استئناف تصدير نفط كردستان.. خلافات بين بغداد وأربيل وتسوية مع تركيا
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
أعلنت وزارة النفط الاتحادية في الحكومة العراقية عن استكمال الإجراءات اللازمة لاستئناف تصدير النفط المنتج في إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي وفقا للآليات المحددة في قانون الموازنة وتعديله، وضمن سقف الإنتاج المقرر للعراق في منظمة أوبك.
وأثار هذه الإعلان العديد من التساؤلات حول طبيعة الاتفاق مع الجانب التركي، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا العالقة والغرامات التي فرضتها غرفة التجارة الدولية على تركيا.
ورد الوفد التفاوضي لحكومة إقليم كردستان على إعلان وزارة النفط بدعوة الحكومة الاتحادية إلى تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها قبل المضي في عملية تصدير النفط.
وأوضح الوفد أنه رغم تأكيد حكومة الإقليم على التزامها بتطبيق قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية، والمتعلق بإعادة تصدير النفط المنتج من حقول الإقليم إلى ميناء جيهان التركي عبر شركة "سومو"، فإن تطبيق القانون يستلزم الاتفاق على عدة نقاط أساسية، من بينها:
تحديد الكميات المخصصة للاستهلاك المحلي في الإقليم، بما يتناسب مع الاحتياجات الفعلية، على غرار باقي مناطق العراق. وضع آلية واضحة ومحددة لدفع مستحقات شركات الإنتاج والنقل إلى حكومة الإقليم، وفقا لما ورد في القانون.أكد المستشار الحكومي علاء الفهد في حديث للجزيرة نت أن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر منفذ جيهان التركي قد تم بعد التوصل إلى تسوية مع الجانب التركي، وذلك نتيجة لإلحاح دولي.
إعلانوأوضح الفهد أن إعادة تصدير النفط عبر الأنبوب العراقي التركي وميناء جيهان ستتم وفقا للعقود المبرمة مع الشركات النفطية، مشيرا إلى أن هناك مبلغا مستحقا للحكومة المركزية بقيمة 1.5 مليار دولار على الجانب التركي، وفقا لقرار غرفة التجارة الدولية، مما تسبب بتوقف تصدير النفط لمدة عامين.
وأوضح أنه تم الاتفاق على إجراء تسويات لهذا المبلغ، وذلك بفضل الإلحاح الدولي، ومطلب الولايات المتحدة، بهدف استئناف تصدير النفط.
وأكد الفهد أن تسوية هذا المبلغ ضرورية، لأن توقف التصدير قد أثر بشكل كبير على العراق والحكومة المركزية، حيث كان يوفر أكثر من 450 ألف برميل يوميا، منوها إلى أن استئناف التصدير سيعيد الإنتاج النفطي، ويدعم الموازنة العامة لسد جزء من العجز، كما سيسهم في حل المشاكل العالقة بين المركز وإقليم كردستان فيما يتعلق بتسليم الواردات، وهو ما نص عليه قانون الموازنة الذي تم الاتفاق عليه.
وأول أمس الجمعة، قالت 8 مصادر مطلعة لرويترز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على الحكومة العراقية للسماح باستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق إلى الأسواق العالمية عبر تركيا، أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران.
في حين أكد فرهاد علاء الدين مستشار الشؤون الخارجية لرئيس الوزراء العراقي لرويترز -أمس السبت- أن بغداد تنفي تقارير تحدثت عن احتمال مواجهة البلاد عقوبات أميركية إذا لم تُستأنف صادرات النفط من إقليم كردستان.
لا جدوى اقتصادية
الخبير في الشأن النفطي صلاح الموسوي، أكد أن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان لن يقدم شيئا للعراق، نظرا لارتفاع تكاليف الاستخراج والتصدير، مما يجعل سعر البرميل المصدر دون قيمة أو جدوى لخزينة العراق، مشددا على أن الحديث عن ضغوط أميركية أجبرت العراق على عودة تصدير نفط الإقليم بعيد عن الواقع، لأن واشنطن لا يعنيها شيء من هذا الموضوع.
إعلانوقال الموسوي في حديث للجزيرة نت أن توقف تصدير النفط بالعامين الماضيين لا يمثل خسارة للعراق، كونه من الأصل لم يجنِ في الفترة 2014-2018 أي إيرادات من تصدير النفط لأنه كان يتم بطريقة غير رسمية.
وأوقفت تركيا خط الأنابيب في مارس/آذار 2023 بعد قرار غرفة التجارة الدولية بإلزام أنقرة بدفع 1.5 مليار دولار، تعويضا لبغداد عن صادرات غير مصرح بها بين 2014 و2018.
وبين الموسوي أن استئناف تصدير نفط كردستان مع تكاليف الإنتاج التي أقرها العراق ضمن تعديل الموازنة بـ 16 دولارا للبرميل تضاف إليها تكاليف تصديره عبر ميناء جيهان والتزامات أخرى تمنح للإقليم، ستجعل من هذا النفط المصدر عديم الجدوى الاقتصادية لخزينة العراق، بل على العكس قد يكون أكثر ضررا على العراق إذا انخفضت أسعار النفط عالميا.
ويأتي إعلان وزير النفط العراقي حيان عبد الغني -الاثنين الماضي- استئناف صادرات النفط من منطقة كردستان العراق الأسبوع الحالي بعد موافقة مجلس النواب العراقي في الثاني من فبراير/شباط الحالي على تعديل في الموازنة حدد مقدار التعويض عن تكاليف إنتاج النفط ونقله في كردستان عند 16 دولارا للبرميل.
ويُلزم التعديل أيضا حكومة إقليم كردستان بنقل إنتاجها النفطي إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو" التي تديرها الدولة.
وأكد الموسوي أن ما يشاع من حديث عن ضغط دونالد ترامب على العراق لاستئناف تصدير نفط الإقليم غير صحيح، لأن الولايات المتحدة ليست بحاجة لصادرات نفط كردستان كي تعوض شيئا من فرق الإنتاج إذا تم فرض عقوبات على إيران.
في الواقع -يضيف المتحدث ذاته- أن العراق هو صاحب المصلحة بزيادة الإنتاج، لكنه يرتبط بسقوف إنتاج أوبك المحددة بـ 3 ملايين و500 ألف برميل يوميا. أما الإنتاج الفعلي للعراق ضمن قدرته الإنتاجية فهو 4 ملايين و500 ألف برميل يوميا، منها مليون للاستخدام الداخلي.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب عبر میناء جیهان إقلیم کردستان الجانب الترکی جیهان الترکی برمیل یومیا تصدیر النفط
إقرأ أيضاً:
العراق يتطلع للاستثمار في مصافٍ آسيوية لتعزيز عائداته
بغداد- يدرس العراق حاليا خططا إستراتيجية تهدف إلى الاستثمار في مصافٍ نفطية خارج حدوده، تتميز بسعات تكرير عالية، وذلك في إطار مساعيه لضمان استمرارية تسويق نفطه الخام وتعظيم العائدات المالية.
ويُوجّه العراق ما يقارب 75% من صادراته النفطية نحو آسيا، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذه المنطقة التي تشهد نموا اقتصاديا سريعا وزيادة مستمرة في طاقات التكرير، مقارنة بالأسواق الأوروبية والأميركية.
وفي العام الماضي، بلغت صادرات العراق من النفط 1.2 مليار برميل، محققةً إيرادات تجاوزت 95 مليار دولار. وتُعد هذه الثروة النفطية المصدر الأساسي لتمويل الميزانية العامة، حيث تتجاوز نسبتها 90% من إجمالي الإيرادات.
تقليل المخاطروأكد المستشار الحكومي حاتم الفضلي أن دراسة العراق لخطط الاستثمار في مصافٍ نفطية خارجية تأتي في إطار مساعٍ إستراتيجية لتعظيم العوائد المالية وضمان تسويق مستقر وفعّال للنفط العراقي.
وقال الفضلي في تصريح للجزيرة نت، إن العراق يدرس حاليا الاستثمار في قطاع المصافي الخارجية بدول محددة تشمل الهند والصين وإندونيسيا وفيتنام وكوريا الجنوبية.
وأضاف أن اختيار هذه الدول تم بناءً على عدة أسباب رئيسية، أولها النمو السريع في الطلب على الطاقة، حيث تشهد هذه الدول نموا اقتصاديا مستمرا وطلبا متزايدا على المنتجات النفطية المكررة، بالإضافة إلى تمتعها بكثافة سكانية عالية تضمن وجود سوق استهلاكي ضخم.
إعلانوتابع الفضلي أن هذه الاستثمارات تهدف أيضا إلى تقليل المخاطر التسويقية من خلال تنويع العراق لأسواقه، وتثبيت حصته السوقية عبر استثمارات مباشرة.
وأوضح الفضلي أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) تعتمد معايير إستراتيجية ومالية دقيقة لاختيار الشركاء الأجانب، من بينها الجدارة المالية، وقدرة الشريك على تمويل المشروع وتحمل تقلبات السوق، إلى جانب الخبرة الفنية والتشغيلية، والتي تتجلى في سجل ناجح من إدارة مصافٍ كبيرة.
كما تتضمن المعايير الالتزام بعقود طويلة الأجل لتوريد النفط العراقي، والشفافية المؤسسية، والامتثال للمعايير البيئية والدولية، إضافة إلى نسبة التكرير العالية لاستهداف منتجات نفطية ذات قيمة مضافة مرتفعة.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة سومو، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن إدارة وتسويق الثروة النفطية، تأسست عام 1998، وتولت منذ عام 2003 توفير عدد من المشتقات النفطية داخل السوق العراقية، مثل استيراد البنزين وزيت الغاز والنفط الأبيض والغاز السائل، بهدف سد النقص الحاصل في السوق المحلية.
الجدول الزمني المتوقع للمشاريعوبخصوص الجدول الزمني المتوقع لهذه المشاريع، أشار الفضلي إلى أنه، ورغم عدم الإعلان الكامل عن التفاصيل، فإنه من المتوقع أن تُنجز دراسات الجدوى ويبدأ التفاوض مع الشركاء المحتملين خلال الفترة من 2025 إلى 2026.
ويُتوقع توقيع الاتفاقيات وتمويل المشاريع في عامي 2026 و2027، على أن تبدأ أعمال الإنشاء والتشغيل التدريجي للمصافي بين عامي 2027 و2030.
وبيّن الفضلي أن العراق يُفضّل الدخول في هذه المشاريع عبر صيغ الشراكة أو التملك الجزئي بهدف تقليل المخاطر.
أما في ما يخص التمويل، فأوضح أن العراق يدرس عدة نماذج، تشمل التمويل المشترك مع شركات دولية أو حكومات آسيوية، والقروض من بنوك تنموية آسيوية مثل بنك التنمية الآسيوي، بالإضافة إلى استثمارات مباشرة من صندوق العراق السيادي المزمع تفعيله، ونظام "النفط مقابل التكرير" كنوع من المقايضة بضمانات توريد طويلة الأمد.
ولضمان الشفافية والعدالة في هذه الشراكات، شدد الفضلي على ضرورة وجود ضمانات قوية، تشمل عقودا ذكية ومدعومة قانونيا تعتمد على نماذج متوازنة لتقاسم الأرباح والمخاطر، إلى جانب آليات لتسوية النزاعات أمام هيئات تحكيم دولية معترف بها مثل غرفة التجارة الدولية (ICC) أو المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID).
كما أكد على أن هذه الشراكات تتطلب حوكمة داخلية صارمة، تُمارَس من خلال لجان مشتركة لمراجعة الأداء والإيرادات، ونظام حماية ضد تقلبات الأسعار، إضافة إلى استخدام أدوات تحوّط مالي مثل العقود الآجلة، ونشر تقارير دورية عن الأداء المالي للمصافي لتعزيز الشفافية.
من جانبه، أكد الخبير النفطي عاصم جهاد أن توجه العراق نحو الاستثمار في المصافي النفطية خارج حدوده يُعد خطوة صحيحة، وإن جاءت متأخرة.
إعلانوقال جهاد للجزيرة نت إن هذه الخطوة تهدف إلى تفعيل دور شركة تسويق النفط العراقية (سومو) لتتجاوز النمط التقليدي في تسويق النفط الخام، وتسهم في تحقيق إيرادات أكبر للبلاد.
وأضاف أن الاستثمار في تصفية وتسويق المنتجات النفطية سيحقق للعراق أرباحًا مضاعفة مقارنة بتجارة النفط الخام التقليدية، مشيرا إلى أن دولا وشركات عالمية سبقت العراق في هذا المجال، بينما ظل يعتمد على النموذج التقليدي.
وأوضح أن تجارة المنتجات النفطية تشمل مجالات أوسع، مثل إنشاء المصافي أو الشراكة فيها، واستئجار أو شراء الموانئ وطاقات الخزن، وحتى نقل المنتجات.
وشدد على أن هذا التوجه سيحوّل "سومو" إلى شركة عالمية تتجاوز دورها التقليدي لتشمل التجارة الواسعة في قطاع الصناعة النفطية، مما يضع العراق كلاعب عالمي مهم في هذا المجال.
وأشار جهاد إلى أن أبرز التحديات تكمن في الحاجة إلى تشريعات وقوانين تضمن استقلالية "سومو" وإبعادها عن المحاصصة والتدخلات السياسية، لتمكينها من تحقيق إيرادات غير متوقعة.
كما أكد أهمية السوق الآسيوية، وخاصة الصين وكوريا الجنوبية واليابان والهند، نظرا لنموها الاقتصادي الكبير واعتمادها المستمر على النفط، رغم أهمية عدم إهمال أسواق الولايات المتحدة وأوروبا.
ولضمان نجاح هذه الخطوات، دعا جهاد إلى منح إدارة "سومو" استقلالية تامة، واختيار الكوادر بناءً على معايير دقيقة بعيدا عن التدخل السياسي، مؤكدا ضرورة اتخاذ قرارات حازمة، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.
كما أكد أن هذا التوسع التجاري والاستثماري يمكن أن يشمل أيضا قطاع الغاز وغيره من المجالات في الصناعة النفطية، مما سيُمكّن العراق من تحقيق موطئ قدم إستراتيجي في الأسواق العالمية المتنوعة.