مخاوف من تكرار سيناريو الإرهاب عام 2014 في العراق.. مخيم الجدعة الفرص والتحديات - عاجل
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - نينوى
يشهد العراق نقاشًا حادًا حول قرار الحكومة نقل مئات العوائل من مخيم الهول السوري إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل، وسط تحذيرات من احتمالية تشكيل حواضن جديدة للإرهاب، مقابل دعوات لإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
مخيم الهول.. قنبلة موقوتة تهدد المنطقة
مخيم الهول، الواقع في شمال شرق سوريا، يأوي عشرات الآلاف من عوائل مقاتلي تنظيم داعش، بما في ذلك نساء وأطفال يحملون جنسيات مختلفة.
يقول عضو مجلس النواب المختار الموسوي، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن "مخيم الهول ليس سوى أجندة دولية تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، عبر استخدام التطرف كأداة لتحقيق غايات سياسية". ويضيف أن "الإرهاب هو صناعة استخباراتية معروفة، وهذا ما يفسر استمرار الحماية للمخيم رغم احتوائه على آلاف الإرهابيين من مختلف دول العالم".
وبحسب الموسوي، فإن "وتيرة تهريب عوائل داعش من مخيم الهول ارتفعت خلال الأسابيع الماضية، مما يشير إلى مخطط جديد لإثارة الفوضى، خصوصاً مع تنامي نشاط التنظيم في عدة مناطق سورية مؤخرًا".
قلق في نينوى.. مخاوف من تكرار سيناريو 2014
في نينوى، حيث تعاني المحافظة من إرث داعش الثقيل، أبدى مسؤولون محليون قلقهم البالغ من نقل العوائل إلى مخيم الجدعة، خوفًا من عودة نشاط الجماعات المتطرفة.
يقول عضو مجلس نينوى محمد عارف، في حديث لـ"بغداد اليوم": "نقل الحكومة المركزية مئات العوائل من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل يشكل مصدر قلق بالغ بالنسبة لنا، لأنه قد يؤدي إلى تشكيل حاضنة للجماعات الإرهابية، وبالتالي إعادة سيناريو أسود لا يمكن قبوله مرة أخرى، خاصة وأن أحداث حزيران 2014 لا تزال حاضرة في ذاكرة الجميع بصورها المأساوية".
يستذكر عارف تلك الحقبة المظلمة، حين اجتاح تنظيم داعش الموصل، مخلفًا آلاف الضحايا والمقابر الجماعية، محذرًا من أن "وجود تلك العوائل قد يؤدي إلى جذب عناصر متطرفة من داخل وخارج العراق، وبالتالي سنكون أمام موقف أمني صعب".
ويؤكد أن "الحديث عن خضوع تلك العوائل إلى برنامج تأهيل نفسي ودمج في المجتمع هو في الأساس حبر على ورق"، مشيرًا إلى أن "نقلهم إلى المناطق التي كانوا يسكنون بها قد يخلق مشاكل أخرى".
التأهيل والدمج.. حل ممكن أم مجرد نظريات؟
في المقابل، تدافع أطراف حكومية عن خطة تأهيل العوائل العائدة من المخيمات، معتبرة أن التعامل الإنساني والأمني مع هذه القضية هو الخيار الوحيد لتفادي أزمة أكبر مستقبلاً.
يقول مسؤول في وزارة الهجرة والمهجرين، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن "هناك برامج تأهيل نفسي واجتماعي تُنفذ بإشراف منظمات دولية، وتهدف إلى إعادة دمج هذه العوائل تدريجياً في المجتمع"، لكنه يعترف في الوقت ذاته بأن "العملية ليست سهلة، وتواجه تحديات كبيرة، سواء من الناحية الأمنية أو المجتمعية".
بعض العوائل القادمة من مخيم الهول تتعرض للرفض الاجتماعي من سكان المناطق الأصلية التي كانوا يعيشون فيها قبل نزوحهم، حيث يُنظر إليهم كحاضنة محتملة للفكر المتطرف. هذا الأمر يزيد من صعوبة إعادة إدماجهم في المجتمع العراقي، ويخلق مخاوف من ظهور جيوب معزولة قد تصبح بؤراً جديدة للتطرف.
هل يشكل مخيم الجدعة خطرًا أمنيًا؟
مخيم الجدعة، الذي يقع على بُعد 60 كيلومترًا جنوب الموصل، كان قد أُعيد تأهيله ليكون مركزًا لاستقبال العوائل العائدة من سوريا، إلا أن بعض السياسيين والأمنيين يرون أن المخيم قد يتحول إلى نقطة تجميع للعناصر المتطرفة.
يقول الخبير الأمني أحمد الشمري لـ"بغداد اليوم": "مخيم الجدعة قد يكون خط الدفاع الأول ضد عودة التطرف، لكنه قد يكون أيضًا قنبلة موقوتة إذا لم يتم التعامل معه بحذر"، مشيرًا إلى أن "المراقبة الأمنية وحدها ليست كافية، بل يجب أن يكون هناك عمل مكثف على تفكيك الفكر المتطرف عبر برامج تربوية ودينية واجتماعية مدروسة".
موقف الحكومة العراقية.. بين الضغوط الدولية والمخاوف الداخلية
الحكومة العراقية تجد نفسها بين ضغوط دولية تطالبها بإعادة مواطنيها المحتجزين في المخيمات السورية، ومخاوف داخلية من انعكاسات هذه العودة على الوضع الأمني.
بحسب مصادر مطلعة، فإن "الولايات المتحدة والأمم المتحدة تضغطان على بغداد لاستقبال مواطنيها الموجودين في الهول، خصوصًا مع تزايد المخاوف من أن تتحول هذه العوائل إلى قنبلة بشرية تُهدد الأمن الإقليمي".
وفي هذا السياق، تؤكد الحكومة العراقية أنها اتخذت إجراءات مشددة لضمان عدم تسلل عناصر خطرة إلى داخل البلاد، حيث تم "إجراء فحوصات أمنية دقيقة لكل العوائل التي تم نقلها"، وفق ما ذكره مصدر أمني.
الخلاصة: بين الأمن والاستقرار.. معضلة العراق المستمرة
يجد العراق نفسه أمام معضلة معقدة؛ فمن جهة، لا يمكن ترك مواطنيه في المخيمات السورية إلى الأبد، ومن جهة أخرى، هناك مخاوف أمنية مشروعة من احتمالية عودة التطرف عبر هذه العوائل.
يقول الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، علي الكاظمي، إن "العراق بحاجة إلى استراتيجية متكاملة، تشمل إعادة التأهيل، والتنمية الاقتصادية، والمراقبة الأمنية المشددة، إضافة إلى جهود حقيقية لمحاربة الفكر المتطرف عبر مناهج تربوية وإعلامية مدروسة".
وبين المخاوف الأمنية والالتزامات الإنسانية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سينجح العراق في منع تكرار سيناريو 2014، أم أن مخيم الجدعة سيكون بداية فصل جديد من التحديات الأمنية؟
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: من مخیم الهول بغداد الیوم مخیم الجدعة فی المجتمع مخاوف من
إقرأ أيضاً:
ما مصير الأزمة بين بغداد والكويت بعد تدخل رئيس القضاء العراقي؟
أثار دخول رئيس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان على خط الأزمة اتفاقية "خور عبد الله" بين الكويت والعراق، جدلا واسعا في البلاد، ولاسيما بعد انتقاده قرار المحكمة الاتحادية العراقية القاضي بإلغائها، ووصفها بأنها تجاوزت صلاحياتها الدستورية.
ورأى زيدان عبر مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الأسبوع الماضي، أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ وأصبحت ملزمة بموجب مبدأ "احترام المعاهدات"، وأن إلغاءها سيُبطل أكثر من 400 اتفاقية دولية أُبرمت سابقًا بأغلبية بسيطة، وهو ما يُهدد بإسقاط المنظومة التعاقدية للدولة.
وتسببت تصريحات زيدان، بخروج مظاهرات احتجاجية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، رفضا لما أسمته تدخلا في شؤون المحكمة الاتحادية العليا، واصفين مطالبته بالعودة إلى العمل بها بأنه "تأييد لبيع أرض عراقية"، نفذها مسؤولون عراقيون عام 2013.
"مجرّد رأي"
وعما إذا كان رأي "زيدان" يمهد لتراجع المحكمة الاتحادية عن قرارها، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب عامر الفايز، إن "المحكمة الاتحادية هي السلطة القضائية العليا في البلاد، ولا توجد سلطة عليها توجهها".
وأضاف الفايز في حديث لـ"عربي21" أن "قرارات المحكمة الاتحادية باتة ونافذة، لكن الجدل الحاصل في الوقت الحالي هو في عدم وضوح الرؤية بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت في خور عبد الله".
وأوضح النائب العراقي أن "أعضاء البرلمان لديهم عدم وضوع في موضوع الاتفاقية، لأنه مرة نرى أنها تصب في صالح العراق لأن البعض يفسرها كذلك، ومرة أخرى نراها ضد البلاد عندما يشرحها لنا آخرون بشكل مختلف عن الرأي الأول".
وأكد الفايز أن "الموضوع بحاجة إلى إيضاح شامل، لذلك من الضروري استضافة خبراء مختصون في شؤون البحار وترسيم الحدود، حتى يوضحون الصورة بشكل قطعي حتى نفهم جيدا هل أن اتفاقية خور عبد الله هي لصالح العراق أم ضده؟".
من جهته، قال الخبير القانوني ومحافظ البصرة السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، إن قرار المحكمة إلغاء قانون اتفاقية "خور عبد الله"، الذي صوت عليه البرلمان العراقي، جاء بسبب عدم توفر أغلبية الثلثين من النواب، بالتالي الأمر غير قابل للتراجع".
وأفاد عبد اللطيف لـ"عربي21" بأن "تصويت البرلمان على قانون اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، كان بحضور النصف زائد واحد من النواب، وهذا يخالف المادة 94 من الدستور التي تنص على أغلبية الثلثين، بالتالي المحكمة ألغت القانون، وبذلك تصبح الاتفاقية باطلة".
ولفت إلى أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، شرح وجهة نظره القانونية فحسب، لأنه لا يجوز لأي شخصية أن تملي أو تهيئ للمحكمة الاتحادية القرارات التي تتخذها، وعلى هذا الأساس فإن الأخيرة غير ملزمة في الأخذ بما يطرح عليها، لأن قرارها مستقل".
ونوه عبد اللطيف إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا حولت ملف الاتفاقية إلى البرلمان، وطلبت منه إعادة التصويت عليها"، كاشفا أن "العدد الرافض لها حتى الآن- حسب المعلومات التي وردت لنا من النائب عامر عبد الجبار- وصل إلى 194 نائبا.
وبيّن الخبير العراقي أن "النواب الـ 194 وقعوا على مطالعة قدمها النائب عامر عبد الجبار في البرلمان، لإبطال اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، لكن النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاي، لم يعرضها للتصويت لأنه أكد أن قرار المحكمة الاتحادية بات وملزم على السلطات كافة".
مصير الطعون
وبخصوص الطعون التي قدمها رئيسي الجمهورية والحكومة في العراق ضد قرار المحكمة الاتحادية إلغاء الاتفاقية، قال الفاير: "لا استبعد أن تكون في القضية تحمل نوعا من المجاملات السياسية تجاه الكويت سواء من مسؤولين أو شخصيات أخرى".
وأضاف النائب العراقي أن "كل جهة في العراق تنظر إلى الاتفاقية من منظار معين، لكن لا أتوقع أنه ثمة أحد أو جهة سياسية تستطيع مجاملة الآخرين على حساب أراضي الوطن".
وفي السياق ذاته، قال عبد اللطيف إن "رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والقضاة كلهم عندما يتسلمون مناصبهم يقسمون - طبقا للدستور- بالحفاظ على العراق أرضا وماءً وسماءً، بالتالي وجب عليه المحافظة على حدود العراق وليس الطعن فيها".
وبحسب الخبير العراقي، فإنه "جرى مؤخرا سحب طعني رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ضد اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، وحتى لو تركت في المحكمة الاتحادية العليا، فإنها لا شك ستلغيها من الأساس".
كان مقررا في 22 نيسان/ أبريل الماضي، أن تبت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بالطعون التي قدمها رشيد والسوداني ضد قرار إلغاء اتفاقية خور عبد الله، قبل أن تعلن تأجيلها لأكثر من مرة، كان آخرها إلى 25 يونيو 2025، والتي لم يصدر عنها أي تأجيل آخر بعدها.
وكان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قدما في 15 نيسان/أبريل الماضي طعنين منفصلين بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله، وطالبا بإعادة التقدير للاتفاقية المبرمة بين البلدين في 2013.
قرار المحكمة الاتحادية إلغاء قانون اتفاقية خور عبد الله في عام 2023، أحدث انقساما حادا داخل "الإطار التنسيقي" الشيعي الحاكم؛ لأن من وقع على الاتفاقية، وفد يقوده نوري المالكي رئيس الحكومة عام 2013، وبرفقته وزراء النقل هادي العامري، والتجارة آنذاك محمد شياع السوداني.
في المقابل، فإن أطرفا أخرى ضمن "الإطار التنسيقي" هي من رفعت دعوى ضد الاتفاقية أمام المحكمة الاتحادية وكسبها عام 2023، وهي كتلتي "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله"، و"صادقون" التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، إضافة إلى عدد من النواب الشيعة المستقلين.