عمّان- أعاد القرار الإسرائيلي بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن الأردن، دون إنذار مسبق، نتيجة التصعيد العسكري بين طهران وتل أبيب إلى الواجهة الجدل السياسي والاقتصادي المحتدم جراء توقيع الأردن لاتفاقية الغاز مع الاحتلال عام 2016 عبر شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية لتوريد الغاز من حقل "لفياثان" في السواحل المحتلة.

ولطالما اعتبرت الاتفاقية صفقة سياسية واقتصادية مثيرة للجدل، ارتبطت برفض شعبي واسع باعتبارها تطبيعا اقتصاديا قسريا، يهدد سيادة القرار الوطني، ويضع أمن الطاقة في يد خصم إستراتيجي، حسب المعارضين للاتفاقية.

وأجبرت الخطوة الإسرائيلية بوقف تصدير الغاز الأردن على التحول لاستخدام الوقود الثقيل والديزل، المعروف بتكلفته العالية وأثره السلبي على البيئة، فضلا عن أن شركة الكهرباء الأردنية تعاني أساسا من مديونية متصاعدة، وصلت إلى نحو 5.13 مليارات دولار نهاية العام الماضي، حيث يشكل الغاز المستورد من إسرائيل ركيزة أساسية لتوليد الكهرباء في الأردن.

بدائل صعبة

ودفعت الأزمة الأخيرة الحكومة الأردنية للتحرك بسرعة لتفعيل خطط بديلة تهدف إلى استدامة التيار الكهربائي، وضمان عدم انقطاعه عن المواطنين والمؤسسات الحيوية.

ووفق وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة، فإن الحكومة تتحمل كلفة مالية إضافية تقدر بـ3 ملايين دينار يوميا (4.238 ملايين دولار)، جراء تعويض النقص الحاصل في كميات الغاز الطبيعي المستخدمة في توليد الكهرباء في المملكة.

وهو ما أكده مصدر مسؤول في وزارة الطاقة للجزيرة نت، بأن الجهات المعنية بدأت فورا باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استدامة مخزون الوقود، بهدف تعويض النقص في كميات الغاز الطبيعي.

المصدر ذاته، نفى في حديثه للجزيرة نت الأنباء الصحفية التي تحدثت عن استئناف ضخ الغاز للأردن من حقل "لفياثان"، وبكميات محدودة خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى أن عمَّان وضعت خططا إستراتيجية بديلة لاستدامة التيار الكهربائي، منذ الإعلان الإسرائيلي وقف إمداد الأردن بالغاز الطبيعي، لافتا إلى أن "البدائل صعبة لكننا مضطرون لها".

الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع إسرائيل عقدت مؤتمرا صحفيا جددت فيه رفضها للاتفاقية (الجزيرة) تحقيق السيادة

وفي السياق، تعالت الأصوات الحزبية والنقابية والبرلمانية والشعبية مجددا خلال مؤتمر صحفي نظمته "الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني"، الأحد، دعت فيه إلى تحقيق السيادة الوطنية على ملف الطاقة في الأردن، والحد من الاعتماد على الاحتلال، عبر تسريع الاستثمار في مصادر الطاقة المحلية والمتجددة.

إعلان

وأكد المؤتمرون أن استمرار الاتفاقية يمثل تهديدا للأمن الوطني والاقتصادي والسياسي خصوصا في ظل الأحداث الإقليمية المتوترة التي تؤثر مباشرة على إمدادات الغاز واستقرار الطاقة في الأردن، وأن الاعتماد على الغاز الإسرائيلي يجعل المملكة عرضة للضغوط السياسية والاقتصادية، ما يتطلب الإسراع في التعامل مع البدائل المحلية المستدامة.

