لجريدة عمان:
2025-07-31@07:42:26 GMT

مَن يُوقِف هولوكوست غزة ؟

تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT

لا أظن أن هناك إنسانًا سويًّا بقادر على متابعة المشاهد المروعة لهولوكوست أو محرقة غزة التي تعرضها يوميًّا شاشات التلفاز ومواقع شبكة المعلومات، وهي محرقة بالفعل قد استُخدِمت فيها القنابل التي تذيب أجساد البشر وتقطِّعهم أشلاء، وتهدم بيوتهم فوق رؤوسهم، بل تحرق خيامهم التي يلوذون بها في العراء.

ولقد بات من الواضح الآن لكل ذي فطنة أن الكيان الإسرائيلي لا يستهدف في المقام الأول احتلال غزة والقضاء على المقاومة، بل يستهدف إبادة الشعب الفلسطيني نفسه، وخلق بيئة طاردة تستعصي العيش فيها (بما يخدم مخطط تهجير هذا الشعب)؛ وهو ما يتبدى من خلال تجويع مَن لاذ منهم بالفرار من المحرقة، ومن خلال القتل المتعمد للأطفال في نوع من الإصرار على وأد النسل.

ومن الحوادث المروعة التي جرت مؤخرًا، تلك المأساة التي تفوق الخيال والتي تجسدت في حالة الطبيبة آلاء النجار حينما استقبلت جثامين أطفالها التسعة في أثناء عملها بالمستشفى، بعد قصف منزلها الذي يؤوي هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين يمثل كل منهم نبتة جميلة يانعة في بيئة قاسية لا حياة فيها، حتى إن المستوطنين فيها من الصهاينة يحرقون أشجار الزيتون؛ فلم يتركوا الحجر ولا الشجر، فما بالك بحرق البشر.

ولنا أن نتخيل وقع هذه المأساة على الأم المكلومة التي تلقت الفاجعة بروح الصبر والإيمان، مثلما كان موقف الأب وموقف الجد الذي واسى ابنته الطبية بكلمات بليغة وبروح إيمانية عميقة تكشف عن ثقافة دينية قد ربى ابنته عليها، وكل هذا يكشف في النهاية عن أن شعب فلسطين يموت يوميًّا رجاله ونساؤه وأطفاله، ولكنه سيبقى غير قابل للإبادة.

ومن المدهش حقًّا أن هذا كله لم يحرك ملياري مسلم حول العالم إلا قليلًا؛ فباستثناء تظاهرات بعض الشعوب العربية والإسلامية هنا وهناك، لم تحدث انتفاضات كبرى في العالم الإسلامي لنصرة هذا الشعب الذي يتعرض لمحاولات الإبادة، كما أن الدول التي تمتلك أوراق ضغط على الكيان الإسرائيلي تبدو عاجزة- لأسباب أو لحسابات سياسية مختلفة- عن اتخاذ مواقف صارمة إزاء هذا الكيان، وهو أضعف الإيمان.

ويبدو أن تكرار المشاهد المروعة يوميًّا قد أصاب أكثر الناس بحالة من التبلد في الشعور، بل إن الناس الذين لديهم حمية الشعور في بعض الدول لا يُسمح لهم حتى بالتعبير عن نصرتهم للشعب الفلسطيني. إضافة إلى ذلك، فإن هناك رأيًّا شائعًا لدى كثير من الناس مفاده أن كل هذه الأحداث المروعة قد جرت بسبب أحداث السابع من أكتوبر؛ وبالتالي فإن المقاومة الفلسطينية هي المسؤولة عما جرى ويجري للشعب الفلسطيني! ولكن هذا الرأي- الذي يردده الكثير من السياسيين والإعلاميين وغيرهم- غافل أو يتغافل أحيانًا عن أن كل ما جرى بعد أحداث السابع من أكتوبر هو ما جعل حقوق شعب فلسطين معروفة وقضيتهم مسموعة عبر العالم كله، بعد أن كانت طي الكتمان، ويتم تداولها بين حين وآخر في اجتماعات الساسة.

ولو أن ما حدث لم يحدث، فإنه كان لا بد من أن يحدث يومًا ما؛ لأن شعب فلسطين الأبي الحر لا يمكن أن يعيش عبدًا في كنف كيان محتل يستهدف منذ نشأته سلب أرض هذا الشعب واقتلاع جذوره. ولذلك فإن ذيوع قضية هذا الشعب على المستوى الإعلامي والشعبي قد أدى إلى تغير في موقف الغرب الذي طالما كان نصيرًا ومؤيدًا للكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني. بل إن هذا التغير قد امتد حتى إلى المواقف السياسية سواء على مستوى سياسات كثير من الدول أو على مستوى كثير من الساسة والمشاهير.

حقًّا إن التغير في السياسات الغربية إزاء إسرائيل يبدو مائعًا غير صارم أو يحدث على استحياء (باستثناء بعض المواقف الرسمية الواضحة لدى حكومات من قبيل: إسبانيا وإيرلندا والنرويج وسلوفينيا، التي تطالب بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة)؛ ولكن مواقف السياسيين والمشاهير المضادة لإسرائيل أكثر صرامة وصراحة.

ومن الإنصاف القول بأن بعض اليهود الذين يعيشون في الغرب يدينون بقوة المحرقة الإسرائيلية، حتى إننا قد رأينا مؤخرًا نائبة يهودية في الكونجرس تطارد وزير الأمن القومي المتطرف بن غفير وهي تصرخ في وجهه بصوت عالٍ قائلة: أنت مجرم حرب، وديانتي اليهودية تعتبرك كذلك! ورغم ذلك كله، فلا تزال الحكومة العدوانية بزعامة نتنياهو تمارس الإرهاب والإبادة ضد شعب فلسطين، وهي ترفض وقف العدوان على غزة بشكل دائم، وإنما من خلال هدنة مؤقتة يتم فيها تبادل الأسرى، على تستأنف العدوان بعد ذلك: منتهى التعطش للقتل والدماء!!

السؤال الآن: هل التغير الذي جرى في مواقف الدول والشعوب في الغرب بقادر على إنهاء المحرقة بشكل دائم، والانتهاء إلى حل الدولتين؟ قد يؤدي ذلك إلى وقف المحرقة، ولكن الانتهاء إلى حل الدولتين أمر آخر؛ لأنه يقتضي تحولًا استراتيجيًّا في موقف الولايات المتحدة الأمريكية من إسرائيل، وهو أمر لا يمكن تصور حدوثه إلا إذا حدث تحول جذري راديكالي في مواقف الدول العربية في مواجهة إسرائيل، وعلى رأسها الدول التي تمتلك أوراق عديدة للضغط السياسي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شعب فلسطین هذا الشعب

إقرأ أيضاً:

ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني

قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات إن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كان أول من رفض علنا، منذ 10 أكتوبر 2023، أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، معتبرا أن هذا التهجير يعد تصفية للقضية الفلسطينية.

وأكد رشوان - في مداخلة هاتفية مع قناة إكسترا نيوز مساء الإثنين - أن ما قاله الرئيس السيسي اليوم، وما تفعله الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، يمثل حائط الصد الحقيقي أمام كل حملات التشويه التي تستهدف دور مصر التاريخي.

وأضاف أن مصر التزمت منذ بدء الحرب بثلاثة أهداف رئيسية، تتمثل في وقف الحرب، وإدخال المساعدات، والإفراج عن الرهائن، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسي بشكل متكرر وعلني.

وأكد أن الأصوات التي تهاجم مصر لا تسعى للوصول إلى الحقيقة، بل تهدف إلى التحريض وخلق وقائع مختلقة لتشويه صورة الدولة المصرية، رغم أن الواقع على الأرض وما تفعله مصر أمام العالم كله يكذب هذه الادعاءات.

كما أكد رشوان أن الدولة المصرية ثابتة في موقفها، وأنها لا تتلقى توجيهات أو تهديدات من أحد، بل تعمل وفقا لمبادئها ومصالحها القومية، داعيا إلى عدم الانسياق وراء الحملات المشبوهة التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني.

ا د م/ م م ر

مقالات مشابهة

  • ترامب يعلق على عزم كندا الاعتراف بدولة فلسطين
  • دول جديدة بعد فرنسا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين
  • 15 دولة توجه نداءً لاعتراف جماعي بدولة فلسطين
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • الحمد لله الذي جعلنا يمنيين
  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • بالصور.. هذه هي كنيسة رقاد السيدة التي سيشيّع فيها زياد الرحباني