رؤية الحج الإنسانية التي تتسع للعالم أجمع
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
يبدأ حجاج بيت الله الحرام غدًا الأربعاء في التوجه إلى مدينة الخيام في منى لقضاء أول أيام موسم الحج وهو يوم التروية استعدادًا للنسك الأعظم في الحج وهو الوقوف بصعيد عرفات الطاهر. ومشهد حجاج بيت الله الحرام وهم يؤدون مناسك الحج مشهد متكرر كل عام، ولكنه لا يفقد دهشته ولا عمقه، ملايين البشر يأتون من أقاصي الأرض، مختلفي اللغات والأعراق والانتماءات، ليقفوا على صعيد واحد، ولباس واحد، وأمام رب واحد.
والحج إضافة إلى أنه الركن الخامس من أركان الإسلام فهو أيضا تجربة وجودية شاملة، تهذّب الروح، وتعيد ضبط علاقتها مع الآخر، وتغرس في النفس معاني التواضع والسكينة والعدالة. وفي الحج يمكن أن يقرأ الإنسان الكثير من القيم التي فطر الله الناس عليها، إضافة إلى دلالات مستمدة من يوم القيامة؛ حيث لا تقاس قيمة الإنسان بماله أو سلطته ولكن بامتثاله للحق، وبقدرته على تجاوز أنانيته نحو فهم أوسع للوجود البشري المشترك.
وإذا كان الحس الإنساني يتراجع اليوم أمام صراعات الهوية والتعصب والماديات القاتلة، فإن فريضة الحج تقدم نموذجا بديلا، فإضافة إلى شعار التوحيد فإن الحقائق التي يقرها الحج تتمثل في حقيقة الأخوة الإنسانية، ورسالة السلام، ومنهج الرحمة. ولعل المكان الوحيد في العالم الذي يتساوى فيه الجميع هو صعيد عرفات، والموقف الوحيد الذي تذوب فيه الحدود، هو الطواف. والمشهد الوحيد الذي تتحول فيه الجموع إلى روح واحدة مندمجة، هو الحج.
ومع اكتمال وصول حجاج بيت الله الحرام إلى جوار بيته العتيق فإننا نحتاج إلى أن نتأمل فريضة الحج وطقوسها لا بوصفها ممارسة فردية ولكن بوصفها منظومة قيمية قادرة على إنقاذنا من الانحدار الأخلاقي. فالحج يعلّمنا أن العظمة في التواضع، والقوة في الصفح، والكرامة في المساواة. ومن كان حجه مبرورا، فليجعله بداية لا نهاية، وليكن ما تعلمه هناك هو ما يزرعه هنا: في بيته، وفي عمله، وفي وطنه، وفي العالم بأسره.
وإذا كانت شعائر الحج تنتهي في مكة المكرمة فإنها تبدأ في نياتنا، وفي صدقنا، وفي استعدادنا لأن نكون أفضل مما كنا.
كل عام، تمنحنا هذه الرحلة فرصة جديدة، لنسأل أنفسنا: هل يمكن أن نكون حجاجا حتى وإن لم نذهب؟ هل يمكن أن نعيش مبادئ الحج ونحن في بيوتنا؟ هذا هو المعنى الحقيقي لحج لا ينتهي بعد أن تكون أرواحنا قد صقلت وملئت بالقيم الإنسانية النبيلة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
قصة الفتاة التي بكت وهي تعانق البابا لاوون في بيروت
بينما كان البابا لاوون الرابع عشر يختتم زيارته الرسولية الأولى إلى تركيا ولبنان مؤخرًا، تأثر العالم برؤية امرأة لبنانية شابة تبكي وتعانق البابا أثناء لقائه بضحايا انفجار مرفأ بيروت المميت عام 2020.قالت ملفين خوري، لشبكة OSV News عبر الهاتف من بيروت: "كان قلبي ينبض بسرعة كبيرة عندما رأيت أن الله وضع الأب الأقدس أمامي مباشرة.. لقد وقفنا في الميناء، مسرح الجريمة المروعة، هذا الانفجار الهائل الذي غيّر حياتنا إلى الأبد"، قالت بصوت مليء بالعاطفة.
ويقول بعض المراقبين إن لقاء البابا هذا كان اللحظة الأكثر عاطفية في زيارته بأكملها حيث عزى أحباء الضحايا.
أظهرت لقطات فيديو خوري وهي تحمل صليبها بيدها، تتحدث إلى البابا بينما كان يستمع إليها باهتمام. سألته إن كان بإمكانها معانقته، فأجابها: "نعم"، بينما بكت بكاءً شديدًا.
وقالت:" "أثناء وقوفي أمام البابا، عادت إليّ ذكريات هذا الانفجار المروع. كان الصليب هو نفسه الذي حملته خلال العمليات الجراحية الثماني التي خضعت لها لعلاج الإصابات التي عانيت منها"، قالت. "كما أنه يُذكرني بمدى حب يسوع لي، وأنا أموت على الصليب، وأختبر آلام هذا العالم".
وكانت خوري، البالغة من العمر 36 عامًا، في منزلها في حي الأشرفية ببيروت مع والدتها وشقيقها عندما دوّى الانفجار القوي، دافعًا إياها إلى الحائط وتطاير الأثاث في الهواء. كُسِر خدها الأيسر وكتفها، وأصيبت بجروح في جفنها الأيسر وأسنانها.
أصيب شقيقها بجروح جراء شظايا الزجاج المتطايرة، بينما لم تُصَب والدتها بأذى. وتوفيت عمتها التي كانت تجلس على كرسي متحرك في شقة مجاورة متأثرةً بجروحها جراء شظايا الزجاج.
وأضافت:" "أخبرت الأب الأقدس بهذا الألم الرهيب، ومع ذلك شعرت بالسلام والأمل وأنا أتذكر كم يحبني الله. لا يمكن مقارنته بمعاناة يسوع على الصليب".
وإلى جانب خوري، وقف رجلٌ وابنته، التي كانت في الثانية من عمرها عندما قُتلت والدتها، الممرضة في مستشفى القديس جاورجيوس، في الانفجار. وكان يقف معهما طفلٌ صغيرٌ شهد وفاة والده الذي كان يعمل في المرفأ.
وأعربت عن أملها في أن يتمكن الرئيس جوزيف عون في النهاية من الحصول على العدالة لضحايا هذه المأساة.
وقالت: "يجب أن يسير السلام والعدالة جنبًا إلى جنب مع العائلات". وأضافت: "أعتقد أن الله قد منحنا هذا الأمل بإرساله قداسة البابا رسولًا للسلام إلى موقع الانفجار لمساعدتنا. إنه كمن وضع يسوع في موقع هذه الجريمة ليمنحنا النعمة والخير في مكان الموت". (NCR)
مواضيع ذات صلة وصول الطائرة التي تقلّ البابا لاوون الرابع عشر الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت Lebanon 24 وصول الطائرة التي تقلّ البابا لاوون الرابع عشر الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت