مراهقون يبنون علاقات عاطفية مع «روبوت الدردشة»
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
الشارقة: أمير السني
شهد استخدام روبوتات الدردشة بصورة مكثفة من المراهقين، نشوء علاقات خاصة بين الطرفين وقد حذر من خطورتها متخصصون في الطب النفسي والاجتماعي.
وأوضحوا أن الجيل الحديث بات يعتاد استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي، داعين إلى ضرورة التوازن بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي بتشجيع التواصل مع الأصدقاء والأسرة.
رصدت «الخليج» عدداً من القصص عن تعلق مراهقين ب«ربوتات الدردشة» واللجوء إليها ملاذاً عاطفياً نتيجة إدمان الحديث معها، أصبحت الشابة «ف، ر» تعتمد على «روبوت الدردشة» في اختيار أزيائها والبحث عن الطرائق المناسبة لتصبح لائقة وسط زملائها في الجامعة وباتت تلجأ إليه في كل صغيرة وكبيرة وقد وجدت ارتياحاً نفسياً تجاه الخيارات التي يضعها لها لتجاوز السلبيات التي تواجهها عند اختلاطها بالمجتمع الجامعي. عبيد على اليماحي
وفي قصة أخرى وصل الأمر إلى دور أكبر ل«روبوت الدردشة» في تعويض خسارة علاقة عاطفية للشابة «ن، ب»، بعد أن تواصلت معه واستطاع تهدئة انفعالاتها العاطفية وتخفيف حزنها والبحث معها لحلول وباتت العلاقة بينهما بديلة للعلاقات الحقيقية.
أما القصة الثالثة، فتتحدث عن شاب خجول وجد صعوبة في التعامل مع زميلاته لنشأته وسط أسرة محافظة وبات يلجأ إلى «روبوت الدردشة» وسيلةً عاطفيةً بدلاً من التعامل المباشر مع الآخرين وأن المشاعر المتدفقة من «الروبوت» أصبحت بديلاً عن الإحراج والخجل الذي يواجهه.
وفي قصة رابعة وجد الشاب «م، ي» عبر استخدامه المتكرر ل«روبوت الدردشة» اتجاهاً عاطفياً بديلاً من التعامل الفظ الذي كان يجده من والديه عندما يلجأ إليهما ونشأت علاقة بين الطرفين وبات الشاب رهين الحلول التي يضعها له الروبوت.
استجابة سريعة
أشار الدكتور محمود نجم، إلى أن الارتباط العاطفي بروبوت الدردشة يعكس حاجة غير مشبعة إلى الدعم العاطفي والتفاعل الإنساني، فالمراهق الذي ينشئ علاقة مع الذكاء الاصطناعي، قد يفتقد التقدير أو الفهم في بيئته الاجتماعية، فيجد في الروبوت استجابة غير مشروطة أو أنه يعاني قلقاً اجتماعياً وصعوبات في بناء العلاقات.
وأوضح أن تقارير عالمية وثقت تعلق المراهقين بروبوتات الدردشة وهذا يؤدي قطعاً إلى مضاعفات، أهمها العزلة الاجتماعية، بسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفاعل العاطفي ويؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الواقعية وتشويه مفهوم العلاقات، حيث يعاني المراهقون تصورات غير واقعية عن العلاقات الإنسانية، بسبب اعتيادهم على استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي.
وأرجع ضعف شخصية المدمن إلى الحرمان من التقدير الكافي وعدم الشعور بالتحقق المُرضي من الأم والأب، خلال مرحلة التربية والنشأة، مشيراً إلى أن الأبحاث العلمية أثبتت، وجود عامل بيولوجي حاسم في تركيب المخ، يسمى «Nucleus Accumbens» وهو يعمل بالتوازي مع عامل التربية في تكوين الجانب الهش من شخصية المدمن إلكترونياً.
وأضاف: إن الجزء المسؤول عن المكافآت منذ ميلاد الإنسان وحتى الممات، ينشط عبر إفراز مركب «الدوبامين»، عند حصول الطفل على الحلوى وعلى التقدير النفسي، من الوالدين والمدرسة والأصدقاء والمجتمع وفي المقابل تستمر معاناة الإنسان، بسبب عدم نشاط هذا الجزء، حيث يصاب بالخيبة والخذلان وعدم وجود التقدير والاعتراف الكافيين به من المجتمع.
