بينما كان قادة حلف الناتو يناقشون في قمتهم التي عقدت الشهر الماضي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس الحرب الأوكرانية، وما واجهه الهجوم الأوكراني المضاد من مصاعب وإخفاق، وسط مواقف متضاربة في ما بينهم حول المضي في الحرب أو البحث عن مخرج للمفاوضات، كان الرئيس الأوكراني زيلينسكي في حالة من الاكتئاب والغضب، جراء سير المعارك على الجبهات، متهماً الدول الغربية بعدم الوفاء بتعهداتها وتزويد بلاده بما يكفي من عتاد وذخائر تمكّن قواته من تحقيق تقدم معقول.
المشكلة الحقيقية أن أوكرانيا دُفعت دفعاً إلى حرب لم تستعد لها
التقدير الغربي تجاه قدرة روسيا على الصمود كان خاطئاً
وازداد غضبه بعدما صرف القادة النظر عن مطالبته بانضمام بلاده إلى الحلف، ووصف الأمر بـ "العبثي" و"السخيف".
تصرف زيلينسكي أثار استياء العديد من الدول الغربية، التي اتهمته بالجحود إزاء ما قدمته من دعم، حيث قال وزير الدفاع البريطاني: "يجب أن تكون أوكرانيا أكثر امتناناً لدعم الغرب"، وكذلك فعلت بولندا التي قالت: "على كييف إظهار المزيد من التقدير لدعم وارسو في حربها ضد روسيا".
في أحد هذه اللقاءات التي كشف فيها أحد المسؤولين عن استحالة انضمام أوكرانيا إلى الحلف في ظروف الحرب، سُئل عما إذا كان السلاح الغربي المتطور الذي يقدم بكثافة إلى أوكرانيا سوف يحقق لها الانتصار المأمول فقال: "نحن نقوم بواجبنا في الدفاع عن أوكرانيا، لكن الأمر يعتمد على قدرات الجيش الأوكراني في ميدان المعركة".. لم تكن الإجابة شافية، ولا تقدم ما يشير إلى فاعلية الأسلحة أو قدرات الجيش الأوكراني على إحداث الفرق.
المشكلة الحقيقية أن أوكرانيا دُفعت دفعاً إلى حرب لم تستعد لها، وتعرضت إلى ضغوط أمريكية وبريطانية تحديداً، كي تتخلى عن مفاوضات بدأتها مع روسيا في أبريل (نيسان) 2022.
يبدو أن التقدير الغربي تجاه قدرة روسيا على الصمود كان خاطئاً، إذ كان الاعتقاد بأن استمرار الحرب مع فرض عقوبات اقتصادية ومالية وقطع إمدادات النفط والغاز سوف يؤدي إلى استنزافها وإنهاكها.
لذلك فإن الحرب التي طالت من دون تحقيق الهدف الذي كانت تسعى إليه الدول الغربية باتت تشكل مأزقاً حقيقياً لكل من أوكرانيا والدول الغربية معاً.. الأمر الذي دعا رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي إلى القول خلال اجتماع حلفاء أوكرانيا في قاعدة رامشتاين بألمانيا: "من المرجح أن تنتهي الحرب بمفاوضات وليس في ساحة المعركة"، واعترف بأن الهجوم الأوكراني "يسير بشكل بطيء ودموي، وينجز تقدماً بطيئاً".
وإذا كانت مسألة المفاوضات لم تحسم في قمة الناتو، فإنها وضعت على الطاولة، بانتظار أن يؤدي المزيد من ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا إلى تغيير المشهد الميداني، ما يمكن أوكرانيا من التفاوض من موقع تحقق فيه بعض المكاسب.. وقد يكون الثمن كما قال ستيان بينسين، رئيس مكتب الأمين العام للناتو، "تخلي أوكرانيا عن (بعض) أراضيها، وحصولها بالمقابل على عضوية الحلف".
هذه مجرد أفكار تطرح في العواصم الغربية عن حلول لمفاوضات ممكنة، إذا لم تتمكن أوكرانيا من تحقيق إنجاز عسكري معتبر.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
ألمانيا تستضيف الرئيس الأوكراني اليوم.. لهذا السبب
أعلنت ألمانيا عن زيارة مرتقبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إليها حيث من المتوقع أن يصل إلى برلين اليوم الأربعاء لاجراء محادثات مع المستشار الألماني فريدريش ميرز.
وقالت الحكومة الألمانية إن ذلك يأتي في إطار جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وصرح متحدث باسم الحكومة الألمانية في بيان بأن ميرز سيستقبل زيلينسكي بمراسم عسكرية في مقر المستشارية الاتحادية ظهر اليوم (الساعة 10:00 بتوقيت جرينتش).
وأضاف: "ستركز الزيارة على الدعم الألماني لأوكرانيا، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار".
والتقى مسؤولون أوكرانيون وروس هذا الشهر في أول مفاوضات مباشرة لهم منذ عام ٢٠٢٢، تحت ضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب إلا أن المحادثات فشلت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وشنت روسيا لثلاث ليالٍ هجمات جوية مكثفة على أوكرانيا، لتتواصل الغارات المتبادلة بينهما على الأرجح بالمسيرات والتي كان أحدثها في الساعات الماضية وهو ما أدى إلى توقف الحركة في مطارات موسكو.
ومع إشارة ترامب إلى تراجع دعمه لأوكرانيا في الأشهر الأخيرة، قد تلعب ألمانيا دورًا متزايد الأهمية كأكبر داعم عسكري ومالي لها بعد الولايات المتحدة.
وتعهد ميرز، صاحب الاتجاه المحافظ الذي تولى منصبه هذا الشهر، بتولي دور قيادي أكبر في ضمان دعم أوكرانيا مقارنةً بخليفته أولاف شولتز من الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وقد زار أوكرانيا مع قادة أوروبيين آخرين بعد أيام من توليه منصب المستشار، وأيّد حق أوكرانيا في شن ضربات صاروخية بعيدة المدى على الأراضي الروسية - على عكس خطاب شولتز الحذر بشأن هذه القضية.