجاورة، يحاول أبو خالد سنيمة غطاء ممزق خربته الرياح. يقول لـ«عُمان»: «الأيام تمر ثقيلة هنا. لا ماء يكفي ولا كهرباء تصل. ولكن عندما نسمع عن مبادرات السلام، نشعر أن حياتنا قد تتحسن قريبًا».
الأطفال في المخيم يعكسون أحلام البالغين؛ فهم يرسمون منازل ومزارع بينما يتحدثون عن العودة إلى قراهم ومدارسهم.
بينما كانت حلا تتحدث، انضمت جارتها أم سليم السبع وقالت: «نحن نراقب الأخبار طوال الوقت. أي خبر عن السلام يجعلنا نحلم بالغد. لكننا تعلمنا أن نكون حذرين لأن الوعود كثيرًا ما تتبخر».
وأضافت : «حتى لو لم نثق تمامًا، فإننا لا نملك خيارًا سوى الانتظار والتفاؤل».
وفي ساحة المخيم الصغيرة، يجتمع الرجال في المساء للنقاش حول الأحداث السياسية. يقول أحدهم لـ«عُمان»: «ترامب قد يكون الرجل الذي نحتاجه الآن لإنهاء هذا الجحيم. إذا أراد أن يثبت قوته كزعيم عالمي، فعليه أن يجلب لنا السلام».
تطلع شعبي وآمال متزايدة
يعيش أهالي غزة حالة من الترقب والتفاؤل الحذر وسط الأخبار المتزايدة عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. المواطن محمود سليمان، صاحب متجر صغير في مدينة غزة، يعبر عن ذلك قائلًا «منذ سنوات ونحن نعيش بين فكي الموت. كل يوم يحمل لنا أخبارًا عن شهداء ودمار. إذا استطاع ترامب تحقيق السلام قبل تنصيبه، سيكون قد فعل ما عجز عنه كثيرون قبله».
وجنوبي القطاع، تعمل سعاد شحادة، معلمة مدرسة، على تنظيم نشاطات ترفيهية للأطفال. تقول «هؤلاء الصغار يحتاجون إلى الشعور بالأمان. حياتهم كلها دمار وخوف. لو تحقق السلام، يمكننا أخيرًا أن نعيد بناء عقولهم وأحلامهم». ينتاب سعاد القلق من أن تكون هذه المبادرات مجرد مناورة سياسية أخرى.
وفي الأحياء المدمرة، تواصل عائلة جبر فرحان ترميم ما تبقى من منزلهم. يقول أحمد: «نحاول أن نستمر رغم كل شيء. إذا جاء السلام، فسنبدأ من جديد. ولكننا نعلم أن التحديات لن تنتهي بمجرد توقيع اتفاق».
ويضيف : «السلام الحقيقي يعني أن نعيش بكرامة وأمان، وليس فقط وقف إطلاق النار».
على الرغم من التفاؤل، يشكك البعض في نوايا الأطراف المتفاوضة. تقول أم خليل عابد: «لقد شاهدنا الكثير من الاتفاقيات تنهار. ما يهمنا الآن هو رؤية الأفعال، وليس فقط الأقوال». ويشاركها الرأي أبو عمار قائلًا: «لن نحتفل حتى نرى الجنود ينسحبون والتحصينات العسكرية تُزال».
وفي المراكز الصحية المؤقتة التي تخدم النازحين، يعبر العاملون عن أملهم في تحسن الأوضاع.
يقول الطبيب خالد قنن : «نعالج كل يوم ضحايا الحرب، جسديًا ونفسيًا. إذا توقفت الحرب، يمكننا التركيز على بناء نظام صحي يخدم الجميع بسلام».
تفاصيل الصفقة المرتقبة
وفقًا لمصادر مقربة من حركة حماس، تسلمت الحركة مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار من الوسطاء، وتعتزم قيادتها مناقشتها في اجتماع مركزي، مصدر مسؤول في الحركة قال: «إذا لم يكن هناك مساس بالنقاط الجوهرية التي تهم شعبنا، فإن الرد سيكون إيجابيًا».
يتحدث قيادي آخر في حماس عن أن التصور النهائي لوقف إطلاق النار بات قريبًا من التبلور. ويقول: «الأمر يتطلب شجاعة من الأطراف كافة. نحن جاهزون للتوقيع إذا تم تلبية شروطنا الأساسية». تضمنت مسودة الاتفاق انسحابًا تدريجيًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي على ثلاث مراحل، مع انسحاب كامل في المرحلة الأخيرة.
المرحلة الأولى من الاتفاق تنص على انسحاب جزئي للقوات من المناطق الحدودية، مع بقاء نقاط مراقبة إسرائيلية. ويرى المحلل السياسي إياد جودة أن هذه المرحلة ستكون اختبارًا لمدى التزام الأطراف ببنود الاتفاق. ويضيف : «أي خروقات خلال هذه المرحلة قد تؤدي إلى انهيار الاتفاق بالكامل».
أما المرحلة الثانية، فتشمل تقليص النشاط العسكري الإسرائيلي، مع تعزيز المراقبة الدولية. يقول الناشط الحقوقي محمد المزين لـ«عُمان»: «هذه الخطوة ستكون حاسمة لضمان عدم استغلال إسرائيل لهذه المرحلة لتثبيت واقع جديد».
المرحلة الثالثة، التي تنتهي بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي، تثير تساؤلات حول إمكانية تنفيذها دون عقبات. يقول استاذ العلوم السياسية خالد شاهين لـ«عُمان»: «إسرائيل طالما تهربت من التزاماتها السابقة. يجب وضع آليات رقابة صارمة لضمان تنفيذ هذه المرحلة، مع التشديد على ضرورة على الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا (صلاح الدين)».
موقف نتنياهو وتعقيداته
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يظهر موقفًا متعنتًا تجاه إنهاء الحرب. بينما تؤكد حماس استعدادها لإبرام اتفاق، كما فعلت في مايو 2024 عند موافقتها على مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن نتنياهو تراجع حينها عن الاتفاق وطرح شروطًا جديدة، أبرزها استمرار العمليات العسكرية وعدم انسحاب الجيش من غزة.
المحللون السياسيون يرون أن موقف نتنياهو لا يهدف فقط إلى الضغط على حماس، بل يسعى أيضًا لتعزيز شعبيته الداخلية وسط أزماته السياسية. المحلل الفلسطيني الدكتور سامر العبادلة يرى أن «نتنياهو يستخدم الحرب كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، ولكن استمرار الضغط الأمريكي قد يجبره على تغيير موقفه».
وفي الداخل الإسرائيلي، تزداد الضغوط على نتنياهو من قبل اليمين المتطرف. يقول الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان: «نتنياهو يخشى أن يظهر بمظهر الضعيف أمام حلفائه السياسيين. هذا ما يجعله يضع عراقيل جديدة كلما اقتربت المفاوضات من النجاح».
على الجانب الآخر، تظهر مؤشرات على استعداد الحكومة الإسرائيلية لتقديم تنازلات. يقول مسؤول إسرائيلي كبير لموقع «واينت العبري»: «قطعنا شوطًا كبيرًا في المفاوضات، والكرة الآن في ملعب حماس». ورغم ذلك، تظل هناك تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية.
المحلل السياسي الدكتور خالد شعبان يضيف: «التعنت الإسرائيلي ليس جديدًا، ولكنه هذه المرة يواجه ضغوطًا غير مسبوقة من الإدارة الأمريكية الجديدة. ترامب يريد اتفاقًا بأي ثمن قبل تنصيبه، وهذا قد يجعل نتنياهو يلين موقفه في النهاية».
دور ترامب وتحركاته
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لم ينتظر حتى تنصيبه ليتدخل في الملف الفلسطيني-الإسرائيلي. مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بدأ جولة مكوكية شملت الدوحة وتل أبيب لدفع الأطراف نحو توقيع الاتفاق. ويتكوف كشف في مقابلة مع القناة 12 العبرية أن ترامب يمارس «أقصى ضغط» لإتمام الصفقة، معتبرًا أنها المهمة الأهم قبل تنصيبه.
في اجتماعاته مع قادة المنطقة، ركز ويتكوف على إبراز الفوائد الاقتصادية والسياسية للسلام. يقول دبلوماسي قطري رفض الكشف عن اسمه: «ترامب يتعامل مع الملف بشكل براجماتي، وهو يعلم أن تحقيق السلام هنا سيعزز من مكانته الدولية». ويرى البعض أن هذه التحركات قد تكون الخطوة الأولى نحو تغيير ديناميكيات الصراع.
ترامب لم يخفِ نيته التصعيد إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. ويُذكر أن تصريحاته الأخيرة حول «فتح أبواب الجحيم» أثارت جدلًا واسعًا، لكنها أيضًا زادت من الضغوط على الأطراف للتوصل إلى حل. ويشير محللون إلى أن هذا التهديد قد يكون محاولة لدفع إسرائيل وحماس نحو تقديم تنازلات أكبر.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه العالم نتائج هذه الجهود، تظل هناك تساؤلات حول مدى قدرة ترامب على تحقيق هذا الإنجاز الدبلوماسي الكبير. يقول الباحث الأمريكي ديفيد كيركباتريك: «ترامب يدرك أن نجاحه في هذا الملف قد يفتح له أبواب التاريخ، ولكن الفشل قد يكون مكلفًا جدًا».
