جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-08@13:29:25 GMT

صدمة الخوير وبوشر!

تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT

صدمة الخوير وبوشر!

 

مدرين المكتومية

صُدمت بينما كنتُ أقفٌ أمام إحدى أرقى وأفخم البنايات في منطقة بوشر وتحديدًا في حي الخوير؛ إذ وجدتُ صهريجًا كبيرًا لشاحنة نقل مياه المجاري، تقف أسفل البناية بينما تتصاعد منها رائحة كريهة لأبعد الحدود وضوضاء مُزعجة، ليتضح أنَّ هذا المشهد يتكرر يوميًا أمام جميع منازل وبنايات الكثير من الأحياء في مسقط، وليس بوشر أو الخوير وحدهما، في صورة غير لائقة حضاريًا ولا تليق بما وصلنا إليه من تقدم وازدهار؛ الأمر الذي قادني إلى سؤال بسيط: لماذا إلى الآن لم نستطع إنجاز شبكة الصرف الصحي على الأقل في العاصمة مسقط؟ ولن أتحدث عن بقية المحافظات!!

هذا سؤال يدفعنا نحو مجموعة من الأسئلة الأخرى عن أسباب تعثر وتأخر العديد من المشاريع، سواء في البنية الأساسية والخدمية أو غيرها، ما يتسبب في خسائر وأضرار على المستويات كافةً.

ومن المُفاجئ والغريب- في آنٍ واحد- أن نجد مدينة مثل مسقط العامرة، وهي واحدة من أجمل مدن وعواصم العالم وحازت على العديد من الألقاب والتصنيفات المرموقة، نجدها غير مكتملة الخدمات، ما يؤكد أننا بحاجة لإعادة النظر في طبيعة المشروعات التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، وإيلاء مثل هذه المشاريع الأولوية القصوى، لما لها من دور في الحد من الإضرار بالبيئة وتعزيز الاقتصاد الدائري، فضلًا عن تحسين المظهر الحضاري.

ومشروع الصرف الصحي واحدٌ من المشاريع الحيوية التي وضعتها الحكومة من أجل تحسين جودة الحياة وتعزيز البنية الأساسية في البلاد، لكن التأخيرات التي يُعاني منها المشروع على مدى السنوات الماضية، تكشف عن تحديات يجب مُعالجتها في أسرع وقت، لا سيما بعد أن انتهينا من خطة التوازن المالي، وبدأنا برامج الاستدامة المالية، ولا شك أنَّ تنفيذ مثل هذا المشروع سيدعم الاستدامة المالية، لأنه سيُقلل الإنفاق على جوانب أخرى تستنزف الميزانية العامة للدولة.

وعندما بحثت في الأمر، علمتُ أن التحديات المالية كانت بمثابة حجر العثرة في وجه المشروع، حيث إن نقص التمويل وإعادة تخصيص الموارد المالية لمشاريع أخرى كانت من بين الأسباب الرئيسية لتوقف المشروع. علاوة على تحديات إدارية وتنظيمية يبدو أنها تتزايد بين عدد من الجهات المعنية. مصادر تحدثتُ إليها أخبرتني كذلك بأن هناك تحديات فنية تتعلق بطبيعة التضاريس والتربة العمانية التي في معظمها تتألف من طبقات صخرية شديدة الصلابة.

الغريب في الأمر أنه رغم التوسع العمراني والنمو السكاني المتزايد، لا سيما في مسقط، إلّا أن الجهات المعنية لم تضع هذا المشروع على قائمة الأولويات، حتى ولو كان يتكلف مئات الملايين، ففي النهاية هي خدمة تُقدَّم للمواطن وينتفع بها هو وأولاده؛ بل وأحفاده؛ حيث من المعلوم أن مشاريع البنية الأساسية تمتد لعقود طويلة، وفي بعض الدول التي زُرتها، اكتشفت أن شبكات الصرف الصحي فيها تعود إلى القرن الماضي، بل بعضها- مثل أوروبا- يعود إلى قرون سابقة!!

ورغم هذه التحديات، إلّا أنني أعلم يقينًا أن مشروع الصرف الصحي يحمل أهمية كبيرة لوطننا؛ إذ من شأن تنفيذ المشروع أن يدعم تطور البنية الأساسية، ويُسهم في تحسين شبكات الصرف الصحي، مما يعزز من كفاءة الخدمات العامة، علاوة على دوره في تعزيز الاقتصاد الدائري؛ حيث يُمكن إعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة، مما يقلل من استهلاك الموارد الطبيعية، كما يُسهم المشروع في تطوير المظهر الحضاري، من خلال تحسين النظافة العامة وتقليل التلوث، وهو ما سيعكس صورة إيجابية عن كل مدينة وحي.

كُلي أمل ورجاء من الجهات المعنية في حكومتنا الرشيدة والهيئات المسؤولة عن الخدمات العامة والشركات المُنفذة للمشروع، أن تتكاتف الجهود من أجل توفير التمويل اللازم وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا الجانب، علاوة على تعزيز الكفاءة الإدارية والتنظيمية لضمان تنفيذ المشروع في الوقت المحدد، واستخدام تقنيات حديثة ومستدامة لتقليل التكاليف وزيادة الفعالية.

وأخيرًا.. إنَّ مشروع الصرف الصحي ليس مجرد استثمار في البنية الأساسية وتوفير الخدمات العامة للسكان؛ بل إنه استثمار في مستقبل وطننا العزيز وتحقيق رفاهية سكانها، من أجل أن تكون عُمان أكثر استدامة وتطورًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المشاط: 48.5 مليار جنيه استثمارات للمرحلتين الأولى والثانية بمنظومة التأمين الصحي الشامل

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن منظومة التأمين الصحي الشامل في مرحلتها الأولى تشمل 6 محافظات بعدد مستفيدين يصل إلى 5.1 مليون مواطن، كما تم ضخ استثمارات منذ 2018 وحتى 2025 بلغت نحو 28.5 مليار جنيه لتنفيذ تلك المرحلة، بينما تشمل المرحلة الثانية 5 محافظات بعدد 12.4 مليون مستفيد من إجمالي السكان، وتم تخصيص استثمارات بقيمة 20 مليار جنيه لتلك المرحلة لتطوير المنشآت الصحية، هذا بالإضافة إلى التمويلات الميسرة من شركاء التنمية التي تبلغ قيمتها 880 مليون دولار من البنك الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) لدعم منظومة التأمين الصحي الشامل.
 
جاء ذلك خلال مشاركة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في المنتدى رفيع المستوى للتأمين الصحي الشامل 2025، وذلك في إطار رئاستها لوفد مصر الذي يضم الدكتور أحمد السوبكي، رئيس هيئة الرعاية الصحية، و مي فريد، المدير التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، حيث ينظم المنتدى حكومة اليابان، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية (WHO) ومجموعة البنك الدولي، في العاصمة اليابانية طوكيو، بمشاركة نخبة من مسئولي الحكومات والمؤسسات الدولية من بينهم، أجاي بانجا، رئيس البنك الدولي، وسانايتاكيتشي، رئيسة وزراء اليابان، الدكتور تيدروس أدهانومجيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، الدكتور يودي ساديكين، وزير الصحة الإندونيسي.

وشهد المنتدى إطلاق مركز المعرفة الخاص بالتغطية الصحية الشاملة، وهو منصة مبتكرة أطلقتها حكومة اليابان والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، لتعزيز تبادل الخبرات والمعرفة ودعم السياسات الوطنية في مجال الرعاية الصحية، ويضم مصر إلى جانب نيجيريا، والفلبين، وكينيا، وإندونيسيا، وغانا، وكمبوديا، وإثيوبيا.

وفي كلمتها، قالت الدكتورة رانيا المشاط، إن هذا الحدث المحوري، يجدد الالتزام العالمي بقضية تقع في صميم التنمية البشرية، مؤكدة أن مصر تؤمن بأن الرعاية الصحية حق لكل مواطن كما أنها ضرورة اقتصادية؛ فهي الأساس الذي يقوم عليه الإنتاج، وخلق فرص العمل، وتحقيق النمو الشامل والمستدام، لافتة إلى أن العالم التزم في عام 2015 بتحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030، وبالنسبة لمصر، لم يكن هذا مجرد هدف، بل كان استراتيجية وطنية للاستثمار في رأس المال البشري وهو المحرك الأقوى للتنمية الشاملة والمستدامة.

وذكرت أن مصر ترجمت هذا الالتزام إلى خطوات تنفيذية، فخلال السنوات الخمس الماضية، عملنا على زيادة الإنفاق على القطاع الصحي بما يقارب أربعة أضعاف، وهو تطور محوري لأنه يتيح لنا مواءمة الأهداف الصحية مع متطلبات التنمية، ويرفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين، ويعزز الجهود المبذولة لتحسين جودة حياة الأفراد.

وأكدت أن الهدف الاستراتيجي الذي نعمل على تحقيقه، هو توفير التغطية الكاملة ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين في مصر بحلول عام 2030، وهو هدف طموح يتطلب قدرات فنية متقدمة، ونظم تشغيل فعّالة، إلى جانب توفير تمويل مستدام يضمن استمرار تطبيق المنظومة بكفاءة وانتظام، ويحقق الشمول الصحي الكامل على مستوى الجمهورية.

وأضافت أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة لا يتوقف عند توسيع نطاق الخدمات، بل يشمل أيضًا تعزيز الاستدامة وتحقيق القيمة، وفي هذا الإطار، تنفذ مصر تحولًا استراتيجيًا في تمويل الصحة، بما يحسن كفاءة استخدام الموارد العامة ويوسع العدالة في الحصول على الخدمات، ويمتد هذا التحول إلى منظومة الحوكمة عبر المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، التي تضمن رؤية وطنية موحدة، واتساق السياسات، وتحديد الأولويات بناءً على الأدلة، وتوجيه الاستثمارات للفئات الأكثر احتياجًا، وتسريع وتيرة صنع القرار، وهو نهج حكومي شامل يجعل التغطية الصحية الشاملة جزءًا محوريًا من أجندة تنمية رأس المال البشري، ويربط التقدم الصحي بالتعليم وتنمية المهارات والتمكين الاقتصادي.

وأكدت «المشاط»، أن تحقيق النمو طويل المدى يعتمد على الاستثمار في الإنسان قبل أي شيء آخر؛ فالاستثمار في البشر هو ما يرفع الإنتاجية، ويُعزّز قدرة الأفراد على التقدّم والمشاركة الفعّالة في الاقتصاد، كما يساهم بشكل مباشر في خفض تكاليف الإنفاق المستقبلي على الخدمات، خاصة في القطاع الصحي.

واستعرضت الوزيرة التجربة المصرية، مشيرة إلى أن قطاع الصحة يعد أحد أهم الأولويات الوطنية، ليس فقط كجزء من منظومة الحماية الاجتماعية، بل باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة. وقد ارتبط هذا التوجه بمجموعة متنوعة من المبادرات والبرامج، لافتة الى تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالتعاون مع البنك الدولي وشركاء تنمويين آخرين، فضلا عن إطلاق الدولة عددًا من المبادرات الرئاسية التي لعبت دورًا حاسمًا في توسيع نطاق الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية.

كما أشادت كذلك بدور مؤسسة التمويل الدولية IFC والوكالة الفرنسية للتنمية AFD في دعم إشراك القطاع الخاص، وإصلاح السياسات، وبناء القدرات المؤسسية، وهي جهود تعزز مرونة النظام الصحي وترفع من كفاءته.
وتابعت قائلة «أما المبادرات الرئاسية في المجال الصحي، فقد امتد أثرها إلى نحو 90 مليون مواطن، عبر تقديم أكثر من 250 مليون خدمة صحية، شملت حملات الكشف المبكر، والفحوصات المتعلقة بالأمراض غير السارية، وبرامج المتابعة والعلاج».

وفيما يخص مبادرة “حياة كريمة”، فقد تجاوز عدد وحدات الرعاية الأولية التي جرى إنشاؤها أو تطويرها أكثر من 2,000 منشأة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة في الريف، وفي تخفيف الضغط على المستشفيات المركزية والعامة، وهذا يعكس ليس فقط حجم الجهود المبذولة، بل أيضًا التكامل الواضح بين مختلف المبادرات التي تعمل تحت مظلة رؤية واحدة.

وشددت على أنه عند قياس الإنفاق الصحي العام، يجب ألا نركز فقط على ما يُخصص لمنظومة التأمين الصحي الشامل. فالإنفاق على المياه والصرف الصحي والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية الأخرى يُعد جزءًا مهمًا من الصورة الكاملة، فهو يُسهم بشكل غير مباشر في تحسين الصحة العامة وتقليل معدلات المرض.

وأشارت الوزيرة إلى تجربة مصر في القضاء على فيروس «سي»، لافتة إلى إعلان منظمة الصحة العالمية خلوَّ مصر من المرض، وقد تحقق ذلك من خلال حملات واسعة للتطعيم، وبفضل إنتاج اللقاح داخل مصر عبر شركات القطاع الخاص، وهو ما يؤكد أن لكل طرف دورًا أساسيًا في المنظومة: الحكومة، والقطاع الخاص، والشركاء الدوليون. 
مؤكدةً أن دور الحكومة هنا يكمن في التيسير والتمكين، من خلال العمل على الاستفادة المثلى من ميزات كل شريك، إلى جانب توفير منصة مشتركة تُمكّن جميع الأطراف من العمل معًا بفاعلية.

واختتمت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي كلمتها بالتأكيد على أن الاستثمار في المواطن وحماية الأسر الأكثر احتياجًا، وتمكين الشباب، وتقوية المنظومة الصحية، وتوسيع فرص العمل المنتج هو الأساس لبناء اقتصاد أكثر مرونة وقدرة وتنافسية.

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان: تكثيف العمل لرفع نسب التنفيذ بمشروع الصرف الصحي بقرية غرب سهيل
  • محافظ أسوان: تكثيف الجهود لرفع نسب التنفيذ بمشروع الصرف الصحي بـ غرب سهيل
  • رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية يتفقد محطة الطاقة الشمسية
  • جولة تفقدية لرئيس شركة الصرف الصحي بموقع “9 ن” بالإسكندرية
  • المشاط: 48.5 مليار جنيه استثمارات للمرحلتين الأولى والثانية بمنظومة التأمين الصحي الشامل
  • رئيس الصرف الصحي بالقاهرة : اعتماد منظومة متكاملة لإدارة الأزمات الطارئة
  • مياه الأقصر تواصل متابعة مشروعات الصرف الصحي بـ 3 قرى
  • رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية يتفقد محطة معالجة أبيس 10
  • وزير الاتصالات ومحافظ الدقهلية يتفقدان موقع تنفيذ شبكة الفايبر المعلق بالمنصورة لتعزيز البنية الرقمية
  • تفقد ميداني لرئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية لمحطة معالجة أبيس 10