نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن السياسة ذات وجهين التي تنتهجها الإمارات العربية المتحدة في غزة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دولة الإمارات تتظاهر بالانضمام إلى الإجماع العربي بشأن قيام دولة فلسطينية، وتحرص على إظهار مساعداتها الإنسانية في قطاع غزة، لكنها تعمل في نفس الوقت على تطوير شراكتها الإستراتيجية مع إسرائيل.



ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة الأمريكية يوسف العتيبة، الذي قال إنه لا توجد "أي بدائل حقًا" لخطة دونالد ترامب التي تهدف إلى تحويل قطاع غزة إلى "الريفيرا الفرنسية في الشرق الأوسط"، بمجرد تهجير السكان الفلسطينيين منه.

وقد  استطاع العتيبة، منذ توليه منصبه في سنة 2008، إقامة علاقات وثيقة مع القادة الأمريكيين من مختلف التوجهات السياسية، ونفذ حملة ترويجية ضخمة لدولة الإمارات. وكان في قلب مفاوضات اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل والإمارات، الموقّع في أيلول/سبتمبر سنة 2020 في واشنطن ضمن اتفاقيات التطبيع. وخلال تلك الفترة، نسج علاقات وثيقة مع دونالد ترامب وفريقه، وصلت إلى ذروتها الآن.

إجماع شكلي
وتشير الصحيفة إلى العلاقة الجيدة التي تجمع السفير العتيبة برئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، وشقيقه الأصغر عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي. وعليه، فإن تصريحاته لا تعتبر مجرد زلّات لسان، بل تعكس التوجّه العميق لدولة الإمارات، حتى لو انضمّت رسمياً، كما حدث خلال القمة العربية الأخيرة في القاهرة، إلى الإجماع الداعم لإقامة دولة فلسطينية.

إن معاهدة السلام بين إسرائيل والإمارات لا تتضمن أي إشارة إلى إقامة دولة فلسطينية، بل تتماشى تمامًا مع "رؤية السلام" التي طرحها دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كانون الثاني/يناير سنة 2020. وقد جاءت هذه الرؤية كإنذار نهائي للطرف الفلسطيني، الذي رفض بالإجماع ضمّ أجزاء من الأراضي المحتلة في القدس الشرقية والضفة الغربية.

وكانت خطة ترامب في سنة 2020 تتضمن، على الأقل، إمكانية استعادة السلطة الفلسطينية في رام الله السيطرة على قطاع غزة بعد نزع سلاح حركة حماس. لكن في الوقت الراهن، يرفض نتنياهو بشكل قاطع تحقق هذا السيناريو، حتى لو صب ذلك في خدمة مصالح حماس بشكل غير مباشر.

وأوردت الصحيفة أن الإمارات تسعى إلى تقويض نفوذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس في غزة من خلال دعم منافسه محمد دحلان، وهو من أبناء غزة ويقود تيارًا منشقًا داخل حركة فتح؛ حيث تعود  الأعلام التي ترفعها عناصر فتح في مخيمات اللجوء داخل غزة إلى أنصار دحلان، الذي يعيش في الإمارات، لكنه لا يجرؤ على العودة إلى وطنه، رغم الدعم الكبير الذي يحظى به هناك.



ذريعة العمل الإنساني
وأفادت الصحيفة أن التحركات الإماراتية، التي تتمتع بتمويل سخي، تؤدي فقط إلى زيادة حالة الفوضى داخل حركة فتح، العامل الذي يخدم مصلحة حماس، التي تسمح فقط لمساعدي دحلان بالعمل داخل غزة في مهام إغاثية بحتة. وبسبب غياب شركاء فلسطينيين سياسيين، قررت الإمارات، في شهر آذار/مارس سنة 2024، التعاون مع منظمة أمريكية غير حكومية، "وورلد سنترال كيتشن"، لإرسال شحنات غذائية إلى غزة عبر البحر من قبرص، لنقل المساعدات الغذائية من قبرص إلى السكان المهددين بالمجاعة.

وكان الهدف من فتح هذا الممر البحري الحفاظ على الحصار الإسرائيلي المشدد على المعابر البرية المؤدية إلى قطاع غزة، في وقت كانت فيه جميع المنظمات الإنسانية تطالب بإعادة فتح هذه المعابر. لكن انتهى رهان الإمارات على  "وورلد سنترال كيتشن" بعد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت المنظمة في الأول من نيسان /أبريل سنة 2024، وأدت إلى مقتل ثلاثة متطوعين دوليين وثلاثة من حراس الأمن البريطانيين وسائق فلسطيني.

بعد ذلك، أصبحت الإمارات تنفذ عملياتها الإنسانية في غزة تحت رايتها الخاصة، من خلال حملة تحمل اسم "الفرسان النبلاء". وقد أتاحت هذه المبادرة إدخال 2500 شاحنة من المساعدات عبر مصر، خلال عام واحد، وهو رقم يبدو كبيرًا، لكنه لا يغطي سوى خمسة أيام من الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع. وقد حاول المسؤولون الإماراتيون الحد من جشع الوسطاء المصريين، لكن دون جدوى.

وأشرف محمد بن زايد على نقل مئات المرضى والجرحى من غزة إلى أبو ظبي، وهو عدد كبير لكنه لا يقترب من الحاجات الفعلية، التي تتطلب إجلاء حوالي 12 ألف حالة للعلاج.

وفي الختام نوهت الصحيفة بأنه رغم هذا النشاط الإنساني، التزمت الإمارات الصمت منذ استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة في 17 آذار /مارس الجاري، وهو صمت يرقى إلى مستوى الموافقة، خاصة أن الشيخ طحنون بن زايد، مستشار رئيس الدولة وشقيقه، زار البيت الأبيض بعد يوم واحد فقط، حيث حضر مأدبة عشاء مع دونالد ترامب، دون أن يلمح إلى الوضع الكارثي في غزة، وقا لـ"لوموند".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الإمارات غزة فلسطينية فلسطين غزة الاحتلال الإمارات صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الإمارات دونالد ترامب قطاع غزة بن زاید فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟

أثار التحول المفاجئ في موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إنكار وجود مجاعة في قطاع غزة إلى اعتبارها فظيعة، جدلا واسعا حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التغيير الجذري في الخطاب الأميركي.

وعبر ترامب عن صدمته من الأوضاع التي يعيشها الأطفال وأمهاتهم في غزة، مؤكدا أن رؤيتهم وهم يتضورون جوعا أمر فظيع، في تصريح لافت ومناقض لتصريحاته السابقة عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.

وقال ترامب في تصريحات على الطائرة خلال رحلة عودته من إسكتلندا، إن الجميع يعتقد أن الوضع في غزة فظيع، إلا من كان قاسي القلب أو مجنونا.

وطرح هذا التبدل الذي حدث خلال يومين فقط، تساؤلات عميقة حول طبيعة السياسة الأميركية تجاه الأزمة الإنسانية المستمرة في القطاع منذ أشهر.

وفي محاولة لتفسير هذا التحول، قدم المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو تفسيرا يركز على الجانب الإنساني لشخصية ترامب، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي رغم صورته القاسية، يملك قلبا لينا عندما يتعلق الأمر بمعاناة الناس.

وأكد أن ترامب تلقى مجموعة من التقارير والبيانات التي تشهد على الوضع الصعب في المنطقة، مما دفعه لتغيير موقفه.

وتابع المحلل الأميركي تفسيره بالتركيز على البعد الإستراتيجي للموقف، حيث يرى أن التعاطف العالمي تحول تدريجيا من قضية الأسرى إلى مسألة توزيع المساعدات والمجاعة.

وحذر فرانكو من أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعمل على استغلال الوضع الإنساني لصالحها في المنطقة، وأن هناك عاطفة كبيرة في أوروبا وأميركا تجاه هذه القضية، مؤكدا أن الطريق الوحيد لحل هذه المعضلة هو إدخال المساعدات إلى غزة تحت مراقبة دولية صارمة.

هروب من فضيحة

وفي المقابل، رفض الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي هذا التفسير، مشددا على أن المسألة لا علاقة لها برقة القلب بل كانت هروبا من الفضيحة التي تعصف بإسرائيل والولايات المتحدة.

إعلان

وأكد البرغوثي أن أميركا لا تستطيع الآن التهرب من الاتهام بالمشاركة في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والعقوبات الجماعية، بما في ذلك تجويع الشعب الفلسطيني.

ولدعم موقفه، قدم البرغوثي تحليلا مفصلا لآليات القتل المتعددة في غزة، موضحا أن القتل يجري بوسائل عديدة تبدأ بالقصف المتواصل الذي يسفر يوميا عن 130 إلى 150 شهيدا جديدا و300 إلى 400 جريح، مشيرا إلى أن معظم الأسلحة المستخدمة تأتي من الولايات المتحدة.

وأضاف أن القتل يتم أيضا بالتجويع والأمراض عندما تمنع إسرائيل عن غزة المياه والكهرباء ومصادر الطاقة، وبالأوبئة من خلال منع إيصال مطاعيم الأطفال منذ 150 يوما.

وتؤكد البيانات الرسمية حجم الكارثة الإنسانية التي يصفها البرغوثي، حيث قال برنامج الأغذية العالمي إن الأرقام تؤكد أن غزة تواجه خطرا بسبب أزمة الجوع، وأن الوقت ينفد لإطلاق استجابة إنسانية شاملة.

وأضاف البرنامج في بيان له، أن واحدا من كل 3 أشخاص في غزة يقضي أياما دون طعام، و75% يواجهون مستويات طارئة من الجوع، مشيرا إلى أن نحو 25% من سكان القطاع يعانون ظروفا شبيهة بالمجاعة.

وانطلاقا من هذا الواقع، اتفق الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى مع التقييم القائل بأن إسرائيل تواجه أزمة في إدارة الموقف، لكنه ركز على الجانب الإستراتيجي للفشل الإسرائيلي.

وأوضح مصطفى أن إسرائيل اعتقدت أنها تستطيع أن تجوع السكان في قطاع غزة كأداة سياسية للضغط على حماس وتركيع الشعب الفلسطيني، معتبرا أن ما يحدث هو أكبر عملية تجويع ممنهجة ومنظمة في التاريخ الحديث.

تورط إسرائيل

ولفت مصطفى إلى كيف تورطت إسرائيل في هذه السياسة معتقدة أن العالم سوف يصمت وأن الدعم الأميركي يجيز لها التجويع بهذه الطريقة المنهجية.

وأشار إلى أن إسرائيل تعيش الآن في وهم، معتبرة أن كل مشكلتها مع غزة هي مشكلة دعائية وليست جوهرية، مما يعكس انحدارا أخلاقيا عميقا في التفكير الإسرائيلي.

وفيما يتعلق بملف المفاوضات المتعثرة، أكد البرغوثي أن المفاوضات متوقفة أصلا وأن الذي أوقفها هو الجانب الأميركي قبل إسرائيل.

وانتقد ما وصفه بالبيان المضلل وغير الصحيح الذي أصدره المسؤولون الأميركيون حول مسؤولية حماس عن تعطيل المفاوضات، مؤكدا أن الجانب الأميركي هو الذي أعلن انسحاب وفده وخرب عملية التفاوض.

ورفض البرغوثي الادعاءات حول استغلال حماس للمساعدات، مستشهدا بتصريحات رئيسة وكالة الغذاء العالمي التابعة للأمم المتحدة السيدة سيندي ماكين التي تدحض هذه الاتهامات.

وأوضح أن إلقاء المساعدات من الجو لا يحل أي مشكلة، بل يعقدها، مشيرا إلى أن آخر عملية إسقاط للمساعدات من الجو أدت إلى مقتل فلسطينيين عندما سقطت المساعدات على رؤوسهم.

من جهته، قدم البرغوثي اقتراحين عمليين لإنهاء الأزمة، وجههما للرئيس الأميركي مباشرة.

الاقتراح الأول هو إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بوقف جميع الأسلحة عن إسرائيل وعدم استخدام بطاريات الدفاع الأميركية لمساعدة إسرائيل في الدفاع الجوي.

إعلان

والاقتراح الثاني هو دعوة مجلس الأمن للاجتماع ودعم قرار بوقف الحرب على غزة دون استخدام الفيتو الأميركي، مؤكدا أن تنفيذ هذين الإجراءين سيدفع نتنياهو لوقف الحرب فورا.

مقالات مشابهة

  • بهدف احتواء الانقسام.. تقرير يكشف تفاصيل زيارة قاآني السرّية إلى العراق
  • ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟
  • مدير الشؤون القانونية في الهيئة العامة للطيران المدني السوري هادي قسام لـ سانا: توقيع اتفاقية استثمار الإعلانات في مطار دمشق الدولي مع شركة “فليك” الإماراتية، جاء بعد فوزها في المزايدة التي أُجريت وفق الأصول واستيفائها لكامل الشروط الفنية والق
  • تقرير أمني ايراني يكشف عن خسائر اسرائيل في الحرب
  • الإمارات تدين الهجوم الذي استهدف مركبات في ولاية بلاتو بنيجيريا
  • الإمارات تدين الهجوم الذي استهدف مركبات في ولاية “بلاتو” بنيجيريا
  • تقرير عبري: طرد السفير الإسرائيلي لدى الإمارات بسبب سلوك مهين
  • الإمارات تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة في الكونغو
  • تقرير عبري يكشف أسباب حذف بيان الأزهر ضد التجويع في غزة
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)