عربي21:
2025-07-30@13:57:00 GMT

القمة العربية وتحديات الخيبة واليأس

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

دائما تذكرنا الاجتماعات العربية على مستوى القمة، بالشك وعدم المصداقية بكل ما يصدر عن بياناتها الختامية، وجدول الأعمال المعد سلفا بعناوين مهمة في التوقيت والاستراتيجيات، سرعان ما يتحول لعاديات تصبح منسية مع تكرار الأحداث التي ينسحق معها العربي في يومياته وتكراراها في عقود إعماره. ما يحدث أن العربي إن عاش في متوسط العمر بين الستين والسبعين، فإنه يعاصر على الأقل عشرين اجتماع قمة عادية؛ على الأقل نصفها استثنائية وطارئة، لكنه لا يلمس في سنواته المعاشة تغييرا يطرأ على السياسة العربية وبرامجها، ولا تنعكس بشكل ملموس في تغيير يأخذه الى حياة أفضل في وطنه أو متابعة قضايا رئيسية تقض مضجعه كل يوم من المحيط الى الخليج.



عندما يتذكر العربي القمم العربية الماضية، وينتظر قمة تغير ما قبلها، يأخذه الإحباط نحو مستقبله الذي تسعى إليه سياسة عربية غير جادة في تقديم نفسها لشعوبها وللعالم بأنها تمتلك القدرة على التأثير، وأن هذه الكتلة البشرية والجغرافية لا يجمع بينها سوى تلك الورقة التي تصدر في ختام أعمال القمة، لأنه سرعان ما تتم العودة لتصفية الحسابات وممارسة الاضطهاد والقمع وتوجيه السلاح نحو الداخل، والتحذير من المؤامرات، حتى تتراكم لحظات الانحدار التي أريد لها أن تكون قدرا يستحيل تبديله وتغييره في واقع العرب. غير أن واقع الحال شهد تغييرا في الثورات العربية المغدورة، وفي تصاعد المواجهة مع قوى الاستبداد العربي والاحتلال، مما هز وبعنف تلك الصورة النمطية عن الذاكرة العربية مع واقعها الذي يزداد حصارا، عندما يتذكر العربي القمم العربية الماضية، وينتظر قمة تغير ما قبلها، يأخذه الإحباط نحو مستقبله الذي تسعى إليه سياسة عربية غير جادة في تقديم نفسها لشعوبها وللعالم بأنها تمتلك القدرة على التأثير، وأن هذه الكتلة البشرية والجغرافية لا يجمع بينها سوى تلك الورقة التي تصدر في ختام أعمال القمةويفرض تحديات أكبر على النظام الرسمي العربي في التعاطي مع قضاياه وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي كانت على جدول أعمال القمم العربية منذ نشأتها، وإلى اليوم تذيل في بينااتها كثابت من ثوابت الدعم العربي لها.

تحديات القمة العربية في القاهرة اليوم، خطيرة للغاية على قضايا الأمن القومي العربي، وما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار جسيمة وخطط التدمير والتهجير والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني؛ يفترض أن يكون إدراك عربي لها في القمة وفي يوميات عمل السياسة العربية، عمل دؤوب بغير العاديات المتبعة في القمم السابقة، من اتخاذ المواقف المرتبطة بالقضية الفلسطينية والتمسك بثوابت "الفراغ العربي" وعدم الفعل والتأثير ما سمح لإسرائيل والولايات المتحدة، بطرح مشاريع التطهير العرقي وتهديد النظام الرسمي العربي بكثير من الاستعلاء والاحتقار. فلا تكفي إشارة الزعماء العرب لرفض هذه الخطط والسياسات والقول بأنهم يدعمون الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وأنهم مع الحل السلمي وفق المبادرة العربية للسلام، وأنهم يدعمون حل الدولتين وفق القارات الدولية ذات الصلة، فهذه يفترض أنها ثوابت تكررت منذ ثلاثين عام في القمم العربية، بل يجب التعامل مع الغطرسة الصهيونية والاستعلاء الأمريكي بشيء من الحزم الذي يحفظ كرامة هذه الدول وشعوبها، وقائمة العمل وجداوله طويلة إن وجدت الإرادة.

