بانياس- بعد 12 يوما من النزوح بسبب الاشتباكات العنيفة بين قوات وزارة الدفاع السورية ومجموعات داعمة لنظام الأسد المخلوع، رصدت الجزيرة نت عودة ضعيفة للأهالي إلى مدينة بانياس بريف طرطوس في الساحل السوري.

وكانت مجموعات تابعة للنظام السوري المخلوع قد حاولت استهداف نقاط أمنية حكومية في منطقة الساحل السوري مساء الخميس الموافق 13 مارس/آذار الجاري، حيث تركزت هذه الاشتباكات في حي القصور قرب المشفى الوطني، قبل لجوئهم إلى أحياء أخرى أو قرى مجاورة.

ومع مشاهد آثار الاشتباكات والحرائق، وفوارغ الرصاص المنتشرة في الطرقات، يظهر بشكل واضح انتشار الأمن العام في شوارع المدينة وعند مدخلها الرئيسي، حيث ساهمت نقاط جهاز الأمن الداخلي بنشر الطمأنينة والأمان بين الأهالي، وبدأت الحياة تعود إلى الأحياء.

حي القصور في مدينة بانياس شهد اشتباكات ضارية بين قوات الأمن وعناصر داعمة لنظام الأسد المخلوع (الجزيرة) أيام صعبة

خلال فترات الاشتباكات، كان معظم من بقي في المنازل من كبار السن، مثل منى محمد إسماعيل وهي من سكّان حي القصور، التي وصفت الأيام التي عاشتها بأنها صعبة من دون معرفة ما يجري حولها لمدّة 48 ساعة، لم تستطع خلالها حتى الخروج لمشاهدة الأحداث.

وأشارت إلى أنّ "الحياة في حي القصور تكاد تكون معدومة بعد الساعة الرابعة عصرا، مع انعدامِ للحركة مساء، ومع ذلك، بدأت بعض المحال التي لم تتضرر بفتح أبوابها قليلا، بينما يعاني الأهالي من نقص السيولة المالية لشراء مستلزماتهم".

وتحدّث الطالب الجامعي أحمد الدرويش، وهو من سكان حي القصور، عن تفاصيل الهجوم على نقاط الأمن العام في بانياس، وقال إنه عندما عاد إلى مدينته من جامعة حلب، كانت الأجواء متوترة، وتم تأمينه من قبل أهالي الحي حتى وصوله إلى منزله، ثم استمر سماع أصوات إطلاق النار حتى فجر يوم الجمعة التالي، ولم يستطيعوا خلالها معرفة ما يحدث خارجا بسبب كثافة الاشتباكات.

إعلان

ويضيف أحمد أنه في تمام الساعة 11:00 صباح يوم السبت، سمعوا قوات الأمن العام تنادي على الأهالي المتبقين في منازلهم والراغبين في الخروج قائلين: "عليكم الأمان"، وعند خروجهم، وجدوا عنصرا من الأمن العام مع أحد سكان الحي، وشاهدوا عديدا من السيارات المحترقة، ثم انطلقوا للقرية المجاورة التي لجؤوا إليها.

وبعد تواصلهم مع الأهالي الذين بقوا في الحي واطمئنانهم، قررت عائلة أحمد العودة إلى الحي بعد انتشار قوات الأمن العام في المنطقة، حيث بات الوضع العام جيدا ومشجعا على العودة.

بعض أهالي حي القصور بقوا في منازلهم ولم يستطيعوا الخروج خلال الاشتباكات (الجزيرة) عودة للاستقرار

يطالب المهندس أسامة ميهوب، وهو من سكان حي القصور، المسؤولين في محافظة طرطوس بإقامة جولات على الأهالي المتضررين في حي القصور والمناطق الأخرى، وذلك "لوقف الشائعات التي ترهب الأهالي على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يوفّر طابعا آمنا ويعيد الحياة الطبيعية للمدينة".

وأضاف "نحن بحاجة لرعاية الدولة، فنحن لا نطالب بتعويض كامل عن الخسائر المادية، ولكن على الأقل تعويض بجزء ولو يسير، من أجل عودة الحياة الاقتصادية للمنازل والمحال التجارية المتضررة، تشجيعا لعودة أصحابها"، كما دعا إلى أن تؤمّن الدولة مساعدات إنسانية وترعى توزيعها.

وفي السياق ذاته، تقول الناشطة ماريا صالح -وهي متطوعة لمساعدة أهالي حي القصور- إنهم وزعوا مساعدات مقدمة من الهلال الأحمر العربي السوري ومن مبادرات أخرى، لكنهم بحاجة لدعم إنساني أكبر.

وأوضحت أن المساعدات تشمل أدوية الأطفال، وأدوية لمرضى السرطان والأمراض المزمنة، بالإضافة إلى لوازم كبار السن والنساء، وذكرت أن قوات جهاز الأمن الداخلي تساعدهم بتسهيل إيصال هذه المساعدات للأهالي، وتقول إن "الأمن العام منتشر في الحي، واستجابتهم عاجلة بالسرعة القصوى لأي طارئ، وتعاملهم جيد جدا".

إعلان

من جهة أخرى، تشهد أسواق مدينة بانياس انتعاشا مع اقتراب عيد الفطر، وقال مصطفى الأعسر -وهو صاحب محل حلويات- إن "الأوضاع بشكل عام ممتازة، والإقبال جيد، والأسعار مناسبة رغم استمرار سوء الوضع المادّي".

الأهالي طالبوا بتثبيت دورية أمنية عند الدوار الرئيسي لحي القصور في بانياس (الجزيرة) دور قوات الأمن

يتجول عامر المدني مدير جهاز الأمن الداخلي بمدينة طرطوس في شوارع المدينة، ويجتمع مع الأهالي الذين بقوا بالحي أو عادوا إليه حديثا، وشدد على أن مهمة دوريات الأمن العام والحواجز هي نشر الأمان وخدمة الأهالي، مؤكدا ضرورة عدم الالتفات لما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات التي تنشر الإشاعات والرعب بين الأهالي.

وطالب الأهالي الذين اجتمعوا مع المدني بضرورة وجود دوريات الأمن العام على دوار حي القصور الرئيسي، الذي يجمع مفترق 7 طرق أساسية للحي، الأمر الذي يعطي أمانا للأهالي، كما طالبوا بتثبيت مركز رئيسي دائم في المنطقة، وهو ما استجاب له المسؤول الأمني بشكل فوري.

وبدوره، صرح عضو لجنة السلم الأهلي الدكتور أنس عيروط للجزيرة نت بأن "المقصد الأساسي هو الأمن والأمان، وهذا ما عملنا عليه منذ بداية دخول المنطقة، إلى أن جاءت عصابة فلول النظام البائد، وعملوا على تأجيج نار الفتنة في الساحل السوري خصوصا، وقتلوا رجالا من الشرطة والأمن والعسكرة".

وأضاف أن السيطرة كادت أن تُفقد في منطقة الساحل وخاصة في جبلة وبانياس، "لكن الرد جاء سريعا من قبل جهاز الأمن وعالج الأمر، ورغم أنه وقعت بعض التجاوزات من قبل بعض الأفراد، فإنه تمت السيطرة على ذلك، وعاد البلد إلى مساره وعاد الأمن والأمان".

وأكّد الشيخ عيروط أن الرئيس السوري أحمد الشرع شكّل لجنة لتقصي الحقائق، التي ستتابع بدورها التجاوزات الفردية، بينما تتابع لجنة السلم الأهلي مهمة إعادة الحياة للمنطقة، واللقاء مع الأهالي والاجتماع بهم.

إعلان

ورغم بدء عودة الحياة إلى طبيعتها في مدينتي اللاذقية وطرطوس وانتشار الأمن في مدن وبلدات الساحل السوري، فإنها تبقى غير مستقرة في بعض الأحيان، حيث تشهد اشتباكات متفرقة وكمائن على النقاط الأمنية الحكومية وفي أرياف المدن، تقوم بتنفيذها مجموعات داعمة للنظام السابق، تسعى من خلالها لزعزعة الأمن والاستقرار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الساحل السوری الأمن العام جهاز الأمن قوات الأمن

إقرأ أيضاً:

رئيس البرلمان اللبناني: نرفض مغادرة الـ"يونيفيل" ولا نقبل بتعديل المهمات التي تقوم بها

بيروت- أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الأربعاء 11 يونيو 2025، أن "لبنان وأبناء الجنوب يريدون بقاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) في جنوب لبنان".

وقال بري، في تصريح لصحيفة "النهار"، إن "الإشكالات التي تحصل معها في الجنوب سببها قيام اليونيفيل بدوريات في أملاك خاصة دون مرافقة الجيش اللبناني"، نافيًا اعتراض "حزب الله" على عملها، وفق وكالة سبوتنيك الروسية.

وأضاف أن "أي دبلوماسي غربي أو أممي لم يفاتحه في أن القوة الدولية ستغادر الجنوب"، متابعا: "لا نقبل بتعديل المهمات التي تقوم بها".

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، الأحد الماضي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، توافقتا على إنهاء عمل قوات الطوارئ الدولية "يونيفيل" في جنوب لبنان".

وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه الخطوة من المتوقع أن يتم طرحها للتصويت خلال جلسة بمجلس الأمن الدولي/ في أغسطس (آب) المقبل، وهو موعد تجديد ولاية القوة الدولية".

وبحسب ما أوردته الصحيفة، فإن واشنطن ليست مهتمة بتجديد ولاية قوات الطوارئ الدولية، بينما تعتبر إسرائيل أن الجيش اللبناني أكثر فاعلية في المرحلة الحالية.

لكن الصحيفة نقلت عن مصادر دبلوماسية، قولها إن "فرنسا من المحتمل أن تعارض هذه الخطوة".

وتعدّ الـ"يونيفيل" من أقدم بعثات حفظ السلام الأممية في العالم، ويرجع تاريخ إنشائها، إلى شهر مارس/ آذار 1978، بموجب القرارين 425 و426 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي، بعد الاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني.

ونص قرار تأسيس القوة على تكليفها بتأكيد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، واستعادة السلم والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على بسط سلطتها على الجنوب.

وفي أعقاب حرب يوليو/ تموز عام 2006، توسّعت مهام القوة بموجب القرار 1701 لتشمل مراقبة وقف الأعمال العدائية، ومراقبة "الخط الأزرق" الفاصل، ودعم الجيش اللبناني في جنوب الليطاني.

وتضم القوة نحو 10 آلاف جندي من أكثر من 40 دولة، إلى جانب مئات المدنيين، وتتخذ من الناقورة جنوبي لبنان، مقرا رئيسيا لها، وتعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني ضمن ولاية واضحة حددها مجلس الأمن الدولي.

مقالات مشابهة

  • الأمن العام يوضح دلالات صفارات الإنذار التي دوت صباحًا
  • إيران.. مقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين مع توسيع الضربات الاسرائيلية لمدن جديدة
  • مزارعون في مدينة بانياس يطالبون بزيادة ساعات التغذية الكهربائية
  • انطلاق قطار التطوير بمنطقة الصفوة بحي الزهور في بورسعيد استجابة لمطالب الأهالي
  • السوكني: التشكيلات العسكرية التي زرناها في طرابلس حريصة على استمرار حالة الاستقرار  
  • بعد 6 أيام من الاحتجاجات.. ترامب يستعد لإرسال قوات لمدن أخرى
  • تصاعد التوترات الأمنية والإنسانية في السودان وسط انسحاب للجيش واتهامات لليبيا.. التفاصيل
  • المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي
  • رئيس البرلمان اللبناني: نرفض مغادرة الـ"يونيفيل" ولا نقبل بتعديل المهمات التي تقوم بها
  • على هامش قمة نيس.. المنفي وغوتيريش يبحثان تعزيز الاستقرار في ليبيا