تباينت آراء المحللين بشأن حديث رئيس مجلس السيادة بالسودان، عبد الفتاح البرهان الذي أدلى به من قاعدة عسكرية في بورتسودان، بعد خروجه من الخرطوم، والرؤية التي طرحها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) للسلام في السودان.

ففي الوقت الذي رأى فيه الكاتب والمحلل السوداني عادل الباز، أن حديث البرهان يعطي إشارة مهمة بأن الأوضاع تحت سيطرة القوات المسلحة وأن خطة الأخيرة تمضي في الاتجاه الصحيح، اعتبره الباشا طبيق عضو المجلس الاستشاري لحميدتي، صادما لكل الشعب ويعكس إرادة لدى البرهان لاستمرار الحرب وزيادة معاناة السودانيين.

بينما رأى الدكتور كاميرون هادسون مسؤول شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي سابقا، أن حديث البرهان يأتي في إطار رغبته في الظهور كمسيطر على المشهد، ويبعث برسالة للخارج بأنه الرجل الأقوى في السودان.

جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/8/28) لما أعلنه البرهان، من أن خروجه من مقر القيادة العامة بالخرطوم لم يتم بموجب أي صفقة، مؤكدا من قاعدة عسكرية شمالي مدينة بورتسودان، رفضه التوافق مع من سماهم المتمردين.

وبالتزامن مع ذلك، طالب حميدتي في رؤيته التي طرحها للسلام في البلاد، بربط أي مفاوضات للتسوية، بالبحث عن حل سياسي شامل، وتأسيس جيش جديد موحد، وتصفية الوجود السياسي والحزبي بمؤسسات الدولة، وفق قوله.

وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن دوافع زيارة البرهان إلى بورتسودان في ظل استمرار القتال في الخرطوم ومدن أخرى، ودلالة تأكيده رفض الاتفاق مع من سماهم الخونة والمتمردين، وتزامن ذلك مع رؤية حميدتي التي طرحها وما تضمنتها من شروط.

قضايا عالقة

بحسب وجهة نظر الباز، فإن حديث البرهان يؤكد كذلك أنه لم يعد هناك مجال للخوف من أي انتكاسات يمكن أن تحدث في ظل توافق الجميع على إنهاء التمرد، مستدركا بأن خروج البرهان من الخرطوم كان ضروريا لمعالجة بعض القضايا العالقة.

وفي هذا السياق، أشار إلى أن من تلك القضايا العالقة، تعطل الحكومة السودانية، وهو الأمر الذي لابد أن يبت الرئيس فيه بنفسه، منوها إلى أن القتال في أماكن محدودة بينما باقي مدن السودان آمنة، وتتمثل معاناتها في عدم تواجد حكومة تدير شؤونها.

وعزا الباز حرص البرهان على نفي أن يكون خروجه في إطار صفقة إلى انتشار شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن هذا الخروج تم باتفاق مع المتمردين، وبواسطة طائرة أميركية، و"هو الأمر الذي يخالف الواقع، حيث كان خروج البرهان بخطة وتنفيذ من القوات المسلحة وحدها".

بالمقابل شكك الباز في جدية الرؤية التي طرحها حميدتي، معتبرا أنها ليست أكثر من شعارات، حيث لم تكن ضمن ما تبناه حميدتي حين كان شريكا في السلطة، وأضاف أن هذه النظريات لا تجدي في ظل استمرار الحرب، التي يرى أنه لا بد أن تحسم أولا، بإنهاء التمرد.

وعلى النقيض من ذلك اعتبر الباشا طبيق، أن خطاب البرهان يعكس رغبة في استمرار الحرب تحت ضغط جهات سياسية معروفة، فيما جاءت رؤية حميدتي داعمة للحل السياسي وإنهاء الحرب، مشددا على أن الأخير من حقه طرح تلك الرؤية، كونه كان جزءا أساسيا بمجلس السيادة الذي يترأسه البرهان.

مزيد من التدمير

وذهب طبيق للتأكيد بأن توجه البرهان سيؤدي للمزيد من تدمير البنية التحتية للبلاد، مشددا على أن ذلك لا يعني قوات الدعم في شيء، وأنه في حال أصرت القوات المسلحة على الاستمرار في الحرب، فإن "قوات الدعم موجودة في الميدان وتحقق الانتصارات المتتالية".

واستنكر طبيق تسمية قوات الدعم بالمليشيات المتمردة، مؤكدا أنها مؤسسة تابعة للقوات المسلحة بقانون وافق عليه الجميع، لافتا إلى أن المقصود بالجيش الجديد الذي ذكره حميدتي في رؤيته، هو إصلاح المؤسسة العسكرية وتحريرها من سيطرة نخبة سياسية محددة.

بدوره، يرى هادسون أن ما طرحه حميدتي يأتي في إطار رسالة بعثها للأسرة الدولية يحاول من خلالها أن يظهر بأنه لا يزال مؤثرا في المشهد، وهو الأمر الذي يرى الجميع خلافه ولا يمكن أن تنطلي تلك المحاولة على أحد.

