تتجلى معاناة الأمهات في رعاية أطفالهن المصابين بالسكري من النوع الأول، فما هو؟ سكر الأطفال النوع الأول.. هو مرض مناعي ذاتي يدمر خلايا بيتا المنتجة للأنسولين، ما يجعل حقن الأنسولين اليومية ضرورة حتمية ومهمه شاقة خصوصا في بداية اكتشاف المرض.
ومع ذلك، يلوح في الأفق أمل جديد عبر تقنية خلايا الجزُر البنكرياسية «Islet cells» المعدّلة مخبريًا والمُحاطة بطبقات واقية ضد المناعة، ما يفتح نافذة لعلاج دون الحاجة إلى متبرعين أو أدوية مثبطة للمناعة.
السكر من النوع الأول هو حالة مناعية ذاتية يُهاجم فيها الجسم خلايا بيتا في البنكرياس، فتتوقف عن إنتاج الأنسولين نهائيًا، ما يسبب ارتفاعًا خطيرًا في نسبة الجلوكوز بالدم، غالبًا ما يظهر في مرحلة الطفولة والمراهقة، بمعدل 10- 15% من إجمالي حالات السكري عالميًا، مع زيادة سنوية تقدر بـ3- 4% في البلدان التي كانت سابقًا منخفضة الانتشار.
يحتاج الأطفال المصابون بمرض السكر النوع الأول إلى حقن الأنسولين عدة مرات يوميًا، ومراقبة دقيقة لنظامهم الغذائي ونشاطهم اليومي لتفادي الأزمات الحادة مثل الحماض الكيتوني السكري.
خلايا الجُزر البنكرياسية: الأمل الجديدخلايا الجُزر «Islets of Langerhans» هي تجمعات من عدة خلايا داخل البنكرياس، تُعد خلايا بيتا فيها المسؤولة عن إنتاج الأنسولين الحيوي لتنظيم سكر الدم. في مرض السكري من النوع الأول، تُدمر هذه الخلايا بواسطة جهاز المناعة، مما يستدعي تعويضها بحلول علاجية جديدة. فظهرت التقنية الحديثة التي تعتمد على توليد خلايا جزُر شبيهة بالبيتا من خلايا جذعية أو مهندسة وراثيًا، تم تغليفها بمادة هلامية «Alginate» لحمايتها من الاعتداء المناعي دون استخدام مثبطات مناعة نظامية.
ثورة علاجيه قريبة لمرضى السكري النوع الأولفي السابق، كانت زراعة خلايا الجزُر تعتمد على خلايا مأخوذة من بنوك الأعضاء، مع حاجة ملحة لمثبطات المناعة للوقاية من الرفض، الأمر الذي يزيد من مخاطر العدوى والسرطان طويل الأمد.الابتكار الأبرز اليوم هو استخدام كبسولات نانوية من البوليمرات الطبيعية، تغلف خلايا بيتا المنتجة للأنسولين، فتسمح بمرور الجلوكوز والأنسولين، بينما تمنع دخول الخلايا المناعية. هذا يتيح بقاء الخلايا المزروعة فعّالة لعدة أشهر على الأقل دون الحاجة للأدوية المثبطة للمناعة أو الاعتماد على متبرعين جدد.
دور الأم في رحلة العلاجعندما تصدح كلمات «طفلي مصاب بالسكري»، تبدأ الأم رحلة جديدة من الرعاية والعمل الدؤوب. تنتقل مسؤولية إدارة جرعات الأنسولين وفحص سكر الدم من الطاقم الطبي إلى الأمهات، اللواتي يشعرن بقلقٍ مستمر وضغوط نفسية كبيرة. إلا أن حب الأم يُقوّي عزيمتها، فهي تتعلم ضبط النظام الغذائي لطفلها، وتتابع حالته الصحية على مدار الساعة، وتمنحه الدعم العاطفي لتجاوز مخاوفه، مع أهمية دعم المجتمع والمحيط لها وعدم لومها على انكفاءها أحيانًا.
