أنا جد آسفة أنني لم أستطع التحدث في مناسبة تشييع والدي، الباقر العفيف مختار. لقد تغير كل شيء بسرعة كبيرة؛ لم أستطع أن أستوعب تمامًا أن المناسبة كانت من أجل وفاته. كنت أتحمل الألم على شكل لمحات: رؤية صديق عائلة مقرب يبكي، أو رؤيته هو، لكن ليس للمرة الأخيرة. كان قلبي يدق لاستيعاب أن اليوم الذي كنا نخافه طويلاً و نرفض التفكير فيه قد حان فعلا.

جزء مني لا يزال لا يتقبل الخبر – لا أزال متلهفة لإظهار الأشياء التي أكتشفها له أو لأطرح سؤال قبل أن أتذكر.

كان والدي دائمًا هو الذي يوجهني خلال هذه التجمعات. كان يترجم للي الأجزاء التي لم أفهمها، يذكرني بالمطلوب، ويشجعني عندما أحتاج ذلك. كنت أشعر دومًا بالقوة بجانبه. في كثير من الأحيان طوال ذلك اليوم، كان دافعي الأول هو التوجه إليه لطلب المساعدة في اجتيازه. بدونه، تقلصت قدرتي على أن أكون نفسي، وعلى أن أكون واثقة بنفسي. كان جزءًا كبيرًا مني. كان جزءًا كبيرًا من كل اجتماع مع آخرين.

هناك بعض العزاء في معرفة أنني لست وحدي في هذا الشعور بالوحدة. كان بابا روحًا نادرة قادرة على تحسين حياة كل من عرفه وعلى تحسين المزيد ممن لم يعرفوه. في الزيارات إلى السودان، أصبح من المعتاد رؤية الغرباء يتوقفون ليشكرونه على تغيير حياتهم بطرق لم يرها أبدًا. مشاهدة والدي على الجزيرة أو البي بي سي جعلتني أتفاخر لأصدقائي بأن والدي كان من المشاهير (كونه على التلفزيون هو أعلى رمز للهيبة بين الأطفال)، ولكن حقيقة، كان ذلك الشعور حتى قبل أن أتمكن من فهم كلماته تمامًا، وقد نشأ لدي شعور من ذلك بأن كل شيء ممكن، وأننا جميعًا يمكننا أن نترك بصمتنا على العالم إذا أردنا.

على مر السنين، كان يثبت ذلك باستمرار، متجاوزًا كل توقع وقيود، من تحويل الستة أشهر التي قيل له إنه سيعيشها إلى سبع سنوات، إلى وضع أسس الحركة التي ستنهي عمر البشير، بعد الثلاثين عامًا من عقابه.

كان بوصلة أخلاقية ونجمًا هاديًا لنا. لكنه كان أيضًا الشخص المفضل لدي لخوض تجربتي مع العالم – لمشاهدة البرامج أو مناقشة الأفكار معه. كان الشخص الذي أثق برأيه أكثر من غيره، والذي كانت موافقته تطمئنني أن الفكرة لها قيمة. لا أعرف ماذا سأفعل أو من سأكون بدونه. كان لدينا قائمة طويلة من الأفلام التي كنا نخطط لمشاهدتها معًا. آخر فيلم شاهدناه، “العم بونمي الذي يمكنه استذكار حيواته السابقة”، أثر في كثيرا لدرجة أنه أراد قص جزء منه. أحد الاقتباسات من ذلك الجزء هو: “الأشباح ليست مرتبطة بالأماكن، بل بالأشخاص – بالأحياء.” وعندما كنت أحاول جمع الشجاعة للتحدث في الجلسة، كنت أسمع صوت بابا في أذني. كنت أعرف بالضبط ما كان سيقوله – حتى نغمة صوته وتنغيمه – ليخرجني من ترددي. وعلى الرغم من أنني لم أتمكن من المضي قدمًا بدونه بعد، إلا أن روحه لا تزال حية وقوية كما كانت دائمًا. طالما نستمر في الاستماع إليها، لا يزال لدينا فرصة لنرتقي ونترك بصمتنا فيما حولنا، تمامًا كما كان يفعل معي في كل مرة.

*اصل الكلمة كتب باللغة الانجليزية وتمت ترجمته إلى العربية بواسطة الاخ عبد الله عثمان

الوسومالباقر العفيف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الباقر العفيف

إقرأ أيضاً:

أمينة وليد مصطفى خلال حفل كأس إنرجي للدراما: سنكمل وصية والدي بكل إخلاص

وجهت أمينة وليد مصطفى، ابنة رجل الأعمال الراحل الدكتور وليد مصطفى، كلمة مؤثرة خلال مشاركتها في حفل توزيع جوائز “كأس إنرجي للدراما” في موسمه التاسع، والذي تنظمه إذاعة راديو إنرجي 92.1 لتكريم أبرز نجوم وأعمال الموسم الرمضاني.

وقالت أمينة:
“والدي غاب بجسده، لكنه لا يزال حاضرًا في قلوبنا ونفوسنا. قررت إذاعة إنرجي إقامة هذا الحفل وفاءً لوصيته، التي شدد فيها على أهمية الاستمرار في دعم الفن وتكريم المبدعين. سنواصل هذا الطريق بكل قوة كما أراد”.

وأضافت:
“أنا فخورة بكوني ابنة وليد مصطفى، وسأعمل بكل النصائح والقيم التي تعلمتها منه. كانت حياته مليئة بالشغف والالتزام، وسأسعى لأن أكون على قدر إرثه ومحبته لهذا المجال”.

وقدّمت أمينة التكريم الخاص بالنجم الكبير عادل إمام، الذي تم اختياره كضيف شرف الدورة الحالية، تقديرًا لمسيرته الفنية الحافلة التي أثرت الدراما المصرية والعربية على مدار عقود.

يُذكر أن الحفل أقيم بأحد فنادق القاهرة الكبرى، بحضور نخبة من نجوم الفن والإعلام، وشارك فيه عدد من أبرز الفنانين الذين لمعوا خلال موسم رمضان 2025. ويُعد “كأس إنرجي للدراما” من أبرز الفعاليات الفنية السنوية التي تحتفي بالإبداع والتميز الدرامي، ويواصل في موسمه التاسع تكريم من نالوا إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء

طباعة شارك أمينة وليد مصطفي وليد مصطفي راديو إنرجي

مقالات مشابهة

  • سارة عدس أمام المحكمة: "سفاح الإسكندرية استدرج والدي وقتله بدم بارد
  • الإعيسر: أمريكا سارعت باتهام السودان في الوقت الذي تم فيه ضبط أسلحة أمريكية بيد المليشيا المتمردة
  • لاستعطاف الدائنين.. الإعدام لـ فلاح تخلص من ابنته الرضيعة بمصرف مائي في أسيوط
  • أمينة وليد مصطفى في حفل «كأس إنرجي للدراما»: والدي لا يزال حاضرا في قلوبنا
  • أمينة وليد مصطفى بحفل كأس إنرجي للدراما: والدي حاضر في قلوبنا
  • أمينة وليد مصطفى خلال حفل كأس إنرجي للدراما: سنكمل وصية والدي بكل إخلاص
  • سوال : هل نظام الجباية الذي اسسه المستعمر صالح ليكون نظاما للتنمية الوطنية ؟!
  • حيثيات حكم حبس ربة منزل عامين لتزويرها عقد بيع شقة باسم والدها المتوفى
  • حيثيات حبس ربة منزل سنتين زورت توقيع والدها للاستيلاء على شقة بالجيزة
  • قوى سياسية سودانية لـ”المحقق”: العقوبات الأمريكية على السودان محاولة للتغطية وعلى الحكومة التعامل مع آثارها