شعب غزة بين الأمل والشك
بالعودة إلى مخيمات النازحين، يظل الأمل سيد الموقف، لكنه لا يخلو من الشكوك. المواطن أبو رزق العمري، وهو رب أسرة من عشرة أفراد، يقول : «تعبنا من الوعود. كل مرة نتوقع انتهاء الحرب، ثم نُفاجأ بالجولة التالية من التصعيد. لكننا نتمسك بالأمل لأن لا خيار آخر لدينا».
في زاوية أخرى من المخيم، يتحدث الشاب سامي جابر عن أحلامه المؤجلة. يقول لـ«عُمان»: «كنت أريد أن أكمل دراستي الجامعية، ولكن الحرب دمرت كل شيء. الآن أنتظر بصيص أمل لأعود إلى جامعتي». سامي يعكس تطلعات جيل كامل يعاني من ضياع الفرص.
وتحكي أم إبراهيم عدوان عن معاناتها مع أبنائها الذين يعانون من صدمات نفسية بسبب الحرب. تقول : «أريد أن أراهم يعيشون حياة طبيعية. يكفي ما مروا به. السلام قد يكون بداية لشفائهم». وتشير إلى أن العلاج النفسي لا يقل أهمية عن توفير الطعام والمأوى.
وفي المساء، تجتمع عائلة أم خالد حول الراديو لسماع الأخبار. تقول: «نحن نعيش على هذه الأخبار. إذا كانت إيجابية، فإنها تمنحنا الأمل لبضعة أيام. وإذا كانت سلبية، فإنها تزيد من معاناتنا». هذه العائلة الصغيرة تمثل واقع مئات الآلاف من الأسر الغزية التي تعيش في انتظار المجهول.
في هذه اللحظات الحاسمة، تنتظر غزة ومعها العالم بأسره ما ستسفر عنه الجهود الدولية. فهل ينجح ترامب في تحقيق ما عجز عنه أسلافه؟ وهل يمتلك فعلًا عصا موسى لإنهاء الحرب؟ الإجابة عن هذه الأسئلة قد تُكتب قريبًا، وربما تكون نقطة تحول في تاريخ الصراع «الفلسطيني-الإسرائيلي».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إطلاق النار هذه المرحلة لـ ع مان قد یکون
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان يشرح.. هكذا خدع نتنياهو ترامب في غزة
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفي توماس فريدمان شرح فيه النهج المضلل الذي سلكته حكومة بنيامين نتنياهو بشأن أزمة الجوع في قطاع غزة.
ويقول الصحفي الأمريكي، إن تساؤلا ينتابه من القدرة الإسرائيلية الفائقة على الخداع، فبينما كان يتابع الأرقام بشأن ضحايا الجوع في غزة، خطرت له فكرة أنه قبل شهر تقريبا، نجحت "إسرائيل" في اغتيال 10 مسؤولين عسكريين إيرانيين كبار و16 عالما نوويا في منازلهم ومكاتبهم.
ويتساءل فريدمان: "كيف إذا تمتلك إسرائيل القدرة على تدمير أهداف دقيقة في إيران، على بعد حوالي 1,200 ميلا من تل أبيب، ولا تستطيع إيصال صناديق الطعام بأمان إلى سكان غزة الجائعين على بعد 40 ميلا من تل أبيب؟".
ويقول إن ذلك لم يبد محض صدفة. بدا الأمر وكأنه نتاج أمر أعمق، أمر مخز للغاية، يتكشف داخل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتطرفة. شخصيات رئيسية في الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف، مثل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، دافعت علنا عن سياسة من شأنها أن تُؤدي إلى تجويع العديد من سكان غزة، لدرجة أنهم سيغادرون القطاع بالكامل.
ويضيف: "كان نتنياهو يعلم أن الولايات المتحدة لن تسمح له بالذهاب إلى هذا الحد، لذا فقد قدم الحد الأدنى من المساعدة ليمنعه من الإطاحة به من قِبل بلطجية التفوق اليهودي الذين جلبهم إلى حكومته".
ثم يقول: "للأسف، تبيّن أن ذلك كان عار عن الصحة، وبدأت صور مرعبة لأطفال يعانون من سوء التغذية بالظهور من غزة، مما دفع الرئيس ترامب نفسه إلى التصريح يوم الاثنين بأن هناك تجويعا حقيقيا يحدث في غزة، لا يُمكنكم تزييف ذلك. علينا إطعام الأطفال".
ويتساءل: "كيف وصلنا إلى هنا، حيث دولة يهودية ديمقراطية، منحدرة جزئيا من الهولوكوست، منخرطة في سياسة تجويع في حرب مع حماس أصبحت أطول وأشد الحروب فتكا بين الإسرائيليين والفلسطينيين في تاريخ إسرائيل، ولا يبدو أنها ستنتهي قريبا؟".
ثم يجيب قائلا إن ما يميز هذه الحرب هو أنها تضع ما أعتقد أنه أسوأ حكومة وأكثرها تعصبا وانعداما للأخلاق في تاريخ "إسرائيل" في مواجهة أسوأ منظمة وأكثرها تعصبا ودموية في تاريخ فلسطين.
ويشير إلى أن هذه الحرب ليس لها اسم متعارف عليه - مثل حرب الأيام الستة، أو حرب سيناء، أو حرب أكتوبر. ثم يقول إنه شخصيا لطالما كان لديه اسم لها. "إنها حرب الأسوأ".
ويؤكد فريدمان أن ما لم يدركه الكثير من الناس حتى الآن هو مدى مرض هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية. يواصل الكثير من المسؤولين الأمريكيين والمشرعين واليهود محاولة إقناع أنفسهم بأن هذه مجرد حكومة إسرائيلية يمينية أخرى، ولكنها أكثر يمينية بقليل وهذا خطأ.
ويشير إلى أنه جادل منذ مقاله في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، صباح اليوم التالي لانتخاب هذه الحكومة الإسرائيلية، والذي كان بعنوان "إسرائيل التي عرفناها قد ولت"، بأن هذه الحكومة الإسرائيلية فظيعة بشكل فريد.
ويعزو ذلك إلى أنها مكّنت أمثال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي اقترح العام الماضي أن منع المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة "مبرر وأخلاقي" حتى لو تسبب في موت مليوني مدني جوعا، لكن المجتمع الدولي لن يسمح له بذلك.
قال سموتريتش في مؤتمر استضافته صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية: "نحن نجلب المساعدات لأنه لا يوجد خيار آخر. لا يمكننا، في ظل الواقع العالمي الراهن، إدارة حرب. لن يسمح لنا أحد بالتسبب في موت مليوني مدني جوعا، حتى لو كان ذلك مبررا وأخلاقيا، حتى عودة رهائننا".
ويقول فريدمان "إن هذه اللغة جديرة بالتحليل، لأنها تُلامس جوهر ما فعله نتنياهو بـ"إسرائيل". لقد جلب إلى أروقة السلطة أشخاصا مثل سموتريتش، ممثلين لفئة أقلية مظلمة ومقموعة منذ زمن طويل في التاريخ اليهودي".
ويؤكد أن ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يعتقدان أن نتنياهو في أعماقه يريد "السلام" أولا وقبل كل شيء، وليس "قطعة" من من الضفة الغربية أو غزة. هكذا نجح بيبي، في خداع ترامب وويتكوف لفترة طويلة.
ويضرب مثالا على ذلك، أنه في كانون الثاني/ يناير، اتفقت "إسرائيل" وحماس على وقف إطلاق نار من ثلاث مراحل، تضمن تبادلا للمحتجزين والسجناء. لكن ترامب وويتكوف سمحا لنتنياهو بخرق وقف إطلاق النار من جانب واحد في آذار/ مارس، قبل أن يتسنى التفاوض على المرحلتين الأخيرتين.
استشهد نتنياهو برفض حماس تلبية مطلب "إسرائيل" بالإفراج عن المزيد من المحتجزين قبل استئناف المفاوضات - على الرغم من أن حماس لم تكن ملزمة بذلك في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.
ويشير فريدمان إلى تحليل لأمير تيبون في صحيفة هآرتس هذا الأسبوع، بعنوان "كيف سهّل ترامب سياسة نتنياهو لتجويع غزة وفشل في إعادة الرهائن إلى ديارهم"، حيث جادل بأنه لا يوجد مبرر عسكري يدفع نتنياهو لاستئناف الحرب لأن حماس كقوة عسكرية قد هُزمت.
ويؤكد أن كل ذلك كان لخدمة مصالح "بيبي" السياسية، حيث أخبر سموتريتش والمتطرفون الآخرون نتنياهو فعليا أنه يجب عليه استئناف الحرب وإلا سيُطاح به، وخدع "بيبي" ترامب وويتكوف ليعتقدا أنه يستطيع تحرير "الرهائن" بتوجيه ضربات عسكرية أشد على حماس ومزيد من المعاناة للمدنيين في غزة، وحصر السكان في زاوية صغيرة من القطاع.
ويقول إنه تبين أن كل ذلك كان خطأ. لم تُهزم حماس، وعندما اضطرت "إسرائيل" في النهاية إلى استئناف إمداد الغذاء من خلال منظمة التوزيع التابعة لها، مؤسسة غزة الإنسانية، كان الأمر مُربكا للغاية لدرجة أن أعدادا لا تُحصى من سكان غزة كانوا يموتون يوميا وهم يتدفقون على مواقع التوزيع الإسرائيلية.