صفوت عمارة يكتب: قوة العرب في وحدتهم
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
تواجه الأمة العربية خطر البلطجة والغطرسة الصهيوــ أمريكية عن طريق فرض سياسة الأمر الواقع سواء بخلق ظروف جديدة على أرض الواقع بالقوة أو التحايل بدعوتهم الاستعمارية لإخلاء غزة بتهجير أهلها إلى مصر والأردن وسرقة القطاع مع إسرائيل وتحويله لملكية خاصة تحت مسمى «ريفييرا الشرق الأوسط»، ويدرك الجميع أن التذرع بتهجير الفلسطينيين للاعتبارات الإنسانية خدعة لا تنطلى على أحد، ولا سبيل للنجاة من هذا المخطط سوى الاتحاد؛ فالتجمع والاتفاق سبيل إلى القوة والنصر، والتفرق والاختلاف طريق إلى الضعف والهزيمة، ولقد أمرنا الله بالاعتصام والاتحاد فقال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: 103]، وحذرنا من التنازع والاختلاف فقال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال :46].
وحدة الأمة بتوحيد الصف ولم الشمل لمواجهة التحديات والأخطار المعاصرة، والايمان بأننا أمة واحدة ومصيرنا مشترك، فإن قضية فلسطين والأقصى ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وإن كانوا أولى الناس بها، وليست قضية العرب وحدهم، وإن كانوا أحق الناس بالدفاع عنها، وإنما هي قضية كل مسلم في أي مكان كان في مشارق الأرض ومغاربها، وستظل القضية الفلسطينية قضية المسلمين والعرب الأولى، وليس هناك وقت نحن أحوج فيه إلى الوحدة مثل وقتنا هذا، فحزمة الأعواد لا يستطيع أحد كسرها، ولكن من السهل كسر العود تلو الآخر فرادى، وما ارتفعت أمة من الأمم وعلت رايتها إلا بالوحدة والتاريخ أعظم شاهد على ذلك، ويدرك أعداء الأمة خطر اتحاد العرب، حيث قال لورانس براون: “إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرًا، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذٍ بلا وزن ولا تأثير”.
العالم لا يحترم إلا الأقوياء، وقوة العرب في وحدتهم بالإيمان اليقيني بوحدة المصير، والابتعاد عن المصلحة الأحادية، وتغليب المصالح العليا للأمة العربية، ومن المؤسف أن جامعة الدول العربية التي مر على تأسيسها ثمانون عامًا لم تستطع الإجماع على رأي واحد أو تنفيذ قرارٍ بعينه، ولم تنجح في علاج قضية أو أزمة، بل إن شغلها الشاغل فقط ـ كان ولا يزال ـ يتمحور حول إشكالية دورية التنظيم، وعلى مدار ثمانية عقود، عُقدت قمم كثيرة «عادية، استثنائية، اقتصادية»، كان القاسم المشترك فيها جميعا بلا استثناء، «القضية الفلسطينية»، وتمخضت جميعها عن عبارات الشجب والتنديد والإدانة والأسف والاستنكار؛ فلا بدَّ من اتحاد قادة دولنا والمؤسسات العربية والمنظمات الإسلامية، والوقوف جنبًا إلى جنب في وجه المخططات الاستعمارية، وكما قال المؤرخ اليوناني ثيوسيديدز: «القويُّ يفعلُ ما يشاء، والضعيفُ يعاني مما يجب أن يعانيه»!
تتحقق القصة الشهيرة «أكُلت يوم أُكل الثور الأبيض» على أرض الواقع العربي، يوم أن ترك قادة الدول العربية العراق فريسة سهلة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بعد طرد صدام وقواته من الكويت، في حرب الخليج الثانية، وهذا ما حدث بعد ذلك في دول اليمن وليبيا والسودان وسوريا؛ فيجب على الأمة العربية أن تتوحد، لأن الفرقة والخلاف أخطر أعدائها، والتاريخ ينطق بذلك، وفلسطين قضية الأمة الإسلامية بأكملها، وما يحدث من محاولات لاختصارها في قضية عربية، ثم تحُجِّيمَها فأضحت قضية فلسطينية، ثم خُنِقَتْ فغدت قضية الأرض المحتلة، وكأن الأرض أرضان أرضٌ محتلة، وغير محتلة فهذا كله عبث وخداع بالقضية المصيرية الأولى لدى المسلمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة الأمة العربية سياسة الأمر الواقع المزيد
إقرأ أيضاً:
عصام الدين جاد يكتب: ميدان عادل إمام
على عكس الأيام العادية التي تحتفل بميلاد الأشخاص، فإن المفكرين والمبدعين ومن تركوا بصماتهم الخالدة يولدون كل يوم من جديد، عبر تأثيرهم المستمر في الأفكار والمشاعر والتجارب الإنسانية.
و"الأحلام" ما هي إلا محض فكرة، تنمو بالإيمان بها وتترسخ بدعم المحيطين، وللفن وجه كريم، فهو يلامس الوجدان، ويجسد الأفكار الصادقة، أو يتبنى قضايا تزيل قلقًا.
ومن أبرز من رسخوا دعائم التعمق في السينما والدراما المصرية الزعيم "عادل إمام"، بمؤازرة كبار الكتاب والمخرجين الذين رافقوه في مسيرته.
إن ميدان عادل إمام ليس مجرد حيز جغرافي، بل هو تجسيد لحلم نابع من إبداعه، فقد جسّد هذا الرجل الشوارع، وشخصياتها، ووقائعها، آلامها وآمالها، حروبها وانتصاراتها، ففنه الراقي والهادف ما زال يشاهده آلاف المشاهدين، ويعيدون اكتشاف روائعه.
لقد جسّد عادل إمام العديد من الصور والوقائع، سواء بالمعارضة لها، أو التصحيح، أو التأييد، وتميزت سياسته الفنية بالتطور المستمر والغنى، وظهر ذلك في كل شخصية أداها، فقد بلغت أعماله ما يقارب (126) فيلمًا ومسلسلًا ومسرحية، جميعها أعمال ناجحة ومؤثرة، وظلت خالدة في الذاكرة.
شهد كبار الفن على موهبته وتأثيره، فقد أشاد به أستاذه فؤاد المهندس في لقاء مع الإعلامية هالة سرحان، وقال في حقه: "إنه تلميذه البكر"، وأضاف أنه اختار عادل إمام من بين عشرين ممثلًا للمشاركة في مسرحية "أنا وهو وهي"، واصفًا نجاح تلميذه بأنه نتيجة عمل دؤوب حتى أصبح نجمًا لامعًا.
وفي أحد لقاءاته التليفزيونية، قال عادل إمام في حق "فؤاد المهندس" – رحمه الله – إن من أسباب نجاحه هو كونه "إنسانًا كبيرًا"، ما يؤكد إيمانه العميق بفضل أساتذته وتأثره بنصائحهم، وترسيخ القيم الإنسانية في داخله.
حتى الفنان الكبير "فريد شوقي" – رحمه الله – عندما سُئل عنه في أحد اللقاءات، أشار إلى أن الفنان الموهوب يجب أن يتحلى بالثقافة والذكاء، وذكر أن عادل إمام من الزملاء الذين ينطبق عليهم ذلك، واصفًا إياه بأنه: "منتهى الذكاء.. منتهى الثقافة.. يطوّر نفسه.. وقد طوّر نفسه حتى أصبح جماهيريًا عظيمًا".
ظل الزعيم صاحب رسالة واضحة، فكان عدوًا لجماعات التطرف والإرهاب، وقدم العديد من الأدوار التي حملت رسائل مهمة في هذا الصدد.
ووثّق فيلم "الزعيم.. رحلة عادل إمام – الجزء الثاني"، الذي عرضته "القناة الوثائقية"، أن فيلم "الإرهابي" حقق نجاحًا عظيمًا، لكنه تسبب في وضع اسمه على قائمة اغتيالات الجناح العسكري لجماعة إرهابية، لولا نجاح الشرطة الباسلة في حمايته وإحباط ذلك المخطط.
وبسبب إيمانه الراسخ بما يقدم، لم يخشَ عادل إمام تلك المحاولات البائسة من الجماعات الإرهابية، بل إن إيمانه ظهر جليًا عندما علم بمحاولة اغتيال الأديب الكبير "نجيب محفوظ"، فذهب إلى مستشفى العجوزة وقبّل يده تعبيرًا عن التضامن والتقدير.
سيظل عادل إمام الإنسان المصري، المحب لوطنه، خالدًا في قلوب المصريين ومحبيه من العرب، ففنه الراقي سيظل باقيًا في قلوب الجميع.