نشرت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرًا، يتناول أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر، مسلطًا الضوء على كيفية تحويلهم المنطقة إلى مصدر دخل عبر الهجمات على السفن التجارية.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنها: "أجرت مقابلات مع عدد من الفاعلين في أحداث البحر الأحمر، بما في ذلك ممثلو الميليشيا وضباط البحرية وشركات التأمين وشركات الشحن والدبلوماسيون".



ورصدت الصحيفة، ما وصفته بـ"التغير الدراماتيكي الذي أدى لانخفاض أحجام البضائع التي تمر في المضيق بمقدار الثلثين، وتغيير الجنسية النهائية للسفن، وإعادة رسم مسارات الحاويات" وذلك عبر تحليل بيانات تتبع الأقمار الصناعية وسجلات ملكية السفن.

وأوضحت أن: "التكاليف التي تكبدها الاقتصاد العالمي بلغت حوالي 200 مليار دولار في سنة 2024، وكانت النتيجة الأخرى هي تطور الحوثيين بشكل مدهش واكتشافهم تكنولوجيا أسلحة جديدة".

"رغم أنه من المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى هدوء في هجمات البحر الأحمر، نظرًا لأن أحد دوافع الحوثيين هو التضامن مع الفلسطينيين، إلا أن الأشخاص المعنيين بأزمة البحر الأحمر لا يعتقدون أن ذلك سيقضي على التهديد الحوثي" بحسب الصحيفة.

وأردفت: "تمتد دوافعهم الأيديولوجية إلى ما هو أبعد من غزة: فقد هاجموا أهدافًا أخرى بما في ذلك دول الخليج العربية، كما أنهم أنشأوا نموذجًا تجاريًا جديدًا ناجحًا للتربح من التجارة العالمية، لذا فإن لديهم دافعًا قويًا لمواصلة العمل كحراس لبوابة قناة السويس".

وأفادت الصحيفة أن: "الحوثيين أجبروا السفن على تحويل مسارها حول أفريقيا طوال سنة 2024، فقد طالت الرحلات من آسيا بمقدار 3,000 إلى 3,500 ميل بحري (6,000 كم)، أو ما بين 10 و14 يومًا".


ووفق الصحيفة، فإن عمليات العبور الأطول بسرعات أكبر، تؤدّي إلى استهلاك المزيد من الوقود، ما يضيف حوالي مليون دولار من التكاليف لكل رحلة، لكن ذلك يبقى أرخص من استخدام البحر الأحمر؛ حيث ارتفعت أسعار التأمين 20 ضعفًا.

وأبرزت: "تنعكس تكلفة ذلك على الاقتصاد العالمي في ارتفاع أسعار الشحن، فقد بلغ سعر إرسال حاوية من شنغهاي إلى روتردام ذروته في تموز/ يوليو الماضي بتكلفة 8,200 دولار، بزيادة قدرها خمسة أضعاف عن متوسط الرقم في سنة 2023". 

"كما أضافت هجمات الحوثيين ما لا يقل عن 175 مليار دولار إلى تكاليف الشحن حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2024، فيما بلغت قيمة سوق الحاويات العالمي بأكمله حوالي 122 مليار دولار في الفترة نفسها من سنة 2023" أكد التحليل نفسه.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ: "التكاليف المالية تعد هي الأكثر وضوحًا، فقد أدى انخفاض عدد السفن التي تستخدم قناة السويس إلى خسارة مصر 7 مليارات دولار من الإيرادات، أي ما يعادل ثلث عجز حسابها الجاري، كما أنفقت أمريكا ما يقرب من 5 مليارات دولار في محاولة لحماية الملاحة".

وأضافت: "تستفيد بعض الشركات والبلدان من ذلك، فرغم انخفاض عدد السفن التي تمر عبر المضيق بمقدار النصف، إلا أن عدد السفن العابرة من الصين قد ازداد لتشكل الآن خُمس السفن التي لا تزال تعبر كل شهر، والتي يتراوح عددها بين 800 و900 سفينة، ومعظم النفط الخام الذي يمر عبر قناة السويس الآن هو نفط روسي، بعد أن كان يشكل أقل من النصف".

وفي 15 كانون الثاني/ يناير، أعلن الحوثيون أن ضرباتهم على الملاحة البحرية ستتوقف بعد وقف إطلاق النار في غزة، لكن قادتها أرفقوا شروطًا مرهقة، بما في ذلك الوقف الكامل "لجميع الأنشطة العسكرية الإسرائيلية" وإنهاء جميع الضربات العسكرية الغربية على اليمن. 

في المقابل، يشكّك العديد من المراقبين في أن تنتهي عمليات الحوثيين في البحر الأحمر؛ فالحوثيون يتفاوضون مع السعودية لإنهاء الصراع المستمر منذ عقد من الزمن، وكلما قدم السعوديون تنازلات، يطلب الحوثيون المزيد. والآن لديهم سلاح يمكن أن يعرقل التجارة العالمية، ويستخدمونه في استخدامات أخرى.


مغريات الاستمرار في إطلاق النار
ذكرت الصحيفة أن شركة ميرسك كانت تتوقع أن يظل البحر الأحمر مغلقًا "حتى سنة 2025"، وهو رأي ينعكس في توقعات المحللين لأرباح شركات الشحن الكبرى، فرغم تباطؤ الهجمات في الآونة الأخيرة، إلا أن مسؤولاً من الحوثيين يقول: "هذا يثبت أن الحصار ناجح، كما أنه مربح أيضًا".

كذلك، أخبر فريق من الخبراء، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في تشرين الثاني/ نوفمبر أنّ: "بعض وكالات الشحن تنسق مع شركة تابعة لزعيم حوثي رفيع المستوى، لشراء ممر آمن".

ويقدر خبراء الأمم المتحدة أنّ: "الرسوم تبلغ 180 مليون دولار شهريًا، أو 2.1 مليار دولار سنويًا، وهذا في الواقع يضاعف دخل الحوثيين، رغم تشكيك آخرين داخل المجال في هذه الأرقام".

"حيث ستكلف هذه الحماية أكثر من 200 ألف دولار للرحلة الواحدة، مما يجعلها غير مجدية ماليًا بالنسبة للبعض، وعلى الرغم من أن الحوثيين يعترفون بأنهم يطلبون من مالكي السفن التقدم بطلب للحصول على "تصاريح"، إلا أنهم أكدوا أن الادعاءات بأنهم يفرضون "رسومًا غير قانونية" هي "محض افتراء". بحسب خبراء الأمم المتحدة.

وترى الصحيفة أنّ: "أي اتفاقات تبرمها الشركات أو الحكومات مع الحوثيين تخاطر بإضفاء الشرعية على مبدأ أن الدول الساحلية يمكنها التدخل في حركة المرور في أعالي البحار".

ويقول المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، إنّ: "أمريكا وحلفاءها يعارضون بشدة ترك الممرات المائية الحيوية تحت سيطرة أي جهة فاعلة من غير الدول".

من جهته، يؤكد رئيس المنظمة البحرية الدولية، أرسينيو دومينغيز، أنه: "لا ينبغي أن يصبح الوضع في البحر الأحمر هو الوضع الطبيعي الجديد"؛ فيما لا يبدو أن الكثير من الدول مستعدة للقيام بما يلزم لمنع ذلك.
وأوردت الصحيفة، أنّ: "موارد أمريكا مستنزفة، وأبعدت القوى الإقليمية، مثل مصر والسعودية والإمارات، قواتها البحرية بشكل عام لتجنب أن يُنظر إليها على أنها تدعم إسرائيل". 


"رغم إطلاق الاتحاد الأوروبي عملية "أسبيدس" لحماية الممر المائي، لكن العملية تفتقر إلى القوة؛ حيث رافقت أقل من نصف السفن التي طلبت المساعدة، حتى أن بعض السفن الحربية التابعة لحلف الناتو تسلك طريق رأس الرجاء الصالح من آسيا إلى أوروبا"، بحسب التقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".

وختم التقرير بأنه: "على الرغم من الجهود التي تبذلها أمريكا وحلفاؤها لاستعادة الأمن، يبدو أن الحوثيين سوف يواصلون ممارسة سيطرتهم على البحر الأحمر كما يحلو لهم، فقد افتتحوا مركز تنسيق للعمليات الإنسانية يقدم: خدمة العبور الآمن"، مؤكدين أن: "المركز على استعداد دائم للرد على أي استفسارات أو تقديم المشورة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الحوثيين السفن التجارية الحوثيين البحر الاحمر شركات التأمين السفن التجارية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البحر الأحمر ملیار دولار السفن التی إلا أن

إقرأ أيضاً:

نيوزويك : مشاهد طاقم سفينة اتيرنيتي تصيب واشنطن وتل ابيب بالارباك

قالت مجلة "نيوزويك" الأميركية إن حركث أنصار الله اليمنية أظهرت مجددًا قدرتها على فرض معادلات ردع حقيقية في البحر الأحمر، رغم الحملة الجوية الأميركية المكثفة، مؤكدة أنهم اسروا عددًا من أفراد طاقم سفينة الشحن Eternity C التي استهدفتها قواتهم، ضمن العمليات المتصاعدة ضد السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني.

وبحسب المجلة، فإن الفيديو الذي بثه الإعلام الحربي اليمني، أظهر بحارة من الجنسية الفلبينية وهم تحت سيطرة القوات اليمنية، في حين أكدت وزارة العمالة الفلبينية أن 16 من رعاياها مفقودون منذ العملية. وتظهر المشاهد أحد أفراد الطاقم وهو يُسأل عما إذا كان يعلم بأن السفينة كانت متجهة إلى ميناء "إيلات" المحتل، فيرد بأنها كانت تحمل شحنة سماد إلى الصين مرورًا بفلسطين المحتلة، ما اعتبره الحوثيون خرقًا صارخًا للحظر البحري المفروض على السفن المتعاملة مع الاحتلال.

التقرير أشار إلى أن هذه العملية جاءت بعد أيام من استهداف السفينة Magic Seas، لتؤكد صنعا، حسب تعبير نيوزويك، "استعراضًا غير مسبوق للقوة"، رغم الغارات الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترامب في مارس الماضي، حين تعهد بـ"إبادة" الحوثيين و"إعادة حرية الملاحة" إلى البحر الأحمر.

وتضيف المجلة أن التحقيقات الأولية التي أجرتها مانيلا كشفت عن خرق السفينة للبروتوكولات البحرية، حيث عبرت مرتين عبر البحر الأحمر رغم الحظر الفلبيني على انضمام البحارة إلى السفن المتجهة نحو تلك المنطقة. كما أكدت مصادر إعلامية فلبينية للمجلة أن قبطان السفينة كان قد أمر بإيقاف جميع أجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية قبل الاقتراب من ميناء إيلات، ما اعتبره الحوثيون دليلًا على نية التهرب من المراقبة. وكانت القوات اليمنية قد أعلنت في وقت سابق أن الملاحة البحرية "آمنة لكل من لا يرتبط بالكيان الصهيوني أو لا ينتهك الحصار المفروض على غزة"، مؤكدة أن العمليات ستتواصل ما دام العدوان مستمرًا.

اختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن انشغال ترامب بملفات دولية كبرى – بينها أوكرانيا واتفاقات تجارية مع الصين – قد يُعقّد قرار المواجهة المباشرة مع اليمن، خاصة في ظل فشل الحملة السابقة، وارتفاع كلفة أي تصعيد في منطقة لم تعد واشنطن تتحكم بمجرياتها كما كانت تفعل سابقًا.

مقالات مشابهة

  • نيوزويك : مشاهد طاقم سفينة اتيرنيتي تصيب واشنطن وتل ابيب بالارباك
  • الحوثيون يعرضون مشاهد لاحتجاز 11 فردًا من طاقم سفينة أغرقوها في البحر الأحمر
  • الحصار البحري اليمني يجبر العدو على تحويل ميناء إيلات إلى “كازينو حكومي”
  • مصدر عسكري يؤكد استمرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • مصدر عسكري يؤكد الاستمرار في تنفيذ قرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • تداول 9 آلاف طن بضائع في مواني البحر الأحمر
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • الحوثيون يوسّعون دائرة التصعيد: وتهديد صريح باستهداف السفن في البحر الاحمر
  • الحوثيون يعلنون تصعيدا جديدا واستهداف جميع السفن التي تتعامل مع إسرائيل
  • جنرال أمريكي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ساهمت في تطوير التكتيكات العسكرية الأمريكية