مؤسسات الأعمال الخيرية
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
د. ماهر بن أحمد البحراني **
تُعدّ الأعمال الخيرية جزءًا أصيلًا من الثقافة والمجتمع العُماني؛ حيث تنبع من القيم الإسلامية والإنسانية التي تحث على التكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع. وقد شهدت سلطنة عمان تطورًا ملحوظًا في مجال العمل الخيري؛ سواء على مستوى المبادرات الفردية أو من خلال المؤسسات والمنظمات الرسمية والأهلية، ويساهم العمل الخيري في تعزيز روح التضامن بين أفراد المجتمع، ويُعد وسيلة فعالة لتقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق العدالة الإنسانية.
وتُسهم الأعمال الخيرية في تحقيق عدة أهداف اجتماعية وإنسانية، منها:
تقليل الفوارق الاجتماعية: من خلال توفير الدعم المالي والمعنوي للأسر والمجتمعات الفقيرة. تعزيز روح التضامن: حيث يعمل التطوع والمشاركة في الأعمال الخيرية على بناء علاقات اجتماعية قوية مبنية على الثقة والتعاون. توفير الخدمات الأساسية: مثل التعليم والرعاية الصحية، مما يساهم في تحسين جودة الحياة وبناء مستقبل أكثر إشراقًا. النهوض بالمجتمع المحلي: عبر تمويل مشروعات تنموية تُحدث تغييرًا إيجابيًا في البيئة المحلية، سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.وتولي حكومتنا الرشيدة اهتمامًا كبيرًا بالعمل الخيري، من خلال وزارة التنمية الاجتماعية التي تُشرف على تنظيم ومتابعة الجمعيات الخيرية، وتقديم الدعم لها بما يضمن استمرارية أنشطتها وتحقيق أهدافها. كما تسعى السلطنة إلى تنظيم العمل الخيري بشكل مؤسسي لضمان الشفافية والفعالية في إيصال المساعدات إلى المستحقين.
وقد أدركت الحكومة أهمية النشاط الخيري في بناء مجتمع متكافل، فعملت على تنظيم ومراقبة العمل الخيري: من خلال إصدار القوانين والأنظمة التي تضمن الشفافية والمساءلة في جمع التبرعات وتنفيذ المشروعات الإنسانية، ودعم المؤسسات والجمعيات: حيث تُقدم الوزارة المختصة الدعم الفني والمالي للجمعيات الخيرية، مما يمكنها من تنفيذ برامجها بكفاءة واستمرارية، وتعزيز ثقافة العطاء: عبر تنظيم حملات ومبادرات وطنية توعوية تشجع المواطنين على المشاركة في الأنشطة التطوعية والخيرية.
ورغم النجاحات المحققة، تواجه الأعمال الخيرية بعض التحديات التي تتطلب تفكيرًا واستراتيجيات جديدة، منها:
توفير الموارد المالية الكافية: حيث يعتمد الكثير من الجمعيات على التبرعات، مما يجعلها عرضة للتقلبات الاقتصادية. تعزيز الشفافية والمساءلة: لضمان استغلال المساعدات بطريقة عادلة وفعالة، مما يُعزز ثقة المتبرعين والمستفيدين. تكيف الأعمال الخيرية مع التطورات الحديثة: مثل استخدام التكنولوجيا في جمع التبرعات وتنظيم الحملات الخيرية عبر منصات التواصل الاجتماعي. التعاون الدولي والمحلي: بما يساهم في تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين المؤسسات والمنظمات الخيرية، مما يوسع من تأثيرها ويزيد من فعاليتها.لقد أثبتت الأعمال الخيرية في سلطنة عُمان أنها ليست مجرد أنشطة إنسانية بل هي تعبير حي عن قيم العطاء والتكافل التي تسود المجتمع العُماني. وبفضل الدور الفعال الذي تقوم به الحكومة والمؤسسات والجمعيات، يستمر هذا المجال في النمو والتطور لخدمة المجتمع على كافة الأصعدة. إن تعزيز هذه الأعمال والتغلب على التحديات الراهنة يعدان مفتاحًا لمستقبل يتسم بالعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ولا شك أن تتعدد الجهات الحكومية المشرفة على مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الاعمال الخيرية منها وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية والهيئة العمانية للأعمال الخيرية، وهذا التعدد فرضته السنوات الماضية من بناء المؤسسات ولعدم وجود اطار تنظيمي، عليه يجب وضع اطار تنظيمي موحد لكل الجهات لهذا التعدد، ان تعدد مؤسسات الاعمال الخيرية التي تقدم نفس الخدمات حيث بنهاية عام 2024 بلغت الجمعيات الخيرية 21 جمعية خيرية و 63 لجنة تنمية اجتماعية و63 فريقًا خيريًا و66 لجنة زكاة و55 مؤسسة وقفية، والهيئة العمانية للأعمال الخيرية التي تضم 5 فروع في السلطنة (مسقط- ظفار- شمال الباطنة- جنوب الشرقية- مسندم). وهذا التعدد أدى الى ازدواجية في الاعمال الخيرية وزيادة التكاليف الإدارية والمالية وكما يؤدي الى عدم توجيه الجهود للأفراد الذين هم بحاجة أكبر الى هذا الدعم والمساعدة.
وفي ظل هذه التحديات يحب العمل على توحيد جهة الاشراف بحيث تكون وزارة التنمية الاجتماعية هي المشرف على قطاع الجمعيات والمؤسسات الوقفية والفرق الخيرية المختلفة وتنظيم هذه المؤسسات بحث تكون مؤسسة خيرية واحدة لكل ولاية تخدم أبناء الولاية وتتشكل هذه المؤسسة الخيرية من مجلس إدارة على ان يكون بها عدة اقسام منها قسم الفرق الخيرية بالولاية وقسم البحث الاجتماعي من اجل بحث على الحالات التي تتقدم بطلب المساعدة والمعونة وقسم المعونات المالية وقسم دعم بناء وصيانة المباني وقسم المعونات العينية من الغذاء ومستلزمات المنازل وقسم دعم التعليم والصحة وقسم الزكاة لتوزيع الزكاة على المستحقين بالولاية على ان تخدم هذه المؤسسة أبناء الولاية فقط، وقسم الوقف الخيري وقسم دعم مشاريع موارد الرزق للأسر المعسرة وذوي الدخل المحدود وقسم التثقيف المالي، على ان يقدم لها الدعم الإداري من وزارة التنمية الاجتماعية أو أن تكون هذه المؤسسة تحت ادارة أو اشراف الهيئة العمانية للأعمال الخيرية من أجل التنظيم وترشيد النفقات الإدارية والمالية التي يتطلبها العمل الاجتماعي والخيري، على أن يكون هناك تنسيق مع صندوق الحماية الاجتماعية لتبادل المعلومات والبيانات للمتقدمين بطلباتهم للدعم.
** دكتوراة في الإدارة والتنمية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اليمن في عمق المواجهة.. خطوات عملية وسريعة لإعادة البنى التحتية التي دمرها العدو الصهيوني والأمريكي
الثورة /يحيى الربيعي
عقب استهداف العدوان مطار صنعاء الدولي ومينائي الحديدة ورأس عيسى، بالإضافة إلى مصنعي إسمنت باجل وعمران ومحطات ومحولات الكهرباء في العاصمة، تحركت حكومة البناء والتغيير بخطوات عملية لإعادة الحياة إلى هذه المرافق الحيوية.
وفي ميناء الحديدة، باشرت الكوادر الهندسية والفنية إعادة تأهيل الأرصفة المتضررة بوتيرة متسارعة بهدف إنجازها في فترة قصيرة لضمان استمرار تدفق السلع. وقد استمرت السفن في إفراغ حمولتها على مدار الساعة، ولم تتأثر برامج الاستقبال والتفريغ بفضل جهود الكوادر الفنية والملاحية.
وفي مطار صنعاء الدولي، بدأت الفرق الفنية والهندسية عملية إعادة الجاهزية والتشغيل للمطار في أقرب وقت ممكن لتقديم خدماته الإنسانية وتسهيل عودة العالقين والمرضى. وقد ناقش اجتماع موسع خطة العمل الطارئة والاحتياجات الضرورية لاستئناف الرحلات المدنية.
وفي مصنعي الإسمنت عمران وباجل، وجه وزير الاقتصاد والصناعة بسرعة إعداد تقارير فنية حول حجم الأضرار ووضع تصورات للإصلاح والتأهيل، مع تجهيز فرق العمل والطوارئ لبدء العمل بأسرع وقت.
وعلى مستوى تأمين الاحتياجات الأساسية، وتحديداً، توفير المشتقات النفطية، وعقب استهداف ميناء رأس عيسى، بذلت الحكومة جهوداً مكثفة لضمان توفير المشتقات النفطية، وتكللت هذه الجهود باستئناف عمليات الضخ لمادتي البنزين والديزل من السفن إلى الناقلات وتوجيهها إلى مختلف المحافظات لتزويد محطات التعبئة بعد انتهاء أعمال الصيانة لإعادة تأهيل منصات التعبئة المتضررة. وقد أكدت شركة النفط اليمنية على توفر المواد البترولية وحرصها على تحقيق الاستقرار التمويني.
فيما يتعلق بمشاريع التنمية المستدامة، ففي القطاع الزراعي، بدأت وزارة الزراعة تنفيذ مشروع زراعة مليون شتلة خلال الموسم الزراعي الحالي، بالإضافة إلى زراعة 100 ألف شتلة سدر في تهامة وصعدة، وإنشاء مشاتل جديدة في محافظات كانت تفتقر إليها كالجوف.
ورغم وطأة العدوان وتحدياته الاقتصادية والإنسانية، تُظهر الأرقام والخطوات العملية التي تتخذها حكومة التغيير والبناء إصراراً على تجاوز هذه الظروف الصعبة. من العمليات العسكرية النوعية التي فرضت واقعاً جديداً، مروراً بالجهود المضنية لإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وصولاً إلى مشاريع التنمية المستدامة ومكافحة الفساد والحفاظ على الإرث الحضاري، تتجلى إرادة صلبة تسعى لبناء مستقبل أفضل لليمن رغم نيران الحرب.