ولأن الرهان الإسرائيلي الأمريكي، لعقودٍ طويلة، هو على غياب وفقدان الإرادة العربية، وصار معروفا لدى جميع العرب، حتى بدون قراءة بيانات الاجتماعات العربية التي تسقط منها الخيارات الفعلية التي تلجم العدوان وغطرسة المحتل، فإن الاحتلال الإسرائيلي القائم على الصلف والقوة ساهم في وصول الحالة العربية لذروة الهوان في إعادة احتلال الضفة بعد تدمير قطاع غزة، وارتكاب إسرائيل لجرائم الحرب والإبادة والدوس على القانون الدولي بدعم أمريكي ونفاق غربي، والنتيجة الحتمية والمنطقية للسياسة العربية المتبعة مع قضيتهم المركزية هي الاستعلاء الإسرائيلي الأمريكي على المنطقة وشعوبها، ولأن الرهان الفلسطيني الرسمي خسر كل أوهامه مع الاحتلال ولم يبق له غير "حراسة" المشروع الاستيطاني فوق أرضه التي ستنشأ عليها دولته المستقبلية، فإن عليه واجب المراجعة الفعلية والصادقة لكل مسيرته المصابة بنزيف مكلف من أرضه وشعبه

لا يكفي العرب قمة للزعماء، فالشارع العربي بحاجة من قادته لوقفة ضمير، وجرعة مكثفة من الحس الوطني الفلسطيني للقول "لا" عربية فلسطينية للأمريكي والإسرائيلي، ولا ينبغي للعربي أن يكون وسيطا لحقن الدم، بين شقيقه ضحية الغاصب المستعمر والمحتل، فاستصراخ الضمائر والهمم والقيم التي بُحّت منها حناجر الغزيين يعاد تكرارها في جنين وطولكرم ونابلس والخليل والقدس، وكانت نتيجتها الغزية دمار بمشهد فرجة عربي ودولي، وفي الضفة والقدس هناك أخبار وأفعال سبقت انعقاد قمة القاهرة تقول إن جريمة الإبادة ماضية بنفس فظاعة الجريمة الغزاوية على مرأى ومسمع قادة العرب المجتمعين في القاهرة، وهناك مشروع نتنياهو ترامب للتهجير في غزة، كاختبار لما سيجري لبقية المدن الفلسطينية.

وبفرض سياسة المقايضة السخيفة على شعب في أرضه وللتهجير منها، يتضح كل شيء، فلا سياسة التفاوض والرهان على أوهام تجدي نفعا، ولا سياسة التمسك بحسن نية المحتل الإسرائيلي ومراوغة الأمريكي له قد غيرت شيئا، ولا تجربة عقود الخديعة الإسرائيلية للعرب أفضت لسلام معها، ولا التطبيع المجاني وفر للمحتل قبولا في محيطه العربي.

أمام القادة العرب فرصة أخيرة، لإنقاذ ماء الوجه بإنقاذ قضيتهم المركزية، والحفاظ على كرامة وسيادة وأمن أوطانهم، أو البقاء تحت سطوة الاستعلاء والتهديد والغطرسة الأمريكية الصهيونية لهم ولدولهم
أمام القادة العرب فرصة أخيرة، لإنقاذ ماء الوجه بإنقاذ قضيتهم المركزية، والحفاظ على كرامة وسيادة وأمن أوطانهم، أو البقاء تحت سطوة الاستعلاء والتهديد والغطرسة الأمريكية الصهيونية لهم ولدولهم، فما سيقولونه للناس في عواصمهم، قيل في الماضي الذي لم يصلح الحال العربي ولا قضاياه، بل زادته هذه اللغة والمواقف هوان وذل وضياع، فما يضير العرب اليوم في القمة لو امتلكوا جزءا من عنجهية نتنياهو وغرور ترامب للرد والحفاظ على مصالحهم، والدفاع عن قيم تحولت بفعل الاحتلال والسكوت عنه إلى مهازل محلية ودولية؟

فلسطين وشعبها يطلبون من القمة العربية أعمالا محسوسة تدعم صمودهم وتوقف العدوان عليهم، ليشعروا أن هناك من يقف معهم ويساندهم وعلى استعداد أن يكون ظهيرا وسندا لهم، وأن يتعلم الزعماء العرب كيف يكون الحليف لقضية عادلة من زعامات وقيادات لا ترطن بالعربية، وأن يكون الحليف الأمريكي للعدوان الإسرائيلي ومشروعه الاستعماري ومذخر ترسانته وجعبته المالية ملهما لكرامة عربية ومنقذة لها ولقضيتها، وإلا الخسارة لن تكون فلسطينية فقط والجميع يعلم هذه الحقيقة، وبذاكرة أجيال عربية واكبت قمما سابقة، وورثت أجيالها الخيبة ذاتها. فهل تعلم الزعماء العرب الإمساك بالإرادة وبث الأمل لشعوبهم بدل اليأس؟ لعل الإجابة القاسية لهذا التفاؤل المخيب تأتي في عواجل الأخبار من تل أبيب وواشنطن، ونحن ننتظر عواجل عربية تفرمل هذا الانهيار، أو لعلنا نحلم بها.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربية القمة الفلسطينية الإسرائيلي غزة إسرائيل فلسطين غزة قمة عرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القمم العربیة أن یکون

إقرأ أيضاً:

اللواء “ابو زريبة” يبحث خطة أمن المنافذ وتحديات مواصلة العمل الأمني

الوطن | متابعات

اجتمع وزير الداخلية في الحكومة الليبية، اللواء “عصام أبوزريبة”، اليوم الاثنين، مع مدير الإدارة العامة لأمن المنافذ، اللواء “الشريف اقويدر”، وذلك بمكتبه بديوان الوزارة في بنغازي، لمناقشة خطة عمل الإدارة للفترة المقبلة واستعراض أبرز التحديات التي تواجهها.

وقدّم مدير الإدارة خلال الاجتماع عرضًا مفصلًا لملامح الخطة المستقبلية، التي تستهدف تعزيز الإجراءات الأمنية في المنافذ ورفع كفاءة الأداء، كما تناول التحديات الفنية واللوجستية التي تواجه سير العمل، وأبرز متطلبات الدعم اللازمة لضمان تنفيذ المهام على الوجه الأمثل.

من جانبه، شدد وزير الداخلية على أهمية مواصلة العمل الأمني بفاعلية، مؤكدًا دعمه الكامل للإدارة، ووجّه بضرورة تقديم تقارير دورية لمتابعة سير الأداء، مع توفير الإمكانيات المطلوبة لتجاوز العراقيل، بما يسهم في حماية المنافذ وتعزيز أمن الدولة.

الوسوم#العمل الأمني امن الدولة ليبيا

مقالات مشابهة

  • الجماز: الرئيس الجديد للهلال لن يكون له الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • الاستثمار السكني في العراق.. احتياجات المواطن تصطدم بالبيروقراطية وتحديات الواقع
  • بروتوكول تعاون بين المحكمة العربية للتحكيم والجهاز العربي للتسويق
  • انطلاق المنتدى الثاني للابتكار بجامعة القاهرة لمناقشة ‏التطوير الأكاديمي وتحديات سوق العمل
  • اللواء “ابو زريبة” يبحث خطة أمن المنافذ وتحديات مواصلة العمل الأمني
  • محافظ درعا يبحث واقع وتحديات شبكة الكهرباء في المحافظة
  • وزراء سابقون برتبة الأستاذية رؤساءً للجامعات الأردنية: بين ضرورات المرحلة وتحديات الواقع
  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة
  • قبلان: ما نحتاجه موجة عربية صارخة بوجه مشاريع الذل والمهانة الأميركية