وخلُص المؤتمر الصحفي الذي عقد في مقر حزب جبهة العمل الإسلامي إلى ما يلي:

إنهاء كافة الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي وفي مقدمتها الاتفاقيات المتعلقة بملف الطاقة. تكثيف الجهود الرسمية لدعم الطاقة المتجددة في الأردن بما يتوافق مع الخطط الوطنية للطاقة النظيفة. تطوير وتنمية الحقول المحلية كحقل الريشة للغاز الطبيعي. تعزيز التعاون العربي والإقليمي لتبادل الخبرات ومصادر الطاقة المتجددة.

من جانبه، رفض المنسق العام لحملة "غاز العدو احتلال"، الدكتور هشام البستاني، وضع أمن الطاقة في الأردن بيد الاحتلال، وقال للجزيرة نت إن المملكة تستخدم ما يزيد على 90% من الكهرباء عبر ما تستورده من الغاز الإسرائيلي، وهو ما يُمكِّن الاحتلال من التحكم في موارد الطاقة والكهرباء والقطاعات الاقتصادية الأردنية المختلفة، الأمر الذي يمس كل مواطن.

وحول وجود البدائل التي يمكن للأردن الاستفادة منها بعيدا عن الغاز الإسرائيلي، قال البستاني: أمام الأردن بدائل هائلة في مجال الطاقة، فهو يمتلك ثالث أكبر احتياطي في العالم من الصخر الزيتي، إضافة لاحتياطيات هائلة من الغاز يمكن استخراجها وتطويرها خلال سنوات قليلة، خاصة في حقل الريشة.

ولفت إلى أن الأردن يعتبر من أفضل بلدان العالم في مجال الطاقة الشمسية، واستعرض الخيارات الأردنية في مجال الطاقة، بتأكيده أن المملكة لديها ميناء للغاز المسال في مدينة العقبة، ما يسهل استيراد الغاز من أي مكان في العالم، كدولة قطر، كما كان يتم في أوقات سابقة.

وبيّن البستاني أن عمّان لديها خيارات كثيرة، إلا أن القرار السياسي يعطل تنمية الأردن في مجال الطاقة ويحول أموال دافعي الضرائب الأردنيين لخدمة الاحتلال عبر اتفاقية الغاز المرفوضة شعبيا.

شركة الكهرباء الأردنية تعاني مديونية وصلت لنحو 5.13 مليارات دولار نهاية 2024 (الجزيرة) إلغاء الإتفاق

من جهته، أكد رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي البرلمانية، النائب صالح العرموطي، أن توقف الاحتلال عن تزويد الأردن بالغاز الطبيعي يمثّل مسوغا قانونيا لإلغاء الاتفاقية الموقعة معه، وقال إن على الحكومة المسارعة إلى إلغاء الاتفاقية ومطالبة الاحتلال بتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بالمملكة.

ولفت العرموطي في حديثه للجزيرة نت إلى أن نصوص الاتفاقية تتيح للأردن إنهاءها ومقاضاة الاحتلال بفعل الإخلال ببنودها دون إضافة أي أعباء مالية، واستدل العرموطي على قيام مصر برفع دعوى قضائية مماثلة كسبت من خلالها حكما ضد الاحتلال بعد وقف إمدادها بالغاز وحصلت على تعويضات بمليارات الدولارات حينها.

وبحسب خبراء الطاقة فإن الأردن يحصل على كفايته من الغاز من 4 مصادر هي:

إعلان الغاز الإسرائيلي الواصل عبر الأنابيب من حقل "لفياثان". وكذلك الغاز المصري الواصل عبر أنابيب خط الغاز العربي. الغاز المسال الموجود في باخرة الغاز الطبيعي المسال في العقبة والذي يشتريه من سوق الغاز العالمية. والغاز الطبيعي المحلي المنتج من حقل الريشة الواقع شمالي شرق الأردن.

ويستورد الأردن الغاز من إسرائيل بموجب اتفاقية أبرمت بين الطرفين عام 2016 وبدأ العمل بها عام 2020 لمدة 15 سنة، وتشترط إسرائيل فيها شراء كامل الكمية المتعاقد عليها والبالغة 45 مليار متر مكعب بقيمة إجمالية تقديرية تبلغ 10 مليارات دولار.

