34 قتيلا منذ بداية العام.. ما أسباب تصاعد المقاومة ضد المستوطنين بالضفة؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
نابلس- ليست نتيجتها مقتل مستوطنة وإصابة إسرائيلي آخر فقط، بل "حساسية المكان" أيضا هي ما وسمت العملية الفدائية بمدينة الخليل (جنوب الضفة الغربية) صباح الاثنين الماضي، ووضعها مقابل سلسلة الهجمات الفلسطينية المقاومة في شمال الضفة الساخن منذ عامين، والتي أدت منذ بداية العام الجاري إلى أرقام قياسية في عدد القتلى الإسرائيليين.
وعملية الخليل -التي جاءت بعد أقل من 48 ساعة على هجوم فلسطيني مسلح ببلدة حوارة قرب نابلس (شمال) وقُتل فيه مستوطنان- رفعت أعداد القتلى الإسرائيليين إلى 34 منذ بداية العام الجاري، حسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
وإثر هذه الحصيلة، وصف الإعلام الإسرائيلي عام 2023 بأنه "الأصعب" منذ نهاية الانتفاضة الثانية عام 2006، والأعلى في عدد القتلى الإسرائيليين منذ عام 2015 (شهد عشرات عمليات المقاومة بالطعن والدهس خاصة).
وأضافت عملية الخليل لسجل المقاومة بالضفة الغربية بُعدا جديدا بتوسّع رقعتها الجغرافية وأهدافها؛ مما أربك الاحتلال وجعله يدفع بمئات الجنود للبحث عن المنفذين إلى أن أعلن اعتقالهم فجر الثلاثاء.
لكن ما الذي صعَّد أعمال المقاومة في الضفة الغربية وأثّر على أدائها بشكل أدى إلى زيادة القتلى الإسرائيليين؟ سؤال طرحته الجزيرة نت على محللين ومختصين فلسطينيين.
يقول الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني نواف العامر إن الاحتلال هو المعضلة؛ فهو جاثم على صدور الفلسطينيين وأرضهم. ويأتي "جنون الاستيطان" وما يرافقه من عدوان وإذلال الفلسطينيين عبر مصادرة أرضهم وقتل كل أشكال الحياة فيها في المرتبة الثانية.
ويأتي ثالثا -كما يقول العامر- الجيل المقاوم الجديد من مواليد "الألفية الثانية"، الذين شبّوا على مشاهد عنف المستوطنين وحكوماتهم المتطرفة، ولم يعيشوا الانتفاضات الفلسطينية السابقة، ولا يرون أي أفق لحل سياسي أو حتى حياتي لمستقبلهم.
ويضاف إلى ذلك امتعاض الحالة الفلسطينية بشكل عام من السلطة الفلسطينية، التي باتت تشكل بوضعها الحالي وسلوكها "عبئا" على الشعب الفلسطيني.
ويتابع العامر "السلوك العام للسلطة أسهم في ضغط الناس، فلم يعودوا يرون غير الموت فداء لأرضهم، وفقدوا ولادة حلول عادلة لقضيتهم وليست حلولا كما يريدها الأميركيون والإقليم العربي، قائمة على تركيع الفلسطيني".
وكل ذلك -حسب العامر- لم يترك أمام "الجيل الجديد" إلا المواجهة التي تعززت بفعل الانتشار الكثيف للمقاومين الفرادى، أو مَن تسميهم إسرائيل "الذئاب المنفردة"، الذين أثبتت هجماتهم نجاعتها، وكانت بأساليبها وشخوصها ملهمة لغيرهم، خاصة في استهدافهم جنود الاحتلال والمستوطنين في الشوارع الالتفافية المخصصة للمستوطنين، وأيضا بمهاجمتهم داخل المستوطنات أو على حدودها.
من جهته، يقول خبير الاستيطان والمسؤول السابق لهيئة مقاومة الاستيطان في السلطة الفلسطينية وليد عساف إن المقاومة الفلسطينية رد فعل طبيعي على إجرام الاحتلال. وتوقع أن هذه الردود ستتدحرج بتدحرج "الأعمال الشيطانية والعدائية" للاحتلال، خاصة في ظل إحساس الفلسطيني بالخذلان وإخفاقه في تحقيق حلم التحرير وإقامة دولته التي تباعدت آمالها.
وربط عساف بقاء فتيل المقاومة مشتعلا بعدة عوامل:
أولا- التهجير المستمر للفلسطينيين وضم إسرائيل أراضيهم وتشريدهم، خاصة في مناطق "ج" (حسب تصنيف اتفاق أوسلو) لمنع إقامة دولتهم. ثانيا- تصاعد تطرف المستوطنين وعنف عصاباتهم المدعوم من جيش الاحتلال وحكومته. ثالثا- ما يجري بالقدس والعمل على تقسيم المسجد الأقصى مكانيا كما قسموه زمانيا. فضلا عن الملاحقة اليومية للفلسطينيين، ومنها الاعتقالات والاقتحامات والقتل والهدم والتجريف ومنع البناء بشكل طبيعي.وارتفعت وتيرة الاستيطان وفق تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان العام الماضي بشكل غير مسبوق منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، وبات نحو 750 ألف مستوطن ينتشرون في أكثر من 360 مستوطنة وبؤرة استيطانية، وتحتل هذه أكثر من 9.6% من مساحة الضفة الغربية المقدرة بـ5800 كيلو متر مربع.
ويقول عساف إن 20 بؤرة استيطانية رعوية (أقيمت بدعوى رعي الماشية) شُيِّدت منذ بداية العام الجاري فقط، وكل واحدة منها تسيطر على أرض أكبر من مساحة "أريئيل" التي تعد أكبر مستوطنات الضفة.
ولم تكتفِ إسرائيل بسيطرتها الكاملة على مناطق "ج" -والمقدرة بـ62% من مساحة الضفة الغربية- فصارت تلاحق الفلسطينيين بمناطق سيطرة السلطة الفلسطينية بالضفة (مناطق "أ" و"ب" حسب اتفاق أوسلو) والبالغة 38% فقط من مساحتها، ويعيد الاحتلال نفوذه عليها.
نتائج غير مسبوقة منذ سنينوحسب أحدث حصيلة عقب عملية الخليل الاثنين الماضي، فإن 34 إسرائيليا قُتلوا منذ بداية عام 2023؛ وهي الحصيلة الأعلى منذ نهاية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في حين قتل 29 إسرائيليا عام 2022 كاملا.
وبينما أحبط جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) 350 عملية إطلاق نار نفذها فلسطينيون منذ بداية العام الحالي، تلقى الجهاز ذاته 200 تحذير من عمليات فدائية محتملة، وهذا رقم "غير مسبوق"، وفق الباحث في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان.
ويقول أبو علان للجزيرة نت إن السبب الرئيسي للخوف الإسرائيلي من عملية الاثنين هو "دخول الخليل على خط المقاومة" كمدينة تُعد "الأكبر جغرافيا وديموغرافيا بالضفة، وبها بنية تحتية قوية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)"؛ وبالتالي سيحتاج ذلك عددا أكبر من جنود الاحتلال للسيطرة على الوضع؛ وهو ما سينعكس على قدراتهم العسكرية.
ولهذا -كما يضيف أبو علان- فإن عدد القوات الإسرائيلية العاملة بالضفة الغربية حاليا غير مسبوق منذ 15 عاما، كما فقد الجيش الإسرائيلي 30% من أيام تدريبه بسبب مهام ميدانية نتيجة الوضع الأمني، وكل ذلك نتيجة تصعيد المقاومة.
ويقول أبو علان إن المقاومة أمست لديها القدرة على التخطيط الجيد للعمليات واختيار الزمان والمكان، وأصبحت تملك موارد ودعما لوجيستيا؛ مما أمكنها من تنفيذ أعمالها بدقة عالية جدا.
ولا يهمل أبو علان كذلك عامل تصعيد الاحتلال والمستوطنين تنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين وقتلهم واعتقالهم وهدم منازلهم بوصفه سببا رئيسا يخلق رد الفعل المقاوم بالضرورة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منذ بدایة العام الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
«وفا»: الاحتلال الإسرائيلي يداهم عدة مناطق بالضفة الغربية واستشهاد 8 فلسطينيين في خان يونس
استشهد ثمانية فلسطينيين، وأصيب آخرون، اليوم الأحد، جراء قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية مركبة شرقي خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينيةوفا اليوم، أن الاحتلال قصف مركبة قرب دوار التحلية في جورة اللوت، شرق المدينة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة أسفر عن استشهاد 54، 381 مواطنا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 124.054 آخرين، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرق لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
وداهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، ونكلت بالفلسطينيين.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا اليوم، أن قوات الاحتلال داهمت عددا من المنازل في المنطقة الجنوبية، تعود لعائلة دعنا في منطقة الكسارة، وعبثت بمحتوياتها، ونكلت بسكانها، مضيفة أن قوات الاحتلال احتجزت شابا، لعدة ساعات قبل الإفراج عنه، واعتدت على أفراد عائلته، ونكلت بهم.
وفي سياق متصل، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، وداهمت منزل مواطن وعبثت بمحتوياته، دون أن يبلغ عن اعتقالات.
وفي ذات السياق اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، مخيمي قلنديا وشعفاط للاجئين، في محافظة القدس المحتلة.
وذكرت محافظة القدس، أن قوات الاحتلال اقتحمت المخيمين، وسيرت آلياتها في شوارعهما، دون أن يبلغ عن اعتقالات.
و في سياق آخر، أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، منطقة عسكرية مغلقة.
وأفادت وفا، بأن قوات الاحتلال اقتحمت القرية، وأجبرت المواطنين بالقوة وعدد من المتضامنين الأجانب على مغادرة الأراضي، وطالبت بتسليم قائمة بأسماء المواطنين المقيمين في القرية، مضيفة أن قرار الاحتلال بإعلان القرية منطقة عسكرية مغلقة، يأتي في سياق سياسة التهويد والسيطرة على أراضي المواطنين الذين يتعرضون لعمليات الملاحقة والقمع والقتل، لتنفيذ المزيد من المخططات الاستعمارية التي تدعمها حكومة الاحتلال.
وضمن سياساتها الرامية للسيطرة على أراضي مسافر يطا تمهيدا للاستيلاء عليها، تعمل قوات الاحتلال على تصوير المساكن وإحصاء المواطنين، وتمنع المتضامنين الأجانب من الوصول إلى هذه المناطق لمساندة المواطنين، وتوثيق هذه الانتهاكات.
اقرأ أيضاًسقوط 6 شهداء في قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة وخان يونس
استشهاد فلسطينيين اثنين وجرح العشرات برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح
طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف عدة مواقع في ريفي اللاذقية وطرطوس