مراحل عدة من الصعود والهبوط مرّت بها جماعة (أنصار الله) الحوثية في اليمن، المدعومة من إيران، وذلك خلال سبعة أشهر من اجتياحها المسلح للعاصمة صنعاء في الـ 21 من شهر سبتمبر/أيلول 2014، وطوال عشر سنوات من الحرب التي خاضتها مع الحكومة اليمنية الشرعية بمساندة تحالفٍ عربيٍ قادته الجارة، المملكة العربية السعودية.

 

في إفادته لبي بي سي، يعتبر رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبد السلام محمد، جماعة الحوثي بأنها "ولدت ونشأت خلال السنوات العشر الأولى من عمرها بين 2004 و 2014 كجماعة مسلحة تعتمد نهج التمرد المسلح وحرب العصابات وتحمل فكراً عصبياً عنيفاً يؤمن بالسلاح والقوة لتحقيق الأهداف، وترفع شعار الموت وترتبط في المصالح باستراتيجية إيران في المنطقة."

 

ويرى محمد أنه منذ نجاح انقلاب الجماعة على الدولة اليمنية انقضت حتى الآن عشر سنوات وجدت ذاتها داخل الحكم، وعليها مسؤوليات ليست مهيأة لها "لذلك فشلت في التحول الديمقراطي والسياسي وتهربت من الحوار ومن الالتزامات المالية والاقتصادية أمام اليمنيين، فالجماعة كحركة مسلحة لا ترى التمكين والبقاء إلا في الحرب، بينما خيارات السياسة تؤدي بها إلى التفكك والفشل، لهذا حاربت التغيير وبقيت على أسلوبها الدموي والعنيف، لضمان بقاء السيطرة على الدولة والناس"، بحسب تعبيره.

 

بدوره يلخص الباحث السياسي اليمني لطفي النعمان أهم نقاط التحول في مسار جماعة الحوثيين بعدة نقاط، أولها التحول من أقلية مضطَهَدة إلى جماعةٍ تمارس الاضطهاد بحق غيرها، إضافة إلى البروز في الذهن الشعبوي كحركة مدافعة عن السيادة داخليًا وكمناصرة ومساندة لأهم القضايا العربية خارجياً. وأدت النقطة السابقة إلى زيادة الانتفاخ بتوهم الدور السياسي المؤثر إقليميًا ودولياً، بحسب ذات المصدر.

 

ويرى النعمان أن عناصر القوة التي اكتسبتها جماعة الحوثيين خلال عقدٍ من الصراع تمثلت في "الثبات والحضور على الأرض والتماسك الداخلي ـ خلافاً للحكومة الشرعية المناوئة لها - واستغلال الظروف الخارجية لترسيخ وجودها وإبراز حضورها كمدافع عن السيادة والاستقلال.. كما تروج الجماعة".

 

من جانبه يوجز الباحث في شؤون الجماعات الدينية، عاصم الصبري، عناصر القوة لدى الحوثيين اليوم بمجموعة من العوامل، أهمها:

 

الهيكلية الهجينة (الجماعة/الحكومة) تمكنهم من تحقيق توازن بين الاستفادة من الدولة والاحتفاظ بمرونة الميليشيا.

 

القدرة العسكرية المتطورة: شهدت الجماعة تطوراً لافتاً في تكتيكاتها العسكرية، لا سيما في استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

 

الدعم الخارجي: استمرار تلقي الدعم من إيران وحزب الله، مما عزز قدراتها العسكرية والاستخباراتية.

 

السيطرة على الموارد الداخلية: استغلال المؤسسات الاقتصادية والتجارية في المناطق التي يسيطرون عليها لتمويل عملياتهم.

 

الخلفية التاريخية للجماعة

 

خرج الحوثيون في البداية عما عرف بـ "تنظيم الشباب المؤمن" ذي المذهب (الزيدي) وهو أحد مذاهب الشيعة المعتدلة الأقرب للسنة، وسرعان ما تحولوا إلى جماعةٍ مذهبيةٍ أقرب إلى الشيعة الجعفرية الإثني عشرية، لكن التغير الأهم في تجربة الجماعة أنها تحولت إلى تنظيمٍ عقائدي جهادي مسلح استفاد من الدعم الإيراني، المباشر وغير المباشر بواسطة حزب الله اللبناني، في خوض ستٍ من الحروب الشرسة مع نظام حكم الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.

 

حروب صعدة الست السابقة

 

بدأت الحرب الأولى بين قوات الجيش اليمني وجماعة الحوثيين في يونيو/حزيران العام 2004 حيث أسفرت عن مصرع زعيم الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، ثم توالت هذه الحروب واتسع نطاق عملياتها ليشمل محافظات مجاورة أخرى لصعدة كالجوف وحجة وعمران.

 

ومرت الجماعة بفترة من التبدلات منذ عام 2010، يعلق عليها الصحفي الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، عدنان الجبرني بقوله إن جماعة الحوثيين بدأت بإجراء "تغييرات منهجية في هيكلها التنظيمي، وطريقة تفكيرها، وأساليب عملها، لدرجة أن هذه التحولات أصبحت غير مفهومة تمامًا للجميع."

 

سقوط نظام صالح

 

خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الراحل صالح بعد نحو عامين، استغلت جماعة الحوثيين الاضطرابات التي عمت البلاد لإعادة تنظيم صفوفها وتهريب الأسلحة إلى معاقلها في محافظة صعدة، وذلك عبر وسائل ومنافذ برية وبحرية متعددة من بينها ميناء (ميدي) بمحافظة حجَّة الواقعة شمال غربي اليمن على البحر الأحمر بالقرب من الحدود مع الجارة السعودية.

 

وبحسب الكثير من المعلومات فقد كانت إيران المصدر الرئيسي لتوريد الأسلحة وأجهزة الاتصالات إلى الحوثيين من هذا الميناء ومعاير أخرى مختلفة، وكذلك سوق السلاح المحلية التي تشتهر بها محافظة صعدة.

 

الاستيلاء على السلطة

 

خرجت الجماعة عن الإجماع الوطني الذي تشكل من خلال مؤتمر للحوار رعته الأمم المتحدة، دافعةً بجحافل من أتباعها القبليين ومسلحيها نحو صنعاء، تحت شعار الاحتجاج على ارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع المعيشة بعد جرعةٍ من الزيادات في أسعار المشتقات النفطية قررتها الحكومة الانتقالية وقتذاك برئاسة "محمد سالم با سندوة".

 

غير أن كل ذلك، كما اتضح لاحقاً، كان مجرد ذريعة للتقدم نحو صنعاء بعد اكتساح محافظة عمران، لينتهي الأمر باجتياح أتباع ومسلحي الجماعة لصنعاء، العاصمة اليمنية، ووضع الرئيس الانتقالي "عبدربه منصور هادي" رهن الإقامة الجبرية في منزله قبل أن يتمكن من الفرار إلى عدن، جنوب البلاد، التي أعلن عنها "عاصمةً مؤقتة" واندلعت بعد ذلك شرارة الحرب، ليلة السادس والعشرين من شهر مارس/ آذار 2015.

 

عن تحولات الجماعة في زمن الحرب

 

خلال العقد الأخير، يرى الصحفي والباحث اليمني في شؤون الجماعات الدينية عاصم الصبري، أن الحوثيين تحولوا "من مجرد جماعة مسلحة إلى كيان يجمع بين صفات الميليشيا والدولة، في ما يمكن وصفه بنموذج "الجماعة/الحكومة". فمنذ عام 2018، أعادت الجماعة هيكلة بنيتها الداخلية بحيث أصبحت جزءًا من مؤسسات الدولة، مما مكنها من الاستفادة من مواردها دون الالتزام الكامل بمسؤولياتها".

 

الوضع الجيوسياسي للجماعة

 

رغم دحر جماعة الحوثيين من معظم المحافظات في جنوب البلاد في بدايات الحرب العام 2015 إلاّ أنها كما يرى باحثون في الشأن اليمني كانت "لا تزال تتمدد على مساحة جغرافية واسعة في الشمال الغربي لليمن الذي يشرف على ثلاثة موانئ في محافظة الحديدة وميناء (ميدي) في محافظة حجة، كما تهيمن على عدد من الجزر في البحر الأحمر أهمها جزيرة (كمران) الاستراتيجية" ويقطن في مناطق سيطرة الحوثيين نحو سبعة ملايين نسمة، تشكل تعاملاتهم الحياتية ووارداتهم المالية مصدر دخل مادي كبير للحوثيين.

