الجزيرة:
2025-06-08@01:59:17 GMT

عائدون لتفقّد منازلهم بمخيم جنين: كأننا في جباليا

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

عائدون لتفقّد منازلهم بمخيم جنين: كأننا في جباليا

كانت اللحظة الأولى لوصول أم هاني إلى مخيم جنين بعد أيام من النزوح صادمة، دمار على مد البصر، ومنازل سويّت بالأرض، وشوارع جُرفت، وآثار الحرائق لا تزال واضحة في عدد من البيوت. في حين يخلو المخيم من ساكنيه ويمتد صمت كبير في أزقته يقطعه صوت الطائرات المسيّرة التي تحلق بشكل مستمر.

رافق عدد من الصحفيين ابنة المخيم أم هاني في مجازفتها، وعند وصولها إلى الحي الذي تسكنه قالت "ليست هذه الحارة التي تركتها قبل أيام".

كانت تحاول الوصول إلى منزلها القريب من ساحة المخيم الرئيسية، وقد مضى 20 يوما على بدء العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة "السور الحديدي" في مخيم جنين، والتي امتدت إلى 4 مخيمات للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية حتى الآن.

"كأننا في جباليا"

سكنت أم هاني مخيم جنين قبل 53 عاما، وعايشت فيه الانتفاضة الأولى (1987) ومعركته الشهيرة في الاجتياحات الإسرائيلية عام 2002، حيث هدم فيها الاحتلال أحياء كاملة في المخيم على مدار 11 يوما، من التوغل العسكري.

تقول إن ما حدث يومها لا يضاهي ما يحدث الآن، وأن ما يشهده المخيم اليوم أشبه ما حدث من تدمير واسع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة في الحرب التي اندلعت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

وبحسب تصريح مساعد محافظ جنين منصور السعدي، فإن "الاحتلال دمر مخيم جنين بالكامل، وهجّر أكثر من 20 ألف مواطن قسرا". في حين تشير تقديرات بلدية جنين إلى تدمير قرابة 100 منزل بشكل كامل وحرق وهدم مبان أخرى بشكل جزئي".

لكن الواقع الذي تكشف لحظة دخول الفرق الصحفية لأول مرة إلى داخل المخيم، الأحد، يظهر بكل وضوح أن حجم الدمار في المنازل يفوق ما تحدثت عنه الجهات الرسمية حتى الآن.

أم هاني تحاول الوصول إلى منزلها المدمر في مخيم جنين (الجزيرة) لا شيء على حاله

طلبت السيدة من الصحفيين مرافقتها إلى منزلها في الشارع الموحل بفعل التجريف وتجمع مياه الأمطار، غاصت قدميها مرات عدة، وعلى جوانب الطريق كانت تشرح حال كل منزل تمر به، وكيف خسر أهله تعب سنين حياتهم في لحظات.

تتقدم نحو منزلها، وتتوقف لتقول "لا منازل صالحة للسكن، لم يبق شيء في المخيم، هدموا كل شيء، لم يبق بيت لم تصل إليه جرافات الاحتلال".

تعيش أم هاني (74 عاما) في المخيم وحدها، وبعد توغل جرافات الاحتلال بقيت يومين في منزلها رافضة النزوح، وكانت تسمع أصوات نسف المنازل وهدمها، فقررت الخروج إلى منزل ابنتها في مدينة جنين بعد اقتراب الجرافات العسكرية الإسرائيلية من الشارع الذي تسكنه.

لأول مرة منذ أسابيع

كانت المرة الأولى التي تنجح فيها الفرق الصحفية من الدخول إلى عمق المخيم بعد انسحاب آليات الاحتلال من بعضها، وتحديدا حارة الحوّاشين ومنها إلى أطراف ساحة المخيم الرئيسية.

تقدم عدد من الأهالي ومن بينهم أم هاني لاعتقادهم أن جنود الاحتلال قد يكونون أقل شراسة في التعامل معهم بوجود الطواقم الصحفية.

عندما وصلنا المنزل في الشارع المحاذي لساحة مخيم جنين، حاولت أم هاني الدخول من الباب الذي أغلق بالسواتر الترابية، بفعل تجريف الشوارع، واستعانت بالصحفيين لمساعدتها على تجاوز الأسلاك والحجارة للوصول إلى مدخله، وهناك صدمت من حجم الخراب والدمار.

إعلان

"لم يتركوا خيطا في إبرة" هكذا اختزلت ما حدث في منزلها الصغير، و"كل شيء مكسّر. الأبواب والزجاج، والأثاث، كل شيء".

جرافات الاحتلال دمرت ما يزيد على 100 منزل في المخيم بشكل كامل (الجزيرة) محاولات قطعها الرصاص

في المنزل المجاور، حاول جارها أنس الطوباسي (33 عاما) الدخول لمنزله من أجل إخراج ملابس وبطانيات له ولأطفاله. وقال "نزحنا من المنزل من دون أن نحمل الكثير من الملابس والحاجيات الأساسية، واعتقدنا أن الاقتحام سيستمر أسبوعا على أبعد تقدير كما كان يحدث سابقا، لكن مرت 3 أسابيع ولا بوادر لانسحاب قوات الاحتلال".

وفاقم سوء الأحوال الجوية والأمطار الشديدة من تدهور أوضاع الأهالي الذين خرجوا من بيوتهم، وتوزعوا على 39 بلدة وقرية في محافظة جنين، بحسب المسؤولين في البلدية.

لذا يحاول الناس العودة من وقت لآخر وعند وصول أية معلومة عن انسحاب جيش الاحتلال من أي حارة من حارات المخيم، لنقل حاجياتهم الأساسية وملابسهم من داخل المنازل التي تركوها مجبرين.

أما محاولات الطوباسي في أخذ ملابس لأولاده فلم تنجح، فبعد وصوله إلى المنزل بلحظات بدأ الرصاص يخترق جدران المنزل ومحيطه.

احتجاز واستجواب ومنع

أطلق جنود الاحتلال النار على الواصلين إلى ساحة المخيم والصحفيين الذين رافقوا أم هاني والطوباسي. وتمكن عدد منهم من الخروج من المنطقة، لكن أم هاني وبقية المرافقين لها لم يحالفهم الحظ في الخروج وظلوا عالقين، في حين وصلت طائرة مسيرة إلى الموقع وبدأت تصويرهم ومراقبتهم.

شذى حنايشة، إحدى الصحفيات التي رافقت أم هاني، تقول إن قوات الاحتلال تمركزت في الشارع الأمامي لمنزل أم هاني ما حال دون تمكنهم من الخروج خوفا من رصاص القناصة.

وتضيف "قررنا الوقوف أمام المنزل بزيّنا الصحفي، وحاولنا أن نكون ظاهرين للطائرات المسيرة، ثم حاولنا الاتصال ببقية الزملاء ليحددوا لنا موقع الجنود، لكنهم نصحونا بعدم المجازفة بالخروج ومن الأفضل التنسيق لخروجنا بسيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر".

إعلان

طوال نصف ساعة بقيت شذى وآخرون، أمام منزل أم هاني لا يستطيعون التقدم أو الظهور أمام قناصة الاحتلال، حتى اقتربت منهم آلية عسكرية إسرائيلية وترجّل الجنود منها وطلبوا من الكل التوجه نحوهم.

صاح أحد الجنود "ارفعوا أيديكم، وتقدموا"، "ثم طالبنا بتسليم هواتفنا النقالة له، وشدد على أن نعطيه كل الهواتف، بمعنى من يحمل منا هاتفين أو أكثر عليه تسليمها كلها" قالت حنايشة.

ثم أمر الجنود الصحفيين بالوقوف أمام الآلية العسكرية، واستجوبوهم حول طريقة دخولهم المخيم ومن أي اتجاه دخلوا وعن سبب وجودهم بالمكان باعتباره "ساحة حرب" كما أسماها ضابط التحقيق.

وبحسب حنايشة، ظلت الطواقم الصحفية قرابة 20 دقيقة محتجزة لدى جيش الاحتلال الذي سأل عن كل وسيلة إعلامية يعملون بها، وعن سبب وجودهم قرب أم هاني، وإن كانوا دخلوا إلى المخيم بواسطة مركبات خاصة أم لا، وعن سبب تصويرهم للجنود.

تقول حنايشة "سألوني عن لقطات الفيديو في هاتفي، ولماذا صورتهم؟ وما الهدف؟ أجبتهم أن هذا جزء من عملنا الصحفي ونحن نقوم به منذ أن بدأت حملتهم العسكرية على جنين ومخيمها، كان واضحا جدا عليهم خوفهم من ظهور وجوههم في الصور ومقاطع الفيديو".

وعزز اعتقاد الصحفية طريقة تغطية الجنود لوجوههم طوال وجودهم في المخيم وعلى أطرافه. وحتى في الصور التي يتعمد جيش الاحتلال نشرها لجنود في منازل المواطنين بمخيمات جنين والفارعة وطولكرم، كلها أخفوا فيها وجوههم بقطع قماش أو بالأقنعة.

بعد مرور 20 دقيقة سمح الاحتلال لشذى وبقية الصحفيين بالمغادرة مشيا، لكنهم أبلغوهم بعدم السماح لهم بدخول المخيم للتغطية الصحفية مرة أخرى.

جزء من التدمير الذي طال منازل ومحال وممتلكات المواطنين في مخيم جنين (الجزيرة)

ونالت أم هاني وجارها الطوباسي قسطا من الاحتجاز والاستجواب، وفتش الاحتلال الأغراض التي استطاعت أم هاني حملها معها من منزلها المدمر في المخيم، قبل مغادرتها بمركبة الإسعاف التي استطاعت أخيرا الحصول على تنسيق لإخراجها والصحفيين خارج حدود المخيم.

إعلان

أثناء مغادرتها الحي، التفتت السيدة نحو منزلها وقالت "وين بدنا نروح؟ آخرتنا بنرجع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مخیم جنین فی المخیم إلى منزل أم هانی فی مخیم عدد من

إقرأ أيضاً:

فتوح: مجزرة الاحتلال بحق عائلة خضر في جباليا تعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنساني

الثورة نت/..

أكد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، أن مجزرة الاحتلال الإسرائيلي بحق عائلة خضر في مخيم جباليا والتي راح ضحيتها أكثر من 40 شهيدا بينهم أطباء ومهندسون وأكاديميون وأطفال، تعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنسانية وجريمة تطهير عرقي متعمدة تهدف إلى اقتلاع العائلات الفلسطينية من السجل المدني في مشهد يعيد إلى الأذهان أكثر الجرائم فظاعة في التاريخ الحديث.

وأوضح فتوح في بيان صادر عن المجلس الوطني الفلسطيني، اليوم السبت قائلا: “نذكر العالم أن الدفاع عن النفس لا يمر عبر قتل وجرح أكثر من 50 ألف طفل، وعبر تدمير المنازل على رؤوس سكانها ولا عبر محو العائلات الفلسطينية من السجلات المدنية، هذه الجرائم تمثل ذروة الإرهاب المنظم الذي تمارسه حكومة المجرمين الإرهابية”.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل مسؤولية مباشرة في استمرار هذه المجازر من خلال حمايتها السياسية والدبلوماسية لحكومة الإرهاب وتعطيلها المتكرر لأي قرارات يمكن أن تصدر عن مجلس الأمن لوقف العدوان وفرض المحاسبة.

وشدد فتوح على أن هذا الانحياز الأمريكي الفاضح لا يطيل أمد الحرب فحسب، بل يشكل تشجيعا مباشرا على ارتكاب المزيد من الجرائم، ويقوض أي أمل في تحقيق العدالة أو السلام في المنطقة.

وختم، أن صمت المجتمع الدولي أمام هذه الجرائم يعد شراكة في الجريمة، ولن يتحقق الأمن أو الاستقرار ما دامت آلة القتل الإسرائيلية تعمل دون رادع وما دامت القوى الكبرى تتواطأ بالصمت أو بالتغطية السياسية مكتفية ببيانات شفوية منذ 608 يوم كان الضحية عشرات الآلاف من الأبرياء.

مقالات مشابهة

  • انفجار عبوة ناسفة بآلية عسكرية إسرائيلية وسط مدينة جنين
  • الاحتلال يهدم عشرات المنازل بالضفة ويجبر 25 ألف فلسطيني على ترك منازلهم
  • سرايا القدس تنفذ كمين محكم في قوة صهيونية بمخيم جباليا
  • فتوح: مجزرة الاحتلال بحق عائلة خضر في جباليا تعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنساني
  • جيش الاحتلال الاسرائيلي يعتقل قائد كتيبة جنين التابعة للجهاد الإسلامي
  • الاحتلال يواصل هدم المنازل في مخيم طولكرم
  • الاحتلال يداهم عدة منازل في جنين ومستوطنون يهاجمون رعاة بالخليل
  • الاحتلال يعتقل 3 شبان بعد محاصرة منزل في وادي برقين غرب جنين
  • كمين مركب للقسام شرق مخيم جباليا
  • القسام تكشف تفاصيل مثيرة لكمين جباليا.. نسفت رواية الاحتلال