ووصف هادسون تلك الرؤية بأنها ليست أكثر من نقاط يعاد تدويرها وسبق للجميع أن طرحها ولا جديد فيها، لكنها تعتمد لغة جميلة، مضيفا بأن حميدتي كان يظن أنها ستحظى بإعجاب الأسرة الدولية، وهو ما لم يحدث لأن الجميع يرى في الوقت ذاته كيف تقوم قوات الدعم باغتصاب النساء وتعذيب السودانيين.

وفي مسألة دمج قوات الدعم في الجيش السوداني، يرى هادسون أنه تم تخطي ذلك، في ظل عدم صدق قوات الدعم في القبول بالدمج، ولا إمكانية حقيقية للأمر، ذاهبا إلى أن الصراع لن ينتهي إلا بانتصار أحد الطرفين، ولا مجال لتسوية أو حل سياسي قريب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التی طرحها قوات الدعم إلى أن

إقرأ أيضاً:

حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟

في خطوة تصعيدية تنذر بتحولات كبرى في مسار الحرب السودانية، أعلنت قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عن تشكيل حكومة موازية تعرف باسم "حكومة السلام "، تضم قوى سياسية وتحالفات مدنية.

الإعلان تم من مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي من أهم معاقل الدعم السريع.

وأعادت الخطوة رسم المشهد السياسي والعسكري في السودان، وأثارت مخاوف من انقسام الدولة فعليا إلى كيانين متوازيين. 
 
أولًا: خريطة السيطرة الميدانية لقوات الدعم السريع

دارفور.. القاعدة المركزية
تظهر آخر الخرائط الميدانية أن قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تفرض سيطرة شبه كاملة على إقليم دارفور، وتمدد نفوذها في ولايات كردفان.

تعد دارفور القلب النابض لقوات الدعم السريع منذ بدء الحرب في نسيان/ أبريل 2023، ومع تصاعد العمليات العسكرية ضد الجيش السوداني، عززت قوات الدعم السريع سيطرتها على أربع من ولايات الإقليم الخمس: غرب، وسط، جنوب، وشمال دارفور، بينما لا تزال شرق دارفور متنازعًا عليها.


دارفور تحت السيطرة
وبحسب معهد دراسات الحرب الأمريكي (ISW)، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم أراضي ولايات دارفور الخمس، لا سيما غرب ووسط وجنوب دارفور، بما في ذلك مدن رئيسية مثل الجنينة، زالنجي، وكبكابية.

في ولاية شمال دارفور، فرضت القوات حصارا خانقا على مدينة الفاشر، حيث لا تزال القوات الحكومية متمركزة، وتظهر صور أقمار صناعية صادرة عن منظمات حقوقية أن الدعم السريع نفذ عمليات تهجير وقتل جماعي خاصة في الجنينة.

تمدد استراتيجي نحو كردفان
في كردفان، بسطت قوات الدعم السريع نفوذها على مدينة الفولة في غرب كردفان، كما سجلت تقارير ميدانية توغلها في جنوب كردفان بالتنسيق مع قوات الحركة الشعبية شمال، مما يشير إلى محاولة السيطرة على الممرات المؤدية للنيل الأبيض وولايات الوسط ومع أن الجيش استعاد بعض النقاط الحيوية في شمال كردفان، فإن الدعم السريع يحتفظ بممرات دعم لوجستي مهمة عبر الصحراء.

هجمات بالطائرات المسيّرة في الشمال
أفادت مصادر أمنية أن الدعم السريع شن عدة هجمات بطائرات بدون طيار استهدفت منشآت في ولايتي نهر النيل والشمالية، من بينها منشآت قريبة من سد مروي ومطار دنقلا. ورغم أن هذه المناطق لا تشهد وجودًا ميدانيًا دائمًا للدعم السريع، فإن هذه الضربات تمثل رسائل استراتيجية لتهديد عمق سيطرة الجيش السوداني.

شبكة تفتيش ونقاط نفوذ غير رسمية
على الأرض، أنشأت قوات الدعم السريع شبكة من نقاط التفتيش في دارفور وكردفان، تستخدمها لفرض رسوم على المارة والتحكم في حركة المساعدات والإمدادات، ما يضفي طابع "الدولة داخل الدولة".

وقد وثقت منظمات إنسانية أكثر من 70 نقطة تفتيش نشطة تديرها قوات الدعم السريع خارج سلطة الدولة المركزية.


ثانيًا: مناطق النفوذ المحتمل للحكومة الموازية

نيالا.. العاصمة المؤقتة
إعلان الحكومة الموازية انطلق من نيالا، لتكون بمثابة مركز إداري وسياسي جديد للتحالف المدني-العسكري بقيادة الدعم السريع. المدينة توفر قاعدة آمنة نسبيًا للحكومة الناشئة نظرًا لسيطرة شبه تامة للدعم السريع  عليها.

دارفور الكبرى كمجال نفوذ أولي
مع سيطرة قوات الدعم السريع الكاملة على معظم دارفور، من المتوقع أن تكون هذه الولايات الأربع هي نواة "الدولة الثانية" التي تسعى الحكومة الموازية إلى شرعنتها، من خلال تعيين حكام إداريين وإطلاق خدمات مدنية محدودة.

تحالفات سياسية داعمة
تشمل الحكومة الجديدة تحالفًا باسم "تحالف القوى الوطنية والمدنية"، من ضمنها قيادات منشقة عن قوى الحرية والتغيير، وبعض وجوه العملية السياسية السابقة مثل محمد حسن التعايشي. هذه التوليفة تسعى لتوفير غطاء مدني للحكومة بديلة.

تطلعات لضم مناطق جديدة
الحكومة أعلنت عن تعيين حكام في ولايات لا تخضع لسيطرة الدعم السريع مثل سنار والجزيرة، في محاولة لتوسيع نفوذها الرمزي نحو وسط السودان، رغم محدودية التواجد العسكري فيها.

رئيس المجلس الإستشاري لقائد قوات الدعم السريع د. حذيفة أبو نوبة: مستعدون لحكومة السلامع المزمع تشكيلها خلال ساعات .#تحالف_تاسيس #اعلان_المجلس_الرئاسي pic.twitter.com/QYWkkwIkGj — مركز رؤى الإعلامي (رؤى نيوزRMC) (@rmcsudan1) July 26, 2025
ثالثا: التأثير الداخلي والخارجي للحكومة الموازية

داخليًا: إدارة ميدانية في مناطق السيطرة
في دارفور وغرب كردفان، تسعى قوات الدعم السريع إلى تنظيم إدارة محلية تشمل توزيع المساعدات، الإشراف على الأسواق، والتحكم في الأمن الداخلي عبر ميليشيات موالية، في بعض المناطق، بدأ تعيين لجان مدنية تحت إشراف مباشر من قادة ميدانيين في الدعم السريع.

أزمة إنسانية متفاقمة:
تسببت العمليات العسكرية وتوسع الدعم السريع في موجات نزوح هائلة، خصوصًا من نيالا والجنينة، حيث تم تسجيل أكثر من 2.5 مليون نازح داخليًا من دارفور وحدها منذ بداية الحرب، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

انقسام فعلي للدولة:
إعلان الحكومة الموازية يعمق الانقسام السياسي، ويجعل من احتمال تقسيم السودان واقعا فعليا وليس فقط سياسيا، مع وجود حكومتين تدّعي كل منهما الشرعية والتمثيل الوطني.

جمهورية السودان
وزارة الخارجية
مكتب الناطق الرسمي وإدارة الإعلام
بيان صحفي

تشجب وزارة الخارجية وتدين بأشد العبارات ما ذهبت إليه مليشيا الدعم السريع الإرهابية بإعلان حكومة وهمية تزعم فيها توزيع مناصب حكومية لإدارة السودان في تغافل تام واستهتار بمعاناة الشعب السوداني الذي أذاقته… — وزارة خارجية جمهورية السودان ???????? (@MofaSudan) July 27, 2025
خارجيًا:
ردود فعل دولية متحفظة
الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية أعربوا عن قلقهم إزاء إعلان الحكومة الموازية، مؤكدين أن الحل السياسي الشامل هو المسار الوحيد المقبول. الولايات المتحدة وصفت الخطوة بأنها تهديد لوحدة السودان.

استقطاب إقليمي محتمل
الخطوة قد تؤدي إلى تموضع إقليمي جديد فهناك اتهامات مسبقة بتلقي الدعم السريع مساعدات عسكرية من دول مثل الإمارات، بينما يعتمد الجيش على دعم سياسي وعسكري من مصر ودول شرق أفريقيا.


تهديد للعملية السلمية
الحكومة الموازية نسفت فعليًا أي جهود لتوحيد المسار التفاوضي، خصوصًا تلك التي كانت تجري عبر وساطات سعودية وإفريقية. قد تؤدي الخطوة إلى تصاعد القتال، خاصة في مناطق التماس مثل شمال كردفان ودارفور الشرقي.

أعلنت مليشــ.ـيات الدعم السريع عن تكوين حكومة موازية لحكم المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، في خطوة تعد قفزة في طريق تقسيم السودان.

فاللهم احفظ السودان وأهله من شروروهم.#السودان_المنسي pic.twitter.com/2Kkydkg6jx — الھیئة العالمیة لأنصار النبي ﷺ (@SupportProphetM) July 27, 2025

مقالات مشابهة

  • زوبعة الحكومة الموازية في السودان
  • شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع “حميدتي” داخل منزله بالخرطوم
  • البرهان يلتقي ممثل الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم يدين الحكومة الموازية
  • الاتحاد الإفريقي يدعو إلى عدم الاعتراف بحكومة حميدتي الموازية
  • ‘الاتحاد الإفريقي” يكشف موقفه من “الدعم السريع” ويفاجئ “البرهان”
  • مناوي: مستعدون للتواصل مع “الدعم السريع” في هذه الحالة…
  • مستقبل وطن: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة تُعبر عن رؤية مصرية متكاملة للسلام
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
  • حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