رد ناري على تلميحات إسرائيلية بضرب السد العالي: “الجزاء سيكون من جنس العمل”
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
المناطق_متابعات
تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سيناريو محتمل لضرب السد العالي في أسوان بمصر، مستخدما تقنيات لوضع تصور كارثي للتداعيات التي قد تترتب على مثل هذا الهجوم.
ونشر موقع “نزيف” الإسرائيلي، المتخصص في الشؤون العسكرية، تصورا مفترضا لكيفية تنفيذ هجوم صاروخي يستهدف السد العالي، بهدف إحداث انهيار جزئي أو كامل يؤدي إلى تدفق كميات هائلة من المياه أسفل نهر النيل، ما قد يتسبب في دمار هائل يمتد من أسوان إلى القاهرة.
وفقا للعربية : رد الخبير العسكري والاستراتيجي المصري والمستشار في كلية القادة والأركان، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، في تصريحات : “في إطار ما تناوله “نزيف” الإسرائيلي بشأن إمكانية قيام إسرائيل بتوجيه ضربة جزئية أو كلية تدميرية للسد العالي بأسوان مستخدمة في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي أو حتى بغير الذكاء الاصطناعي، فإن مثل هذه التصريحات العبثية غير المسؤولة لا يعتد بها من الأساس ولا يوضع لها أي اعتبار بالمرة”.
وأضاف الخبير العسكري المصري أن الموقع الإعلامي الإسرائيلي غير معروف وليس له وزن إعلامي مسموع، وحتى وإن كان، فإن إسرائيل نفسها لا يتأتى ولن يخطر ببالها فعل كهذا يوما من الأيام، مشيرا إلى أنه حتى وإن حدث وفكرت فأصبح وقتها من العبث السياسي الفج إن لم تدع في تقديرها عواقب وخيمة وغير محتملة حال تنفيذ مثل هذا كفعل.
وتابع اللواء كبير: “إنه في يناير عام 2001 تجرأ من يدعى إفيغدور ليبرمان رئيس حزب (إسرائيل بيتنا) في ذلك التوقيت عندما تلفظ برعونة وقال يمكن لإسرائيل ضرب السد العالي إن أرادت، وعلى الفور خرجت عليه الصحافة الإسرائيلية الحكومية، ومنها (هآرتس وإسرائيل ها يوم) ومعهما القناة الثانية الإسرائيلية الرسمية لتنتقده وتعنفه تعنيفا شديدا، متهمة إياه بوصفه بالمراهق السياسي”.
وأردف: “إن الرد المصري كان كالعادة ملائما ومناسبا لمستوى القول وبما يتناسب معه، وكان الرد فقط من خلال أغنية نالت شهرة عالمية وصلت إلى أميركا نفسها بل وتحدث عنها ضاحكا إلى قناة CNN بيل كلينتون الرئيس الأميركي بذلك التوقيت”.
وختم قوله “إذن سيكون العقاب من جنس العمل”.
ونقل الموقع وفقا للتصور الإسرائيلي، فإن الساعات الثلاث الأولى بعد الهجوم ستكون حاسمة، حيث ستجتاح موجات المياه الهائلة منطقتي أسوان والأقصر، ما يؤدي إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، وإغراق المنشآت العسكرية والصناعية، ومقتل الآلاف في المناطق الريفية.
أما في الساعات الثلاث التالية، فسيمتد الفيضان شمالا، ليصل إلى حيث ستدخل العاصمة، التي تضم أكثر من 20 مليون نسمة، في حالة طوارئ شاملة. ستنهار شبكة الكهرباء، وسيتعطل النقل والاتصالات بالكامل، بينما سيحاول الجيش إخلاء المناطق الغارقة وإنقاذ المدنيين في سباق مع الزمن.
يصور السيناريو، الذي وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ”الافتراضي”، أن نجاح هذا الهجوم سيؤدي إلى إغلاق المناطق الصناعية في القاهرة بالكامل، وانهيار أبراج المكاتب والمباني القديمة، وفقدان الجيش السيطرة على وسط المدينة وسط فوضى عارمة. كما سيبدأ اللاجئون في النزوح الجماعي نحو المناطق الصحراوية المرتفعة، غير أن العديد منهم قد لا ينجو من الطوفان.
تصور افتراضي
بحسب تقديرات الموقع الإسرائيلي، فإن عدد القتلى المتوقع في هذا السيناريو قد يصل إلى 1.7 مليون شخص في حال وجود تحذير مبكر وقدرة فعالة على إدارة الأزمة، أما إذا كانت الاستجابة ضعيفة، فقد يتضاعف العدد ليصل إلى 10.5 مليون قتيل، في واحدة من أسوأ الكوارث البشرية في التاريخ الحديث.
وأكد التقرير أن حجم الكارثة سيعتمد على مدى سرعة استجابة الحكومة المصرية، وقدرتها على إدارة الأزمة والتخفيف من تداعياتها.
ورغم أن التقرير وُصف بأنه “تصور افتراضي” مبني على نماذج الذكاء الاصطناعي، إلا أن تداوله أثار ردود فعل غاضبة، حيث اعتبره البعض بمثابة رسالة تهديد ضمن تصاعد التوتر مع مصر بسبب الحرب في غزة.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: إسرائيل السد العالي مصر وسائل إعلام إسرائيلية السد العالی
إقرأ أيضاً:
احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.
باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.
كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.
تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.
أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»
خدمة «بروجيكت سنديكيت»