جوناثان تودريس هو أستاذ جامعي متميز وأستاذ القانون في جامعة ولاية جورجيا. وهو مؤلف للعديد من المنشورات حول حقوق الأطفال والاتجار بالبشر، ويقدّم استشارات منتظمة للمنظمات التي تعمل على هذه القضايا. الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب وحده  ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

(CNN) -- في عصر يشهد انقسامات سياسية عميقة، يجب أن يكون الاتجار بالبشر إحدى القضايا  التي تحظى بالإجماع.

في الواقع، يدرك غالبيتنا أن الاتجار بالبشر والعمل القسري يشكلان انتهاكين لحقوق الإنسان لا ينبغي التسامح معهما. 

مع ذلك، لا يزال الملايين من الأطفال اليوم يتعرّضون للاستغلال في العمل القسري. وبدلاً من الذهاب إلى المدرسة، يعملون في ظروف خطرة في الزراعة، والتصنيع، والتعدين، والبناء، وصيد الأسماك وغيرها من القطاعات. بينما نحتاج إلى حلول مبتكرة لمعالجة هذا الاستغلال، فإن الركيزة الأساسية لأي حل موجودة بالفعل في المجتمعات حول العالم: التعليم.

يُعد التعليم حقًّا أساسيًا من حقوق الإنسان تم الاعتراف به منذ بداية حركة حقوق الإنسان الدولية الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية. ويمكن للتعليم أن يمكّن الأطفال وأسرهم من الخروج من دائرة الفقر، كما يمكنه تعزيز المجتمعات. 

وقد وصف نيلسون مانديلا التعليم بأنه "أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم".

بالإضافة إلى قوته التحويلية، يساعد التعليم في الحد من عمالة الأطفال. وتُظهر الأبحاث أنه كلما تمكنا من إبقاء الأطفال في المدرسة لفترة أطول، زادت فرصهم في تجنب بيئات العمل الاستغلالية. 

رغم أن نسبة 88% من الأطفال حول العالم يكملون التعليم الابتدائي، فإن 59% فقط يكملون التعليم الثانوي العالي، ما يترك الملايين من الأطفال والمراهقين عرضة للخطر. 

مع ذلك، هناك العديد من الخطوات التي نعرف أنها ستحسّن الوصول إلى التعليم وتساعد الأطفال على البقاء في المدرسة.

أولاً، ضمان مجانية التعليم في مرحلة ما قبل المدرسة وحتى المرحلة الثانوية. ويُساعد إلغاء الرسوم الدراسية في تحسين معدلات الحضور، وبشكل كبير أحيانا. 

يجب أيضا مراعاة الرسوم الخفية، مثل التكاليف الإضافية للكتب، والزي المدرسي، والمواصلات، لضمان قدرة الأطفال من أفقر الأسر والمجتمعات على الالتحاق بالمدرسة وإكمال المنهاج الدراسي.

ثانيًا، أثبتت برامج توفير وجبات الفطور والغداء المجانية في المدارس فعاليتها في تحسين نسبة الحضور في العديد من البلدان. وتساهم هذه البرامج في معالجة انعدام الأمن الغذائي وتحسين الأداء الأكاديمي للأطفال أثناء تواجدهم في المدرسة، حتى في البلدان الأكثر ثراءً مثل الولايات المتحدة.

ثالثًا، يُشكل الاستثمار في المعلمين والمدارس أمرًا ضروريًا لتوفير تعليم عالي الجودة لجميع الأطفال. ويمكن أن يؤدي النقص في عدد المعلمين والتحديات الأخرى الناجمة عن شح الموارد إلى صعوبة حصول العديد من الأطفال على تعليم بمستوى جيد. 

كما أن ازدحام الفصول الدراسية والأعباء الإضافية على المعلمين والمدارس قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرُب من الدراسة، ما يعرض الأطفال لخطر الاستغلال. وعلى العكس من ذلك، فإن الاستثمار في المدارس والمعلمين يمكن أن يحسن جودة التعليم ويقلل من خطر التسرًب.

أخيرًا، يُساعد تنفيذ البرامج التي تدعم الأسر الفقيرة ومنخفضة الدخل في تخفيف الضغوط التي تدفع الأطفال إلى العمل، ما يسمح لهم بمواصلة تعليمهم. 

على سبيل المثال، ساعدت برامج التحويلات النقدية، مثل برنامج الرعاية الاجتماعية "Bolsa Família" (علاوة الأسرة) في البرازيل، في تحسين نسبة الحضور الدراسي، والحدّ من معدلات التسرًب عبر تقديم الدعم المالي للأسر ذات الدخل المنخفض ما يسمح للأطفال بمواصلة تعليمهم.

لكن هناك حاجة إلى خطوات أخرى بالطبع، حيث من الضروري وضع إطار قانوني قوي وإنفاذ نشط لقوانين عمل الأطفال للكشف المبكر عن الانتهاكات، وحماية الأطفال من الاستغلال، ومحاسبة المخالفين. 

مع ذلك، فإن التركيز على التعليم والاستثمار فيه يُعد أمرا ضروريا ليس فقط لحماية الأطفال الآن، بل أيضًا لضمان قدرتهم على بلوغ أقصى إمكاناتهم والحصول على فرص عمل آمنة ومستقرة توفر لهم أجرا معيشيا.

في عالم تهيمن عليه أخبار الذكاء الاصطناعي والتقدّم التكنولوجي، قد يكون من المغري البحث عن أحدث الابتكارات لمعالجة استغلال الأطفال. ويجب علينا بالتأكيد الاستمرار في البحث عن أدوات وطرق جديدة لمنع العمل القسري واستغلال الأطفال. 

لكن يجب أن نتذكر أيضَا أن جزءًا أساسيًا من الحل قد يكون أمام أعيننا. فالتعليم هو ذلك الأصل القوي الذي يمكن أن يساعد في تقليل تعرّض الأطفال للاستغلال، علينا ببساطة الاستثمار فيه.

يُعد ضمان حصول كل طفل على الحرية في التعلّم والنمو لتحقيق أقصى إمكاناته من خلال توفير التعليم المجاني وعالي الجودة لجميع الأطفال بمثابة أداة قوية في مكافحة العمل القسري والاستغلال. 

باختصار، أن تكون حليفًا لمكافحة الاتجار بالبشر يعني أن تدافع عن حق كل طفل في التعليم.

التعليمحقوق الأطفالنشر الثلاثاء، 11 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: التعليم حقوق الأطفال العمل القسری من الأطفال

إقرأ أيضاً:

حملة تفتيشية على كافة القطاعات للتأكد من تطبيق قانون عمل الأطفال

صراحة نيوز ـ أكد وزير العمل خالد البكار، أن الوزارة حريصة على الحد من عمل الأطفال، وتطبيق كافة التشريعات ذات العلاقة التي تحفظ حق الطفل في التعليم وسحبه من سوق العمل وتأهيله وإعادته إلى مكانه الطبيعي وهو مقاعد الدراسة وليس سوق العمل.

وأشار البكار إلى أن الأردن يشارك اليوم العالم بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال الذي يصادف في الثاني عشر من حزيران من كل عام من خلال مجموعة العمل الوطنية للحد من عمل الأطفال ووزارة العمل عضو رئيسي فيها وشعار الحملة لهذا العام “طفل يتعلم.. أردن يتقدم”.

وبين أن قانون العمل جاء منسجما مع الاتفاقيتان الدوليتان للعمل الأولى رقم 138 الخاصة بـ “الحد الأدنى لسن الاستخدام” والثانية رقم 182 الخاصة بـ “حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال” فمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور، ومنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغ الثامنة عشر من عمره، وعلى أن لا تزيد ساعات عمله عن ست ساعات، وأن لا يتم تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية.

ولفت إلى أن الوزارة حريصة على استثمار التعاون المشترك الدائم بين أطراف الإنتاج الثلاثة للحد من عمل الأطفال وتواجدهم في سوق العمل لأن هذه المشكلة تحتاج إلى تكاتف جهود كافة الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية، بالإضافة الى دور مؤسسات المجتمع المدني والمجتمع والأسرة وكذلك اصحاب العمل.

ونوه الوزير إلى أن الوزارة أطلقت في هذه المناسبة حملة تفتيشية بدأت الأربعاء الموافق 11 حزيران 2025 على كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية للتأكد من مدى تطبيق المنشآت لقانون العمل فيما يخص عمل الأطفال وزيادة إلتزام أصحاب العمل في تطبيق القانون، كما تطلق الوزارة ايضا حملة توعوية في كافة المحافظات بهدف عقد ورش عمل توعوية موجهة لأصحاب العمل و/أو الأطفال أنفسهم وكذلك أهالي الأطفال المعرضين لخطر العمل، لافتا إلى أن هذه الورش تنفذها مديريات التفتيش في الميدان حول التشريعات الوطنية والمخاطر المهنية التي قد يتعرض لها الطفل في بيئة العمل.

وأضاف الوزير أن الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال 2022-2030 تسهم في توحيد الجهود على المستوى الوطني من خلال التشاركية بين كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية ذات العلاقة بالحد من عمل الاطفال مما يشكل بادرة إيجابية نحو التزام الجميع بأدوارهم المنوطة بهم المحددة في الاستراتيجية والعمل على تحقيقها

مقالات مشابهة

  • الطفولة والأمومة: خطوات جادة للقضاء على عمل الأطفال وحمايتهم
  • مصرف حكومي عراقي يكافح التعاملات المالية المشبوهة إلكترونياً دون تدخل بشري
  • في اليوم العالمي للقضاء على عمل الأطفال.. بيان من وزارة العمل
  • العمل: عمالة الأطفال تحرمهم من التعليم وتؤثر على نموهم الصحي والجسدي
  • حملة تفتيشية على كافة القطاعات للتأكد من تطبيق قانون عمل الأطفال
  • العمل الدولية واليونيسيف: العالم يفشل في القضاء على عمالة الأطفال
  • كيف نظم قانون العمل الجديد ضوابط تشغيل الأطفال؟
  • السعدي: الحوثيون حولوا المدارس إلى ثكنات وحرموا ملايين الأطفال من التعليم
  • حصاد التعاون الدولي للعام المالي 2025 بالتعليم العالي: 42 اتفاقية بين مصر وفرنسا
  • من جنيف.. ليبيا تؤكد التزامها بالعدالة الاجتماعية وترفض العمل القسري