هل يبني الحوثيون دولة بوليسية بتقنيات تجسس إسرائيلية؟ أدلة تفضح المليشيا
تاريخ النشر: 29th, July 2025 GMT
في سابقة تكشف جانبا جديدا من مسار التصعيد الحوثي، لم تعد شحنات الأسلحة المهربة إلى اليمن تقتصر على الصواريخ والطائرات المسيّرة والمعدات العسكرية التقليدية، بل باتت تتضمن معدات تجسس متقدمة وتقنيات رقمية عالية الدقة تستخدم عادة في أنظمة الرقابة البوليسية.
آخر هذه الشحنات التي ضبطتها المقاومة الوطنية اليمنية، كشفت احتواءها على أجهزة تجسس واختراق للهواتف متخصصة في الاستخبارات الرقمية؛ ما يثير تساؤلات حول نوايا الحوثيين في بناء منظومة أمنية بوليسية داخل مناطق سيطرتهم.
وكشفت المقاومة الوطنية، في مؤتمر صحفي عقده متحدثها العميد ركن صادق دويد، محتويات شحنة الأسلحة، مميطًا اللثام عن جهاز تجسس إسرائيلي الصنع يُطلق عليه (توربو لينك) (Turbo Link)، وهو من منتجات شركة (سيلبيريت) (Cellebrite) الإسرائيلية، وهي شركة متخصصة في مجال الاستخبارات الرقمية.
وبحسب خبراء في مجال التقنية الرقمية، فإن هذا الجهاز "يُستخدم في التحقيقات الجنائية الرقمية واستخراج البيانات، حيث يمكنه سحب وتحليل البيانات من الهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، ويُعدّ مناسبًا جدًا لمن لا يمتلكون خبرات تقنية متقدمة في فتح الأجهزة المحمولة".
ووصف الخبراء، جهاز التجسس الإسرائيلي بـ"الأخطر"، كونه لا يقتصر عمله على ضرورة تواجد الهاتف في محيط الجهاز أو بالقرب منه، بل يمتد مداه لتغطية مساحة جغرافية بعينها؛ مما يجعل الهواتف كافة المتواجدة في ذلك النطاق الجغرافي عُرضة للاختراق وسحب جميع البيانات والمعلومات المتواجدة فيه.
كما يمكنه أيضا استرجاع الصور والفيديوهات والرسائل التي سبق وأن تخلص منها صاحب الهاتف المستهدف وقام بحذفها، فضلًا عن قدرته في اختراق كلمات المرور، والاطلاع كذلك على جميع محتويات ورسائل جميع تطبيقات المراسلة المتواجدة على الهاتف، دون علم الشخص صاحب الهاتف.
ومن بين معدات التقنية التي عُثر عليها، جهاز يُطلق عليه (IONSCAN 600)، وهو من إنتاج شركة (KSmiths Detection) البريطانية، للكشف عن المواد الكميائية، ويُستخدم هذا الجهاز في الغالب في المطارات ونقاط التفتيش الرئيسية بالإضافة إلى الحواجز الفاصلة بين الحدود البرية للدول، وذلك للكشف عن آثار المواد المتفجرة أو مواد ممنوعة مثل المخدرات، وذلك عبر تحليل كيميائي دقيق.
كما ضمت الشحنة، كاميرات تجسس صغيرة الحجم، يُمكن استخدامها في مراقبة الأفراد والمنازل سرًا، بالإضافة إلى مايكروفونات ومكونات صوتية صغيرة الحجم، كما عُثر ضمن محتويات الشحنة على أجهزة تنصت وتعقّب تعتمد على تقنيات عالية، إلى جانب وحدات اتصال سرية مُخصصة لأغراض المراقبة والتتبع.
إلى جانب كل ذلك، عُثر أيضًا على حاسوب محمول (لابتوب)، يحتوي على تطبيقات أمنية واستخباراتية متعددة تُستخدم في أنشطة المراقبة والتجنيد، فضلًا عن جهاز لكشف الكذب، يُستخدم في التحقيقات السرية وانتزاع المعلومات.
وفي هذا السياق، يقول متحدث القوات المشتركة المقدم وضاح الدبيش، إن: "هذه المعدات تُدين الحوثيين، وتؤكد خيانتهم للقضية الفلسطينية، وتفضح تناقضهم، فبينما تدّعي نصرتها لفلسطين من جانب، تتعامل وتتعاطى مع أدوات إسرائيلية المنشأ من جانبٍ آخر".
وأشار الدبيش إلى أن: "استخدام التكنولوجيا المعادية، للتجسس، بهدف قمع أبناء الشعب اليمني، يُعرّي الحوثيين أكثر، ويكشف حقيقة كذب شعارات التحرر والممانعة التي ترفعها، وتتغنى بها".