 

يرى خبراء عسكريون أن جماعة الحوثي المسلحة أصلاً كانت قد ورثت ترسانةً لا يستهان بها من أسلحة الجيش اليمني ومعسكراته وبناه التحتية، إلاًَ أنها بفعل الدعم الإيراني زادت على ذلك بإنشاء صناعة حربية محلية، كما تدعي، مكنتها من انتاج منظومة متنوعة من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والذخائر المتفجرة فضلاً عن انتاج الذخائر والألغام الأرضية والبحرية.

 

لكن الأهم من كل ذلك هي الخبرات التي راكمها الحوثيون، سواء الذاتية أو المكتسبة من دعم طهران وإسناد حزب الله اللبناني، ومن تلك الخبرات القدرة على التمويه والتخفي خارج نطاق المعسكرات والمواقع الأمنية المعروفة التي استهدفها سابقاً التحالف العربي أو التي تقصفها اليوم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.

 

يقول الباحث والصحفي عدنان الجبرني، إن "إحدى نقاط قوة الحوثي هي أنه لم يتم فهمه بالشكل الصحيح" من قِبِل خصومه في الداخل والخارج.

 

ويضرب الجبرني مثالاً على ذلك بقوله "الحوثي يصنع الجناح الأيمن للطائرة المسَّيرة في منطقة معينة والجناح الأيسر في مكانٍ بعيد آخر، ويصنع محرك الطائرة في موقعٍ مختلف، ويتم ذلك من خلال مجموعةٍ صغيرة من عناصره تعمل بعد ذلك على تجميع وتركيب الطائرة." ويؤكد الباحث الجبرني أن "الحوثي لا يمتلك قواعد عسكرية بل عدداً من الكهوف ينحتها في الجبال في مناطق "نشور وآل زائد" في صعدة أو منطقة "حرف سفيان" ويعمل كل ذلك بطريقةٍ لا تظهر للعيان." وتتعذر مراقبة تلك الكهوف أو رصد حركة الدخول إليها أو الخروج منها، حيث تستخدم لتخزين الأسلحة، ومراكز للقيادة، ومخابئ لقادة الجماعة تحميهم من خطر الاستهداف بالاغتيال أو بالضربات الجوية.

 

إخفاقات ونقاط ضعف

 

في مقابل ما يعتقد الحوثيون أنها نجاحات لهم مكنتهم من "الصمود" خلال السنوات العشر الماضية من الحرب، إلاَّ أنهم يواجهون اليوم عوامل ضعفٍ وإنهاك وارتباكٍ خطيرة جاءت نتاجاً لمجمل ممارساتهم الداخلية والخارجية.

 

أصبحت الجماعة مع مرور الوقت أكثر استبداداً وانغلاقاً، كما يصفها الباحث في مركز صنعاء للدراسات، صلاح علي صلاح "واستطاعت ترسيخ نظام قمعي كمم الأفواه وضيق الحريات وفرض قيوداً عقائدية وإيدلوجية متشددة لا تتوافق مع قاعدة عريضة من المجتمع اليمني."

 

أما خارجياً فيضيف صلاح أن جماعة الحوثيين "على الرغم من قدرتها على حجز موقع متميز لها في التوترات الإقليمية خصوصا الأخيرة إلاَّ أنها ساهمت في عزل نفسها سياسياً ودبلوماسياً، وتسببت لنفسها في عقوبات غير مسبوقة وحولت ذاتها الى أداة صراع خارجية تهدد مستقبلها وستقبل اليمن كدولة مستقلة."

 

ومنذ انخراطها في ما سمي بـ "محور المقاومة" والهجوم على إسرائيل وخطوط الملاحة العالمية بعد الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعرضت الجماعة كما يقول الباحث عاصم الصبري "لضغوط سياسية واقتصادية متزايدة، خاصة بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما جعل شبكتها المالية أكثر انكشافاً وعرضة للعقوبات الدولية."

 

ورغم استفادتها من الدعم الإيراني، فإنها "لا تملك القدرة على التحمل طويل الأمد مثل دول قوية كإيران وكوريا الشمالية، ولا تستطيع الانفصال التام عن النظام الدولي كما فعلت تنظيمات مثل القاعدة وداعش،" كما يقول الصبري.

 

يضيف عبد السلام محمد أن "دموية الحركة أدت إلى تقليص الحاضنة الشعبية وأدت الأزمات الاقتصادية إلى صناعة صورة نمطية مرتبطة بالجوع والحرب والمرض والموت، وذلك نتيجة استنزاف الجماعة مقاتليها في الحروب وارتباك قياداتها في حالة الهدنة ما انعكس على ضعف الجماعة التي حاولت الهروب إلى مستنقع الدم والحروب مع العالم فقطعت طريق الملاحة الدولية وتحولت إلى مهدد للأمن الإقليمي والدولي."

 

كيف يعبر الحوثيون عن مواقفهم وتبدلات جماعتهم؟

 

منذ بدء الحملة العسكرية ضد جماعة الحوثيين في الـ 14 من شهر مارس/آذار الجاري توارى جميع قادة المستوى الأول والثاني للجماعة تقريباً عن الأنظار، وابتلعتهم كهوفهم الجبلية وأنفاقهم الأرضية المحصنة، وتعذر الاتصال بأي منهم، وسوى المتحدث باسم الجماعة، المقيم في سلطنة عمان، محمد عبدالسلام، ويحيى سريع الناطق باسم القوات التابعة لها، لم يتبق سوى قيادات من الصف الثالث اختفت حتى عن وسائل التواصل الاجتماعي.

 

غير أن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة الذي نصبَّه الحوثيون "رئيساً للجمهورية" في مناطق سيطرتهم تحدث مساء أمس الاثنين، عشية ذكرى الحرب، في خطابٍ مكتوب، قالت وكالة (سبأ) الخاضعة للجماعة إنه "وجَّهه للشعب اليمني بمناسبة اليوم الوطني للصمود 26 مارس/آذار 2025" وقال فيه إن "يوم الصمود الوطني يأتي لتكتمل عشر سنوات من جهاد الشعب اليمني وصبره وثباته وصموده الأسطوري." وأضاف متسائلاً: "من ينسى كيف تعرّض بلدنا الحبيب في مثل هذا اليوم لعدوان خارجي مسنوداً بتحالف دولي وإشراف أمريكي وصمت أممي، دون أي مبرر أو مشروعية، وها نحن نجدد الاحتفاء بالثبات، والصمود الذي كسرنا به -بفضل الله- وسنكسر به إلى ما شاء الله كلّ من يهدف إلى كسر إرادة هذا الشعب وتركيعه واحتلال أرضه، وإعادة الوصاية الخارجية عليه بعد تحرره في ثورة 21 سبتمبر/أيلول المجيدة 2014."

 

وبحسب الوكالة فقد "وجَّه الرئيس المشاط رسالة إلى النظام السعودي قائلاً "إذا كان صادقاً في دعواه وحريصاً على السلام والأمن في المنطقة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية فعليه أن يمضي قُدماً في تنفيذ الاتفاقات التي تقود نحو تحقيق السلام الشامل والدائم، وتنفيذ متطلباته المتمثلة في وقف العدوان، ورفع الحصار، وانسحاب القوات الأجنبية بشكل كامل من الأراضي اليمنية، ومعالجة ملفات العدوان فيما يتعلق بالأسرى والتعويضات، وجبر الضرر، وإعادة الإعمار."

 

يذكر أن الاتفاقات التي أشار إليها المشاط كانت قد جرت عقب توقف هجمات التحالف الذي قادته السعودية على الحوثيين بعد سبع سنوات من الحرب، كما جرى التوصل بعد ذلك إلى اتفاق بين الجانبين على هدنةٍ لا تزال سارية رغم هشاشتها.

 

اتفاق الهدنة هذا جرى التوصل إليه خلال زيارة قام بها السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر إلى صنعاء، في العاشر من ابريل/نيسان 2023، حيث قال عقب الزيارة "إن لقائه مسؤولين حوثيين بحضور وفد من سلطنة عُمان في العاصمة صنعاء، هدفه "تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار" وصولا إلى "حل سياسي شامل ومستدام" للأزمة في البلاد، التي مزقتها الحرب لسنوات ممتدة.

 

يذكر أن جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لم يكن طرفاً في ذلك الاتفاق السعودي مع الحوثيين.

 

أما عن موقف الجماعة من العمليات العسكرية الأمريكية الجارية في اليمن فسبق أن عبَّر عنه أحد صقورها القيادي حسين العزي بعد أيامٍ فقط من العمليات العسكرية الأمريكية بقوله " الحل واضح وسهل للغاية ولا يحتاج لفرقاطات ولا لأي عنجهيات منافية للأخلاق والقوانين. ‏بإمكان أمريكا وقف هجماتنا والتخلص من قرار حظر السفن بوقف عدوانها على اليمن، وإدخال كافة المساعدات الإنسانية - المنقذة للحياة - إلى أهالي غزة المظلومين" على حد تعبيره.

 

واقع الجماعة ورمزية زعيمها

 

في حسابه على موقع فيسبوك وصف الإعلامي أحمد المؤيد، المتحدر من محافظة صعدة، زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بقوله "كان هذا الشاب يقف في أرضٍ جرداء، بلا مأوى، بلا مؤن، يقتات على القليل، لكنه يملأ الدنيا حديثًا عن الخطر القادم من وراء البحار، عن ضرورة يقظة الأمة، عن معركة لا تحتمل التردد ولا الخوف."

 

وأضاف المؤيد "عام بعد عام، كانت الحروب تعصف به واحدة تلو الأخرى، كل واحدة أشد قسوة من سابقتها، لكنه لم ينحنِ. لم يتراجع. لم يتخلَ عن فكرته". هذا وترى الجماعة أنها اليوم "في حالة حرب مفتوحة مع كل من إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة وبريطانيا" ولا تكف عن التهديد بمواجهة مع هذه القوى بكل ما يتوفر لديها من إمكانيات وقدرات.

 

يذكر أن أوساط الجماعة، بعد عقد من الحرب، كانت قد دأبت على وصف نفسها بأنها أصبحت "قوةً إقليمية ينبغي التعامل معها مباشرة" بل و"الاعتراف بها كحكومة" تمثل اليمن وشعبه، من قبل جوارها في منطقة الخليج وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، متجاوزة بهذا خصومها في الداخل، وعلى رأسهم الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً، ولا تبحث الجماعة، في رأي كثير من المراقبين والمحللين، عن حلٍ سياسي للنزاع الداخلي بل عن صفقةٍ أكبر مع الجوار العربي والعالم.

 

خطران اثنان

 

خلاصة ما يمكن استنتاجه من إجابات على أسئلة في هذا الشأن طرحتها بي بي سي على عدد من الباحثين والدارسين في شؤون جماعة الحوثيين فإن أكثر المتغيرات التي تواجهها الجماعة يتمثل في أمرين، بحسب آراء هؤلاء. أحدهما يكمن في تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجماعة الحوثيين بتفكيكها كتنظيم وزوالها كجماعة مسلحة وليس فقط الاكتفاء بإضعاف قدراتها العسكرية.

 

يتوقع بعض المراقبين في اليمن والمنطقة والولايات المتحدة وبريطانيا أن يتم الانتقال من مرحلة عض الأصابع الجارية حالياً بين الجانبين الأمريكي والحوثي إلى معركة تكسير العظام.

 

يبدو ذلك خطوة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل للتحول لاحقاً نحو إيران، وهو أمرٌ مرجح بقوة إن لم يكن حتمياً، طال الزمن أم قصر، خصوصاً إذا لم يتم احتواء التوتر المتصاعد بين إيران من جهة وإسرائيل والقوى الغربية من جهة أخرى حول برنامج طهران النووي في أقرب وقت ممكن.

 

أما ثاني هذين الخطرين اللذين تواجههما جماعة الحوثيين فيمكن تحديده في احتمال أن تتعرض حليفتها إيران لهجوم أمريكي ماحق، وهو ما سوف يشكل تهديداً شبه وجودي لحاضر ومستقبل إيران والحوثيين معاً، بالإضافة إلى ما يمكن أن يكون له من انعكاسات بالغة الخطورة على مستقبل الوضع في اليمن وسائر دول منطقة الشرق الأوسط.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحوثي حرب التحالف العربي السعودية جماعة الحوثیین جماعة الحوثی من الحرب فی الیمن فی شؤون

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: الهجمات الإسرائيلية على اليمن لا تؤدي إلا إلى تقوية الحوثيين

يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:

قالت صحيفة عبرية، إن الهجمات الإسرائيلية على اليمن لن تؤدي إلا إلى تقوية جماعة الحوثي المسلحة.

وأضافت “غلوبس” المالية العبرية في مقال للقائد العسكري المتقاعد في جيش الاحتلال العميد شموئيل إلماس: تعمل الاستخبارات الإسرائيلية تحت تأثير فكرة خاطئة مفادها أن الحوثيين يهتمون بالرفاهية الاقتصادية للشعب الذي يسيطرون عليه.

وزعم العميد المتقاعد في جيش الاحتلال أن الهجوم يوم الجمعة على ميناءي الحديدة والصليف على بُعد 2000كم من الأراضي المحتلة كان مثيراً للإعجاب ولا توجد قوة في الشرق الأوسط قادرة على فعل ذلك بشكل روتيني “ولكن، وهذه “لكن” كبيرة، كل هجوم في اليمن يُعزز الحوثيين ولا يُضعفهم”.

وسخر من تهديد إسرائيل بفرض “حصار بحري” على وكلاء إيران في اليمن، وقال إن هذا “يُظهر جهل الاستخبارات الإسرائيلية بأفقر دولة في العالم العربي. وهو نفس الجهل الذي يدفع كبار المسؤولين في القدس إلى الاعتقاد بأن مهاجمة مصانع الخرسانة في اليمن ستضر الحوثيين”.

وأضاف: لا تحتاجون إلى أجهزة استخبارات عالية الكفاءة في إسرائيل، يكفي زيارة صفحات OSINT (الاستخبارات العلنية) على مواقع التواصل الاجتماعي لتعرفوا أن اقتصاد الحوثيين، إن صح التعبير، ليس اقتصادًا قويًا، على عكس إسرائيل.

وأضاف: يزودهم الإيرانيون بالأسلحة والأموال وغيرها من الضروريات عبر عُمان والأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية. إن الاعتقاد بأن قطع أحد طرق الإمداد عن الحوثيين سيضر بهم لا ينبع فقط من جهل استخباراتي، بل أيضًا من مفهوم غربي خاطئ تمامًا يرى أن الضرر الاقتصادي يدفع النظام إلى التراجع عن سلوكه.

وقالت الصحيفة إن الحوثيين لا يكترثون برفاهية مواطنيهم لذلك ليس لديهم ما يخسرونه ولن يدفعهم تدمير البنية التحتية على “الاستسلام”.

واختتم الكاتب بالقول إن الحل الوحيد لمواجهة تهديد الحوثيين هو وقف إطلاق النار في غزة، وضرب رأس الأفعى “إيران”. مضيفاً: السبيل الوحيد لخنق عبدالملك الحوثي زعيم الحركة اليمنية هو الهجوم المباشر على نظام آية الله الذي سيخسر الكثير.

يمن مونيتور20 مايو، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام أكثر من 100 منظمة إغاثة تُطلق نداء عاجلاً لإنقاذ اليمن من أزمة إنسانية مدمّرة الاحتفال بالوحدة.. مناسبة شكلية مقالات ذات صلة التحديات مستمرة مع إعادة ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط 21 مايو، 2025 الاحتفال بالوحدة.. مناسبة شكلية 20 مايو، 2025 أكثر من 100 منظمة إغاثة تُطلق نداء عاجلاً لإنقاذ اليمن من أزمة إنسانية مدمّرة 20 مايو، 2025 السويد تتحرك لفرض عقوبات أوروبية على وزراء إسرائيليين 20 مايو، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية العاهل الأردني يزور مصانع مجموعة الكبوس التجارية اليمنية في عمّان 20 مايو، 2025 الأخبار الرئيسية التحديات مستمرة مع إعادة ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط 21 مايو، 2025 الاحتفال بالوحدة.. مناسبة شكلية 20 مايو، 2025 صحيفة عبرية: الهجمات الإسرائيلية على اليمن لا تؤدي إلا إلى تقوية الحوثيين 20 مايو، 2025 أكثر من 100 منظمة إغاثة تُطلق نداء عاجلاً لإنقاذ اليمن من أزمة إنسانية مدمّرة 20 مايو، 2025 السويد تتحرك لفرض عقوبات أوروبية على وزراء إسرائيليين 20 مايو، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك التحديات مستمرة مع إعادة ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط 21 مايو، 2025 أكثر من 100 منظمة إغاثة تُطلق نداء عاجلاً لإنقاذ اليمن من أزمة إنسانية مدمّرة 20 مايو، 2025 العاهل الأردني يزور مصانع مجموعة الكبوس التجارية اليمنية في عمّان 20 مايو، 2025 محور صعدة يدعو لمحاسبة منفذي اغتيال الشيخ أحمد شثان ونجله 20 مايو، 2025 إدانة حقوقية واسعة لتهديد الصحفي العقلاني ودعوات لحمايته 20 مايو، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 19 ℃ 28º - 18º 21% 2.04 كيلومتر/ساعة 28℃ الأربعاء 29℃ الخميس 29℃ الجمعة 30℃ السبت 30℃ الأحد تصفح إيضاً التحديات مستمرة مع إعادة ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط 21 مايو، 2025 الاحتفال بالوحدة.. مناسبة شكلية 20 مايو، 2025 الأقسام أخبار محلية 30٬210 غير مصنف 24٬213 الأخبار الرئيسية 16٬455 عربي ودولي 7٬763 غزة 10 اخترنا لكم 7٬363 رياضة 2٬554 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬388 كتابات خاصة 2٬173 منوعات 2٬107 مجتمع 1٬934 تراجم وتحليلات 1٬948 ترجمة خاصة 182 تحليل 25 تقارير 1٬698 آراء ومواقف 1٬598 ميديا 1٬526 صحافة 1٬501 حقوق وحريات 1٬406 فكر وثقافة 952 تفاعل 851 فنون 504 الأرصاد 466 بورتريه 68 صورة وخبر 40 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات أحمد ياسين علي أحمد

المتحاربة عفوًا...

أحمد ياسين علي أحمد

من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...

haber-haziran

It is so. It cannot be otherwise....

haber-7

It is so. It cannot be otherwise....

عبدالعليم محمد عبدالله محمد البخاري

سلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...

مقالات مشابهة

  • في ذكرى الوحدة.. هذه أبرز حروب اليمن خلال 3 عقود
  • اليمن أمام مجلس الأمن: استمرار تهريب الأسلحة إلى الحوثيين يهدد السلم والأمن العالمي
  • في ذكرى الوحدة.. أبرز الصراعات في اليمن خلال 35 عاما
  • إزدهار جرائم قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين ...تسجيل 3 حوادث خلال 48 ساعة
  • لإضفاء طابع ديني وعقائدي على الجغرافيا اليمنية.. جماعة الحوثي تجعل ''مران'' مديرية مستقلة في صعدة وتفصلها عن ''حيدان''
  • محمد سمير ندا: القلق هو الصلاة السادسة التي يصليها العرب جماعة منذ عام 1948
  • فرنسا: تقرير رسمي يحذّر من تأثير جماعة الإخوان المسلمين على "التماسك الوطني" في البلاد
  • صحيفة عبرية: الهجمات الإسرائيلية على اليمن لا تؤدي إلا إلى تقوية الحوثيين
  • في ذكرى النكبة.. غزة مقياس العروبة والإسلام والإنسانية
  • تقرير حكومي فرنسي: جماعة الإخوان متغلغلة في مفاصل الدولة