بجنازة مهيبة… العالم يودّع البابا فرنسيس
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
أبريل 26, 2025آخر تحديث: أبريل 26, 2025
المستقلة/-ودّع العالم البابا فرنسيس في حضور حشود توافدت منذ فجر السبت إلى ساحة بازيليك القديس بطرس في روما، في مراسم مهيبة بحضور مجموعة واسعة من قادة الدول والحكومات والملوك. وقد استقبل نعش البابا بالتصفيق الحار لدى نقله إلى ساحة القديس بطرس. وقبيل بدء الجنازة قرعت جراس بازيليك القديس بطرس حزناً.
ورأس الجنازة عميد مجمع الكرادلة الإيطالي جوفاني باتيستا ري. وقال في العظة التي ألقاها في القداس “كان البابا قريباً من الناس، بقلب مفتوح للجميع”.
ودعا الكاردينال الإيطالي إلى رعاية المهاجرين وإنهاء الحروب واتخاذ إجراءات عالمية لمواجهة تغير المناخ، وهي المواضيع السياسية التي كان البابا فرنسيس يحرص على التركيز عليها.
وكرر ري أحد أقوى انتقادات البابا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحضور ترامب نفسه بين الحشد، بدعوته إلى “بناء الجسور لا الجدران”.
تضمّنت عظة ري، التي استمع إليها الملايين في أنحاء العالم، رسالة سياسية قوية لقادة الدول ورسالة داخلية قوية للكرادلة الكاثوليك.
وعن البابا، قال الكاردينال ري “بفضل دفئه الإنساني وإحساسه العميق بتحدّيات اليوم، كان البابا فرنسيس يشعر بصدق بالمخاوف والمعاناة والآمال في هذا العصر”. وأضاف أن البابا لمس قلوب الناس “مباشرة”.
وكرّر ري انتقادات وجّهها البابا فرنسيس لترامب عام 2016 عندما كان قطب العقارات يخوض أول انتخابات رئاسية له، عندما قال البابا إن آراء ترامب المتعلّقة بالهجرة تعني أنه “ليس مسيحياً”.
وعند فتح المنافذ إلى الساحة بعيد الساعة السادسة صباحاً، ركض عدد كبير من المشاركين في محاولة للحصول على كرسي ورفع بعضهم علم بلادهم أو صورة لـ”بابا الفقراء”.
وقال جان روجيه موغينغي وهو غابوني يبلغ 64 عاماً أتى مع زوحته تكريما لأول بابا أميركي جنوبي “هذا يوم تاريخي فعلاً”.
وقد انتشر مئات من عناصر الأمن في الساحة ومحيطها.
وأثارت وفاة البابا الإثنين عن 88 عاماً إثر جلطة دماغية، مشاعر حزن في العالم وإشادة جماعية، حتى من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان البابا فرنسيس انتقد بشدّة سياساته المناهضة للمهاجرين.
وهذا الأسبوع، انتظر أكثر من 250 ألف شخص ساعات طويلة لإلقاء نظرة الوداع على جثمان البابا الزعيم الروحي لنحو 1,4 مليار كاثوليكي والمسجّى في كاتدرائية القديس بطرس.
ونصبت شاشات عملاقة على طول طريق فيا ديلا كونسيلياتزيوني الرئيسي الذي يربط الفاتيكان بضفاف نهر التيبر، للسماح للحشود بمتابعة المراسم.
وقد وضعت آلاف الكراسي لاستقبال 224 كاردينالاً وأكثر من 750 أسقفاً وكاهناً فضلاً عن ممثلّي ديانات أخرى أتوا لوداع البابا الذي انتخب في العام 2013 والمدافع الكبير عن الحوار بين الأديان.
واتّخذت إجراءات أمنية مشدّدة للمناسبة مع انتشار كثيف لشرطة الفاتيكان والشرطة الإيطالية مع مراقبة مداخل الفاتيكان ووضع أجهزة سكانر تعمل بالأشعة السينية.
وأقيمت منطقة حظر طيران فوق روما ونشرت وحدات مضادة للطائرات المسيرة مع أنظمة تشويش على الموجات. ووضعت طائرات مطاردة في حالة تأهب فيما نشر قناصة على السطوح.
وفي ختام القداس، نقل النعش على الجانب الآخر من النهر إلى وسط روما حتى بازيليك سانتا ماريا ماجوري، حيث تم دفن البابا فرنسيس.
وقد اختار البابا هذه الكنيسة المهيبة المشيدة في القرن الخامس كمثواه الأخير. وهي تضم أساساً رفات سبعة بابوات سابقين.
وسيحمل قبر البابا الرخامي الصغير داخل الكنيسة قرب المذبح كلمة وحيدة هي “فرانسيسكوس” وهو اسمه باللاتيني.
واعتاد البابا المجيء إلى الكنيسة قبل كل رحلة له إلى الخارج وبعد عودته منها للصلاة في هذه الكنيسة التابعة للفاتيكان.
ومع انتهاء مراسم الجنازة، تتوجّه الأنظار إلى مجمع الكرادلة حيث سيعكف 135 كاردينالاً في سن الانتخاب أي دون سن الثمانين، في الأسابيع المقبلة خلال جلسات مغلقة في كنيسة سيستينا على اختيار خلف للبابا فرنسيس.
ول وكان عندي مؤتمروتقام قدادايس في مناطق مختلفة من العالم على نفس البابا الذي تجاوزت رسالته الكاثوليك. وفي بوينوس آيرس حيث ولد البابا فرنسيس في 1936، يقام قداس في الهواء الطلق السبت.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: البابا فرنسیس القدیس بطرس کان البابا
إقرأ أيضاً:
قداسة البابا لاون الرابع عشر يترأس قداس عيد حلول الروح القدس
ترأس قداسة البابا لاون الرابع عشر، قداس عيد حلول الروح القدس (عيد العنصرة)، وذلك بساحة القديس بطرس، بالفاتيكان.
في عظةٍ عميقة ومؤثرة، توقّف البابا عند رمزية علّية صهيون التي ما تزال تتجدّد في قلب الكنيسة وفي حياة كل مؤمن، مشدّدًا على أنّ عطية الروح القدس لا تقتصر على حدث تاريخي بل تتواصل اليوم كريح تهزّ، وكدويّ يوقظ، وكشعلة تنير وتُلهب القلوب.
الصعود إلى السماءوقال: "لقد أشرق لنا اليوم المفرح، ذلك اليوم الذي فيه أرسل الرب يسوع المسيح، الممجد بصعوده إلى السماء بعد قيامته، الروح القدس". واليوم أيضًا يتجدد ما حدث في علّية صهيون: كريح عاصفة تهزّنا، وكدويّ يوقظنا، وكنارٍ تنيرنا، تنزل علينا عطية الروح القدس.
وتابع الأب الأقدس يقول: كما سمعنا في القراءة الأولى، يعمل الروح شيئًا استثنائيًا في حياة الرسل. فهؤلاء، بعد موت يسوع، انغلقوا على أنفسهم في الخوف والحزن، ولكنهم الآن ينالون أخيرًا نظرة جديدة وفهمًا عميقًا للقلب يساعدهم على تفسير ما جرى، وعلى أن يختبروا بشكل حميم حضور القائم من بين الأموات: لقد انتصر الروح القدس على خوفهم، وكسر القيود الداخلية، وهدّأ جراحهم، ومسحهم بالقوة، ومنحهم الشجاعة لكي يخرجوا للقاء الجميع ويعلنوا لهم أعمال الله.
يخبرنا سفر أعمال الرسل أن أورشليم كانت في ذلك الوقت مزدحمة بأناس من أصول مختلفة، ومع ذلك "كان كل واحد منهم يسمعهم يتكلمون بلغة بلده". وهكذا إذًا، في يوم العنصرة، تُفتح أبواب العلّية لأن الروح يفتح الحدود. وكما يؤكّد البابا بندكتس السادس عشر: "إنَّ الروح القدس يمنح الفهم. فهو يتجاوز الانقسام الذي بدأ في بابل – تشويش القلوب الذي يضعنا في مواجهة بعضنا البعض – ويفتح الحدود. على الكنيسة أن تصبح دائمًا ما هي عليه في الأصل: عليها أن تفتح الحدود بين الشعوب، وتحطم الحواجز بين الطبقات والأعراق. فلا يمكن أن يكون فيها منسيّون أو محتقرون. في الكنيسة لا يوجد سوى إخوة وأخوات يسوع المسيح الأحرار".
وأضاف الحبر الأعظم يقول: إنها صورة بليغة للعنصرة، أرغب في أن أتوقّف عندها للتأمل معكم حولها. إنَّ الروح يفتح الحدود أولًا في داخلنا. إنه العطية التي تفتح حياتنا على المحبة. وهذا الحضور الإلهي يذيب صلابتنا، وانغلاقنا، وأنانيتنا، والمخاوف التي تشلّنا، والنرجسيات التي تجعلنا ندور حول أنفسنا فقط. إنَّ الروح القدس يأتي لكي يتحدّى في داخلنا خطر حياة تنكمش وتمتصها الفردية.
من المحزن أن نلاحظ كيف أنَّنا في عالم تتكاثر فيه فرص التواصل، نجد أنفسنا – بشكل متناقض – أكثر وحدة؛ "متصلون" على الدوام، ولكننا عاجزون عن "بناء شبكة"، نغوص دائمًا في الزحام ومع ذلك نبقى مسافرين تائهين ووحيدين. بالمقابل، يكشف لنا روح الله طريقة جديدة لرؤية الحياة وعيشها: يفتحنا على اللقاء مع ذواتنا، أبعد من الأقنعة التي نرتديها؛ يقودنا إلى اللقاء مع الرب، ويربّينا لكي نختبر فرحه؛ ويقنعنا – بحسب كلمات يسوع التي سمعناها – بأننا إذا ثبتنا في المحبة ننال القوة أيضًا لكي نحفظ كلمته وبالتالي أن تحوِّلنا. هو يفتح الحدود في داخلنا، لكي تصبح حياتنا فُسحة مضيافةً.
وتابع الأب الأقدس يقول: كذلك يفتح الروح أيضًا الحدود في علاقاتنا مع الآخرين. في الواقع يقول يسوع إن هذه العطية هي المحبة التي تجمعه بالآب، والتي تأتي لتسكن فينا. وعندما تسكن محبة الله في قلوبنا، نصبح قادرين على الانفتاح على الإخوة، وعلى التغلُّب على قساوتنا، وعلى تخطي الخوف من الآخر المختلف، وعلى تهذيب الأهواء المضطربة في داخلنا. لكنَّ الروح يحوّل أيضًا تلك المخاطر الخفية التي تلوّث علاقاتنا، مثل سوء الفهم، والأحكام المسبقة، والاستغلال المتبادل. أفكر – وبألم كبير – في العلاقات التي يُفسدها السعي للهيمنة على الآخر، وهو سلوك ينتهي كثيرًا، وللأسف، بالعنف، كما تدل على ذلك العديد من حالات قتل النساء التي نشهدها في أيامنا. أما الروح القدس، فهو يُنضج فينا الثمار التي تساعدنا على عيش علاقات صادقة وسليمة: " المحبة والفرح والسلام والصبر واللطف وكرم الأخلاق والإيمان، والوداعة والعفاف".
وبهذه الطريقة، يوسّع الروح حدود علاقاتنا مع الآخرين، ويفتحنا على فرح الأخوّة. وهذا معيار حاسم أيضًا بالنسبة للكنيسة: نحن نكون حقًا كنيسة القيامة وتلاميذ العنصرة فقط إذا لم تكن بيننا حدود ولا انقسامات؛ إذا عرفنا كيف نتحاور ونقبل بعضنا البعض داخل الكنيسة، مندمجين في تنوعنا؛ وإذا أصبحنا ككنيسة فسحة مضيافة تستقبل الجميع.
وأضاف الحبر الأعظم يقول: وأخيرًا، يفتح الروح الحدود بين الشعوب أيضًا. ففي العنصرة، يتحدث الرسل بلغات الذين يلتقون بهم، وتتبدَّد فوضى بابل أخيرًا بالانسجام الذي يخلقه الروح.
فالاختلافات، عندما يوحّد النفَس الإلهي قلوبنا ويجعلنا نرى في الآخر وجه أخٍ لنا، لا تعود مناسبة للانقسام والصراع، بل تصبح إرثًا مشتركًا يمكن للجميع أن يستقوا منه، ويضعنا جميعًا في مسيرة معًا في الأخوّة. إنَّ الروح يكسّر الحدود، ويهدم جدران اللامبالاة والكراهية، لأنه "يعلمنا كل شيء" و"يذكّرنا بكلمات يسوع"؛ ولهذا، فإن أول ما يعمله هو أن يعلّمنا ويذكّرنا وينقش في قلوبنا وصية المحبة، التي وضعها الرب في محور وذروة كل شيء. وحيث تكون المحبة، لا مكان للأحكام المسبقة، ولا للمسافات الوقائية التي تبعدنا عن القريب، ولمنطق الإقصاء الذي نراه للأسف يظهر أيضًا في القومية السياسية.
واختتم قداسة البابا لاوُن الرابع عشر عظته بالقول في احتفاله بعيد العنصرة: لاحظ قداسة البابا فرنسيس أن "هناك في عالم اليوم الكثير من الانقسام والتفرقة. نحن جميعًا متصلون، ومع ذلك نجد أنفسنا منفصلين عن بعضنا، مخدَّرين باللامبالاة ومثقَّلين بالوحدة". والحروب التي تهز كوكبنا ما هي إلا علامة مأساوية على هذا الواقع كلِّه. لنطلب روح المحبة والسلام، لكي يفتح الحدود، ويهدم الجدران، ويبدّد الكراهية، ويساعدنا على أن نعيش كأبناء للآب الواحد الذي في السماوات.
أيها الإخوة والأخوات، إن العنصرة هي التي تجدّد الكنيسة والعالم! لتهُبّ علينا وفي داخلنا ريح الروح القدس العاتية، ولتفتح حدود القلوب، وتمنحنا نعمة اللقاء مع الله، وتوسّع آفاق المحبة، وتعضد جهودنا من أجل بناء عالم يسوده السلام. لترافقنا مريم الكلية القداسة، سيّدة العنصرة، العذراء التي زارها الروح القدس، والأم الممتلئة نعمة، ولتتشفّع من أجلنا.