الأمل والإيمانالحياة دائمًا تحمل في طياتها أملًا جديدًا، حتى في مواجهة الأمراض والتحديات الصعبة. فكما أبدع العلماء في تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا بيتا محمية، يُضيء الأمل قلوب الأمهات ويعزّز إيمانهن بأن لكل محنة نهاية، وأن مع العسر يسرًا يأتي. وكل أم مؤمنة محتسبة، تجد في صبرها أجرًا عظيمًا، وفي رعايتها لطفلها استثمارًا في حياة أفضل له وللأجيال القادمة.
ان بعد العسر يسر وانفراجه قريبه
من ألم الاكتشاف الأول للمرض إلى بزوغ فجر التكنولوجيا الدقيقة، تظل رحلة الأم مع طفلها المصاب بالسكري من النوع الأول شهادة على قوة الحب والأمل والرعايه المضاعفه. ومع تقنية خلايا الجزُر البنكرياسية الخالية من المتبرعين والأدوية الكبحية للمناعة، يلوح مستقبل مشرق يحمل وعدًا بعيد المدى للعلاج الدائم للسكري، فلتستمر الأمهات في مواجهة التحديات بعزيمةٍ وإيمانٍ لا يلين. ويثق كل مريض ومبتلي في قدرة الخالق علي فعل المستحيل والشفاء مهما طال الألم
اقرأ أيضاًالقاتل الصامت.. نوع جديد من مرض السكري يهدد حياة الشباب
حسام موافي يحذر من خطورة السمنة المفرطة على مرضى السكري
دراسة حديثة: فقدان الوزن لمرضى السكري من النوع الثاني يزيد فرص الشفاء
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مرض السكري النوع الاول السكري النوع الاول السكر النوع الاول السكر النوع الأول السكري النوع الأول السکری من النوع الأول خلایا بیتا
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر لوفد الإعلاميين العرب: الكلمة أمانة ودوركم مهمٌّ في رفع الوعي بقضايا الأمَّة
عقد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، جلسة نقاشيَّة مفتوحة مع عددٍ من أبرز الإعلاميين في العالم العربي، وذلك على هامش مشاركة فضيلته في قمة الإعلام العربي بدبي، التي انعقدت خلال الفترة من 25 : 27 مايو الجاري.
في بداية اللقاء، أكَّد شيخ الأزهر دور الإعلام المهم في رفع الوعي بالتَّحديات، وتعبئة الرأي العام تجاه قضايا الأمة، وتعزيز الانتماء للأوطان، والحفاظ على المنظومة القيميَّة والأخلاقية، وترسيخ الاعتزاز بالأصول لدى الشباب، خاصَّة في ظل ما يواجهه عالمنا اليوم من تحدِّيات وتصاعد خطابات الكراهية والتعصب والإسلاموفوبيا، مشيرًا إلى أهمية العمل وفق إستراتيجية إعلامية عربية تدافع عن قضايا الأمة وتحمي الشباب من مخاطر الاستقطاب والتِّيه؛ حيث تسعى بعض المنصات الرقمية لتغييبِهم عن واقع أمتهم ومجتمعاتهم.
وأوضح فضيلته أنَّ الأزهر الشريف يعمل على تعزيز ثقافة السلام، وهي مهمة أساسية يتم تدريسها في مناهج الأزهر منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، مضيفًا فضيلته: “الأديان كلها إنما نزلت لإسعاد الإنسان، وحقن الدماء، ونشر السلام بين الجميع، لا لإشعال الحروب أو تغذية الكراهية”، مشيرًا فضيلتة إلى مبادرات الأزهر في هذا السياق، التي من بينها تأسيس “بيت العائلة المصرية”، بالتعاون مع الكنائس المصرية، الذي أسهم في تقوية النسيج الوطني والقضاء على كثيرٍ من مظاهر الطائفية، مصرحًا "عندما رأى المواطن المصري القسيس بجوار الشيخ، اختفت كثير من الفتن والمشكلات”.
وتطرَّق فضيلته إلى أنَّ الأزهر تنبَّه إلى ضرورة تحقيق تقارب وتفاهم إسلامي حقيقي، من خلال عقد حوار إسلامي-إسلامي، يرتكز على المصارحة والحوار وطي صفحة الماضي، والانطلاق من المشتركات التي تجمع المدارس الفكريَّة للأمة، للانطلاق منها لما يخدم وحدة هذه الأمة وتقدمها؛ ولذا عقد الأزهر ومجلس حكماء المسلمين مؤتمر «الحوار الإسلامي» في مملكة البحرين، وانتهى إلى توقيع وثيقة "نداء أهل القبلة" التي تُعدُّ وثيقة مبادئ جامعة لتعزيز الحوار والتفاهم بين المذاهب ومدارس الفكر الإسلامي المختلفة.
وأشار فضيلته إلى جهود الأزهر ومجلس حكماء المسلمين في تعزيز السلام العالمي، قائلًا: “فتحنا آفاق التعاون مع الفاتيكان، ووقَّعت مع صديقي الراحل البابا فرنسيس «وثيقة الأخوة الإنسانية»، كما فتحنا قنوات تواصل مع مختلف الكنائس بما فيها الكنائس الشرقية ومجلس الكنائس العالمي وكنيسة كانتربري في بريطانيا".
وتعليقًا على سؤال حول حقوق الأقليات، قال فضيلته، إن الأزهر يرفض استخدام مصطلح «الأقليات» لما يترتب عليه من ضياع الحقوق وتقسيم المواطنين بين درجات عليا ودرجات دنيا، وأكَّد ضرورة إقرار «المواطنة الكاملة»، وما يترتب عليها من تساوي الجميع في الحقوق والواجبات، ونظم العديد من المؤتمرات، وأصدر الوثائق التي تؤكد هذا المفهوم، داعيًا الإعلاميين إلى المساهمة في تعزيز هذه القيم، مؤكدًا أن الدول يجب أن تقوم على المواطنة الكاملة والحقوق المتساوية لجميع المواطنين، دون تمييز أو تصنيف".
وفيما يتعلق بالزج بالدين باعتباره سببًا لما نشهده من صراعات وحروب، قال فضيلته: "يحب أن نفرق بين تعاليم الأديان التي تدعو إلى السلام والتعايش، وبين التفسيرات الخاطئة التي يقدِّمها البعض للقتل باسم الدين وهو منها براء، فالأنبياء جميعهم أخوة، ودين الله واحد منذ آدم وحتى محمد عليهم جميعًا الصلاة والسلام"، مضيفًا فضيلته "لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير العنف باسم الدين”، وما حدث هو محاولة البعض اختطاف الدين وتوظيفه في السياسة، وهو أمر مرفوض”، كما أكَّد فضيلته أن محاولات الكيان الصهيوني الخلط بين «الصهيونية» كشر مطلق، وبين «اليهودية» كدين سماوي، أصبح واضحًا، ولا يخفى على أحد.
وردًّا على سؤال حول ما تشهده بعض المجتمعات من دعوات لقبول «الشذوذ الجنسي» وغيره من الأمراض المجتمعيَّة، علَّق فضيلته: “هذه الدعوات دليل على جنون هذه الحضارة واضطرابها، وتخطيها لكل حدود الأخلاق وتعاليم الدين، ومحاولتها المستمرة لإقصائه وتهميش دوره في حياة الناس، بل وتأليه حرية الإنسان والسعي المطلق لإشباع رغباته المادية"، موضحًا أنَّ المرجعية هنا لتعاليم الأديان وليس للعقل البشري المتقلب، قائلًا: “الدين هو الذي يثبت الأخلاق، ولا ينبغي إسناد المرجعية الأخلاقية إلى العقل وحده”.
وحول الرسالة التي يَوَدُّ فضيلته توجيهها للشباب، دعا شيخ الأزهر الشباب العربي والمسلم إلى التسلُّح بالعلم والمعرفة، قائلًا: “اقرأ أولًا قبل أن تتحدث، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإسلام والعروبة والحضارة الشرقية”.