وفي مارس/آذار 2019، اتخذ مجلس النواب الأردني قرارا بالإجماع برفض اتفاقية الغاز، إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت قرارا حينها، بأن الاتفاقية "لا تتطلب موافقة مجلس الأمة لأنها موقعة بين شركتين حكومتين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الغاز الإسرائیلی فی مجال الطاقة اتفاقیة الغاز الغاز الطبیعی للجزیرة نت الطاقة فی فی الأردن الغاز من إلى أن من حقل

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يتفقد سفينة تغييز الغاز الطبيعي المسال بالسخنة

توجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، إلى ميناء العين السخنة؛ لتفقد سفينة تغييز الغاز الطبيعي المسال "Energos Eskimo" ، وذلك في إطار حرص  الدولة على تعزيز أمن الطاقة وضمان استدامة إمدادات الغاز الطبيعي، ويرافقه خلال جولته اليوم المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية.

      كما يشارك في الجولة من قيادات قطاع البترول كل من: المهندس يس محمد، العضو المنتدب التنفيذي للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، والمهندس أسامة السمنودي، نائب رئيس الشركة للعمليات والشبكات، والمهندس معتز عاطف وكيل وزارة البترول والثروة المعدنية والمتحدث الرسمي للوزارة، والدكتور خالد البدري، وكيل الوزارة للمشروعات، والمهندس وليد لطفي، رئيس شركة بتروجت، والمهندس محمد عبد الحافظ، رئيس شركة سوميد، والمهندس ياسر صلاح، رئيس شركة جاسكو، والمهندس وائل لطفي، رئيس شركة انبي.

        واستهل رئيس الوزراء جولته اليوم بالإشارة إلى أن الحكومة تتحرك لتأمين احتياجات الدولة من الغاز الطبيعي، وذلك من خلال مواصلة دعم قدرات البنية التحتية لاستقبال الغاز المسال المستورد، بما يسهم في رفع كفاءة ومرونة منظومة الإمداد بالغاز الطبيعي للسوق المحلية، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد، خاصة خلال أشهر الصيف، وفى ظل الأحداث الأخيرة في المنطقة، بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في إيران، وذلك في إطار حزمة من الإجراءات التكاملية التي تنفذها الوزارات المعنية؛ لضمان استقرار الشبكة الكهربائية.

      وفي إطار ذلك، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تستهدف أن يكون لدينا هذا العام 3 سفن للتغييز، اعتبارًا من مطلع يوليو المقبل، لتكون طاقاتها الاستيعابية 2250 مليون قدم مكعب يوميا، كما نعمل كذلك على وجود سفينة تغييز رابعة احتياطيًا، بهدف تأمين احتياجات البلاد من المواد البترولية المختلفة.

طباعة شارك مجلس الوزراء رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي

مقالات مشابهة

  • مصر تتحرك لتأمين صيفها بالطاقة… شحنات غاز ضخمة تثير حفيظة إسرائيل
  • معلومات الوزراء يستعرض جهود مصر بالفيديو في استقبال سفن إعادة التغييز وربطها بشبكة الغاز الطبيعي
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يدمر 3 طائرات إيرانية من طراز إف 14
  • «البترول»: تعاقدنا على 60 شحنة من الغاز الطبيعي تجنبا لتخفيف الأحمال خلال الصيف
  • مدبولي: المشروعات الاستراتيجية تعكس التزام الدولة بتأمين إمدادات الغاز الطبيعي
  • فيديو.. رئيس الوزراء يتفقد سفينة تغييز الغاز الطبيعي المسال
  • رئيس الوزراء يتفقد سفينة تغييز الغاز الطبيعي المسال بالسخنة
  • انقطاع الكهرباء شبح يطارد المصريين مع استمرار حرب إسرائيل وإيران
  • التصعيد الإسرائيلي ضد إيران يرفع أسعار النفط 11%.. ويُصعّد أزمة الغاز في أوروبا