ازداد الحديث في السنوات الماضية عن الأخطاء الطبية الحاصلة في مستشفيات لبنان، وتُعدُّ القضايا المرتبطة بوقوع "أخطاء طبيّة" من أكثر المواضيع حساسيّة. خطأ في التشخيص، جرعة زائدة، إهمال أو تقصير الطبيب وغيرها من الأسباب أدت بضحاياها الى عطب دائم، تشوه أو وفاة.
حيزٌ ضئيل هو الذي يفصل بين الخطأ والإهمال الطبيّ.

الأخطاء الطبيّة، ظاهرة شائعة لحدٍّ ما في الوسط الاستشفائي بتنوعاته ومستوياته حول العالم. في وقتٍ تُعالج هذه الظاهرة وفقًا لطبيعتها الجنائيّة في غالبية القوانين الدوليّة، كرّس لبنان ما يُشبه النمط المُكرّر في التنصل من هذه المسؤوليّة، بغياب الرقابة والمساءلة القضائيّة في المرتبة الأولى واستسهال تبرير الحوادث.
"الخطأ الطبّي"، مصطلحٌ يكفي ذكره لزرع الهلع والصدمة في نفوس السامعين. وما إن يحصل أيّ خطأ طبّي حتّى يتحوّل مادة دسمة لتناقل الأخبار. ناهيك عن المريض وأهله الذين يضيعون بين محاكمة الطبيب والبحث عن الحقيقة، اضافةً الى فقدانهم الثقة في النظام الطبّي.
وتقول امنة الأسعد دكتورة في العلاج الفيزيائي أن الخطأ الطبي هو كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العلم، والمتعارف عليها نظريا وعمليا وقت تنفيذه العمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة والحذر واليقظة التي يفرضها القانون والمهنة عليه.والخطأ الطبي، هو تأثير جانبي للعناية الطبية التي تشمل الطبيب والجسم الطبي وكلّ مَن يهتم بالمريض، ويُعتبر هذا الخطأ غير مقصود ولكن كان يمكن تفاديه.
وأكدت الأسعد أن الأخطاء الطبية واردة في كل دول العالم باعتبار أن الطب مهنة وسِمة إنسانية لا تجارة وسمسرّة، وقطعاً تلك الاخطاء الطبية لا علاقة لها بالاهمال الذي يُعتبر صاحبه مجرماً بلا سلاح، مع انهُ في بلادنا يفترض من لم يخيفه القانون، يعلم جيداً ان الله له بالمرصاد. وأن معدلات الخطأ الطبيّ في لبنان وخصوصًا في المستشفيات الخاصة لا تزال ضمن المعدلات الطبيعيّة.مؤكدة انه “لا يمكن تفاديّ الأخطاء الطبيّة، وهي تحصل كل يوم لأن الاطباء هم بشر قد يخطئون".
وميّزت بين الخطأ الطبيّ البسيط والخطأ الذي يؤدي إلى نتائج جسيمة. واعتبرت أن المرجع الوحيد للفصل في مثل هذه القضايا، هي القضاء اللّبنانيّ الذي يرتكز على تقارير اللجان الطبيّة في المستشفيات. وأكدّت أن دور اللجان الطبيّة هي مراقبة الأعمال الطبيّة ومساءلة المقصرين.
وأشارت الى أنه في لبنان هناك انتشارًا واسعًا للأطباء الذين تتنوع خبراتهم ومؤهلاتهم، حيث نجد أطباء قدامى وآخرين جدد. وفي شوارع العاصمة، تضيء آلاف القطع الضوئية الملونة التي تعلن عن أطباء حصلوا على شهاداتهم من دول مرموقة. ولكن، رغم هذه الشهادات الرفيعة، يفتقر الكثير من هؤلاء الأطباء إلى الخبرة الكافية، ما أدى إلى وقوع العديد من الأخطاء الطبية التي أثرت على حياة المرضى.
وتابعت الأسعد "عندما تحصل حادثة يطلب الناس إقفال المستشفى، ووضع الطبيب في السجن، واستباق قرار القضاء. ويُعد هذا الاجراء تصرفا شعبويا.فإنّ مسألة البحث عن المسؤولية والكشف عن الخطأ الطبي إن ارتُكب، موضوع دقيق جدّاً وليس مقبولاً إطلاق التهم جزافاً. كما أنّ الطبيب ليس جلاداً، لذلك يجب ادراك كيفية التعامل مع الموضوع، والابتعاد من التشهير في المهنة".
وقالت إن الدراسات أثبتت أن تركيز الجهود على معاقبة الشخص المعالج يبعث في نفوس العاملين في النظام الطبي الخوف والرهبة من الأخطاء والعقاب، مما يؤدي إلى إخفاء الأخطاء وعدم الاعتراف بها، بدلا من محاولة معالجتها ودراسة أسباب حدوثها.
وأضافت الأسعد أن "كل ملف طبيّ أو شكوى له خصوصيته وظروفه، وإذا ثبت تورط الطبيب تُتخذ بحقه عدة إجراءات قانونية بعد تحديد حجم مسؤوليته، بدءا بالتنبيه حتى التوقيف المؤقت عن العمل، والغرامة الماليّة وصولا الى قرار المنع من ممارسة المهنة نهائيا".
وأكدت أن المطلوب هو تفعيل العمل القضائي بطريقة يستطيع أي شخص مقتنع بالتقصير من قبل الطبيب المعالج ملاحقته أمام المحاكم والوصول إلى حقه بفاعلية وبسرعة وبصورة عادلة، وبالتالي يحصل على التعويض اللازم.
وختمت الأسعد بالخلاصات الواجب تطبيقها لتخفيف الأخطاء الطبية وهي "تدريب وتقييم أداء العاملين الصحيين، من بينهم الأطباء. إصدار وتطبيق سياسات تعزز عملية التبليغ عن الأخطاء الطبية على نحو سري. مراجعة وتحديث معايير أنظمة الاعتماد الحالية للمؤسّسات الصحية لضمان احتوائها على أهداف سلامة المرضى ومؤشرات الأداء. وتمكين المرضى ومساندتهم وتوعيتهم على الدور الذي يؤدونه في ما يختصّ بسلامتهم وإشراكهم في عملية اتّخاذ القرارات التي تتعلّق بصحتهم”.
أخطاء طبيّة كثيرة حصلت في لبنان، كان ضحيتها العديد من المرضى والكثير من اللوم من قبل الأهل المفجوعين. ويرى فاعلون في الرعاية الصحية أن غالب الأخطاء الطبية تعود إلى "الإهمال أو التقصير البشري" للطبيب أو مقدم الخدمة الطبية أو إلى "ممارسات الربح السريع"، أو جراء عطل في المعدات والتجهيزات الطبية، وغيرها من العوامل المتداخلة.
ومما تقدّم نجد ان جوهر المشكلة يكمن في السياسات الصحيّة والقانونية المتبعة، ونتيجة اخفاقات على مستوى المؤسسات والنظم الصحية العامة، والدعوة الى تغيير جذري يقوم على وضع اسس وخطط استراتيجية تساهم في خلق الوعيّ لدى الطبيب والمريض معا لئلا يكون أحدهما ضحيّة الآخر.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الأخطاء الطبیة الأخطاء الطبی الخطأ الطبی الطبی ة الذی ی

إقرأ أيضاً:

50 شخصية بريطانية بارزة تطالب حكومة ستارمر بالتحرك العاجل لوقف الكارثة الإنسانية في السودان

من بين أبرز الموقعين على الرسالة: المخرجة أدجوا أندوه، الممثلة جوان فروجات، الممثل ويل بولتر، المغنية كات بيرنز، الرياضية لوسي برونز، المخرج العالمي السير ستيف ماكوين، الموسيقي بيتر غابرييل، والطاهية التلفزيونية ديليا سميث.

التغيير: وكالات

في مبادرة إنسانية لافتة، وجّهت 50 شخصية عامة ومؤثرة في بريطانيا – من مجالات الفن والرياضة والإعلام – رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، دعت فيها حكومته إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتعامل مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان.

وبحسب موقع (أفق جديد) الرسالة، التي تقودها منظمة بلان إنترناشونال المعنية بحقوق الأطفال، وصفت ما يجري في السودان بأنه “أكبر وأسرع أزمة نزوح إنساني في العالم”، حيث يواجه أكثر من 24.6 مليون شخص، أي نصف عدد السكان، انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي بسبب الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.

من بين أبرز الموقعين على الرسالة: المخرجة أدجوا أندوه، الممثلة جوان فروجات، الممثل ويل بولتر، المغنية كات بيرنز، الرياضية لوسي برونز، المخرج العالمي السير ستيف ماكوين، الموسيقي بيتر غابرييل، والطاهية التلفزيونية ديليا سميث.

وجاء في نص الرسالة: “بعد أكثر من عامين من الصراع، أصبح السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم. الأطفال يموتون يوميًا بسبب الجوع والعنف والمرض. لقد آن الأوان لتحرك بريطاني حاسم لإنقاذ الأرواح.”

وأعربت الممثلة جوان فروجات عن قلقها العميق تجاه معاناة الأطفال، مشيرة إلى أنهم يعيشون في مخيمات مكتظة وخطيرة، وقالت: “لا يمكن اعتبار هذه الأماكن صالحة للحياة. لا يجوز أن يظل العالم صامتًا. علينا التحرك قبل فوات الأوان”.

تأتي هذه الدعوات في وقت تواجه فيه الحكومة البريطانية انتقادات لخفضها ميزانية المساعدات الخارجية، وهو ما يهدد بإضعاف دعمها الإنساني للسودان في وقت تتفاقم فيه الاحتياجات بشكل غير مسبوق. ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حربًا دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين داخليًا وخارجيًا، مع انهيار شبه كامل للقطاع الصحي وتفشي المجاعة في مناطق واسعة من البلاد.

وقد لاقت الحملة الشعبية الداعمة للرسالة صدى واسعًا، حيث جمعت أكثر من 8500 توقيع، ما يعكس تزايد وعي الرأي العام البريطاني بعمق الأزمة الإنسانية في السودان، وسط مطالب متزايدة بوضع الملف السوداني ضمن أولويات السياسة الخارجية البريطانية.

الوسومبريطانيا حرب السودان رئيس وزراء بريطانيا

مقالات مشابهة

  • أخطاء شوي اللحمة في عيد الأضحى
  • خبيرة تغذية تُحذر: تجنب هذه الأخطاء عند تناول اللحوم في عيد الأضحى
  • أشرف عباس يكتب: دفاعًا عن حرية النشر
  • 50 شخصية بريطانية بارزة تطالب حكومة ستارمر بالتحرك العاجل لوقف الكارثة الإنسانية في السودان
  • كوريا الشمالية تواجه الكارثة بالهواء.. بالونات لإنقاذ مدمّرة بحرية
  • السوداني:تبرعنا إلى لبنان (20) مليون دولار رغم الأزمة المالية التي يمر بها العراق
  • بعد أيام من استشهاد أولاده التسعة.. الطبيب حمدي النجار يلحق بأطفاله في خان يونس
  • غوغل: أمل أخير في تفادي حكم يحرمها من كروم للأبد
  • استشاري: 4 أخطاء يجب تجنبها في الحج
  • الطبيب حمدي النجار يلتحق شهيداً بأطفاله التسعة