جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-25@05:58:33 GMT

صدمة الخوير وبوشر!

تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT

صدمة الخوير وبوشر!

 

مدرين المكتومية

صُدمت بينما كنتُ أقفٌ أمام إحدى أرقى وأفخم البنايات في منطقة بوشر وتحديدًا في حي الخوير؛ إذ وجدتُ صهريجًا كبيرًا لشاحنة نقل مياه المجاري، تقف أسفل البناية بينما تتصاعد منها رائحة كريهة لأبعد الحدود وضوضاء مُزعجة، ليتضح أنَّ هذا المشهد يتكرر يوميًا أمام جميع منازل وبنايات الكثير من الأحياء في مسقط، وليس بوشر أو الخوير وحدهما، في صورة غير لائقة حضاريًا ولا تليق بما وصلنا إليه من تقدم وازدهار؛ الأمر الذي قادني إلى سؤال بسيط: لماذا إلى الآن لم نستطع إنجاز شبكة الصرف الصحي على الأقل في العاصمة مسقط؟ ولن أتحدث عن بقية المحافظات!!

هذا سؤال يدفعنا نحو مجموعة من الأسئلة الأخرى عن أسباب تعثر وتأخر العديد من المشاريع، سواء في البنية الأساسية والخدمية أو غيرها، ما يتسبب في خسائر وأضرار على المستويات كافةً.

ومن المُفاجئ والغريب- في آنٍ واحد- أن نجد مدينة مثل مسقط العامرة، وهي واحدة من أجمل مدن وعواصم العالم وحازت على العديد من الألقاب والتصنيفات المرموقة، نجدها غير مكتملة الخدمات، ما يؤكد أننا بحاجة لإعادة النظر في طبيعة المشروعات التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، وإيلاء مثل هذه المشاريع الأولوية القصوى، لما لها من دور في الحد من الإضرار بالبيئة وتعزيز الاقتصاد الدائري، فضلًا عن تحسين المظهر الحضاري.

ومشروع الصرف الصحي واحدٌ من المشاريع الحيوية التي وضعتها الحكومة من أجل تحسين جودة الحياة وتعزيز البنية الأساسية في البلاد، لكن التأخيرات التي يُعاني منها المشروع على مدى السنوات الماضية، تكشف عن تحديات يجب مُعالجتها في أسرع وقت، لا سيما بعد أن انتهينا من خطة التوازن المالي، وبدأنا برامج الاستدامة المالية، ولا شك أنَّ تنفيذ مثل هذا المشروع سيدعم الاستدامة المالية، لأنه سيُقلل الإنفاق على جوانب أخرى تستنزف الميزانية العامة للدولة.

وعندما بحثت في الأمر، علمتُ أن التحديات المالية كانت بمثابة حجر العثرة في وجه المشروع، حيث إن نقص التمويل وإعادة تخصيص الموارد المالية لمشاريع أخرى كانت من بين الأسباب الرئيسية لتوقف المشروع. علاوة على تحديات إدارية وتنظيمية يبدو أنها تتزايد بين عدد من الجهات المعنية. مصادر تحدثتُ إليها أخبرتني كذلك بأن هناك تحديات فنية تتعلق بطبيعة التضاريس والتربة العمانية التي في معظمها تتألف من طبقات صخرية شديدة الصلابة.

الغريب في الأمر أنه رغم التوسع العمراني والنمو السكاني المتزايد، لا سيما في مسقط، إلّا أن الجهات المعنية لم تضع هذا المشروع على قائمة الأولويات، حتى ولو كان يتكلف مئات الملايين، ففي النهاية هي خدمة تُقدَّم للمواطن وينتفع بها هو وأولاده؛ بل وأحفاده؛ حيث من المعلوم أن مشاريع البنية الأساسية تمتد لعقود طويلة، وفي بعض الدول التي زُرتها، اكتشفت أن شبكات الصرف الصحي فيها تعود إلى القرن الماضي، بل بعضها- مثل أوروبا- يعود إلى قرون سابقة!!

ورغم هذه التحديات، إلّا أنني أعلم يقينًا أن مشروع الصرف الصحي يحمل أهمية كبيرة لوطننا؛ إذ من شأن تنفيذ المشروع أن يدعم تطور البنية الأساسية، ويُسهم في تحسين شبكات الصرف الصحي، مما يعزز من كفاءة الخدمات العامة، علاوة على دوره في تعزيز الاقتصاد الدائري؛ حيث يُمكن إعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة، مما يقلل من استهلاك الموارد الطبيعية، كما يُسهم المشروع في تطوير المظهر الحضاري، من خلال تحسين النظافة العامة وتقليل التلوث، وهو ما سيعكس صورة إيجابية عن كل مدينة وحي.

كُلي أمل ورجاء من الجهات المعنية في حكومتنا الرشيدة والهيئات المسؤولة عن الخدمات العامة والشركات المُنفذة للمشروع، أن تتكاتف الجهود من أجل توفير التمويل اللازم وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا الجانب، علاوة على تعزيز الكفاءة الإدارية والتنظيمية لضمان تنفيذ المشروع في الوقت المحدد، واستخدام تقنيات حديثة ومستدامة لتقليل التكاليف وزيادة الفعالية.

وأخيرًا.. إنَّ مشروع الصرف الصحي ليس مجرد استثمار في البنية الأساسية وتوفير الخدمات العامة للسكان؛ بل إنه استثمار في مستقبل وطننا العزيز وتحقيق رفاهية سكانها، من أجل أن تكون عُمان أكثر استدامة وتطورًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

البيئة: مراقبة 136 محطة للصرف الصحي لضمان الجودة

تقوم هيئة البيئة بمراقبة محطات الصرف الصحي في مختلف المحافظات لضمان جودة المياه المعالجة. وأشار عادل بن سعود الحبسي، مدير مشروع رصد جودة مياه الصرف المعالجة بهيئة البيئة، إلى أن هيئة البيئة تقوم بمراقبة محطات الصرف الصحي والصناعي بجميع المحافظات، مشيرًا إلى أن الهيئة تقوم بإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتكمن أهميتها في توثيق ومتابعة جودة المياه المعالجة بشكل منهجي، والاستفادة من البيانات المتوفرة لإعداد تقارير تنبؤية حول جودة المياه المعالجة في مختلف المحافظات خلال السنوات المقبلة، كما تُسهم هذه القاعدة في دعم اتخاذ قرارات مستنيرة قائمة على بيانات دقيقة وموثوقة، وتُعزز من فرص الابتكار والاستثمار في مجالي الصرف الصحي والصناعي، إضافة إلى ذلك، فإنها تدعم تحقيق أهداف "رؤية عُمان 2040" فيما يتعلق باستدامة الموارد المائية وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية.

وقال الحبسي: يتم رصد جودة المياه المعالجة الناتجة من محطات الصرف الصحي والصناعي، والبالغ عددها 136 محطة بمختلف المحافظات، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المحطات غير الملتزمة، حيث يتم أخذ عينات وتحليل التأثيرات البيئية الناجمة عنها، بالإضافة إلى تنفيذ المسوحات البيئية ومتابعة تقارير الأداء البيئي للشركات.

وأكد الحبسي أن إعادة استخدام مياه الصرف المعالجة تقتصر في الغالب على الاستخدامات غير الصالحة للشرب، مثل الري والتبريد وغيرها، كما تُعد معالجة مياه الصرف الصحي عملية معقدة تتضمن إزالة الملوثات من مياه الصرف الصحي لجعلها آمنة للتصريف أو إعادة الاستخدام، مضيفًا: إن عملية المعالجة عادة ما تتكون من عدة مراحل، في مرحلة المعالجة الأولية تتم إزالة المواد الصلبة الكبيرة من مياه الصرف الصحي من خلال عمليات مثل الغربلة والترسيب، وهذا يساعد على تقليل العبء على عمليات المعالجة اللاحقة ومنع انسداد الأنابيب والمعدات، أما مرحلة المعالجة الثانوية، فإنها تركز على إزالة المواد العضوية والملوثات الذائبة، ويتم تحقيق ذلك غالبًا من خلال العمليات البيولوجية، حيث تقوم الكائنات الحية الدقيقة بتفكيك المواد العضوية وتحويلها إلى منتجات ثانوية غير ضارة، وتُستخدم التقنيات المتقدمة، مثل أنظمة الحمأة المنشطة والمرشحات المتقطرة، بشكل شائع في هذه المرحلة، فيما تهدف مرحلة المعالجة الثلاثية إلى زيادة تنظيف مياه الصرف الصحي وإزالة أي ملوثات متبقية، وقد تتضمن هذه المرحلة عمليات مثل الترشيح والتطهير وإزالة العناصر الغذائية.

وبيّن أن تفريغ مياه الصرف الصحي خارج محطات المعالجة يُعد من أخطر الممارسات البيئية، حيث يؤدي إلى تلوّث المياه الجوفية والسطحية نتيجة تسرب الملوثات والميكروبات، مما يشكّل خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان، ويسهم في انتشار أمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد والإسهالات الحادة، كما يتسبّب في تلوّث التربة وتدمير الأراضي الزراعية، إضافة إلى انبعاث روائح كريهة تؤثر على جودة الحياة في المناطق السكنية القريبة، وتشويه المنظر العام والإضرار بالسياحة والاقتصاد المحلي، وإذا وصل هذا التصريف إلى البحار أو الأودية، فإنه يهدّد الحياة البحرية ويُخلّ بالتوازن البيئي بشكل خطير، لذا، فإن الالتزام بتصريف المياه عبر محطات المعالجة هو أمر ضروري لضمان حماية البيئة والصحة العامة وتحقيق الاستدامة البيئية.

مقالات مشابهة

  • وزارة الصحة العامة تُطلق المرحلة الأولى من مشروع التدقيق والرقابة على أداء الكوادر الصحية في المدارس ورياض الأطفال الخاصة​​
  • تظاهرة نسائية في تعز تندد بتدهور الأوضاع المعيشية وتطالب بتوفير الخدمات الأساسية
  • البيئة: مراقبة 136 محطة للصرف الصحي لضمان الجودة
  • نساء تعز يتظاهرن للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية
  • الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان
  • بالصور.. افتتاح مشروع ساحة الخوير وأطول سارية علم في مسقط
  • ساحة الخوير.. معلم حضري جديد ينبض في قلب مسقط
  • النقل: توقيع عقد تنفيذ البنية الأساسية لمشروع ترام الرمل بالإسكندرية
  • النقل توقع عقد تنفيذ أعمال البنية الأساسية لمشروع إعادة تأهيل ترام الرمل
  • النقل توقع عقدًا لتنفيذ أعمال البنية الأساسية لمشروع إعادة تأهيل ترام الرمل