صراحة نيوز- كتب أ.د. محمد الفرجات

في ظل التحديات العميقة التي تمر بها الجامعات الأردنية، وعلى رأسها الأزمات المالية المتراكمة، والتراجع في الأداء الإداري، وتضاؤل ثقة المجتمع، لم يعد ملف التعليم العالي ملفًا أكاديميًا صرفًا، بل أضحى ملفًا متشعبًا، يتداخل فيه البعد الإداري مع المالي، والاستثماري مع التنموي، والوطني مع الدولي.

أمام هذا الواقع المركب، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في نهج تعيين رؤساء الجامعات، والانتقال من منطق الأكاديمي المتخصص فقط إلى منطق القائد الإداري ذي البصيرة الشاملة والخبرة التراكمية.

لقد شهدت بعض الجامعات الأردنية مؤخرًا تعيين رؤساء من الوزراء السابقين الذين يحملون رتبة الأستاذية الأكاديمية. وقد أثار هذا التوجه نقاشًا واسعًا بين المؤيدين والمعارضين. فالمؤيدون يرون في هذه التعيينات خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث يمتلك الوزير السابق، إضافة إلى خلفيته الأكاديمية، خبرة قيادية واسعة، وقدرة على التواصل مع صناع القرار، وشبكة علاقات متينة مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وهو ما تحتاجه الجامعات اليوم أكثر من أي وقت مضى.

في المقابل، يعارض البعض هذا التوجه بحجة تغليب البعد السياسي أو البروتوكولي على البعد الأكاديمي، إلا أن التجربة أثبتت أن الأزمات المعقدة التي تواجهها الجامعات تتطلب قيادة تفهم تعقيدات التعليم العالي، ولكنها في الوقت ذاته تملك القدرة على التعامل مع الحكومات، واستقطاب الدعم، وإدارة المشاريع، وتفعيل الشراكات، والتعامل مع ملفات الاستثمار والتطوير، وهي أمور تتجاوز بكثير مهام العميد أو نائب الرئيس التقليدية.

إن الاستمرار في تعيين رؤساء جامعات من بين الأكاديميين الذين لم يشغلوا مناصب إدارية حقيقية أو لم يختبروا أبعاد العمل المؤسسي والوطني الأوسع، لم يعد مجديًا. فهؤلاء – رغم كفاءتهم العلمية – غالبًا ما يفتقرون إلى المهارات اللازمة لإدارة أزمة مالية، أو بناء تحالفات استراتيجية، أو إطلاق برامج استثمارية، أو حتى فرض الانضباط المؤسسي في بيئة جامعية متغيرة وسريعة التحول.

من هنا، فإن تعيين وزراء سابقين برتبة الأستاذية رؤساء للجامعات لا يجب أن يُفهم كخيار سياسي، بل كخيار إنقاذي، هدفه انتشال الجامعات من واقعها الصعب، وإعادة تشكيل دورها الوطني والتنموي. فالرئيس الأكاديمي-الوزير السابق لا يأتي فقط بحقيبة علمية، بل يحمل معه أدوات التأثير، ودهاليز القرار، وفهمًا عميقًا لطبيعة العلاقة بين الجامعات ومؤسسات الدولة الأخرى.

نعم، لا يكفي أن يكون الرئيس أستاذًا جامعيًا، ولا أن يكون قد شغل منصب عميد أو نائب رئيس فقط، بل المطلوب اليوم قيادة استثنائية تفهم الجامعات من الداخل، وتعرف الدولة من الأعلى، وتملك مهارات الإدارة من الواقع، وتتوفر على شبكة علاقات تفتح الأبواب وتذلل العقبات.

وفي ضوء هذا كله، فإن مستقبل الجامعات الأردنية لن يُبنى فقط على جودة الأبحاث أو عدد الطلبة، بل على نوعية القيادة التي تديرها. والمرحلة تقتضي رؤساء يجمعون بين الأكاديمية والخبرة الوزارية، بين العلم والفهم العميق للسياسات العامة، وبين إدارة الجامعة كرؤية وطنية لا كمجرد وظيفة تقليدية.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام

إقرأ أيضاً:

منتدى رؤساء الجامعات العربية والروسية يواصل فعالياته بجامعة العاصمة

شهد المنتدى الخامس لرؤساء الجامعات العربية والروسية انعقاد الجلسة الرابعة بعنوان: "اللغة الروسية والعربية في التعليم العالي: تعزيز الروابط الثنائية والتبادل الثقافي"، والتي أدارها الدكتور نيكيتا أفراليف، رئيس جامعة نيجني نوفغورود اللغوية بروسيا، بمشاركة نخبة من الأكاديميين الروس والعرب المتخصصين في تعليم اللغات والبرامج الدولية.

وتضمنت محاور الجلسة، طرق تدريس اللغة الروسية والعربية في الجامعات: الابتكارات والتحديات، إضافة إلى استعرض المتحدثون أحدث الأساليب التربوية المعتمدة، إلى جانب التحديات التي تواجه تطوير المناهج الحديثة في كلا اللغتين.، وكذلك دور تعليم اللغات في تعزيز العلاقات الثنائية.

هذا وأكد المشاركون أن اللغة تمثل جسرًا حضاريًا يعزز التواصل ويعمّق الفهم المتبادل بين الثقافات العربية والروسية، ويسهم في توطيد الشراكات الأكاديمية والبحثية.

التقنيات والرقمنة في تعلم اللغات، حيث ناقشت الجلسة دور أدوات التعلم الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والموارد الإلكترونية المتطورة، والتي أحدثت تحولًا نوعيًا في اكتساب المهارات اللغوية وتجاوزت الأساليب التقليدية.

وجاء أبرز المشاركون، الدكتور معز رسلان رئيس جامعة المنار تونس، والدكتور جلال الجميعي جامعة العاصمة، فلاديمير سترويف، رئيس جامعة الإدارة الحكومية بروسيا، و الدكتور رسلان كوتشكاروف، رئيس الأكاديمية الحكومية لشمال القوقاز بروسيا، و الدكتور دانييل سين، من معهد بوشكين للغة الروسية.

مقالات مشابهة

  • المجلس الأعلى للجامعات ينظم ورشة عمل عن تقييم أداء أعضاء هيئة التدريس
  • إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية
  • «الأعلى لشئون خدمة المجتمع» يؤكد أهمية تكامل المؤسسات الأكاديمية مع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني
  • منتدى رؤساء الجامعات العربية والروسية يواصل فعالياته بجامعة العاصمة
  • المجلس الأعلى للجامعات يناقش تطوير آليات تقييم البرامج الأكاديمية
  • رئيس جامعة أسيوط يُشارك في المنتدى الخامس للجامعات الروسية والعربية
  • رئيس جامعة كفر الشيخ يشارك في أعمال المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية
  • افتتاح المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية
  • إنشاء كونسورتيوم عربي- روسي.. تفاصيل منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية
  • وزير التعليم العالي يفتتح منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسي بجامعة العاصمة