ندوة بمجمع إعلام بنها تحذر من مخاطر الشائعات والفتن على التماسك المجتمعي
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
نظم مجمع إعلام بنها اليوم ندوة تثقيفية تحت عنوان "الشائعات والفتن.. مخاطر تهدد التماسك المجتمعي"، وذلك بالتعاون مع مديرية الشباب والرياضة بالقليوبية، في إطار الحملة الإعلامية التي أطلقها قطاع الإعلام الداخلي التابع للهيئة العامة للاستعلامات خلال شهر مارس الجاري.
تهدف الحملة التي يشرف عليها الدكتور أحمد يحيى مجلي، رئيس قطاع الإعلام الداخلي، إلى تعزيز القيم الوطنية، وترسيخ روح الولاء والانتماء، والتوعية بمخاطر الشائعات، وضرورة مواجهتها، ورفع الوعي المجتمعي بالتحديات الراهنة التي تواجه الأمن القومي المصري، وتشجيع المشاركة الإيجابية والتفاعل المجتمعي والحوار المتواصل مع جميع شرائح المجتمع.
حاضر في الندوة الدكتور وليد الفرماوي، وكيل وزارة الشباب والرياضة بالقليوبية، والدكتور أحمد عبد الفتاح عيسى، استشاري العلاقات العامة والرأي العام وتحسين الصورة الذهنية بالبرنامج الرئاسي بداية حلم.
افتتحت الفعالية بكلمة ريم حسين عبد الخالق، مدير مجمع إعلام بنها، التي أكدت على خطورة الشائعات كأداة للسيطرة على الاتجاهات الشعبية، وزعزعة الوحدة الفكرية والانتماء والتماسك المجتمعي، وتضليل الرأي العام، وإثارة الفتن والأزمات.
وأشارت عبد الخالق إلى أن بناء مجتمع قوي ومتماسك يعتمد على نشر ثقافة التحقق من المعلومات، وتعزيز الثقة بين الأفراد، مما يساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
من جانبه، أوضح الدكتور وليد الفرماوي أن تعزيز الحوار والتفاهم والتواصل المجتمعي بين الشباب والمؤسسات المجتمعية المختلفة يساهم في بناء جيل واعٍ وقادر على التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة، مما يعزز من استقرار الوطن وأمنه القومي.
وأكد الفرماوي على الدور المحوري للشباب في مواجهة الشائعات والتصدي لها، باعتبارهم الفئة الأكثر استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي، والأقدر على التحقق من المعلومات ونشر الوعي بين أفراد المجتمع.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور أحمد عيسى أن الشائعات من المعضلات الاجتماعية ذات الآثار الخطيرة على الاستقرار المجتمعي، وأن العلاقة بين الشائعات والحرب النفسية هي علاقة الجزء بالكل، فالشائعة بمثابة الجزء والحرب النفسية بمثابة الكل.
وأوضح عيسى أن مواجهة الشائعات هي مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع، وذلك عبر التحقق من الأخبار قبل نشرها أو تصديقها، والاعتماد على المصادر الرسمية والموثوقة للمعلومات، وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر الشائعات وآثارها السلبية.
أعد وأدار اللقاء سماح محمد السيد، أخصائي إعلام بمجمع إعلام بنها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القليوبية ندوة إعلام بنها مجمع إعلام بنها الشائعات والفتن إعلام بنها
إقرأ أيضاً:
في ضرورة برامج التعليم المجتمعي
كشفت شرطة عُمان السلطانية قبل أيام عن شكلٍ مُعقد من أشكال الاحتيال الإلكتروني ضُبط على أرض سلطنة عُمان لسائحة آسيوية متصلة بشبكة احتيال دولية تقوم بالتأثير على شبكات الاتصال المحلية، وخلق شبكات وهمية تتصيد بها من خلال الرسائل الوهمية بيانات المستخدمين القريبين، بما في ذلك البيانات المالية والبنيكة. وهذه الحادثة هي امتداد لأشكال جرمية ناشئة ومعقدة فيما يتصل بالاحتيال الإلكتروني، وهي تعكس أمرين مهمين: الأمر الأول؛ مستوى التعقيد في مثل هذا النوع من العمليات، وما يصحبها من تطور في الأساليب، وهندسة اجتماعية لمعطى الجريمة، والأمر الآخر؛ الجهد الواسع والمحمود لجهاز شرطة عُمان السلطانية في مواكبته وترصده لأعقد العمليات، وقدرته على تقديم رسالة اتصالية ناجزة للمجتمع العام حولها، ورسالة توعوية مستمرة حول أشكالها، والمفاهيم المتصلة بحماية أمن الخصوصية الذاتية.
في الواقع تشكل جرائم الاحتيال الإلكتروني جزءًا لا يتجزأ من مخاطر الفضاء السيبراني المعقدة والمركبة التي أصبحت حسب تقدير علماء المخاطر خطرًا منظورًا يتزايد على المدى القصير (2025 - 2026) وعلى المدى البعيد (عشر سنوات قادمة)، وهو يتصاعد انطلاقًا مما يُعرف بـ (Online harms) أو الأذى عبر الانترنت الذي يستهدف الأفراد بصورة مباشرة، إلى تهديدات الذكاء الاصطناعي الاستبدادي، وصولًا إلى تهديدات اختراق وأمن كوانتمي (Cyber threats & quantum‑era security)، وبقدر ما يتطلب ذلك تطوير منظومات حماية سيبرانية متكاملة، وبنى تحتية واتصالية قادرة على احتواء مثل هذه المخاطر، ومنظومات رصد جرمي تستوعب تعقيداتها، وتتنبأ بأشكالها المتغيرة بقدر ما يتطلب حصانة مجتمعية تتجاوز مسائل الوعي بالمشكلة إلى امتلاك القدرات، والمهارات، والحدس اللازمة لتجنبها، ولخلق سياج معرفي يضعف من إمكانيات حدوثها، على الأقل في شقها الأول المتصل بالمجتمع والأفراد ونشاطهم الإلكتروني والاتصالي عمومًا. وهنا يأتي السؤال: هل يكفي أن نراهن على تشكل الوعي الذاتي من تلقاء نفسه عبر منظور تعلم الناس من التجارب أو تعرضهم لها؟ وهل يكفي ما يزود به الأفراد من مهارات عبر التعليم النظامي للتعامل مع مثل هذه القضايا الناشئة؟ وهل يمكن المراهنة على الرسائل الإعلامية وحدها - باختلاف المنصات - لخلق هذا السياج المجتمعي المنشود؟ في الواقع نرى أن الحاجة أصبحت ملحة للذهاب خطوة أبعد من ذلك، عبر التفكير في استحداث وتنشيط ما يُعرف ببرامج (التعليم المجتمعي).
الفكرة من برامج التعليم المجتمعي هي أنها برامج تستهدف تزويد المجتمع بمهارات ومعارف وأدوات تتسم بطابع (الحاجة المجتمعية الشاملة Comprehensive community need). وقد تتوجه مثل هذه البرامج لعموم المجتمع، أو لفئات محددة منها، وتتسم بالشمول، وسهولة الوصول إليها وإتاحتها، وعدم ارتباطها بشكل أساس بالمعرفة الإنتاجية (التنافس على الفرص والوظائف)، وإنما بتشكل قدرة اجتماعية على نشر ثقافة ما، أو تحييد مخاطر معينة. وإذا ما نظرنا اليوم إلى المتغيرات والمخاطر والحاجيات المحيطة بالمجتمع سنجد أن هناك قضايا ومعارف لابد من تغطيتها بهذا النوع من البرامج باختلاف أشكالها وتسمياتها، سواء كانت تعطى عبر الإنترنت أو واقعيًا، وسواء كانت عبر مؤسسات حكومية أو خاصة، أو مؤسسات مجتمع مدني. الأهم هو الإتاحة والوصول والتصميم الفاعل لمخرجاتها. عالميًا تشير الإحصائيات إلى أن ما يزيد على 608 ملايين شخص يقعون ضحية للاحتيال الإلكتروني في كل عام بمتوسط 1.67 مليون ضحية يوميًا (عام 2024). هؤلاء هم ضحايا لأشكال معقدة من هندسة الجرائم الإلكترونية، ولكن في الوقت نفسه جزء كبير منهم قد يكون فاقدًا للجزء المهاري والمعرفي في التعامل مع مثل هذا النوع من الجرائم. وليست قضايا أمن الخصوصية الذاتية، وأمن البيانات، والحماية السيبرانية للأفراد، وتعزيز الاتصال الآمن ما يحتاج إلى تطوير مهارات أو برامج معرفية تزود الأفراد باللازم للتعامل معها؛ فهناك قضايا عديدة مستجدة، منها الثقافة المالية، والاحتيال المالي، واختلال التربية الوالدية السليمة، وغياب التوافق الزواجي، والابتزاز الإلكتروني الذي زادت نسبة وقوعه عالميًا بين عامي (2021 - 2024) بنسبة 7200%، والحصانة ضد ترويج الأفكار المتطرفة، وغيرها قضايا تستوجب اليوم النظر إليها من خلال ضرورة تعميم القدرات، والمهارات، والحدس اللازمة لأفراد المجتمع عمومًا للتعاطي معها، ونعتقد أن المبادرة باستحداث برامج تعليم مجتمعي متدرجة ومتجددة لها أصبحت ضرورة قصوى.
ولهذا الشكل من أشكال التعليم ممارسات نظيرة في مختلف دول العالم؛ حيث تركز العديد من الدول اليوم على سبيل المثال على استحداث برامج تهدف إلى تعميم المهارات الرقمية، أو بناء قدرات الذكاء الاصطناعي لكافة أفراد المجتمع، مثل مبادرة (سماي) التي أطلقتها المملكة العربية السعودية، فيما تتجه بعض الدول إلى التركيز على تعليم المهارات لفئات معينة، مثل برامج Active Ageing Learning Program التي أصبحت تخصص لكبار السن في بعض الدول لتحديث مهاراتهم، ومواكبة معارفهم مع السياقات والقضايا المعرفية المتغيرة، وما قد يتعرضون له من احتياج اجتماعي معرفي.
في سياقنا المحلي يمكن أن يبدأ مثل هذا النوع من البرامج في شراكة بين القطاع الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني؛ حيث تتولى الحكومة تحديد الأولويات من واقع ما لديها من بيانات ومعلومات حول حقيقة الواقع الاجتماعي، وتصميم أطر هذه البرامج وتمويلها وحوكمتها، فيما يمكن أن تتولى مؤسسات المجتمع المدني تنفيذها على أرض الواقع باعتبار قدرتها على الوصول إلى المجتمع بشكل شمولي وتخصصي في الآن ذاته. ويمكن أن تحدد لهذه البرامج ثيمات بشكل سنوي للقضايا التي ستتناولها، ومن خلالها ستتوجه إلى المجتمع؛ لإكساب المهارات والمعارف اللازمة لأكبر قدر من الفئات والأفراد فيه، كما يمكن ربط هذه البرامج ببعض الحوافز المجتمعية؛ لتشجيع الأفراد على الانخراط فيها. إن المراهنة على الوسائل الطبيعية لتطور الوعي الذاتي مهمة، ولكنها غير كافية اليوم للتعامل مع احتياج مجتمعي ضخم من المعارف والمهارات.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان