جهاز المخابرات العامة .. معركة البناء الوطني
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
تبرز فاعلية وحيوية جهاز المخابرات العامة في أنه نجح في المحافظة على جسم مؤسسته من محاولات التدجين وكسر العظم التي قامت بها الأحزاب البائدة لصالح المليشيا المدحورة منذ العام 2019، ففي الوقت الذي كان ينادي فيه الناشطين بحل الجهاز ويهتف لهم المغيبين بلا وعي، كان الجهاز يعمل بكل كفاءة للتعامل مع تلك العاصفة بأكبر قدر من الحكمة والتروي والصبر، فالحملات الداعية للحل والهيكلة كانت تقف خلفها المليشيا بكل ثقلها، وحملات الشيطنة الإعلامية تمت بواسطة وكلاء المليشيا ونشطاء الأحزاب والتنظيمات المعادية لمصالح البلاد والساعية لتقويض أمنها القومي ونظامها الدستوري، لكن الجهاز كان عصيا على الإنكسار والذوبان، وعندما تم إعلان هيئة العمليات كقوة متمردة في ظل إختطاف الدولة من قبل المليشيا تعامل الجهاز بكل مسؤولية واستجاب منسوبي الهيئة لقرار الحل الجائر وعادوا لصفوف الشعب السوداني، تقديرا للظرف الذي تمر به البلاد وحالة الضعف التي أعترت مؤسسات الدولة .
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 ظهر للشعب السوداني كم كان جهاز أمنهم قويا وراسخا، فقد أعاد تشكيل ذاته من جديد، ورمم مؤسساته وأعاد لها هيبتها، كما تمت إعادة (هيئة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة) وأضيف لها ألوية النخبة القتالية والتي بلغت خمس ألوية، قاتلت في كل أنحاء السودان وحققت العديد من الإنتصارات والاختراقات في صفوف العدو، وهذا الأمر لم يكن ليتم لولا وجود القيادة ذات الإرادة الصادقة والعزيمة التي لا تلين .
في الجانب السياسي أنجز جهاز المخابرات العامة العديد من المبادرات السياسية وحقق كثير من الاختراقات ، ورعي عدد من المساعي الرامية لتحقيق السلام بكافة السبل الممكنة ، وقد تم ذلك بخطوات جادة ورؤى ناضجة، وفي ملف العلاقات الخارجية أشرف الجهاز على جانب الدعم الدولي والإقليمي الذي تحققت فيه الكثير من المكاسب والتي شهد السودانيون أثرها على مسار العمليات الجارية، كذلك ظهر أثرها في إضعاف تماسك المليشيا ووحدة التحالفات السياسية الداعمة لها .
برزت قوة الجهاز أيضا في مساعي شق صفوف المليشيا واستقطاب عدد من قادتها المؤثرين عبر تدابير وعمليات معقدة اتخذت الجانب الاجتماعي والسياسي والأهلي، وتكلل بعضها بالنجاح الكبير الذي قد يلاحظه المهتمين والمتابعين للشأن العسكري والشأن العام، ولذلك لا داعي للخوض فيها لأن بعض العمليات لا زال العمل فيه جاريا، وقد كان مبدأ مؤسسة الجهاز في تلك المساعي أن ما يحقق الأمن القومي للبلاد هو الحاكم للتحركات والسكنات والتي يقف على رأسها ضباط ذوي خبرة كبيرة وإدراك شامل للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالسودان ..
في ما يلي العلاقة بمؤسسات الدولة الأخرى الأمنية والعسكرية العاملة، كانت مؤسسة الجهاز تعمل بتناغم تام مع المكونات العسكرية الأخرى، وقد تحققت العديد من الانتصارات الميدانية بفضل ذلك التناغم والعمل بروح الفريق وروح الوطن .
يوسف عمارة أبوسن
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
“فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية
صراحة نيوز – بقلم :ا.د احمد منصور الخصاونة
في وطننا الذي يفخر بجنوده وأجهزته الأمنية، تبرز المخابرات العامة الأردنية ليس فقط كدرع واقٍ من المخاطر، بل كمدرسة في القيم والمروءة والإنسانية. ليست القصة التي رواها المواطن حمزة العجارمة إلا نافذة صغيرة تطل على جبل من النبل والرجولة والشهامة المتجذرة في نفوس أبناء هذا الجهاز السيادي الوطني العريق.
فحين تجد فتاة جامعية نفسها وحيدة، مرهقة، في ساعة متأخرة، عاجزة عن العودة إلى بيتها، لا تجد حولها سوى نظرات العابرين وقلق الظلام … يُشرق النور فجأة من حيث لا تتوقع، من رجال لا يعرفون التفاخر ولا ينتظرون الشكر، لكنهم جبلوا على أن يكونوا عونًا وسندًا لكل محتاج وضعيف.
“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” .. فلسفة أمنية تتجاوز التعليمات وتلامس القلوب، ليست هذه الجملة العابرة مجرد تعبير ارتجالي خرج من لسان رجل أمن في موقف إنساني عابر؛ بل هي اختزال صادق لفلسفة عميقة تجسد العقيدة الأمنية الأردنية التي نشأت على القيم، وتشكلت من رحم الأخلاق، وتربّت على سُنة الوفاء والانتماء.
“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” تعني أن المواطن ليس رقماً في سجل، بل هو شريك في الوطن، وأن من ينتسب الى الدائرة، لا يُحركه القانون وحده، بل تُحركه الروح، والضمير، والرحمة، والفطرة الأردنية الأصيلة. هذه الجملة البسيطة كشفت عن وجه آخر لدائرة المخابرات العامة، الوجه الذي لا تراه الكاميرات، ولا تتصدر أخباره العناوين، لكنه حاضر في لحظة وجع، في موقف حيرة، في ساعة عتمة. هناك حيث لا أحد، يظهر رجال المخابرات، لا ليمارسوا سلطة، بل ليحملوا مسؤولية، لا ليفرضوا تعليمات، بل ليقدموا الطمأنينة.
دائرة المخابرات العامة الأردنية ليست فقط خط الدفاع الأول عن الوطن، بل هي أيضاً الحضن الأول لمن يشعر بالخوف أو الضياع. هي النموذج الحي على أن الأمن لا يُبنى بالعتاد وحده، بل يُبنى بالإنسان أولاً، ويصان بالعطاء، ويُروى بالرحمة. في زمن تتآكل فيه القيم عند البعض، ويعلو فيه صوت المصالح، تظل المخابرات العامة الأردنية صرحاً من صروح النبل، ومدرسة في الشرف والكرامة، وعنواناً للثقة التي نُسلمها لهم دون تردد لأننا نعلم أنهم أمناء عليها، كما هم أمناء على تراب الوطن.
ولأن الأردن وُلد من رحم الكرامة، ونشأ في مدرسة الهاشميين، فإن منسوبي مخابراته ليسوا مجرد موظفين، بل هم فرسان لا يغيب عن أعينهم نبض الأردني، ولا تغيب عن ضمائرهم دمعة أم، أو حيرة طالبة، أو قلق مواطن.
فطوبى لمن كانت “بنت الناس” عنده “بنته”، وطوبى لمؤسسة تُقدّم المثال لا المقال، والرحمة لا الجمود، والانتماء لا الادعاء.
لقد عرفناهم عن قرب، وتعاملنا معهم في مواقف ومناسبات مختلفة، فكانوا كما عهدناهم: رجال دولة، فرسان مبدأ، وأصحاب نخوة لا تهاب ولا تساوم. لا يخشون في الحق لومة لائم، ينجزون في صمت، ويحمون الوطن وأبناءه دون أن يسألوا عن مقابل.
دائرة المخابرات العامة، قدموا لنا في هذه الحادثة درسًا في الإنسانية، قبل أن يكونوا نموذجًا في الحماية. هم رجال تمرسوا في ميادين التضحية، وتشربوا أخلاق الجيش العربي، وتربّوا على أن الكرامة لا تتجزأ، وأن البنت الأردنية أمانة في أعناقهم كما هي في كنف والدها.
وإننا – أبناء هذا الوطن – لا نملك أمام هذه النماذج إلا أن نرفع القبعات احترامًا، ونسأل الله أن يحفظهم، ويسدد خطاهم، ويجعلهم دائمًا كما عهدناهم: سندًا للوطن، وعنوانًا للرجولة، ورمزًا للحق.
دام الأردن عزيزًا، دامت مخابراته درعًا حصينًا، ودامت عقيدتها مدرسةً في الشرف والإنسانية.