مخاطر الإدمان
وأكد نجم أن النيكوتين والكحوليات والمخدِّرات وألعاب الكمبيوتر ومواقع التواصل، تحفز مباشرة الجزء المسؤول من مكافآت الإنسان ومن ثم يشعر الشخص بتعويض نفسي حقيقي بتعاطي تلك العناصر.
وقال: «نحن نزرع ومن دون وعي خلال مرحلة التربية الأولى، بذور نباتات الإدمان، بتقصيرنا المباشر في تقدير الأبناء والانتقاص من قدرهم أو بتقصيرنا غير المباشر في عدم مساعدتهم على اكتشاف مواهبهم الشخصية وقدراتهم المتميزة خلال النشأة والتكوين وهي الكفيلة بإعطائهم باقي حصتهم المطلوبة للشعور بالتحقق ومن ثم بالاتزان النفسي».
وأضاف: إن إدمان المراهقين على روبوتات الدردشة، يؤدي إلى مضاعفات، أهمها العزلة الاجتماعية نتيجة الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفاعل العاطفي، الذي يؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الواقعية وتشويه مفهوم العلاقات، حيث يعاني المراهقون تصورات غير واقعية عن العلاقات الإنسانية، بسبب اعتيادهم على استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم، من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي.
تشجيع التواصل
ودعا الدكتور نجم، إلى تعزيز الوعي التكنولوجي، بتوعية المراهقين بأن روبوتات الدردشة ليست بديلاً من العلاقات الإنسانية، وتوعيتهم بأهمية التوازن بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي، بتشجيع التواصل مع الأصدقاء والأسرة وتحفيز الأنشطة الجماعية كالرياضة والفنون والتطوع.
وقال: إن مراقبة المراهقين من دون تقييد صارم ومناقشة استخدام الذكاء الاصطناعي معهم بدلاً من منعهم تماماً ووضع حدود زمنية معتدلة لاستخدام التطبيقات التفاعلية هي أحد جوانب الحل المثالي لمعالجة الإدمان العاطفي.
وشدد على ضرورة تقديم بدائل عاطفية صحية، منها دعم المراهقين نفسياً وتعزيز ثقتهم بالتفاعل مع الآخرين وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم والتعامل مع مشكلاتهم الواقعية، بدلاً من الهروب منها عبر الذكاء الاصطناعي وإشراك المتخصصين عند الحاجة، إذا أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة مفرطاً لدرجة التأثير في الصحة النفسية.
وأوضح التربوي عبيد اليماحي، أن مرحلة المراهقة من أكثر المراحل حساسية في عمر الإنسان، حيث يمر الفرد خلالها بتغيرات نفسية واجتماعية وجسدية، تجعل التعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين تحدياً حقيقياً.
وفي ظل ما يواجهه بعض المراهقين من عزلة أو ضغوط أسرية أو صعوبات في بناء علاقات إنسانية صحية، تظهر روبوتات الدردشة حلاً سهلاً و«آمناً» للتواصل ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها توافر الدعم والتفاعل الفوري، من دون إصدار أحكام والقدرة على المحادثة في أي وقت، من دون حرج أو خوف من الرفض، وإيهام المستخدم بوجود تعاطف واهتمام حقيقي وإن كان مصطنعاً.
ودعا إلى ضرورة التوعية الأسرية والمدرسية وفتح حوار مع المراهقين في استخدام روبوتات الدردشة، مع تأكيد الفروق الجوهرية بين الذكاء الاصطناعي والمشاعر البشرية.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات روبوت الخليج الذکاء الاصطناعی روبوتات الدردشة روبوت الدردشة من دون
إقرأ أيضاً:
ثورة تعيد تشكيل العمران.. مدن المستقبل بهندسة الذكاء الاصطناعي
هل شعرت يوماً وأنت عالق في زحمة مرورية أن هناك طريقة أفضل لتصميم المدينة؟ أو مررت بجانب مبنى ضخم وتساءلت عن حجم استهلاكه للطاقة؟
على مدى عقود، ظل بناء المدن عملية بطيئة ومعقدة، تعتمد غالباً على التخمينات المدروسة والتجارب السابقة. لكن ماذا لو منحنا مخططي المدن «قوى خارقة»؟ ماذا لو استطاعوا التنبؤ بسيناريوهات مستقبلية متعددة قبل أن يبدأ العمل فعلياً على الأرض؟
هذا بالضبط ما يحدث اليوم، والسر يكمن في الذكاء الاصطناعي.
يشرح شاه محمد، قائد ابتكار الذكاء الاصطناعي في شركة «سويكو»، أن الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في تصميم المدن وتخطيط البنية التحتية عبر تحسين العمليات، وتعزيز اتخاذ القرار، وتحقيق نتائج أكثر استدامة. يتيح الذكاء الاصطناعي لفريقه تحليل كميات ضخمة من البيانات، ومحاكاة سيناريوهات متعددة، وخلق بيئات حضرية أكثر كفاءة ومرونة، وفقاً لموقع «آي أي نيوز» المتخصص في دراسات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد شاه أن الذكاء الاصطناعي يمنح فريقه القدرة على طرح الأسئلة الحاسمة التي تؤثر على حياة السكان: «كيف نبني هذا الحي بأذكى طريقة لتقليل الازدحام والتلوث؟ وكيف نصمم مبنى يحافظ على برودته خلال موجات الحر دون أن ترتفع فواتير الكهرباء؟» حيث يمكن للذكاء الاصطناعي حساب آلاف الاحتمالات لاختيار الحل الأمثل.
لكن الواقع معقد، ويصعب محاكاته بدقة. فالطقس غير المتوقع، والتأخيرات، والفوضى البشرية تمثل تحديات كبيرة.
ويقول شاه: «التحدي الأكبر في تطبيق نماذج البيانات على الواقع يكمن في تعقيد وتغير الظروف البيئية. من الضروري أن تمثل النماذج هذه الظروف بدقة وأن تكون قادرة على التكيف معها».
ولتجاوز هذه العقبات، يبدأ الفريق بتنظيم بياناته وضمان جودتها، موضحاً: «نطبق ممارسات صارمة لإدارة البيانات، نوحد تنسيقاتها، ونستخدم أدوات برمجية قابلة للتشغيل البيني لضمان توافق البيانات عبر المشاريع.»
يضمن هذا التنظيم أن يعمل جميع أعضاء الفريق من مصدر موثوق وموحد، مما يمكّن الذكاء الاصطناعي من أداء مهامه بكفاءة ويعزز التعاون بين الفرق المختلفة.
ومن أبرز الجوانب الواعدة في استخدام الذكاء الاصطناعي دوره البيئي والإنساني. يشير شاه إلى مشروع استخدم فيه الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التنوع البيولوجي، عبر تحديد الأنواع المهددة بالانقراض وتزويد الباحثين بالمعلومات اللازمة، ليمنح الطبيعة صوتاً في عمليات التخطيط.
ويقول شاه: «يشبه الأمر وكأن الذكاء الاصطناعي يرفع يده قائلاً: "احذروا، هناك عائلة من الطيور النادرة هنا"، ما يساعدنا على البناء باحترام البيئة المحيطة».
اقرأ أيضا.. الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في مجال الهندسة المعماري
أما المرحلة القادمة، فيرى شاه، فهي تحويل هذه الرؤية المستقبلية إلى دليل حي وواقعي.
ويشرح: «أكبر فرصة للذكاء الاصطناعي في قطاع العمارة والهندسة والبناء تكمن في التحليلات التنبؤية والأتمتة. من خلال توقع الاتجاهات المستقبلية، والكشف المبكر عن المشكلات، وأتمتة المهام الروتينية، يمكن للذكاء الاصطناعي رفع الكفاءة، خفض التكاليف، وتحسين جودة المشاريع.»
هذا يعني جسوراً أكثر أماناً، طرقاً تحتاج إلى صيانة أقل، واضطرابات أقل في حياة الناس. كما يحرر المواهب البشرية من الأعمال الروتينية لتتركز على بناء مدن المستقبل التي تلبي حاجات سكانها.
أسامة عثمان (أبوظبي)