د. الحسبان يكتب .. عن اليرموك وازمتها والساحر الذي يهز قبعته فتلد أرنبا
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
#سواليف
عن #اليرموك وازمتها و #الساحر الذي يهز قبعته فتلد أرنبا.
كتب .. د. #عبدالحكيم_الحسبان
منذ اسابيع تعيش #جامعة_اليرموك رئيسا وعاملين مستوى غير مسبوق من القلق والتوتر بفعل تطورات #أزمة #المديونية غير المسبوقة والخانقة التي غرقت بها الجامعة. انها أجواء كانون الثاني من كل عام التي بات اليرموكيون يعرفونها جيدا .
وسط كل هذا الجو الكئيب والمتوتر يخرج نائب رئيس الجامعة لشؤون التصنيفات العالمية باخبار ليتم بثها على موقع الجامعة، كما يتم ترديدها في بعض الكتابات لزملاء في الجامعة عن واقع وردي للجامعة تتناقض مع احواء الكوانين التي يعيشها اليرموكيون، وتنسف كل الواقع الحقيقي والمعاش الذي يعيشه مجتمع هذه الجامعة. وأما هذه الاخبار فمفادها أن هناك صعودا للجامعة قد لحظته باريس ولندن في تصنيفاتها العالمية.
المشهد بات اذا على النحو التالي؛ أخبار قادمة من شارع شفيق ارشيدات حيث مقر الجامعة في اربد تتحدث عن قلق، وغضب، واحباط حول مصير جامعة باتت تحتضر أو هي في طور ما قبل الاحتضار، وأخبار أخرى وردية مناقضة قادمة من لندن وباريس ونيوورك تقول ان جامعة اليرموك بالف خير. الحدث والواقع في شارع شفيق ارشيدات شيء واخبار لندن ونيويورك عن اليرموك تقول شيء آخر.
حال اليرموك من حيث هو واقع معاش وحال اليرموك كما تريد اخبار التصنيفات العالمية لنا ان نصدقه يذكرني بمشهدية السيرك وسايكولوجيته. ففي السيرك يلتف جمهور حول حلبة دائرية محلقين بشخص يقف على المسرح يملك قدرة جعل عيونهم تصدق ان قبعة سوداء يمكن أن تلد عشرين أرنبا، وإن قطعة قماش سوداء يمكن أن تصبح رزمة مكتنزة من الدولارات. ففي السيرك يمكن للعين ان ترى ماهية الشيء وهو يتقلب إلى شيء آخر والى ماهية اخرى. ولو إلى حين.
ولاننا في الجامعات الأجدر بلقب أهل العلم وأهل المنطق وندرك الفرق بين ما يجري على حلبة السيرك ويراد للعين ان تبصره وبين ما يجري واقعا حقيقيا عجزت العين عن ادراكه في تلك الدقائق أو الثواني التي حدث فيها انقلاب الشيء على ماهيته وعلى جوهره. ولاننا أهل علم ومنطق فسوف نحاول ان نضع الأمور في نصابها وان نجعل الحقيقة تمشي على رجليها وليس على رأسها كما يريد البعض لنا.
قبل عدة سنوات كتبت مطولا مقالة منشورة على موقع جو ٢٤ عن ظاهرة التصنيفات العالمية وعن مستوى نبل السياسات المعتمدة فيها، في مقابل خبث السياسيات التي باتت تنخرها وتنتشر فيها. كما طالبت في المقالة بضرورة ان يكون هناك تصنيف اردني وطني محلي ينبع من ضرورات وصيرورات الواقع الأكاديمي والتعليمي والثقافي الأردني البحت والاستغناء عن ثقافة كل ما هو فرنجي برنجي. مقالات ذات صلة جامعة اليرموك: أزمة متفاقمة ومستقبل مجهول 2025/01/28
ثمة حقيقة مؤكدة وهي ملء البصر والعقل تقول ان جامعة اليرموك تغرق في المديونية، وهي تقول أيضا ان اكثر من ٨٠ بالماية من نفقاتها باتت تذهب للرواتب والاجور. ما يعني ان اقل من عشرين بالمئة من نفقاتها باتت تذهب لبنود الإنفاق على البحث العلمي وعلى النشر العلمي، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء مختبرات جديدة، وتطوير الكادر الاداري، والتشبيك مع قواعد البيانات العلمية العالمية، والابتعاث والتبادل الأكاديمي والطلابي والإداري مع دول العالم، وتطوير القاعات الصفية وتجهيزها بوسائل تعليمية ومعيشية صحية للطالب والاستاذ وغيرها وغيرها.
وفق قواعد هذا المنطق من حقنا ان نسأل نائب الرئيس لشؤون التصنيفات العالمية الذي قذف في وحوهنا هذا الخبر وفي توقيت لافت يثير كثير من التساؤلات؛ كيف يستوي خبر التقدم في التصنيفات العالمية مع الوقائع التي كانت تجري على أرض الجامعة في شارع شفيق ارشيدات من تخفيض وتقليص متواتر ومتتالي للانفاق المالي للجامعة على البنود الواردة أعلاه والتي تشكل روافع معتمدة للولوج إلى التصنيفات العالمية والصعود على درجات سلمها. فكيف تخفض الإنفاق على كل ما له صلة بالتصنيفات العالمية وفي نفس الوقت تقدم اخبارا تتحدث عن صعود في التصنيفات العالمية؟؟
ووفق قواعد هذا المنطق من حقنا ان نسأل نائب الرئيس عن الكيفية التي استقام بها خبر حصول كلية الهندسة على اعتمادات الايبت مع حقيقة اننا لم نقرأ وعلى مدى سنوات اي اخبار عن انشاء مختبرات جديدة في هذه الكلية، ولا عن انشاء لمساحات خضراء في الكلية، ولا عن تدشين لقاعات صفية حديثة ولا عن برامج تدريبية كثيفة للعاملين من اكاديميين وفنيين واداريين وطلبة. المنطق يقول انه وقبل الحصول على الايبت كان على مجتمع الجامعة ان يرى افعالا وانجازات حقيقية على الأرض في المحاور التي تحدثنا عنها يكون خبر الحصول على شهادات الاعتماد هو الخاتمة السعيدة لمسلسل الانجازات والأفعال هذا.
ووفق قواعد هذا المنطق من حق العقل ان يسأل ما معنى ان يتم الحصول على شهادات الايبت في فترة الاغلاقات العالمية اثر جائحة كورونا وإذ كانت تقنية الزووم هي المستخدمة في عمليات التحقق من البيانات، في حين ان لا شيء يجري على الأرض الان وحاليا من أجل تجديد شهادات الاعتماد التي سينتهي مفعولها بعد عام او اقل؟؟
وأما وان هذه الاعتمادات قد مضى على تاريخ الحصول عليها أكثر من أربع سنوات، فهل انعكس هذا النجاح على أعداد الطلبة العرب والاجانب الذين التحقوا بالكلية بعد الحصول على هذه الاعتمادات كي نتحدث عن معنى للنجاح، وكي يكون الحديث عن صعود في التصنيفات العالمية يستحق الإعلانات المتتالية من جانب نائب الرئيس بتحقيق الانتصار؟؟
ومن حق العقل والمنطق ان يسأل نائب الرئيس عن دلالات بث اخبار تحقيقه النجاحات المؤزرة في موضوعة التصنيفات العالمية في توقيتات محسوبة بدقة. فاخبار الحصول على شهادات الايبت كانت تسبق بأيام مواعيد انعقاد مجلس أمناء الجامعة الموقر وبما يضع اعضاء مجلس الامناء تحت أجواء من النجاح لشخص محدد وكي يجري قطف الثمار واتخاذ قرارات وتسميات والقاب أكاديمية جديدة.
ومن حق العقل والمنطق ان يتسائل عن معنى انه وفي الوقت الذي ينخرط فيه رئيس الجامعة الموقر، وكثير من العاملين حوله، كما كل العاملين في الجامعة في سباق ماراثوني من أجل مواجهة أزمة المديونية، يقوم نائب الرئيس بالتغريد في مكان آخر ليتحدث عن نجاحات له. فهل المطلوب في هذا التوقيت تظهير قصص البطولة والنجاح في مواجهة قصص الفشل والأخفاق عند بقية من يقودون؟؟
المنطق والعقل كما الخلق الرفيع يقولون جميعا بان اللحظة التي تعيشها الجامعة تتطلب من الجميع التضامن والتكاتف في مواجهة الازمة. وان اللحظة تتطلب الاعتراف من الجميع وبمن فيهم نائب الرئيس ان اللحظة هي لحظة أزمة وموت وخطر لانهيار مشروع وطني وليس لحظة لتسويق نجاحات تدحضها على الارض وقائع الجامعة المنكوبة.
الحديث عن انجازات على صعيد التصنيفات تأتي من ما وراء البحار ومن تكنوقراط يجلسون في مكاتب مرفهة في لندن وباريس ليقول للعاملين في الجامعة وممن يعيشون حقيقة الجامعة واقعا معاشا هو استفزاز وخصوصا في هذا التوقيت الذي يعيش فيه العاملون في الجامعة قلق احتضار الجامعة وإغلاق أبوابها أمام مديونية فلكية لم يسبق لها ان سجلتها.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف اليرموك الساحر جامعة اليرموك أزمة المديونية التصنیفات العالمیة جامعة الیرموک نائب الرئیس فی الجامعة الحصول على
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: هل ما زال السبت كالأمس زاهياً ومخضرا؟
** أدركت أمريكا أخيرا أن هنالك ٤ ثوابت يمنية لا تستطيع أن تكسرها: الارادة والأرض والجبال والبحر فلملمت طائراتها ورحلت. وتركت اسرائيل وحيدة تعاند في ضرب هذه الثوابت، ولكن لا تجني إلا الخزي والعار والهزيمة. وتظلُ المسيرات اليمنية المباركة تدك ساحات مطار بن غوريون ستجعل منه بقعة جرداء تعافها الطائرات والمسافرين، وتجعل ملايين الاسرائليين في تل أبيب وما حولها يهرعون صباح مساء صوب الملاجئ كالجرذان المسمومة.
تقول إحدى حكايات التراث أن أميرا عربيا مستبدا خرج إلى حدائق في أطراف بغداد وكان في صحبته شاعر وفقيه لا يخشى في الحق لومة لائم وعندما جلسا للسمر والمنادمة ضربت نحلة نشطة وجه الأمير المستبد وأبت أن تفارقه برغم أنه ظل يضربها بكلتا يديه فما أن تغادر حتى تعود فقال غاضبا وقد التفت صوب الفقيه متسائلا: لم خلق الله النحل؟
فرد الفقية: في ابتسامة مطمئنة ليزل بها أنف الجبابرة.
ولكأني بنتنياهو في اجتماع مجلس الحرب يقول غاضبا لوزراء القتلة من اليمين الصهيوني لم خلق الله الصاروخ ذو الفقار اليمني؟
ياتي الجواب سريعا من المناضل والمجاهد اليمني والناطق الرسمي باسم الجيش والشعب يحيى سريع: خلق الله صاروخ ذو الفقار اليمني نحلة يذلُ بها أنف الجبابرة والقتلة والسفاحين.
** طفلة سودانية مليحة خرجت لتوها من قيد الأسرِ في الصالحة يبدو على وجهها الرهق والخوف والأسف على ساحاتٍ كانت حتى بالأمس القريب مسرحاً لتلاقي الصديقات، يمرحن في طلاقة صوب المدارس. ورغم الجوع والمهانة والثياب الرثة إلا أن كل هذه المصاعب لم تستطع أن تضيع تلك الملامح الطيبة والجمال الطبيعي الحلال.
ولكأني بها ترسلُ برقية لومٍ وعتاب للعواصم الأفريقية والعربية وتذكرهم بدمعها المسكوب، كيف تناسيتم السودان الجريح والمقتول والمغتصب والجائع؟ كيف تجاهلتم الخرطوم سيدة اللاءات الثلاثة والعون غير المحدود للثورة الجزائرية والشعب الليبي وباتريس لومبا؟ وجواز سفر مانديلا حين عزت عليه البطاقات والهويات؟ كيف تجاهلتم خرطوم حرب القنال؟ والوقوف بشرف لصالح النضال الفلسطيني والقضايا المركزية لقوى الخير والسلام في كل قارات العالم؟ كيف تناسيتم مسيراتها الحارة وتظاهراتها الصاخبة ضد الظلم والقهر والاستعمار؟
كان لسان حال الطفلة المخبوء بالمعرفة القادم يجلد أروقة الجامعة العربية، وقد حورت قليلا أغنية سيف الدسوقي بصوت الجابري الفياض من الحنين والشجن في رسائل الشوق السوداني الجهير:
مافي حتى (مسيرة) واحدة
بيها نتصبر شويه
والوعد بيناتنا انك كل يوم
(تحزن) عليا
هل يجوز (والجفوة) حارة
(بالرصاص) تبخل عليا
أما النص الحقيقي فيبقى أبدا حارا في قلوب ومناديل ودموع العشاق والمحاربين.
** مما يشدني للأدب الشعبي في مقاماته المختلفة المديح والغناء بمناحاته ونسيبه ومراثيه وحقيبته والدوبيت أن صدقه يتدفق من واقعيته وملامسته للواقع والناس والأشياء. ومما استدل به في هذا المقام أن الشاعر القومي الكبير ود شوراني كان يزور أسرةً يحبها وتحبه في إحدى البنادر، وكان الرجل يرمي بصره على واحدة من حسان الأسرة ولم يكتب له الزمان القاسي (القسمة) زارهم مرة والمكان معتكر بانقلاب عسكري وحظر التجوال شائع في التلفاز والاذاعة وفي الصحف وما يتداوله الناس. أكرموا الرجل وبدأ الأنس وهو يقرأ شعره بزهوٍ وسط الأسرة الكريمة وقد كان يفتعل (تكسير الدقايق) حتى جاوزت الساعة ميقات حظر التجوال فحمل عكازه الشهير وأحكم ثوبه وعمامته وهم بالمغادرة مودعاً فقالت له الملهمة في لطف: أن هذا زمان حظر التجوال والخروج في هذا الوقت يا شيخ العرب يعرضك للمساءلة وربما الاعتقال، وآزرها في ذلك الاهل. ظل ساهرا معهم حتى مطلع الفجر وسط تحالف الشاي النعناع والدوبيت المفصح وقد وثقها عليه الرحمة بهذا المربع:
غفر الساعة واحد حام وانا لقيت هَوّي
فوق الرمشو إجرح ونور بسيمتو يكوّي
الخلاني ما بنلام قدر ما اسوّي
خمد خيت الضلام واصبح خديدو يضوي
ترى هل مات في سودان الحزن العميم والخرطوم الأطلال بقية للشعر والفرح والغناء؟ الأجابة صعبة بعد رحيل كل المبدعين في الحضر والبوادي وفي مقدمتهم ود سند وود شوراني.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب