قال الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان إن أحد أكثر الأسئلة التي تؤرقه ويضطر إلى طرحها حول الولايات المتحدة، في خضم المسرحية التي تدور أحداثها بين الرئيسين دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هي "ما إذا كان من يقود البلاد شخص وقع ضحية خداع فلاديمير بوتين، وهو على استعداد لأن يصدِّق بسذاجة رؤية الرئيس الروسي المعوجة حول من بدأ الحرب في أوكرانيا وكيف يجب أن تنتهي؟"

وبدا كأنه يسخر عندما استطرد متسائلا: "أم أن من يقودنا عراب مافيا يسعى لتقاسم الأراضي مع روسيا على غرار أساليب زعماء العائلات الإجرامية.

"

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: أطباء غزة لم يسلموا من التعذيب والإذلال بسجون إسرائيلlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: حتى الصفقات مع الشيطان لها شروط ونتنياهو ينتهك الاتفاقend of list

وتخيل كاتب العمود في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز أن ترامب تحدث إلى بوتين ليقول له: "سآخذ غرينلاند، وبإمكانك أن تأخذ (شبه جزيرة القرم). وسآخذ بنما، واحصل أنت على نفط القطب الشمالي. وسنتقاسم معادن أوكرانيا النادرة. وهذا من الإنصاف".

نهاية أميركا المعروفة

وفي كلتا الحالتين، يعتقد فريدمان أن أميركا التي عرفها شعبها وأصدقاؤها في الخارج قد انتهت، إن لم يكن الآن فعلى الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة. ذلك أن القيم الأساسية والحلفاء والحقائق التي كان يمكن الاعتماد على أميركا للدفاع عنها أصبحت جميعها موضع شك؛ أو معروضة للبيع.

إعلان

ووفق المقال، فإن ترامب لا يفكر بشكل مختلف فحسب، بل إنه يفكر بلا قيود وبدون وفاء وتمسك بالحقيقة أو التزام بالمعايير التي أضفت الحيوية على أميركا في الماضي.

وأضاف فريدمان بحسرة بأنه لا يمكنه لوم أصدقاء الولايات المتحدة التقليديين على ارتباكهم. واقتبس فقرة من مقال كتبه الأسبوع الماضي المنشق السوفياتي السابق ناتان شارانسكي في صحيفة "ذا فري برس" الأميركية، جاء فيها: "عندما سمعت لأول مرة كلمات الرئيس دونالد ترامب على مدرج المطار وهو يحمِّل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مسؤولية إشعال الحرب التي تشنها روسيا على بلاده، أُصبت بذهول مُطْبِق".

يتبنى خطاب بوتين

وأضاف شارانسكي، الذي يصفه فريدمان بالمناضل من أجل الحرية، أن ترامب يتبنى على ما يبدو خطاب بوتين؛ فقد كرر عبارة يرددها الكرملين تبدو كأنها دعاية على الطريقة السوفيتية، وهي أن زيلينسكي ليس رئيسا شرعيا.

وعلّق الكاتب الأميركي على ذلك بأن تلك العبارة عندما يقولها بوتين فإنها تثير الضحك، وعندما يصرح بها رئيس الولايات المتحدة فإنها تكون مدعاة للقلق والحزن والأسف ولا تتماشى مع المنطق السليم.

وزعم أن التفسير الوحيد لذلك هو أن ترامب مهووس ببوتين، واصفا إياه (ترامب) بالقومي المسيحي الروسي الذي لا يعي ولا يكترث بالحقائق والمشاكل الاجتماعية، لا سيما قضايا العدالة العرقية والاجتماعية.

لكن فريدمان يقدم تفسيرا آخر أيضا وهو أن ترامب لا يرى القوة الأميركية مثل "فارس يتقدم لإنقاذ الضعفاء الباحثين عن الحرية عند من يسعون إلى سحقهم، بل يرى أن أميركا قادمة لابتزاز الضعفاء. إنه يدير نظام ابتزاز".

إن أي رئيس أميركي جاد سيدرك -حسب مقال نيويورك تايمز- أن بوتين يلعب ورقة ضعيفة للغاية يجب استغلالها.

روسيا في وضع ضعيف

واستشهد فريدمان بما كتبته مجلة إيكونوميست الأسبوع الماضي حيث قالت إن معظم المكاسب التي حققتها روسيا كانت في بدايات الحرب، ولكن عندما انسحبت من شمال أوكرانيا في أبريل/نيسان 2022، كانت تسيطر على 19.6% من أراضي هذه الدولة، وتكبدت خسائر ربما بلغت 20 ألف قتيل وجريح.

إعلان

واليوم، تحتل روسيا 19.2% من أراضي أوكرانيا وخسرت 800 ألف قتيل، بحسب مصادر بريطانية، وفقدت أكثر من نصف دباباتها البالغ عددها 7300، ولم يتبق سوى 500 دبابة فقط يمكن إعادة تأهيلها بسرعة.

فرق بين أميركا وحلفائها

ويمضي المقال إلى القول إن ترامب، بدلا من حشد جميع حلفائه الأوروبيين ومضاعفة الضغط العسكري على بوتين وتقديم عرض له لا يستطيع رفضه، فعل العكس تماما، "فقد فرّق بيننا وبين حلفائنا في الأمم المتحدة برفضه الانضمام إليهم في قرار يدين العدوان الروسي على أوكرانيا، وصوّت إلى جانب دول مثل كوريا الشمالية، وشرع في إطلاق حملة حافلة بالأكاذيب لنزع الشرعية عن زيلينسكي، وليس بوتين".

ومع ذلك، فإن فريدمان يرى أن زيلينسكي يشعر، على ما يبدو، أن ليس أمامه خيار سوى التوقيع على "نوع من صفقة المعادن السخيفة"، على الرغم من أن ترامب يطالب بثلاثة أو أربعة أضعاف ما يقرب من 120 مليار دولار التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا في شكل مساعدات عسكرية وإنسانية وغيرها من المساعدات المالية التي استخدمتها في القتال لحماية الغرب من المعتدي الروسي، على حد تعبير الكاتب.

إن ترامب يسيء قراءة أفكار بوتين تماما، هكذا يعتقد فريدمان، إذ يوضح أن الرئيس الروسي يحتاج فقط إلى القليل من الاهتمام الإيجابي، والقليل من التفهم، والقليل من الاهتمام باحتياجاته الأمنية، وعندها سيوقع على السلام الذي يرغب فيه الرئيس الأميركي بشدة. بيد أن فريدمان يعتبر ذلك محض هراء.

ما يريده بوتين من الحرب

ومن وجهة نظر الكاتب، أن هذه الحرب برمتها لم يكن بوتين أبدا يريد منها إبعاد أوكرانيا عن الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بل إن ما يخشاه هو أن تكون أوكرانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي.

وخلص المقال إلى أن هدف بوتين على المدى الطويل -حسبما قاله أحد الباحثين الروس في الشؤون الدولية لفريدمان دون أن يبوح باسمه- هو إدارة تراجع الهيمنة الأميركية بحيث تكون الولايات المتحدة "مجرد واحدة من القوى العظمى النظيرة"، تركز على نصف الكرة الغربي وتنسحب عسكريا من أوروبا وآسيا. ويضيف الباحث أن بوتين يرى في ترامب "أداته الفظة لإدارة هذا التقهقر الحتمي".

إعلان

فهل سيستيقظ ترامب وأتباعه "المطيعين" من الحزب الجمهوري على هذا الواقع؟ ربما عندما يفوت الأوان، هكذا يختم فريدمان مقاله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قمة الويب ترجمات الولایات المتحدة أن ترامب

إقرأ أيضاً:

تداول عقود النفط عند 69 دولارًا للبرميل بالتزامن مع تهديدات ترامب لمشترين الخام الروسي

تتداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط فوق 69 دولارًا للبرميل يوم الأربعاء، مستقرة عند أعلى مستوى لها في خمسة أسابيع، مدعومةً بمخاوف بشأن الإمدادات بعد أن ضغط الرئيس دونالد ترامب على روسيا بتقليص الجدول الزمني لإنهاء الصراع في أوكرانيا.

ومنح «ترامب» «موسكو» مهلة عشرة أيام لاقتراح حل مناسب وإلا ستواجه عواقب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية ثانوية بنسبة 100% على الدول التي تواصل التعامل مع روسيا.

ستحدث مثل هذه الإجراءات اضطرابًا كبيرًا في سوق النفط، حيث قد يُقلص الشركاء التجاريون الرئيسيون للولايات المتحدة - وهم المشترون الرئيسيون للخام الروسي - مشترياتهم أو يُوقفونها في ظل تزايد مخاطر الامتثال.

ومما زاد من الضغط الصعودي، أن اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الرغم من فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، قد حالت دون نشوب حرب تجارية أوسع نطاقًا كان من شأنها أن تؤثر على ثلث التجارة العالمية وتُضعف الطلب على الوقود.

وعلى الجانب السلبي، واجهت الأسعار بعض الضغوط بعد أن كشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن زيادة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية بلغت 7.7 مليون برميل، متحديةً توقعات انخفاضها بمقدار مليوني برميل.

اقرأ أيضاًبنك مصر يحصد جائزتي أفضل بنك في ائتمان الشركات والمسؤولية المجتمعية

صادرات الصناعات الهندسية في مصر تتخطى 3 مليارات دولار «لأول مرة»

هل يبقي البنك الفيدرالي على سعر الفائدة للمرة الخامسة في 2025؟.. خبير يجيب

مقالات مشابهة

  • علامات صامتة لمرض السكري تخدع النساء..انتبهي قبل فوات الأوان
  • واشنطن: ترامب يريد اتفاق سلام في أوكرانيا قبل 8 أغسطس
  • أميركا وحلفاؤها ينددون بتزايد التهديدات من أجهزة المخابرات الإيرانية
  • البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: ترامب يسعى لاتفاق سلام بشأن أوكرانيا بحلول 8 أغسطس
  • واشنطن بوست: التراجع عن دعم الديمقراطية يقوّض مكانة أميركا
  • أميركا تُحدد سقفا زمنيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • أميركا تعلن اتفاقات تجارية مع كوريا الجنوبية وباكستان وكمبوديا وتايلند
  • لولا يتعهّد بالدفاع عن "سيادة البرازيل" بمواجهة رسوم أميركا
  • توماس فريدمان يشرح.. هكذا خدع نتنياهو ترامب في غزة
  • تداول عقود النفط عند 69 دولارًا للبرميل بالتزامن مع تهديدات ترامب لمشترين الخام الروسي