لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
وقال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية تيم ليندركينغ إن "هناك عقوبات فرضناها على سوريا وقيادتها، وهذه العقوبات لن ترفع بين عشية وضحاها، لن نتعجل كما فعلت بعض البلدان".
وفي حديثه لحلقة (2025/5/1) من برنامج "من واشنطن"، أضاف ليندركينغ "نرى لدى بعض شركائنا تعطشا لإعادة فتح السفارات ورفع الأعلام، لكننا ببساطة لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، ونتبع نهجا حذرا في التعامل".
وعلى النقيض من الموقف الأميركي، أعلنت بريطانيا مؤخرا إزالة 12 كيانا سوريا إضافيا من قائمة العقوبات، شملت مؤسسات سيادية مهمة، مثل وزارتي الداخلية والدفاع، وعدة أجهزة أمنية واستخباراتية كانت تعتبر سيئة السمعة خلال حكم عائلة الأسد.
ولم يكن هذا الإجراء البريطاني الأول من نوعه، إذ سبقه إعلان في مارس/آذار الماضي برفع العقوبات عن 24 كيانا سوريا آخر، تمثل قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والتعامل المالي، وعلى رأسها المصرف المركزي السوري.
تباين مواقف
وبشأن هذا التباين في المواقف، أوضح مراسل الجزيرة في لندن محمد المدهون، أن وزراء الحكومة البريطانية عبروا بوضوح عن قناعتهم بأن استقرار سوريا يمثل مصلحة بريطانية مباشرة، وأن رفع الكيانات السورية من قائمة العقوبات يستهدف تحقيق هذا الاستقرار الإقليمي وتعزيز الأمن القومي البريطاني.
إعلانوفي تحليلها للموقف الأميركي، كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وجود انقسام حاد في الرؤى داخل الإدارة الحالية بشأن التعامل مع سوريا.
وأكدت ليف -في حديثها لـ"من واشنطن"- أن "لأميركا مصلحة في استقرار سوريا"، موضحة أن الخلاف داخل الإدارة الأميركية يدور بين تيارين:
التيار الأول يرى الرئيس أحمد الشرع "إرهابيا" جاء مع "مجموعة إرهابيين"، وأنه لم ولن يتغير. التيار الثاني يدعو إلى اختبار هذه الفرضية والانفتاح على التعامل مع الوضع الجديد.
رؤية الجالية السورية
بدوره، قدم رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، محمد غانم، رؤية من داخل الجالية السورية الأميركية، مشيرا إلى أن الحكومة السورية حققت تقدما ملموسا في تلبية الشروط الأميركية.
وأقر غانم بأن الجانب الأميركي لا يزال ينظر بريبة وشك كبيرين تجاه بعض الشخصيات في النظام الجديد، "لا بسبب سلوكه، لكن بسبب الماضي".
وكشف عن تطور إيجابي في المفاوضات، إذ أشار إلى أن المسؤولين الأميركيين الذي يتولون الملف السوري يدركون أهمية دمشق الإقليمية، وأن المقترح الحالي على طاولة المفاوضات يتمحور حول "تعليق للعقوبات لفترة طويلة" بدلا من النهج السابق القائم على "مقاربة الخطوة بخطوة".
وتصدر مطلب الكشف عن مصير مواطنين أميركيين اختفوا في سوريا قائمة الأولويات في الشروط الأميركية لرفع العقوبات، خصوصا الصحفي أوستن تايس الذي اختفى عام 2012 في أثناء تغطيته للأحداث هناك.
وفي هذا السياق، استضافت الحلقة ديبرا (والدة تايس) التي عبرت عن ثقتها "الكاملة والقوية" بإدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الرئيس ترامب يشعر بأن إعادة أوستن إلى الوطن أمر مهم.
الصادق البديري1/5/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الخميس، فرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، بدعوى انتهاك التزامات السلام من خلال السعي لتدويل الصراع مع إسرائيل.
وقالت الوزارة، في بيان، إن "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير انتهكتا التزاماتهما من خلال دعم إجراءات في المنظمات الدولية التي تتعارض مع قراري مجلس الأمن 242 و338، وعدم امتثالهما لالتزاماتهما بموجب قانون الامتثال لتعهدات منظمة التحرير لعام 1989، وقانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002″.
وتابعت الخارجية الأميركية أن الجهات التي فرضت عقوبات عليها "تسعى لتدويل الصراع مع إسرائيل عبر محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية"، واتهمتها بالاستمرار بدعم ما وصفته بالإرهاب، بما في ذلك التحريض على العنف وتمجيده في المناهج الدراسية، وتقديم مدفوعات ومزايا لمن وصفتهم بالإرهابيين الفلسطينيين وأُسَرهم، وفق تعبيراتها.
وأضاف البيان أن هذه الخطوة تمنع المستهدفين بالعقوبات من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة، وفقاً للمادة 604 (أ-1) من قانون التزامات السلام في الشرق الأوسط، دون تحديد هوية الأفراد.
واعتبرت أن "هذه الإجراءات تأتي في إطار المصالح الأمنية القومية الأميركية لمحاسبة السلطة ومنظمة التحرير على تقويض فرص السلام".
وتعليقا على البيان الأميركي، اعتبر مسؤول رفيع في منظمة التحرير الفلسطينية، الخميس، أن القرار الأميركي يمثل "دعما وانحيازا فاضحا للاحتلال الإسرائيلي" ولحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبو يوسف، إن "قرار الخارجية الأميركية يأتي في ظل شراكتها في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة والمتواصلة منذ أكثر من 660 يوما"، واتهم الولايات المتحدة "بدعم جرائم إسرائيل ومستوطنيها".
إعلانوأضاف أن تلك العقوبات "تأتي لدعم الاحتلال وحرب الإبادة، ومحاولة لطمس القضية الفلسطينية بعد مؤتمر نيويورك، واعتزام مجموعة من الدول الاعتراف بفلسطين والتي باتت على سلم الأولويات الدولية".
وأشار إلى أن العقوبات تستهدف أيضا "محاولة ضرب التمثيل الفلسطيني"، مضيفا أن "القرار مجرد دعم للاحتلال ليس أكثر".
وفي المقابل، رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، بفرض واشنطن عقوبات على مسؤولين بالسلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير.
وشكر ساعر، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزارته على ما وصفه بوضوحهم الأخلاقي في فرض العقوبات.
وشدد ساعر على أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدفع ثمنا لسياستها المستمرة، مشيرا إلى أن "هذه الخطوة من إدارة الرئيس دونالد ترامب تكشف الانحراف الأخلاقي لبعض الدول التي سارعت إلى الاعتراف بدولة فلسطينية افتراضية، بينما تغض الطرف عن دعم السلطة الفلسطينية للتحريض".
تأتي هذه العقوبات في وقت تعهدت فيه كندا وعدد متزايد من الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل، وسط تحذيرات من قادة عالميين من أن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يواجهون خطر المجاعة الجماعية نتيجة الحصار الإسرائيلي.
ورغم أن العديد من حلفاء واشنطن يتخذون خطوات لرفع مكانة المسؤولين الفلسطينيين في المجتمع الدولي، فإن الخطوة الأميركية تهدف إلى عزلهم.
ولم يتضح ما إذا كانت العقوبات ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو مسؤولين كبارا آخرين من السفر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أعلنت فرنسا أنها ستعترف خلالها بدولة فلسطينية. وقد سُمح في السابق لبعض القادة المعاقَبين بالسفر إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الاجتماع الدولي.
وقال آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري: "إنها خطوة استعراضية، لكن توقيتها ليس مصادفة".
من جهته، قال جوناثان بانيكوف، المسؤول السابق في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ويعمل حاليا في "المجلس الأطلسي"، إن إجراءات وزارة الخارجية كانت بالتأكيد قيد الدراسة والتجهيز منذ فترة، لكن توقيت الإعلان عنها قد يكون مواتيا لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف "قرار الإعلان عنها اليوم سيكون خبرا سارا لأكثر أعضاء حكومة نتنياهو تطرفا، لكنه يهدد بجعل التوصل إلى توافق بشأن إدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة أكثر صعوبة".