شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، مراسم توقيع عدد من عقود تدويل خدمات بنك المعرفة المصري، بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومجموعة من الناشرين الدوليين، وذلك بما يتيح لبنك المعرفة تقديم خدمات الناشرين لجهات وهيئات وجامعات خارج مصر، بحضور الدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

ووقع العقود عدد من الناشرين الدوليين، كما تضمنت مراسم توقيع إطلاق بنك المعرفة المصري وتوسيع خدماته إقليميا ودوليا، إعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بالتعاون مع الناشر الدولي Elsevier عن إطلاق مؤشر المعرفة المصري، وهو أداة تحليلية رائدة تهدف إلى تقييم الأداء البحثي في مصر بشكل شامل ودقيق يضم لأول مرة مجمل المخرجات البحثية المصرية المنشورة محليا ودوليا على حد سواء، فضلا عن انفراده بتقييم الأبحاث والدوريات العلمية المنشورة باللغة العربية لأول مرة بنفس المعايير والمقاييس الدولية، وهو ما يدعم الأبحاث في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية.

يأتي إطلاق هذا المؤشر، في إطار الجهود المبذولة لتعزيز البحث العلمي في مصر، ورفع مكانتها على الخريطة العلمية العالمي.

وأشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى أن  توقيع اليوم يأتي تنفيذاً لرؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتوجيهات  الدكتور رئيس مجلس الوزراء، وخاصة بعد استقبال الدكتور مصطفى مدبولي وفد منظمتي "اليونيسكو" و"اليونيسيف" لاستعراض أوجه التعاون دعما للعملية التعليمية والأكاديمية والبحثية.

 وقال الدكتور أيمن عاشور: ما تم توقيعه اليوم من عقود من شأنه إتاحة تجربة منصة "بنك المعرفة المصري" للدول الأخرى، مع العمل بشكل مستمر على تطويرها، وفي ضوء الزيارة الدراسية لوفد منظمتي اليونسكو واليونيسيف ومشاركة ٢١ دولة، فعمدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى العمل على تعميم التجربة إقليميا، من خلال عقد عدة اجتماعات تنسيقية وتعريفية بخدمات ومردود بنك المعرفة المصري، وعلى رأسها عقد اجتماعات مع اتحاد الجامعات العربية، واتحاد مجالس البحث العلمي العربي، والتي أسفرت عن الاتفاق على توحيد الجهود إقليميا، من خلال توسيع مظلة خدمات بنك المعرفة جغرافيا تحت مسمى EKB Int، وتدويل التجربة انطلاقا من الشراكة بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممثلة في بنك المعرفة المصري، وكل من اتحاد الجامعات العربية واتحاد مجالس البحث العلمي العربية.

وأضاف وزير التعليم العالي والبحث العلمي عن إعلان إطلاق المؤشر: يمثل إطلاق مؤشر المعرفة المصري خطوة مهمة نحو بناء نظام بحثي قوي ومستدام في مصر؛ حيث سيُمكّن هذا المؤشر الباحثين وصناع القرار من اتخاذ قرارات قائمة على الدليل وأكثر دقة لقياس ووضع الخطط والسياسات الرامية؛ لتعزيز الإنتاج العلمي والابتكار في مصر.
كما يساعد مؤشر المعرفة المصري فى تمكين دراسة وتتبع هجرة العقول ودراسة مدى مساهمة ومشاركة أبناء مصر من الباحثين في مختلف دول العالم؛ حيث أظهر المؤشر أن مصر تعد بالفعل مركزًا بحثيًا دوليًا يربط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ببقية العالم وتمثل مشاركا فاعلا ومصدرا للمعرفة دوليا.


بدورها، أوضحت الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا والمشرف العام على بنك المعرفة المصري، أن بنك المعرفة مر بعدة مراحل رئيسية خلال إنشائه بداية من إنشاء للمنصة، مُرورًا بمرحلة الإثراء للمنصة، وأَخيرًا مرحلة الاستدامة، حيث إن بنك المعرفة يُعد تجربة واعدة وناجحة يُحتذى بها، ونمُوذجًا في مجال بوابات ومنصات التعلم الرقمية في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى الدور الكبير لبنك المعرفة في تعزيز توجه الجامعات نحو المرجعية والحضور الدولي، والذي يعكس إيمان القيادة السياسية العميق بأهمية التعليم والمعرفة في بناء الإنسان، وأهمية تعظيم الاستفادة من بنك المعرفة المصري في ضوء ما يوفره من إمكانات فريدة وهائلة للتعلم والتدريب وإتاحة الوصول الحر للمعارف والبحوث، فضلا عن إتاحة جميع أنواع العلوم والمعارف للطلاب والباحثين.

كما نوهت إلى دور بنك المعرفة المصري في تنمية المهارات، وإعداد خريجين مؤهلين لسوق العمل، لافتة إلى أن بنك المعرفة أسهم في الارتقاء بتصنيف الجامعات والمؤسسات والمراكز البحثية المصرية دوليًا، كما أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعمل على جعله منصة رائدة للتعليم العالي والبحث العلمي على مستوى العالم، وزيادة الإنتاجية البحثية بالجامعات والمراكز والهيئات البحثية المصرية.

كما أوضحت أن المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو كان قد اعتمد بالإجماع مشروع القرار الذي قدمه وفد مصر لدى المُنظمة للمجلس، والذي جاء بعنوان: "بنك المعرفة المصري"، والذي تضمن تسليط الضوء على مُبادرة بنك المعرفة المصري التي تهدف إلى خدمة القطاع التعليمي والبحث العلمي بالجامعات المصرية، والمراكز البحثية المصرية، ودعا المجلس التنفيذي في قراره إلى دراسة تلك المُبادرة المهمة بدقة من أجل استخلاص أهم الدروس المُستفادة، وآليات التشغيل، وكيفية التغلب على التحديات، ونقلها للدول الأعضاء بالمنظمة من أجل الاستفادة منها في إنشاء منصاتها الوطنية للتعلم الرقمي، وإتاحة المعرفة وتبادل الخبرات؛ حيث أسفرت زيارة الوفد بالموافقة على اعتبار بنك المعرفة الدولي تجربة رائدة في التعليم الرقمي والتحول الرقمي للمعرفة وكذلك تصدير المعرفة.
ولفتت إلى أن منظمتي اليونسكو واليونيسيف أصدرتا تقريرا حول بنك المعرفة المصري تحت عنوان "تجربة بنك المعرفة المصري …دراسة حالة"، وتم نشر هذه الدراسة على الموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو واليونيسيف، والتي تعد أول دراسة حالة لمنصة تعليمية إلكترونية أو رقمية يتم التنويه عنها وإدراجها ضمن مبادرة منصات بوابات التعلم الرقمي حول العالم والتي اطلقتها منظمتا اليونسكو واليونيسيف.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بنك المعرفة المصري مصطفى مدبولي خدمات بنك المعرفة وزارة التعلیم العالی والبحث العلمی بنک المعرفة المصری البحثیة المصریة البحث العلمی فی مصر

إقرأ أيضاً:

ثورة التعليم الذاتي: هل مات التعليم التقليدي؟

 

 

محمد بن زاهر العبري

في زمنٍ تتسارع فيه عجلة التكنولوجيا وتتشكل ملامح المُستقبل بوتيرة غير مسبوقة، تتصدر عبارة "التعليم الذاتي" المشهد؛ كعنوانٍ لتحوّل جذري في طريقة اكتساب المعرفة.

ولم يعد المُتعلِّم أسير جدران الفصول الدراسية أو رهينًا لجداول المحاضرات؛ بل أصبح قائدًا لمسيرته المعرفية، ينتقي المصادر، ويختار الوقت، ويرسم الطريق وفقًا لإيقاعه الخاص. ولكن، هل يعني هذا أن التعليم التقليدي قد لفظ أنفاسه الأخيرة؟ أم أننا نعيش لحظة تصادم بين منهجين لا بد أن يتكامل أحدهما مع الآخر؟

شهد العقد الأخير قفزات نوعية في أدوات التعليم الذاتي، بداية من المنصات الرقمية إلى الدورات المفتوحة (MOOCs)، مرورًا بقنوات المعرفة المرئية والتفاعلية. بات الهاتف الذكي مكتبة متنقلة، وبات اليوتيوب أستاذًا متعدد التخصصات، وأصبح الوصول إلى المعرفة أكثر ديمقراطية من أي وقت مضى. هذا التحول لم يعد مقتصرًا على المهارات العملية أو الهوايات؛ بل أصبح يشمل التخصصات الأكاديمية العميقة، مثل علوم الحاسوب، والفيزياء، وحتى الفلسفة.

ومع هذا الزخم، بدأ كثيرون ينظرون إلى التعليم التقليدي كهيكل متقادم، يرزح تحت وطأة البيروقراطية والمناهج الجامدة، ولا يواكب روح العصر. يتساءل البعض: لماذا أضيع سنوات طويلة في قاعات جامعية أستمع لمحاضرات قديمة، بينما أستطيع تعلم نفس المادة – وربما بطريقة أكثر تشويقًا – عبر منصة إلكترونية وأنا في غرفة نومي؟ ولماذا أدفع مبالغ طائلة للحصول على شهادة، بينما يُمكنني إتقان المهارة عمليًا عبر التدريب الذاتي والعمل الحر؟

غير أن الصورة ليست بتلك البساطة. التعليم التقليدي، رغم عيوبه، لا يزال يحتفظ بجوانب لا تعوّض: التفاعل البشري، بيئة التعلم الجماعي، التأطير المنهجي، والتقييم الأكاديمي المحكوم بمعايير دقيقة. ففي حين يُغري التعليم الذاتي بالمرونة، إلا أنه يتطلب انضباطًا ذاتيًا عاليًا، لا يتوافر للجميع. كما أن هناك تخصصات- كالطب، والهندسة، والقانون- لا يمكن إتقانها بالكامل دون إشراف مباشر وتجربة ميدانية مضبوطة.

في الحقيقة، لا يتعلق الأمر بموت التعليم التقليدي؛ بل بإعادة تشكيله. فالعالم لا يسير نحو إلغاء الجامعات؛ بل نحو إعادة تعريف دورها. في هذا السياق، ظهرت نماذج هجينة تجمع بين التعليم الذاتي والمنهجي، وتُعيد توزيع الأدوار بين المعلم والمُتعلِّم. أصبح الأستاذ موجهًا بدلًا من ملقّن، وأصبح الطالب شريكًا نشطًا في بناء المعرفة. وأضحت الجامعات الذكية تدمج المنصات الرقمية في برامجها، لتجعل التجربة التعليمية أكثر تشاركية وتكيّفًا مع احتياجات كل طالب.

ما نعيشه اليوم ليس إعلان وفاةٍ لنظام؛ بل ولادة جديدة له. التعليم التقليدي لم يمت، لكنه يُجبَر على أن يتطوّر، ليواكب جيلًا لا يرضى إلا بما هو مرن، متجدد، ومحفّز. أما التعليم الذاتي، فليس بديلًا كاملًا؛ بل أداة تمكين، تكشف عن القدرات الفردية، وتفتح نوافذ التعلم المستمر في عالم لا يعترف بالجمود.

لقد غيّرت ثورة التعليم الذاتي شكل العلاقة بين الإنسان والمعرفة، لكنها لم تقطع صلتنا بالتعليم المنظّم. السؤال اليوم لم يعد: أيّ النظامين هو الأفضل؟ بل: كيف نصنع تعليمًا يدمج بين حرية التعلم الذاتي وصلابة الإطار الأكاديمي؟ المستقبل لا يُقصي طرفًا؛ بل يصهر التجارب ليولد منها نظامًا أكثر شمولًا وإنسانية. فالتعليم في جوهره ليس مجرد طريقة؛ بل رحلة تستحق أن تكون مرنة، عميقة، ومستمرة مدى الحياة

والسؤال الذي يتعلق بنا نحن العُمانيين هو: إلى أين يمضي بنا نظامنا التعليمي الحالي؟ ومتى ستشهد أنظمته التطور؟

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي يبحث مع القائم بالأعمال القبرصي التعاون في المجال العلمي وتبادل الخبرات
  • وزارة التعليم العالي تناقش واقع الجامعات الخاصة ودورها العلمي على ‏مستوى سوريا ‏
  • وزير التعليم العالي لـ شريف عامر: الذكاء الاصطناعي أصبح من أهم ركائز منظومة البحث العلمي
  • الوزيران الحلبي والسكاف يناقشان الهيكلية التنظيمية لوزارة ‏التعليم العالي
  • سمو الأمير يصدر قرارا أميريا بإنشاء المؤسسة القطرية لدعم الابتكار والبحث العلمي
  • سمو الأمير يصدر قانون دعم الابتكار والبحث العلمي
  • وزارة التعليم العالي تواصل تدقيق ملفات مفاضلات الدراسات العليا ‏عبر ‏فريق فني متخصص
  • سوريا وباكستان تبحثان مجالات التعاون العلمي وتبادل الخبرات
  • ثورة التعليم الذاتي: هل مات التعليم التقليدي؟
  • التعليم العالي تعلن حصاد أداء أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا