أزمة بين بيساو وإيكواس.. هل تساهم في اتساع دائرة النفوذ الروسي بأفريقيا؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
تصاعدت خلال الأيام الأخيرة حدة أزمة بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" والحكومة في غينيا بيساو، وسط مخاوف من توسع دائرة الغاضبين من هذا التجمع الإقليمي الأكثر حيوية في القارة الأفريقية.
فخلال الأسابيع الأخيرة اندلعت أزمة سياسية في غينابيساو بعدما أعلن الرئيس إمبالو تأجيل الانتخابات التي كانت ستنظم في شباط/ فبراير الماضي، إلى تشرين الثاني/ نوفمبر القادم أي بنحو 10 أشهر.
وعقب قرار الرئيس إمبالو، تأجيل الانتخابات سارعت المعارضة لرفض القرار ولوحت بالنزول للشارع من أجل فرض تنظيم الانتخابات في موعدها.
هذا التصعيد السياسي دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" إلى التدخل في محاولة منها لجمع الأطراف على طاولة حوار لمنع تفاقم الأزمة، لكن المفاجأة أن الأزمة تحولت من أزمة سياسية بين المعارضة والرئيس إمبالو، إلى أزمة بين هذا الأخير و"إيكواس".
تهديد ومغادرة
فقد أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" قبل يومين، تعرض بعثتها إلى غينيا بيساو، لتهديد من رئيس البلاد عمرو سيسوكو إمبالو بالطرد، وذلك قبل مغادرتها أراضي غينابيساو.
وأوضحت المجموعة الغرب أفريقية في بيان أن بعثتها "أعدت مسودة اتفاق بشأن خارطة طريق لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في غينابيساو، وشرعت في تقديمها للمعنيين من أجل للحصول على موافقتهم"، قبل أن تتلقى التهديد من الرئيس البيساو غيني.
وأشارت إلى أنها أوفدت بعثة إلى بيساو بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة هناك، وذلك للبحث عن إيجاد حل توافقي بين النظام والمعارضة، بعد تصاعد الخلافات بينهما بشأن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، لكنها تلقت تهديدا مباشرا من الرئيس عمرو سيسوكو إمبالو بالطرد.
وتأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) سنة عام 1975 بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية بين أعضائها.
وتضم المنظمة 15 دولة أفريقية هي: غامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا وتوغو والرأس الأخضر.
ويبلغ مجموع سكان دول المجموعة 350 مليون نسمة، فيما تبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من إجمالي مساحة قارة أفريقيا.
"لسنا جمهورية موز"
وفي أول تعليق له على تطورات الأزمة مع "إيكواس" قال الرئيس البيساو غيني عمرو سيسوكو إمبالو إن بلاده ليست "جمهورية موز"، وإن هناك "رئيسا، وقانونا، وهناك دستور، ومحكمة عليا"، مضيفا أن هذا لا ينبغي العبث به، متهما "إيكواس" بالسعي لخرق دستور بلاده.
وأضاف إمبالو في تصريح أدلى به لدى عودته إلى البلاد قادما من زيارة لفرنسا وروسيا، أنه شخصيا هو من أصدر الأوامر لطرد بعثة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" متهما إياها بعدم احترام "خارطة الطريق" القائمة، فيما تقول المعارضة في غينابيساو.
وكان الرئيس إمبالو قد وعد بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية فبراير الماضي، لكنه عاد وأعلن تأجيلها بسبب ما قال إنها صعوبات لوجستية ومالية، فيما أثار هذا التأجيل غضب المعارضة، التي وصفت قرار التأجيل بالمخالف للدستور.
وخلال ولايته الحالية، حل الرئيس إمبالو، البرلمان مرتين، الأولى في 2021، والأخرى في ديسمبر 2023، إثر اشتباكات مسلحة وقعت في العاصمة، أُعلن رسميا أنها كانت محاولة انقلابية للإطاحة بإمبالو ونظامه.
هل تلتحق بيساو بركب المنسحبين من "إيكواس"
وأبدى متابعون للشأن الأفريقي، قلقهم من أن تكون الأزمة الحالية بين "إيكواس" وغينا بيساو، بداية لمسار انسحاب بيساو من المجموعة على غرار ما حصل مع ثلاثة من دول الساحل هي مالي والنيجر وبوركينافاسو.
فقد أعلنت هذه الدول الثلاثة نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي رسميا مغادرة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بعد أكثر من عام من التوترات الدبلوماسية الشديدة.
فقبل نحو عام اتهمت الدول الثلاثة إيكواس بفرض عقوبات "غير إنسانية وغير قانونية وغير شرعية" عليها بعد الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وبأنها لم تساعدها بما يكفي لمكافحة الجماعات المسلحة، وبالتبعية لفرنسا.
لكن "إيكواس" أعلنت إبقاء أبوابها مفتوحة للحوار مع كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
يقول الصحفي السنغالي المختص في الشؤون الأفريقية، محمد جوب، إن هناك، مخاوف حقيقة من أن تتصرف غينابيساو، تماما كما تصرفت دول الساحل الثلاثة، وتقرر الانسحاب من "إيكواس".
ولفت جوب في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الزيارة الأخيرة التي أداها الرئيس البيساو غيني عمرو سيسوكو إمبالو، إلى روسيا تزيد من المخاوف من أن تنسيقا قد بدأ بين موسكو وبيساو، ما قد يمهد الطريق للالتحاق بركب المنحازين للمعسكر الروسي، وفي المحصلة يعني بداية مسار القطيعة مع "إيكواس" واتساع دائرة النفوذ الروسي بالمنطقة.
وأضاف: "حتى الآن علاقات غينا بيساو وروسيا، علاقات خجولة، حيث أنه لا توجد ثورات معدنية تغري روسيا بإنفاق أموال وتسليح هذا البلد، لكن رغبة موسكو في بسط نفوذها في القارة الأفريقية، قد يدفعها لدعم غينابيساو عسكريا واقتصاديا".
ولفت إلى أن مغادرة بعثة مجموعة "إيكواس" تزامنت مع عودة الرئيس إمبالو من زيارة لروسيا، التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين.
وفي الوقت الذي أشاد فيه إمبالو بالعلاقات الجيدة التي تربط بلاده مع موسكو، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن الشركات الروسية تظهر اهتماما متزايدا بالعمل في سوق غينيا بيساو.
"شريك الأمس خصم اليوم"
وحتى قبل أسابيع قليلة كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، الشريك الأساسي للرئيس إمبالو، فهي أول من اعترف بنتائج الانتخابات التي نجح فيها سنة 2020، حيث كان خصومه يرفضون فوزه والقبول به رئيسا منتخبا.
كما أحبطت "إيكواس" العديد من المحاولات الانقلابية في غينابيساو، وكان آخرها عام 2022 حيث قامت بنشر قوة لبسط الاستقرار بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على نظام الرئيس إمبالو.
معلومات عن غينابيساو
تقع في غرب أفريقيا وهي مستعمرة برتغالية سابقة، تحدها شمالا السنغال، وشرقا وجنوبا غينيا، ويبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة.
تعد العاصمة بيساو، هي أكبر مدن الدولة ومركزها الاقتصادي والسياسي الرئيسي، وفيها أكبر ميناء بحري في البلاد.
ومنذ استقلالها عن البرتغال عام 1974، شهدت جمهورية غينيا بيساو 4 انقلابات ناجحة وأكثر من 10 محاولات انقلاب فاشلة.
تنقسم غينيا بيساو إلى 8 أقاليم، وتنقسم هذه الأقاليم إلى 37 قطاعا.
عانت غينابيساو، طيلة سنوات من عدم الاستقرار السياسي، وهي تنصف ضمن أفقر الدول الأفريقية، وتعيش حوالي 75 إلى 80 في المائة من القوة العاملة بها في المناطق الريفية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية أزمة أفريقيا إيكواس الانتخابات أفريقيا أزمة الانتخابات إيكواس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجموعة الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا الرئیس إمبالو غینیا بیساو
إقرأ أيضاً:
اتساع ظاهرة انتحار الجنود الصهاينة والإعلام العبري يكشف المزيد من التفاصيل
الثورة /ناصر جرادة
في الوقت الذي يسقط فيه الفلسطينيون شهداء يومًا بعد آخر، تارةً بالقتل المباشر وأخرى بالجوع، تُسجل المستشفيات العسكرية في الداخل الصهيوني حالات متزايدة من الانتحار في صفوف جنود الاحتلال، خمس حالات انتحار على الأقل خلال شهر يوليو الجاري، وفقًا لما كشفته صحيفة “هآرتس” العبرية، ليصل بذلك اجمالي عدد الجنود الصهاينة المنتحرين خلال أدائهم الخدمة العسكرية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 45جنديا منتحرا.
وأفادت صحيفة هآرتس العبرية أمس الاثنين، أن الجندي “أريئيل تامان” من قوات الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي شارك في الحرب على قطاع غزة، انتحر في منزله بمدينة أوفاكيم في صحراء النقب غرب بئر السبع، في تصاعد ملحوظ لحالات الانتحار في صفوف جنود الاحتلال.
وكان الجندي “أريئيل” يعمل في مجال التعرف على جثث الجنود والأسرى الإسرائيليين القتلى بعد انتشالهم من قطاع غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بحسب إحصاءاتها، يصل بذلك إجمالي الجنود الإسرائيليين المنتحرين خلال أدائهم الخدمة العسكرية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 45.
وبحسب التسلسل الزمني فقد انتحر 7 جنود نهاية عام 2023، وانتحر 21 جنديا عام 2024، وحتى الآن انتحر 17 جنديا خلال العام الجاري 2025.
وقالت الصحيفة إن معظم الجنود المنتحرين هم من “جنود الاحتياط الذين شاركوا في القتال، وليس بسبب ظروف شخصية مستقلة، مما يشير إلى أن ضغوط الحروب على غزة ولبنان أدّت دورا رئيسيا في دفعهم للانتحار”.
5 حالات انتحار خلال أسبوعين
وبحسب الصحيفة ففي يوليو الجاري 2025، سُجّلت 5 حالات انتحار على الأقل خلال أقل من أسبوعين، وجرى التركيز إعلاميا على 3 منهم كانوا في الخدمة الفعلية، اثنان منهم كانوا ضمن صفوف الاحتياط.
وذكرت الصحيفة أن الضغوط النفسية الناتجة عن الصدمة القتالية تعتبر السبب الأبرز، خاصة في صفوف الجنود الذين واجهوا تجارب قتالية شديدة في مناطق القتال.
وأشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال يتعمّد عدم الكشف عن العدد الدقيق لحالات الانتحار التي وقعت خلال العام الحالي، بالإضافة إلى الامتناع عن إقامة جنائز عسكرية لبعض الجنود الذين انتحروا أو الإعلان عن وفاتهم، مما يعكس حالة تكتم حول حجم الأزمة.
وفي وقت سابق ، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن أن 9 من أصل 25 عضواً في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست وجّهوا رسالة إلى رئيس اللجنة، يولي إدلشتاين، دعوه فيها إلى عقد جلسة طارئة لبحث الزيادة في حالات الانتحار داخل الجيش الإسرائيلي.
وكتبوا في رسالتهم: “مجرد رفض كشف البيانات يثير القلق ويمس بثقة الجمهور في الجيش”، وفق المصدر ذاته. وأضافوا: “لا يمكن الانتظار نصف سنة لنشر المعطيات، في واقع يكون فيه جنود الجيش تحت أعباء نفسية ثقيلة أكثر من أي وقت مضى”.
وأكد الأعضاء التسعة في رسالتهم “ضرورة مراجعة الوضع واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمنع خسارة أرواح الجنود والمجندات الذين يحتاجون إلى الدعم والمساندة”.
وأفادت الإذاعة بأن مراسلها للشؤون العسكرية، يارون كادوش، تقدّم صباح الثلاثاء بطلب إلى وحدة المتحدث باسم قسم القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي للحصول على بيانات حول عدد حالات الانتحار في صفوف الجيش.
وأضافت: “مثل كل الطلبات السابقة في الأشهر الأخيرة، قوبلت بالرفض وبنفس الرد الذي يطلب مني الانتظار نصف سنة، حتى يناير/كانون الثاني 2026”.
ورغم كثرة المطالبات بإفصاح رسمي، عن عدد الجنود القتلى في صفوف جيش الاحتلال، فإن القيادة العسكرية تعتزم نشر بياناتها النهائية لسنة 2025 فقط بنهاية العام.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية زادت من دعم الصحة النفسية العسكرية، بما في ذلك نشر مئات من ضباط الصحة النفسية داخل وحدات الجيش، وتفعيل خط دعم على مدار الساعة، وتأسيس مراكز علاجية مخصصة للجنود المتضررين.
وأكدت القناة 12 العبرية، أنه في الآونة الأخيرة، لوحظ ارتفاع مقلق بشكل خاص بين جنود جيش الاحتلال الذين حاولوا الانتحار.
وقالت إنه في منتصف شهر يوليو الجاري، انتحر أربعة جنود، ومنذ بداية الحرب، لوحظ ارتفاع مقلق في عدد الجنود الذين انتحروا مقارنة بالسنوات السابقة، مشيرة إلى أنه “يبدو أن هذا الاتجاه يزداد سوءًا مع استمرار الحرب”.
أزمة نفسية
وفي وقت سابق، كشف تقرير لموقع إنسايد أوفر الإيطالي عن تصاعد غير مسبوق في أعداد حالات الانتحار في صفوف جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين شاركوا في العدوان على قطاع غزة وجنوب لبنان، مشيرًا إلى أن الأزمة النفسية داخل المؤسسة العسكرية باتت تتجاوز قدرة الجيش على التعامل معها، في ظل ما وصفه التقرير بتجاهل رسمي مدروس.
وركز التقرير على الحالة النفسية المتدهورة لجندي الاحتياط دانيئيل إدري، الذي أقدم على إحراق نفسه قرب مدينة صفد بعد مشاركته في الحرب على غزة ولبنان، بعدما طاردته صور الأجساد المتفحمة والقتلى، وعجز عن التخلص من آثار ما شاهده وارتكبه، لينتهي به الأمر ضحية لما وصفه التقرير بـ”الآلة التي صنعته كمقاتل وتركته فريسة للعنف الذي شارك فيه”.
كما أشار إلى أن الجيش يعاني من موجة اضطرابات نفسية في صفوف جنوده، حيث يخضع أكثر من 1600 جندي حاليًا للعلاج من اضطراب ما بعد الصدمة الحاد، ويُقدّر أن 75% من الجنود الذين خدموا في العدوان على غزة بحاجة إلى دعم نفسي طويل الأمد، فيما اشارت أحصاءات وزارة الصحة الإسرائيلية، إلى أكثر من 17 ألف حالة اضطراب نفسي منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، و2900 حالة صُنّفت كإصابات مزدوجة (جسدية ونفسية).
إن انتحار الجنود الإسرائيليين هو، في جوهره، شهادة دامغة على أن الحرب ليست فقط أرقامًا ومعارك، بل مشاهد عالقة في الذاكرة، وندوب في الروح، غزة بركامها وشهدائها، لم تَنتصر بالسلاح فقط، بل بالإنسانية التي احتفظت بها، في مقابل احتلال نزع عن جنوده صفة البشر، ليعودوا أشباحًا.