وقال المقدم الدبيش: "إننا اليوم أمام حقيقة ساطعة لاتدعُ مجالًا للشكّ، وهي أن ميليشيا الحوثيين ليس سوى أداة قمع وتجسس تعمل ضد اليمنيين، حتى وإن كان الثمن التعامل مع أدوات العدو الصهيوني".
واعتبر، بأنها "فضيحة مدوّية تهز دعاة الموت لإسرائيل"، لافتًا إلى أنه "بينما لا يتوقف الحوثيون عن المتاجرة بشعارات العداء لإسرائيل، تكشف الوقائع عن الوجه الحقيقي لميليشيا الخداع والتضليل".
وتُشير هذه المعطيات والكشف على مثل هذا النوع من التكنولوجيا، والتقنيات المتطورة، إلى توجه ميليشيا الحوثيين لبناء منظومة أمنية داخلية شديدة السيطرة، على غرار نماذج الحكم البوليسي، على غرار عدة دول من بينها إيران نفسها.
من جانبه، قال الباحث والمحلل في الشؤون الأمنية عاصم مجاهد: "ما تم ضبطه مؤخراً في شحنة الأسلحة الإيرانية المهربة إلى الحوثيين، خصوصاً تلك الأجهزة الأمنية ذات الاستخدامات الاستخباراتية وتحليل السلوك وكشف الكذب، لا يمكن قراءته إلا بوصفه انعكاسا صريحا لنمط حكم بوليسي يتشكل ببطىء نحو إنتاج نسخة يمنية مصغرة من منظومة الحرس الثوري، خاصة في بُناها الأمنية الداخلية".
ويرى مجاهد ، "أن الجماعة باتت مهووسة بما يدور داخل المجتمع نفسه، وأكثر قلقا من الانشقاق أو الرأي المخالف، فوجود جهاز مثل Turbo Link من إنتاج شركة إسرائيلية، يكشف حجم القفزة التي تسعى الجماعة لتحقيقها في بُنية العمل الأمني الداخلي".
وأضاف: "أن تمتلك ميليشيا الحوثيين القدرة التي يمنحها لها هذا الجهاز على اختراق حماية الهواتف وقراءة الرسائل المشفرة، بل واسترجاع البيانات المحذوفة، يعني أنه بات يملك الوسائل لاختراق الحياة الشخصية على نطاق واسع، متجاوزًا أدوات الرصد الكلاسيكية نحو نظام رقابي شامل يُشبه ما تفعله الأجهزة الأمنية المغلقة في الدول القمعية".
وتابع مجاهد: "أضف إلى ذلك أجهزة مثل (IONSCAN 600) للكشف عن المواد الكيميائية، وأدوات تنصّت تعتمد على تقنيات GSM/GPS وبرمجيات تحليل نوايا مثل (EyeDetect)، وكلها تشير إلى مشروع متكامل لبناء جهاز أمني متعدد الوظائف، يُراقب السلوك لا النوايا فحسب، ويستبق التمرد قبل أن يعلن عن نفسه".
وذكر المحلل في الشؤون الأمنية، بأن: "هذا يعيدنا إلى صلب عقيدة الحرس الثوري الإيراني، الذي لم يكن جهازًا عسكريًا فحسب، بل مؤسسة أمنية شمولية تمارس هندسة الخوف داخل المجتمع، وتحتكر (الحقيقة) و(الولاء)، وما تفعله جماعة الحوثي كما أراه هو محاكاة متقدمة لهذا النموذج وليس فقط تقليدًا سطحيًا".
وقال عاصم مجاهد: "ثمة محاولات واضحة لبناء جهاز أمني داخلي يجمع بين السيطرة الأمنية الناعمة (المراقبة، التجسس، تصنيف الولاءات)، وبين القبضة الحديدية المعتادة".
ونوه بأن "ما يثير القلق ليس التكنولوجيا فقط، بل العقل الذي يديرها، عقل جماعة مذهبية مشبعة بعقيدة أمنية تتلقى دعما متصاعدا من طهران، باتت تملك أدوات رقابة تتعقب الأفراد على مستوى التفكير والنوايا لا الأفعال وحدها"، مُشيرًا إلى أنه: "لا نرى فقط تطورا في نوعية الدعم الإيراني، بل انتقال إلى مرحلة جديدة مرحلة بناء الدولة البوليسية بكل أدواتها".
وبحسب مجاهد، فإن هذا: "يشي بأمرين لا يقلان خطورة، الأول أن الحوثيين باتوا مؤهلين لخوض حرب استخباراتية متكاملة تشمل الميدان والمعلومة، والثاني أنهم بصدد بناء بيئة أمنية مغلقة تهيمن على الداخل بالقوة والتكنولوجيا".
ولوّح إلى أن: "أن بعض هذه الأجهزة من تصنيع إسرائيلي وبريطاني؛ ما يكشف عن براغماتية عالية في عمل الجماعة، لا مشكلة لديهم في تجاوز شعاراتهم العدائية طالما أنهم يستطيعون الحصول على أدوات السيطرة ولو من السوق السوداء".
وبيّن مجاهد: "وهذا يعيد تعريف الصراع في اليمن، لم يعد صراعا بين شرعية وميليشيا، أو حتى بين نفوذ إقليمي وآخر، بل صار صراعا حول من يملك السيطرة على المجال الداخلي على المجتمع".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
معارك في الظل.. إيران تعلن إفشال مشروع خارجي يهدف لتقسيم البلاد
إيران تعلن إفشال مؤامرة خارجية معقدة تضم اغتيالات، تجسس، وتسلل إرهابي لـ300 عنصر على حدودها. وتؤكد استمرار مواجهة كل التهديدات لحماية أمن واستقرار البلاد. اعلان
كشفت وزارة الاستخبارات الإيرانية عن إحباط ما وصفته بـ"مؤامرة هجينة واسعة النطاق" استهدفت الأمن القومي للبلاد خلال ما يُعرف بـ"حرب الاثني عشر يومًا"، مشيرة إلى أن المخطط تجاوز الأبعاد العسكرية ليشمل أنشطة استخباراتية وتخريبية وإعلامية، تقف خلفها الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب جهات إقليمية وغربية.
وفي بيان رسمي نقلته وكالة تسنيم الإيرانية، أكدت الوزارة أن الهجوم استهدف زعزعة النظام الإسلامي وتقويض الاستقرار الداخلي وصولًا إلى محاولة تقسيم إيران جغرافيًا. ووصفت طهران هذا الهجوم بأنه "هجومي مركب"، استخدمت فيه أدوات الحرب الحديثة، من الإعلام الموجّه، إلى الهجمات السيبرانية، وصولًا إلى أعمال إرهابية وتحريض مجتمعي.
Related ضابط سابق في الموساد يكشف: هكذا نجنّد جواسيسنا داخل إيران "هوس الجواسيس" بعد الحرب مع إسرائيل.. إيران ترحّل مئات الآلاف من الأفغان إلى بلادهم"حاميها حراميها".. كيف تجنّد إيران جواسيس إسرائيليين من داخل الدولة العبرية؟ 35 محاولة اغتيال وشبكات تجسسوكشفت الاستخبارات عن إحباط 35 محاولة اغتيال، بينها 23 عملية استهدفت شخصيات سياسية وعسكرية بارزة خلال فترة الحرب، و13 عملية أخرى كانت قيد التحضير في الأشهر السابقة.
كما أعلنت عن تفكيك شبكة تجسس مرتبطة بالموساد الإسرائيلي، واعتقال 20 عنصرًا موزعين على عدد من المحافظات، بينهم منفذون وداعمون لوجستيّون، في عمليات تمت بالتنسيق مع الاستخبارات العسكرية، وصودرت خلالها معدات اتصال مشفّرة ووثائق استخباراتية.
قاعدة "إرهابية" قرب الحدودوفي تطور ميداني لافت، أعلنت طهران عن إحباط محاولة تسلل 300 "عنصر إرهابي أجنبي"، كانوا متمركزين في قاعدة سرّية قرب الحدود الجنوبية الشرقية، تمهيدًا لتنفيذ عمليات داخل الأراضي الإيرانية. واتهمت الوزارة إسرائيل بالوقوف وراء هذه المجموعة، ضمن ما يسمى بـ"الجبهة المتحدة لبلوشستان"، مؤكدة أن نشاطها يخضع لمراقبة استخباراتية دقيقة.
كما نددت طهران بما اعتبرته محاولات إسرائيلية لتهديد المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، على خلفية التحقيقات الجارية بشأن جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية، معتبرة أن تلك التهديدات تمسّ بسيادة القانون الدولي، وتشكل خطرًا مباشرًا على المؤسسات القضائية العالمية التي تستضيفها هولندا.
وأكد البيان أن إيران تواصل التصدي لمحاولات الاختراق المجتمعي، والحرب السيبرانية، وشبكات التخريب، من خلال تنسيق مستمر بين الاستخبارات والحرس الثوري والجيش، متعهدة بأن البلاد "لن تسمح بتمرير أي مشروع خارجي يستهدف استقرارها ووحدتها"، ومشيدة بجهوزية الأجهزة الأمنية التي "أثبتت كفاءتها في مواجهة الحروب المركبة والمعقدة".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة