التفرغ العلمي: من “تبادل معرفي” إلى “تبادل مناصب”
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
#سواليف
#التفرغ_العلمي: من “تبادل معرفي” إلى “تبادل مناصب”
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة
عندما تم إطلاق فكرة إجازة التفرغ العلمي في الجامعات الأردنية، كانت بمثابة حلم جميل يهدف إلى تعزيز البحث العلمي وتطوير أعضاء هيئة التدريس. الفكرة ببساطة هي أن يمنح الأستاذ فرصة لقضاء عام أكاديمي في جامعة أخرى، يتبادل فيها المعرفة والخبرات، ويتعلم ويُعلِّم، ليعود إلى جامعته الأم حاملاً في جعبته من الأفكار والتجارب ما يرفع من شأنها.
ما يحدث اليوم في بعض جامعاتنا الأردنية أقرب إلى الكوميديا السوداء. بدلًا من أن يكون الأستاذ الزائر مشعلًا للعلم في جامعته المستضيفة، أصبح مشعلًا للمناصب الإدارية! تخيل معي، أستاذ لم يترأس حتى قسمًا في جامعته الأم، يصبح بقدرة قادر عميد كلية أو نائب رئيس جامعة في الجامعة التي يقضي فيها إجازة التفرغ العلمي! إذا كان هذا منطقيًا بالنسبة لك، فربما يجب أن نعيد تعريف المنطق.
القصة لا تنتهي هنا. ما يثير الدهشة أن الجامعات المستضيفة، التي يفترض أنها مليئة بالكفاءات المؤهلة، تستبعد أبناءها من المناصب القيادية لصالح الزائرين. كيف يمكن لمجلس أمناء جامعة أن يوافق على استبعاد أستاذ قضى حياته في بناء هذه المؤسسة ليحل محله زائر قد لا يعرف حتى أين تقع مكتبة الجامعة؟
الإجابة البسيطة تكمن في كلمة واحدة: المحسوبيات. يبدو أن معايير الجدارة والكفاءة لم تعد موجودة في قاموس التعيينات الجامعية. اليوم، المحسوبية هي الملك، والواسطة هي العملة المتداولة.
تجربتي كعضو سابق في مجلس أمناء الجامعة الهاشمية تجعلني أتحسر على ما وصلنا إليه. أذكر كيف كان معالي الدكتور ياسين الحسبان، رئيس مجلس الأمناء، يطلب من رئيس الجامعة الدكتور كمال بني هاني تقديم السير الذاتية لسبعة مرشحين لكل منصب قيادي. كانت هذه السير تُناقش بعمق وشفافية، وكان يتم اختيار الأنسب بناءً على الكفاءة والخبرة فقط. أما اليوم، فكل شيء يبدو وكأنه يُدار تحت الطاولة، دون أي محاسبة أو شفافية.
وإذا تساءلنا عن المسؤول، فالجواب معقد. الأكاديميون الذين يقبلون بهذه المناصب بلا وجه حق يتحملون جزءًا من المسؤولية. رؤساء الجامعات الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على مصلحة مؤسساتهم هم جزء آخر من المشكلة. لكن المسؤولية الكبرى تقع على مجالس الأمناء، التي يُفترض أنها الضامن لشفافية وعدالة التعيينات.
ما يجري الآن يستدعي تدخلًا عاجلًا. فلسفة إجازة التفرغ العلمي بحاجة إلى إنقاذ من العبث الذي أصابها. لا يمكن أن يستمر هذا النهج دون عواقب وخيمة. مستقبل التعليم العالي في الأردن على المحك، وإذا لم نتحرك الآن، فسنجد أنفسنا أمام جامعات تفقد بريقها وسمعتها.
الجامعات الأردنية كانت وستظل منارات للعلم والمعرفة، لكن هذا لن يتحقق إلا إذا عدنا إلى الالتزام بمعايير الجدارة والكفاءة. الإصلاح ليس خيارًا، بل ضرورة، لأن مستقبل التعليم العالي هو مستقبل الأردن. وختامًا، إذا كانت الجامعات ستبقى رهينة للحسابات الشخصية والمصالح الضيقة، فلا عجب أن نرى من يخرج في إجازة تفرغ علمي ليعود “بمنصب إداري جديد” بدلًا من خبرة علمية جديدة!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف
إقرأ أيضاً:
“قبول”: الجامعات ستتواصل مع “الطلاب” قبل بداية الدراسة
البلاد (الرياض)
كشفت منصة “قبول”، الحساب الرسمي للمنصة الوطنية للقبول الموحّد في الجامعات والكليات ومقاعد الابتعاث، أن الجامعات والكليات في المملكة ستقوم قبل بدء العام الدراسي بالتواصل المباشر مع جميع الطلاب والطالبات، الذين تم قبولهم للعام الجامعي الجديد، من خلال إرسال رسائل نصية، تتضمّن بيانات القبول والمعلومات الأساسية، التي تساعدهم في الاستعداد للعام الدراسي.
وأوضحت المنصة أن الرسائل ستُرسل إلى أرقام الهواتف المسجّلة في النظام الإلكتروني للمقبولين، وتحتوي على الرقم الجامعي للطالب، إلى جانب تعليمات الدخول إلى بوابة النظام الأكاديمي الخاصة بالجامعة، أو الكلية التي تم القبول فيها.
ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان استعداد الطلبة بشكل كامل قبل بداية العام الدراسي، وتسهيل عملية تفعيل الحسابات الجامعية والدخول إلى الجداول الدراسية والخدمات التعليمية المختلفة.
ويُنتظر أن يبدأ العام الدراسي للطلبة الجامعيين يوم الأحد الموافق 1 ربيع الأول 1447هـ، الموافق 24 أغسطس 2025م، وفق ما أظهرته التقويمات الرسمية، فيما دعت منصة “قبول” جميع الطلبة إلى متابعة هواتفهم ورسائلهم الإلكترونية باستمرار؛ لضمان استلام المعلومات في الوقت المناسب.