لا يبدو أن أثر مقتل يفغيني بريغوجين سيكون على مجموعة فاغنر الروسية فحسب، بل سيمتد إلى دول أخرى وفي مقدمتها بيلاروسيا، وفق ما يرى ديفيد برينان في تحليله على مجلة "نيوزويك" الأمريكية.

وبحسب برينان فقد تم قطع رأس مجموعة فاغنر وهي في حالة من الفوضى، وبينما ينتظر العالم إجابات من المحتمل ألا تأتي أبداً، فإن قوى فاغنر في حالة تغير مستمر.

وفي بيلاروسيا، حيث ذهب بريغوجين والآلاف من مقاتليه إلى المنفى بعد تمردهم الفاشل في يونيو (حزيران)، تشير صور الأقمار الصناعية والتقارير المحلية، إلى أن معسكرات فاغنر يتم تفكيكها وأن الوحدات تغادر، ربما للعودة إلى روسيا.

اتفاق المنفى

وبحسب ما ورد، فإن اتفاق المنفى الذي تم الاتفاق عليه بين بريغوجين والرئيس فلاديمير بوتين، والذي تم تسهيله من قبل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشانيكو، كان يتأرجح بالفعل.. قد تكون وفاة بريغوجين بمثابة رصاصة الرحمة. 

قال أحد كبار الشخصيات المعارضة لمجلة "نيوزويك" إن الحزبين المناهضين للوكاشينكو يراقبون الأمر عن كثب، ويبحثون عن طرق للاستفادة من الفوضى ضد النظام في مينسك وأسياده في الكرملين، وفق ما ذكره ديفيد برينان في تقريره.

وقال فرانكا فياتشوركا، كبير المستشارين السياسيين لزعيمة المعارضة البيلاروسية المنفية سفياتلانا تسيخانوسكايا: "من المحتمل أن يحاول بوتين ضم مرتزقة فاغنر إلى القوات المسلحة الروسية، أو تصفية المنظمة بالكامل، الأمر الذي يمكن أن يفتح بعض نوافذ الفرص لبيلاروسيا".

ويضيف: "كان وجود فاغنر في بيلاروسيا بمثابة مرساة للسيطرة الروسية على بلادنا، وتهديداً وشيكاً لسيادتنا وأيضاً لسيادة جيراننا".

وتابع فياتشوركا أن المعارضة المنفية تنسق مع شبكات النشطاء والمتمردين داخل بيلاروسيا للاستعداد.

وأضاف "نحن على اتصال مع مخبرينا ومتطوعينا على الأرض، لجمع كل جزء من المعلومات، نحن على اتصال بمصادر في الحكومة الأوكرانية بشأن هذا الأمر، ونناقش داخل حكومة تسيخانوسكايا ما يجب فعله بعد ذلك".

"There is a very clear anti-war stance within Belarusian society,” @franakviacorka tells @Newsweek.

“An absolute majority—even of Lukashenka supporters—are against the deployment of nuclear weapons on Belarusian territory.”https://t.co/z7qOV8CYzQ

— Eurasia Center (@ACEurasia) March 29, 2023

وأكمل: "نحن نعمل مع أنصارنا في هذا الشأن أيضاً.. حتى الآن، لم نخطط لأي أنشطة عملية.. نحن نتابع ونراقب.. ولكن عندما تكون هناك فرصة، سنستغلها".

مشكلة في بيلاروسيا

ويشن المعارضون البيلاروسيون حرباً منخفضة الحدة ضد لوكاشينكو والقوات الروسية المتمركزة في البلاد.. استخدمت موسكو بيلاروسيا كمنصة انطلاق لحربها في أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وعلى الرغم من الانهيار السريع للتقدم الجنوبي نحو كييف، واصلت القوات الروسية استخدام الأراضي البيلاروسية للتدريب، وإطلاق الصواريخ طويلة المدى وضربات الطائرات من دون طيار ضد الأهداف الأوكرانية.

وجعلت الحرب لوكاشينكو أقرب إلى الكرملين من أي وقت مضى، بحسب تقرير "نيوزويك".

تعتمد مينسك منذ فترة طويلة اقتصادياً على موسكو، ولم يتمكن لوكاشينكو من التشبث بالسلطة، وسط احتجاجات حاشدة مؤيدة للديمقراطية في عام 2020، إلا بفضل الدعم الروسي.

وقد أدت العقوبات الدولية اللاحقة إلى عزل اقتصاد بيلاروسيا، ما أجبر لوكاشينكو على التوجه نحو الشرق.. ويبدو أن هناك فرصة ضئيلة لإعادة تأهيله في نظر الغرب، حتى لو تجنب لوكاشينكو حتى الآن إرسال قواته إلى المعركة على الرغم من الضغوط الروسية المزعومة للقيام بذلك.

إن استعداد لوكاشينكو لاستضافة الأسلحة النووية التكتيكية الروسية والمرتزقة -واستخدام كليهما لتهديد جيرانه من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي- لم يساعد قضيته، بحسب تقرير ديفيد برينان في "نيوزويك".

زعمت المعارضة في المنفى أن علاقات لوكاشينكو العميقة مع موسكو أثارت قلق العديد من البيلاروسيين، بما في ذلك النخب البيروقراطية، وأجزاء من المؤسسة العسكرية والأمنية التي يعتمد عليها حكم لوكاشينكو.

قال فياتشوركا إن الاضطرابات التي اندلعت في فاغنر يمكن أن "تخلق بعض الاضطرابات داخل نخب السلطة وغيرهم من الأشخاص الذين يعتمدون بشكل كبير على روسيا في الوقت الحالي، ويمكن أن تثير بعض عدم الاستقرار".

وأضاف: "أعتقد أن وفاة بريغوجين لن تغير كل شيء، لكنها يمكن أن تغير وتؤثر على أشياء كثيرة.. نحن ينبغي أن تكون مستعدة".

وتابع: "كان الناس يكرهون بريغوجين، ويكرهون قواته، ويكرهون وجود هؤلاء المرتزقة في بلادنا.. ويمكننا بالتأكيد أن نحتفل، لن يكون هناك حداد في بلادنا".

تداعيات على فاغنر

وذكرت وسائل إعلام روسية أنه تم التعرف على جثة بريغوجين، إلى جانب رفات القائد العسكري لمجموعة فاغنر ديمتري أوتكين، وبحسب ما ورد تخضع الجثث الآن لاختبار الحمض النووي للتأكد.

قالت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنه من المحتمل أن يكون الأوليغارشي الذي تحول إلى أمير حرب قد مات بالفعل، وامتنع بوتين يوم، الخميس، عن تأكيد وفاة بريغوجين، رغم أنه قدم تعازيه لأسر الأشخاص العشرة الذين كانوا في الطائرة، ووصف رئيس فاغنر بأنه "شخص موهوب" "ارتكب أخطاء جسيمة في الحياة".

ولا يزال من غير الواضح ما الذي سيحدث لمقاتلي فاغنر في كل من بيلاروسيا وروسيا، وكذلك تلك التي تم نشرهم كجزء من عملياتها الإفريقية.

وتعمل وزارة الدفاع الروسية، منذ انقلاب يونيو (حزيران)، على استيعاب هياكل فاغنر ومصالحها التجارية المربحة.. ومع رحيل بريغوجين وكبار ضباطه، قد تتسارع هذه الجهود.

وقال فياتشوركا: "سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن نفهم ما يحدث مع مجموعة فاغنر في بيلاروسيا، لقد كانت ضربة قوية لـ لوكاشينكو وصورته، بسبب الضمانات الأمنية التي قدمها لبريغوجين، وبسبب محاولاته تقديم نفسه على أنه صانع سلام وصديق لبريغوجين".

"ضحية بوتين"

وأضاف فياتشوركا: "إنه يدرك أيضاً أنه يمكن أن يكون ضحية لبوتين أيضاً".

وقال صامويل راماني، مؤلف كتاب حرب بوتين على أوكرانيا والزميل المشارك في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة، لمجلة "نيوزويك" إنه لا يرى سبباً كافياً لبقاء فاغنر في بيلاروسيا.

وأوضح راماني أن "بيلاروسيا كانت مكاناً لوقوف مجموعة فاغنر عندما كان بريغوجين على قيد الحياة، وللمرتزقة الذين أظهروا بوضوح أنهم لن يقاتلوا تحت أي ظرف من الظروف لصالح وزارة الدفاع الروسية"، وأضاف "إن إبقائهم في مكان حيث يمكن مراقبتهم ومراقبتهم كان أفضل بكثير من جعلهم يركضون في روسيا، عاطلين عن العمل يحملون أسلحة، ولديهم خبرة عسكرية، ومعهم انتقام من القيادة العسكرية والحكومة.

وتابع: "إذا لم يستمر لوكاشينكو في دفع رواتب قوات فاغنر وتوقف وصول بريغوجين إلى طرق خرق العقوبات والتمويل، فإن الحكومة الروسية إما ستقوم بتأميم هذه العمليات في بيلاروسيا وتحويلها بشكل أساسي إلى نوع من القاعدة العسكرية الروسية، والبدء في ذلك"، من خلال دفع تكاليف هؤلاء الجنود أنفسهم، وإلا فإن الجهاز بأكمله سوف ينهار.

وأكمل: "في الوقت الحالي، لا أعرف ما إذا كانت روسيا ترى حقاً هذه القيمة الإستراتيجية الكبيرة في إبقاء قوات مجموعة فاغنر هناك إذا تم دفع رواتبهم الخاصة، فالرواتب غالباً ما تكون ضعف ما اعتاد عليه الجنود النظاميون الروس، ربما لا يستحق الأمر بالنسبة لهم".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني مجموعة فاغنر فی بیلاروسیا فاغنر فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

اختتام مباحثات السلام الروسية الأوكرانية في إسطنبول

وقد ناقش الطرفان إمكانية وقف إطلاق النار وتنظيم لقاء بين بوتين وزيلينسكي. كما توافق الطرفان على تبادل الشروط اللازمة للتوصل لوقف إطلاق نار بين البلدين بشكل خطي، بالإضافة إلى تفاهم مبدئي على الاجتماع مرة أخرى والتفاوض في جولة جديدة.

تقرير: عامر لافي

17/5/2025

مقالات مشابهة

  • سعود بن صقر: تعزيز التعاون الثنائي مع ميامي الأمريكية يفتح آفاقاً جديدة للابتكار
  • نيجيرفان:لن نسمح للمعارضة الكردية الإيرانية باستخدام أراضي الإقليم ضد إيران “الحبيبة”
  • المغرب يفتح سفارته في دمشق بعد استعادة العلاقات مع سوريا
  • مقتل 23 مزارعا وصيادا في هجمات جديدة بولاية بورنو النيجيرية
  • حلّ العمال الكردستاني يفتح نقاشا تونسيا.. هل يجب أن تحل النهضة نفسها؟
  • اختتام مباحثات السلام الروسية الأوكرانية في إسطنبول
  • متحف تل بسطا بالشرقية يفتح أبوابه مجاناً للجمهور غداً
  • الداود يفتح النار على إدارة النصر
  • مقتل عشرة مدنيين في “تدوين” من “حركة الحلو” والجيش السوداني يسيطر على مناطق جديدة
  • بعد سرقة لحنه| حسن دنيا يفتح النار على بلبن: مش هتنازل عن حقي